طب صحة ونصائحمجتمع

معلومة صادمة حول الفيروسات

ثائر البياتي

في لقائنا العائلي الذي اعتدنا إقامته سنوياً في إسطنبول، تعلمتُ هذه السنة أنَّ الإناث أقل عرضة لتأثير الفيروسات مقارنة بالذكور. كان مجموع أفراد عائلتنا في اللقاء، 13 شخصاً ( 7 من النساء و 6 من الرجال)، قدموا كل مع زوجته من العراق وبريطانيا وامريكا وأستراليا. ودامتْ فترة مكوثنا في اسطنبول 21 يوماً، من 9-9 الى 30-9. أصبتُ بفيروس الأنفلونزا في الأسبوع الاول وتبعني في الإصابة 3 من الرجال( عدائلي) ، الواحد تلو الأخر، وأصبح مجموع المصابين 4 من 6 رجال، أي أنَّ الإصابة كانت بنحو نسبة 67 % من عدد الرجال، وفي الوقت نفسه لم تصبْ أي من النساء على الرغم اننا كنا نقيم ونأكل بالفندق نفسه، واستخدامنا وسائط النقل العامة وذهبنا سوية للمناطق السياحية والأسواق المكتظة بالناس.
بعد أن تماثلنا للشفاء، سألتُ الجميع: لماذا أصبنا نحن الرجال بالإنفلونزا دون أن تصاب النساء؟ ضحك الكل، وقالتْ أحداهن مازحةً: ربما هناك عداء بين الفيروسات والرجال. وقال آخر: ربما النساء محظوظات، وأعتقد البعض أنًها مصادفة. ولكن الظاهرة حفزتني للبحث عن سر قوة المرأة في محاربة الفيروسات.
وكانت فرصة حاجتي للإستراحة الإجبارية بسبب الإصابة سبباً لبدأ البحث الذي وجدتُ فيه، أنَّ مختلف الدراسات تبين تَفوق الجهاز المناعي للأنثى مقارنة بالجهاز المناعي للذكر. وللتوثيق أذكر بعض إحصائيات منظمة الصحة العالمية ونتائج بعض البحوث الطبية، ومنها: إنَّ عدد الموتى من الأطفال الذكور أكثر بكثير من عدد الموتى من الأطفال الإناث ولمختلف الأسباب. وإنَّ نسبة الذكور بمختلف دول العالم، كانت بنحو 62-70 % من المتوفين( ذكوراً واناثاً) بسبب الإصابة بفيروس كورونا . وإنَّ مناعة الأنثى أفضل من مناعة الذكر في مقاومة بعض الأنواع من السرطانات، وأنهن أقل عرضة للإصابة بعمى الألوان وداء باركنسون. وإنَّ النساء في مختلف دول العالم يعمرن أكثر من الرجال، بمتوسط زيادة في أعمارهن تصل من 6 الى 8 سنوات. وكذلك عدد النساء اللواتي يصلن سن المئة عام أكثر مقارنة بعدد الرجال، حيث تبلغ كل أربعة نساء سن المئة مقارنة برجل واحد. وكل تلك المؤشرات تؤكد قوة الجهاز المناعي عند الإناث، والذي له بعض الأثار المرضية عندهن، وهو ليس موضوع مقالنا.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو سر تفوق الجهاز المناعي عند الأنثى؟
يتضح أنَّ أسباب قوة الجهاز المناعي عند الإناث كثيرة، ولكن أهمهما هو تفوقها في الجينات (وحدات حمل الصفات الوراثية في الأحياء). وقد بين الباحث الكندي-الأمريكي شارون مُوالم، في كتابه: ” النصف الأفضل” مستعيناً ببحوث سابقة، أنَّ خلايا الأنثى تحمل زوجاً متشابه من الكروموسوم X : ( x x) ويحتوي كل منهما على نحو ( 900 – 1400) جيناً، فيما يحمل الذكر زوجاً من الكروموسوم (XY ( والكروموسو م Y هو المسؤول عن تحديد نوع الجنين الذكري ويحتوي على نحو (70 – 200 ) جيناً. وإنَّ سر المناعة الأقوى للأنثى يعود الى الكروموسوم x الذي يحتوي على جينات كثيرة وظيفتها دعم الجهاز المناعي. وإنَّ كروموسومات x x تعطي للإناث ميزة، حيث وجود نسخة مكررة من كروموسوم x إحتياطي عند الأنثى يكون مفيداً جداً في حالة وجود خلل ما في أحد الجينات، فالخلية تستخدم البديل الجيد من النسخة الإحتياطية، وبذلك تكون الإناث بجاهزية أفضل من الذكور لدعم الجهاز المناعي. أضف الى ذلك أَّنَّ الإختلاف الكبير بعدد الجينات في الكروموسوم الإنثوي x مقارنة بالعدد القليل من الجينات الموجودة في الكروموسوم الذكري y والذي لا يحتوي على جينات كثيرة تدعم الجهاز المناعي، يعطي مناورة أفضل للجهاز المناعي الأنثوي مقارنة بالجهاز المناعي الذكري.
وللأسباب الجينية المذكورة، ولبحوث طبية، يمكن مراجعتها بخصوص أهمية الهورمونات بدعم الجهاز المناعي الأنثوي، إمتلكتْ الأنثى مناعة أفضل ضد الفيروسات والكثير من الأمراض، وكان لنا مثال واضح في مجموعتنا التي التقتْ في إسطنبول، رغم صغرها، بينت أنَّ نسبة الإصابة بالفيروس بين الرجال 67% تؤيد نتائج البحوث والإحصائيات بخصوص الأصابة بالفيروسات عموماً. وينبغي أن أوضح، أنَّ كلامنا لا يعني أنَّ النساء لا يمرضن ولا يصبن بالفيروسات ولكننا بصدد مقارنات عامة (وتعاملنا هنا مع أعداد كبيرة من الناس ذكوراً واناثاً). تمنياتي لكم بوافر الصحة والعافية وبقوة المناعة ضد الفيروسات والأمراض المختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى