خيال الظل والعرائس في العالم

عطا درغام

لماذا العرائس؟ سؤال يتردد..
هل هي شكل من أشكال الفنون الشعبية؟ هل هي وسيلة تعبيرية قادرة علي استيعاب المعاني والأفكار وإيصالها للجمهور شان أية وسيلة فنية أخري؟
هل تتوج إلي الأطفال ولا تستطيع مخاطبة البالغين..؟ هل تُغني العروسة عن الممثل البشري؟..وهل تلتزم بالحركة الطبيعية والشكل الطبيعي للإنسان..؟ وهل فن العرائس فن طاريء حديث كالسينما والتلفزيون..؟
في هذا الكتاب إجابة عن بعض هذه الأسئلة من خلال العرض التاريخي لنشاط العرائس قديمًا وحديثًا..ومكتبتنا العربية في أشد الحاجة لمثل هذه الكتابات.
وقد لا يجيب هذا الكتاب عن جميع الأسئلة التي تتصل بجماليات هذا الفن..ولكنه جهد أساسي للتفكير فيها..فأية دراسة لجماليات العرائس يجب ان تعتمد علي التراث المتراكم لهذا الفن علي مر العصور وفي مختلف بقاع العالم،كما يجب ان تعتمد علي حاضر هذا الفن المتطور، والذي يتخذ أكثر من سبل في أكثر من دولة.
وقد أشار المؤلف في فصل “الإنسان والعروسة” إلي أزمة النص المسرحي الصالح لمسرح العرائس،ولا شك أن السبيل إلي تجاوز هذه الأزمة يقتضي إلي جانب الجهود الأخري،نشر الثقافة العرائسية النظرية.
ففي حقل العرائس سبقت عندنا الممارسة، الجهد النظري اللازم لتدعيم الإنتاج والارتقاء يمستواه..وهو نفس الوضع الذي تواجهه البلاد الأخري مع اختلاف في حدة التباين بين الجهد العملي والحصيلة النظرية..والدليل علي هذا أنه حتي يومنا هذا وبعد أن مضي علي الحركات الفنية في حقل العرائس بشكلها المتطور أكثر من أربعين عامًا، لا تجد مرجعصا واحدا يناقش جماليات هذا الفن ولغته الخاصة كوسيلة تعبيرية قائمة بذاتها،وإن وجدت بعض الفصول المتفرقة في قليل من المراجع وفي حصيلة المؤتمرات العالمية التي تنعقد من حين لآخر.
ومؤلف الكتاب مختار السويفي الذين يبذلون جهدًا واضحًا في خدمة الجانب النظري لفن العرائس بكتابه (خيال الظل والعرائس في العالم) وبمقالاته المتتالية في مجلات الثقافة والكاتب والمسرح..
وجاء الكتاب في ثلاثة أبواب ومقدمة تناول فيها تطور العرائس وكيف ارتبطت بخيال الإنسان منذ تاريخه الحضاري، فهي نتاج خيال الإنسان الاول وهي المحرك المثير الذي أنمي هذا الخيال وأخصبه وزاد من أفق ومداركه
وتناول الباب الأول للعرائس في بعض دول أوربا الشرقية التي اشتهرت فرقها العرائسية في معظم أنحاء العالم، وخصص الباب الثاني للعرائس في مجموعة من الدول الغربية ،التي اشتهرت هي الأخري بنشاط العرائس، وربط العرائس الجرمانية بألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية قبل الاتحاد، وانتقل بعد ذلك إلي عرض تاريخ العرائس في كل من إنجلترا والنمسا وهولاندا واليونان والولايات المتحدة.
أما الباب الثالث؛ فقد خصص للعرائس الآسيوية الأصيلة التي أخذت منها جميع أنواع النشاط العرائسي في الدول الآسيوية الأخري بحيث يمكن القول ببان هذه الأنواع مهما اختلفت الطرق فيما بينها؛ فلن تخرج عن التأثر بروح العرائس في الصين أو في الهند أو في اليابان،وهي الدول الثلاث التي تطبع معظم اوجه الحياة الفكرية والثقافية في كل الدول الآسيوية التي تأخذ من ألوان هذه الحضارات الثلاث ما يلائمها ويتمشي مع البيئات المحلية.
وترد علي هذه النظرية العامة بعض الاستثناءات تتغلب فيها البيئة المحلية في دولة من الدول علي الأفكار الصينية أو اليابانية او اهندية الوافدة، فتطبع الحياة الفكرية فيها بطابع يختلف عن طابع هذه الأفكار شكلًا ومضمونًا.زولذلك فقد عرض الكتاب تاريخ خيال الظل والعرائس في أندونسيا باعتباره مستقلا في نواح كثيرة عن الارتباط بتاريخ خيال الظل او العرائس في تلك الدول الرئيسية..وجاءت العرائس الفيتنامية في فصلٍ مستقلٍ باعتبارها نوعًا فريدًا من العرائس لا يوجد في أي مكان آخر من العالم.
وفي الفصل الرابع خصص للعرائس المصرية، وتناول تطورها التاريخي حيث حفلت الحضارة المصرية بحقائق مذهلة.زحيث بدات العرائس المصرية منذ أواخر الخمسينيات في النهوض بعد طول رقاد وشملتها نهضة قفزت بها إلي أعلي المستويات العالمية واهتمت بها الدولة اهتماما بالغا وبنت لها مسرحا في القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى