رأي

بحث في فائدة الإيجابيات

رجعت لنفسي فوجدتُني أتكلم كثيرا عن السلبيات، سواء في السياسة أوعن المثقفين أو المظاهر الاجتماعية أوأحداث العالم، فقررتُ نبذ هذه الرؤية التشاؤمية ونزع المنظار الأسود لإبصار الإيجابيات في جنبات الأرض.

استقبلت الصباح الجديد متفائلا متحمسا ودخلت المدينة لأكتب لكم مقالا عن محاسن ما أرى، دخلت الشارع الرئيسي فلم أستطع المرور لا بالسيارة وعلى قدميّ لأن التجار نشروا بضاعتهم في الرصيف كله وجنبي الطريق فتعطل المرور.

مررتُ إلى الشارع الموازي وإذا به أشدّ ضيقا وازدحاما لأن باعة الملابس احتكروه نهائيا فلا يمكن لسيارة أن تمرّ، ولا يعبره الراجلون إلا بعنت شديد، وسط اختلاط رهيب بين الذكور والإناث ، وكأنك في معرض للأزياء الفاضحة ، الفتاة لا تردّ يد لامِس، والشابّ لا يسمع بشيء اسمُه غض البصر.

أصابني ضيق التنفس فهرعت إلى المستشفى لتلقي الإسعاف فإذا به محاط من جوانبه الأربعة بمزابل ضخمة تنبعث روائحها في الداخل والخارج لأن المحيط كله سوق فوضوية كارثية.

امتطيت السيارة وطفتُ بالشوارع الكبيرة والصغيرة لكني لم أكن أنجو من حفرة هنا إلا للوقوع في حفرة أكبر منها هناك، وبينهما ممهّل وضعه هذا الساكن أو ذاك، أو صنعته البلدية وفق مقاييس “علمية” لا وجود لها في أي علم، فتذكرت الوعود الانتخابية التي كانت تمنينا بحياة أفضل وخدمات راقية…أين أصحابُها ومن كان يروّج لهم ويتهمنا بالسلبية؟

ومع حالة الطرق هناك همجية معظم السائقين بحيث لا يكترث أحد بقانون المرور لأنه لا يخشى العقاب مهما كانت مخالفته.

ألجأتني الحاجة إلى البحث عن مرحاض عمومي لكنه لا وجود له في هذه المدينة المترامية الأطراف، وبينما أقلب أمري اقترب مني أحد المسافرين وسألني عن مرحاض لزوجته…

فررتُ إلى خارج المدينة لأستريح قليلا في الطبيعة لكني لم أجد مكانا مناسبا للجلوس لأن المحيط كله مملوء بقارورات الخمر(بالمناسبة لا تنسوا أن الشعب الجزائري كله مسلم كما تقول لغة الخشب).

رحلتُ إلى الأحياء الشعبية لكني لم أكد أمرّ بركن إلا وقعت عيناي على شباب منهمكين في كوكا COCAوالصاروخ بينما تلوّثت أذناي بالكلام البذّي وسبّ الله ودينه.

قفلت راجعا إلى بيتي فصادفت خروج التلاميذ من الثانوية فرأيت العجب العجاب من تخنث الفتيان وتبرج الفتيات بشكل رهيب… وليس حال معظم المعلمات بأفضل من ذلك.

دخلتُ المسجد لأستريح من هذا العناء فألفيتُ الإمام يلقي درسا يحذر فيه من الخروج على الحاكم ولو أخذ المال وجلد الظهر وشرب الخمر وزنا.

فررتُ إلى البيت لكن الزوجة كانت في انتظاري بحزمة من الشكاوي والمطالب التي عليّ تلبيتُها وإلاّ…

إيجابيات؟ ربما صمود غزة هو الإيجابية الوحيدة في دنيانا.

هذا تشاؤم؟ انتظرُ اقتراحاتكم عن إيجابيات غابت عني..

عبد العزيز كحيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى