أحوال عربية

المقاومة تزداد اشتعالا ًبدماء شهداء الكلية الحربية لتحرق إسرائيل

الدكتور خيام الزعبي- استاذ العلاقات الدولية بجامعة الفرات

كتبت المقاومة الفلسطينية تاريخاً جديداً، ووضعت قواعد اشتباك جديدة، من شأنها أن تعيد رسم الحدود وفق شروطها الخاصة، وذلك بعدما فجّرت “طوفان الأقصى” في وجه الكيان الصهيوني الغاصب، في معركة عسكرية غير مسبوقة، باغتت بها الكيان المحتل، وألحقت به الهزيمة بعد أن ذل وركع قبل 50 سنة في حرب 6 أكتوبر 1973.

اليوم سورية تتابع بفرحة وسعادة تباشير النصر القادمة من أرض فلسطين، يكفي المراقب أن يلقي نظرة سريعة على حسابات السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي، ليجد الدعم الكامل لعملیة “طوفان الأقصی” التي أطلقتها “حماس” ضد إسرائيل ، الجميع غير قادر على رصد التطورات المتلاحقة.. هجمات على غلاف غزة، واقتحام وتسلُّل للمستوطنات الإسرائيلية، وقتل أكثر من 300 إسرائيلي وإصابة ما يزيد عن 1500 آخرين، واستمرار زخات الصواريخ الفلسطينية على البلدات والمدن الخاضعة لسلطة الاحتلال.

ما يجري في فلسطين اليوم، لا يمكن عزله عن الأحداث التي تعيشها سورية، فالحرب واحدة وممتدّة ومتصلة، ومن أجل قضية فلسطين إندلعت حرب سورية لإستنزاف الجيش السوري، لكن الأمور جرت عكس ما خططوا له، وما حصل أن سورية لا تزال تخوض حربها الشرسة من أجل بقائها والحفاظ على وجودها، فهي تقاوم إرهاباً هو الأشد على مر العصور.

وعلى الطرف الأخر، ينتفض السوريين في كل مكان تضامناً مع إخوتهم في فلسطين لمواجهة العدوان الإسرائيلي الوحشي المستمر ضده ، فالدعم السوري في الحرب على “الكيان الصهيوني” جاهز فسورية صنعت قاعدة إسناد إقليمية مؤثرة عبر دعم المقاومة الفلسطينية، كما أنها تراقب معركة “طوفان الأقصى” بإهتمام شديد وتراقب أدق تفاصيلها وهي مستعدة للتقدم في حال لزم الأمر، وفي الوقت نفسه ترسل صواريخها الى غزة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وغطرسته.

في سورية وفلسطين العدو واحد والثأر واحد، حيث شهدت ساحات القتال من إدلب إلى غزة سقوط المئات من قتلى قوات الاحتلال وأدواته من إرهابيين ومرتزقة كانوا استحضروا من كل بقاع الأرض ليعيثوا قتلاً وتدميراً بحق السوريين، ففي الوقت التي تتعرض إسرائيل للهجوم من قبل رجال المقاومة.. شهد اليوم نفسه نيران الصواريخ تحرق الإرهاب في إدلب وغرب حلب، وأدواته في تل أبيب.

الزلزال العسكري الذي ضرب مسلحي إدلب وحلب هذه المرة، يختلف تماماً عن أي عملية عسكرية سابقة نفذتها الجيش السوري، بعد الهجوم الذي استهدف الأكاديمية العسكرية بحمص الذي يحمل في طياته دلائل على تورط أصابع خارجية إرهابية، وعلى الأخص إسرائيل التي تريد أن تصنع من سورية ساحة لشرور الارهاب، بعد أن أسقطت كل المشاريع والمخططات الاستعمارية في المنطقة عامة وسورية خاصة.

فعملية الثأر لشهداء وجرحى الاعتداء الإرهابي الذي استهدف حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية في حمص، وسّع الجيش السوري قصفه العنيف لمواقع ومعاقل الإرهابيين في إدلب وباقي أرجاء منطقة «خفض التصعيد»، وتمكن من قتل وجرح عشرات الإرهابيين.

في هذا السياق الإرهابيون يريدون زرع اليأس في قلوب السوريين والفلسطينيين للأبد، والإرهاب يبعث من حين لأخر برسائل قاسية للجميع مضمونها: أفقدوا الأمل في يلدكم، لكن تلك العمليات الإجرامية لا يمكن أن تحقق أهدافها، ولا يمكن أن تخيف أو ترهب دولتين بقدرة وقوة سورية وفلسطين، فهما عصيتان على أي محاولات إجرامية لإرهاب شعبهما، ولن يزيدهما ذلك إلا قوة وإصراراً على إستكمال مسيرتهما في بناء وطنهما، والحفاظ على وحدتهما واستقرارهما.

ويبقى القول… إنَّنا أمام لحظة تاريخية فارقة في مسيرة هذه الأمة، لحظة غير مسبوقة؛ فالانتصارات التي تتحقق على الأرض السورية والفلسطينية، تؤكد أن النصر بالفعل “قد أتى”، وأن الغضب الفلسطيني انفجر في وجه المحتل الغاصب، لذلك آن الأوان أن تتلاحم كافة الفصائل الفلسطينية، وأن نرى وحدة فلسطينية حقيقية دون خلافات سياسية لتحرير جمع الأراضي المغتصبة.

وأخيراً ربما أستطيع القول إنها معالم المعركة الكبرى التي سيكون للكيان الصهيوني النصيب الأكبر من نتائجها، إنها ملامح رسم شرق أوسط جديد يصنعه مقاومو غزة ولبنان ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة.

فتحية من سورية الأبية المرابطة، إلى كل مقاوم وكل شهيد يسقط على أرض فلسطين من أجل تحريرها شبراً شبراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى