ثقافة

الثقافة من خلال الأمثال

بهاء الدين الصالحي

سري تابو خادع وهو ان الأمثال جزء من حكمة الشعوب ،ويختلف لفظ الحكمة عندنا بأنها ضالة المؤمن ،ومن هنا تبدو المعضلة التي نعانيها مع تداول الأمثال وجعلها مسلمة وليست مادة محايدة يتم تشكيلها حول الموقف المثار وانها لم تكتسب مرجعية بمجرد القدم.
وهنا نحن مهموم مهمومون بطرح الآثار السلبية للمثل الشعبي علي الشخصية المصرية المعاصرة ،اولا من حيث رأي البحاث في ذلك ثم تأثير ذلك علي مفهوم الديمقراطية والتمثيل الشعبي
يسرد استاذ محمد ابراهيم ابوسنة عوامل تغلغل الروح الصوفية السلبية في تعابيرنا لما يلي ١ الرغبة في تفسير الظواهر الاجتماعية مع تخلف الامكانيات .
٢مرونة هذه الاخلاقيات واسرافها في منح الاقطاعات الاخروية .
٣ عمل الاخلاق علي بث روح التشفي عند الفقراء عندما تعرض عليهم مصائر الاغنياء المسرفين.
٤ الاراحة من عناء التمرد والثورة.
ولعل البحث حول ترسيخ ذلك مرده الي عدد من التجارب التاريخية التي عاناها المصريون ومن اهم ملامحها:
١ انقسام النخبة حول اهم القضايا المصيرية ،مما يورث نوع من البلبلة في صورة المثقف وكذلك نوع من الحيرة لدي من يثق ولايمتلك بديل ثقافي ومن هنا جاء اللجوء الاضطراري الي استخلاص التجربة المرة ، والدليل الأكبر علي ذلك موقف علي مبارك من الثورة العرابية وكذلك موقف سلطان باشا من عرابي ودوره في نشر منشور الخليفة بعصيان عرابي، وعرابي له مبررهم الديني والوطني وكذلك علي مبارك وسلطان لديهم مبررهم الديني من التراث .
٢ فكرة التفريغ والتصعيد كحيلة فنية وهي تقابل فكرة التطهير الارسطي التي اعتنقها العرب بعدما ترجمها اوائل المترجمين في عهد الدولة الإسلامية وفكرة التطهر الارسطي نوعا من التفريغ أيضا وهي تقلل فكرة المقاومة، التي تخدم عقيدة طاعة الحاكم حتي وأن كان ظالما مع إسلامه. تناوب السياسة مع التكييف الديني حرصا علي التوظيف السياسي للمقولات الدينية من خلال المقاصد الخمسة ، علاوة علي شرعنة فكرة النقية عبر الدول الإسلامية المتنازعة.
٣ بساطة التعبير مع عمق المعني وذلك كنوع من الازدواج اللغوي في الواقع، وهو امر يعكس الرغبة الشعبية في البعد عن الجدل والميل للعملية من خلال صياغة الامثال، من خلال الربط مابين المشترك مابين التجارب الإنسانية
أمثال دالة:
اللي يوطي رأسه يتركب ، اللي يربط في رقبته حبل ألف من يسحبه = القابلية للاستعمار ، كمبدأ يعبر عنه مالك بن نبي من خلال تحليله لطائفة المستعربين في الجزائر.
نام لما أدبحك قال دا شئ يطير النوم، الأيد اللي تمتد ولا تضربش تستاهل قطعها = مشاعر الخوف التي وصلت لحالة الفوبيا ،وانعكاس تلك الفوبيا علي الاتجاه لفكرة العنف المبرر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى