تحطم المروحية

خالد بطراوي

تربينا منذ صغرنا على ” نظرية المؤامرة” حتى في صغائر الأحداث، فكيف لنا أن نمرر حادثة تحطم الطائرة المروحية الأوكرانية على أنها حادث إعتيادي وعلى متنها وزير الداخلية ومجموعة من كبار المسؤولين الأوكران، خاصة وأن أوكرانيا تعيش حالة حرب؟
تربينا أيضا على مقولة ” ثق … ولكن راقب”، فمن المفترض أن نتمعن بالرواية الرسمية الأوكرانية القائلة بأن سبب تحطم المروحية هو سوء الأحوال الجوية والضباب، سيما وأنه كان لدى هذه القيادة فرصة لأن تتهم روسيا – وهي في حالة حرب معها – بإسقاط المروحية، ما يستدعي أن نفكر قليلا عملا بمقولة ” مجنون يحكي وعاقل يسمع”.
لسنا على معرفة بالأصول العسكرية، ولا حتى ألف باء العلوم الأمنية، لكن ليس من المعقول في ظروف الحرب، أن يصعد على متن طائرة مروحية في رحلة تفقدية داخلية أكثر من مسؤول من كبار المسؤولين، فالطرف الأخر يرصد تحرك كل ” ناموسة” في الأجواء، فما بالكم بطائرة حربية تعتبر صيدا ثمينا؟ وبالتالي فإن أولى سقطات الرواية الاوكرانية الرسمية تجلت في هذه البديهة العسكرية.، هذا ناهيكم عن أن هدف الزيارة كان تفقديا كما جرى التصريح ليس أكثر، فلماذا الزج بقادة من الصف الأول أو الثاني في طائرة مروحية حتى دون حراسات جوية مرافقة؟
إذا في الحقيقة ما الذي جرى ؟ وهل أرغم وزير الداخلية ومن معه على الصعود الى الطائرة المروحية؟ ومن الجهة التي تقف وراء الحادث خاصة وأن التقارير الجوية كانت تفيد بعدم وجود ضباب من ناحية وحتى لو كان هناك ضباب فمن المعيب التذرع بهذه الحجة خاصة وأن التكنولوجيا العسكرية تعالج هذه الأمور، فالطائرات المقاتلة تعمل ليس فقط في الضباب وإنما في اللهيب ووسط أعمدة الدخان الكثيف المتصاعدة جراء القذائف في ساحة الوغى.
لماذا جرى التخلص من وزير الداخلية الأوكراني ومن كان برفقته؟ هل كان هو المقصود وذهب من معه “بمعيته” أم كان المقصود تصفية كما (صفقة الرزمة / Package Deal)، ولماذا كمناورة أعلامية لم تتهم أوكرانيا روسيا بتورطها في إسقاط الطائرة المروحية.
ما علاقة الرئيس الأوكراني و/او وزير دفاعه بما حدث؟ ولماذا؟ وهل هناك بصمة أمريكية أوروبية وضوء أخضر قد تم منحه لعملية التصفية؟ وهل غرّد وزير الداخلية خارج السرب التابع للإمبريالية؟ وهل في عملية التصفية هذه رسالة لكل شخص عقلاني في القيادة الأوكرانية مع عدم التسليم بالضرورة “بعقلانية ” وزير الداخلية المغدور؟
سيخرج أحدهم ذات يوم عن صمته ولو بعد عشرات السنين، سيتحدث شهود العيان الذين شاهدوا سقوط المروحية وقد ذكر أحدهم أنه قد شاهد صاروخا تم إطلاقه من سطح احدى البنايات يتجه صوب المروحية. ربما تتحدث عائلات الضحايا … فالزمن سيوضح الحقائق.
لكن …. بكل المقاييس .. الحرب قذرة … يتواصل سقوط الضحايا وتخلّف الدمار وتحتاج البلاد الى سنوات طويلة كي تتعافى مع ذكريات مؤلمة … بل مؤلمة للغاية .. وكل ذلك يصب في مصلحة الأمبريالية وكرتيلات المخدرات وأباطرة السلاح والأدوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى