بين الواقع والخيال

بين الواقع والخيال يبني الكاتب أحمد بني عامر عالمه الروائي في روايته “الوحيد”،
فيعمد إلى خلق حساسية فنية جديدة تستند على استقطاب الأساطير ومحاكاتها؛ فيرسم
لقارئه بقلمه حدوداً روائية بعيدة عن سلطة العقل ذات ملامح غرائبية قائمة على الفانتازيا
الأسطورية، ويقدمها ضمن دائرة لا متناهية من الصراع بين الخير والشر.
تقول الحكاية أن قرية تدعى ساربيرسا، ليس لديها جيش ولا قانون، ولا حتى قائد
صريح أو ملك، تخضع لعصابة تدعى البيرسادور بحجة الحماية. هذه القرية أصاب سحرٌ
نبع مائها فأوقفه عن الجريان، وذلك بعد أن تحولت مياهه إلى حجارة، وقد ذكرت
الأساطير أن لمياه بحيرة أرجاستيل الواقعة في الشرق قدرة على فك هذا السحر في مدة
زمنية محددة. والبحيرة موجودة لكنها محروسة بالذئاب من جميع الجهات… ومن هنا
أخذ لورياس ابن قرية ساربيريسا على عاتقه الخوض في مغامرة غير مأمونة النهاية
بهدف إنقاذ القرية وأهلها من الموت.
في هذه الأجواء تنمو حكاية بطل الرواية لورياس في صراعه مع قوى الشر للوصول
إلى البحيرة المنشودة. يتابع الفتى رحلته ولكنه كلما خلد إلى النوم تظهر له فتاة تعزف
لحناً جميلاً، حتى أصيب الفتى بصدمة، غير مدرك لما يجري، يسأل نفسه هل كان ذلك
حقيقة أم وهم، هل كان يحلم بالصوت كعادته أم أن هناك لغزاً وراء لحن الناي هذا، وهل
هذه الفتاة حقيقية؟ تتوالى الأحداث ليتبين له لاحقاً وبعد وصوله أرض أرجاستيل أنها
حقيقة وليست خيالاً، ولكنها أصبحت أسطورة بعدما اختفت فجأة بظروف غامضة من
قريتها، وقيل أنّها لن تظهر إلا في ليلة اكتمال القمر بدراً لتعزف لحناً يسمعه ملك
ليخلصها من اللعنة التي حلت بها.
فهل سيكون لورياس هو المنقذ لها من اللعنة التي أصابتها؟ أم ستكون هي المنقذ له
من الذئاب التي تحرس البحيرة؟ وهل سترافقه إلى أرضه بعد أن دخلت قلبه أم ستتركه
وحيداً؟ وأخيراً هل هو الملك العادل الذي تنبأ به العرافون لقرية مستقلة ذات سيادة،
يرأسها ملك ويسكنها شعب قابل للتضحية في سبيل الوطن؟

من أجواء الرواية نقرأ:
“إنني في وسط زحمة من المصائب، ولم أعد أستطيع الاحتمال… لقد سئمت الانتظار
ومللت التظاهر بالقوة… تملَّك الحزن قلبي ومزقتني الآلام… لم أعد أنتمي لهذا العالم
ولست ممن حظوا بنصيب من السعادة فيه… أشتاق لشيء لا يمكن تفسيره، وأشعر دائماً
أنني وحيد”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى