من فوائد خلاصة التجارب

وجدت أن لكل شيء نهاية حتمية، نهاية رسمت في ملامحها أفراحا وأتراحا ، نهاية رسمت ألوانها على التذكار، كجدارية نقشت آثارها على واجهات سفوح الجبال والكهوف المنسية.
لعل أصدق خلاصة يمكن أن نعيشها أن الموت هو كاشف زيف الأحلام ، وأن الجميع سوف ، يستبشر ويفرح أو يصدم بالنهاية المحتمة ، التي فيها تقطع كل الحبائل، وتلك خلاصة نعيشها يوميا في مشهد أناس نودعهم دون رجعة ، يترك رحيلهم خلاصة تجارب مدونة في صحائفهم .
ومن خلاصات التجارب المؤكدة ، أننا نكتشف حقائق مخجلة أن من كانوا حولنا كانوا يمارسون الخداع بتزوير الحقائق ، كانوا يمارسون رياضة التلهي ونحن نصفق لهم بلا وعي ، صور خداع في خداع.
من خلاصات التجارب الصادمة أن نكتشف في النهاية ، أن ما كنا نعتقد أنه مصدر سعادتنا ، ومجلب راحتنا، ما هو إلا نيران نكوى بها ، وأن الأشياء التي ضربنا من أجلها المواعيد كانت سرابا في سراب ، بل مجرد قيعان خاوية ، حقائق مرة يقف عندها من عاشوا نهايات التجارب ، أن النتائج السعادة التي تواعدنا معها سارت في غير ما كنا نرغب ونحب .
ولعل من وقفات التي يقف عندها أصحاب التجارب أن من أسباب فقدان الوجهة وانحراف بوصلة ، أن السالك لم يدقق عن الوجهة الصحيحة ، ولم يبحث عن المسلك الصحيح السالم ، الذي يقوده للنهاية السليمة و هذا حال الكثير للأسف .
لعل راصد التجارب قد يكون في غفلة وقد حانت ساعة النهاية وصاحب التجربة مشغول مصروف عن نفائس الأوقات ، وقد مضت ساعاته في فراغ ، قد مارس رياضة قتل الأوقات ، وهو لا يدري أن أعمارنا منتهية الأجل ، محدودة المدة ،لها نهاية مكتوبة،، و تلك بلية الكثير لا يعلمون أن الوقت أثمن ما يجب أن نتبرع به من أجل إسعاد حياتنا.
ومن خيبات خلاصات التجارب أن نصل للنهاية متأخرين ، و قد فاتتنا واجبات ، كان يفرض أن تؤدى وتنجز ، وقد حرمنا أن ندخل سرورا على أنفسنا، وقد حرمنا أن نبعث برقية أمل لمن نحب ، أو حرمنا أن شاركنا ترميم جسر متهدم ، بفعل صغير نحيي به سعادة مفقودة لمرء ينتظرها .
من أهمية الوقوف عند خلاصة التجارب كثرة الانتظار عند أماكن الأطلال ، نتباكى عن أيام مضت وصفقات ضاعت ،لأجدر بنا أن أن نقطع الدهشة و نعقد العزم لنمضي نحو المسار نستدرك ما فات وخسرناه ، نستلهم من الحكمة القائلة : ( الضربة التي لا تقتلك تقويك ) .
ولعل باكورة الفوائد في نهايات التجارب ، أن الأجر بالعمل ، و أن جني المحصول بالزرع ، وأن النجاح بالاجتهاد ، و أن ثمرة الفوز تقطف ، كلها حقائق مقررة و أن النهاية خلاصتها أن نشري سعادة دائمة ، أو خسارة دائمة ، ويبقى اللبيب من يستدرك ويصحح ويدقق .
الأستاذ حشاني زغيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى