أهمية الحصول على دراسة الجدوى

 
فيصل الدابي
الجدوى في اللغة العربية تعني المطر العميم الذي يهطل على جميع المناطق، والجدوى تعني أيضاً العطية والفائدة، وبالمقابل فإن تعبير “عديم الجدوى أو لا جدوى منه” يعني عديم الفائدة، أما مصطلح دراسة الجدوى فيعني دراسة احترافية يقوم بها المستشار المالي لفكرة مشروع جديد بطلب من صاحبه بغرض التحقق من إمكانية نجاح أو فشل المشروع، وذلك عن طريق تجميع وتقييم المستندات والمعلومات الداخلية للمشروع كرأس المال، العمالة، المعدات، الإدارة، النفقات، والعوائد المتوقعة، وتجميع وتقييم المؤثرات الخارجية كحدة المنافسة ومتطلبات الضرائب، الجمارك والتأمين، ومن ثم الوصول لاقتراح نهائي إما بالمضي قدماً في تنفيذ المشروع بسبب النجاح المتوقع أو الانسحاب من فكرة المشروع بسبب الفشل المرجح.
من المؤكد أن دراسات الجدوى مطلوبة لكل المشاريع الهامة، فمثلاً تظهر الحاجة الماسة لدراسات الجدوى للمشاريع الصغيرة الخاصة بالشباب الذين يرغبون في مكافحة البطالة عبر العمل في المشاريع الفردية الخاصة وذلك لتفادي المخاطر التي تحول دون نجاحها مثل الدخول في المشاريع المتشابهة والمتكررة والتي تحمل بذور فشلها في باطنها بسبب كثرة المتنافسين، حدة المنافسة، وفرة السلع أو الخدمات المماثلة أو البديلة، وقدرة المستهلكين والمستوردين على المساومة.
تتعدد الدراسات والجدوى واحدة، فهناك عدة أنواع من دراسات الجدوى كدراسة الجدوى الاقتصادية، دراسة الجدوى القانونية، دراسة الجدوى الأمنية، دراسة الجدوى الصحية، دراسة الجدوى الرياضية وهلم جرا، فمثلاً بموجب دراسة جدوى صحية، اتخذت دولة قطر قراراً صحياً بإعطاء الجرعة الثالثة المعززة للقاح فايزر بيونتيك وموديرنا مجاناً للمواطنين والمقيمين تفادياً لمخاطر الفيروسات المتحورة مثل دلتا واخواتها على أن تكون الأولوية لكبار السن فوق 65 عاماً، ذوي الأمراض المزمنة، والصفوف الأولى من الطواقم الصحية وقد لقى القرار الرسمي القطري استحساناً من قبل الكثيرين فالوقاية خير من العلاج في كل الأحوال.
مثال لدراسة جدوى رياضية، أجرت الفيفا دراسة جدوى رياضية مفادها إقامة كأس العالم مرة كل عامين بدلاً من مرة كل أربعة أعوام ووافقت الجمعية العامة للفيفا على إقامة كأس العالم مرة كل عامين، لقد لقيت دراسة الجدوى الرياضية المونديالية الصادرة من الفيفا موافقة مبدئية من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم والإتحاد الأفريقي لكرة القدم باعتبار أنها ستؤدي لتطوير كرة القدم العالمية، لكن تم رفضها من قبل الاتحاد الأوربي لكرة القدم والاتحاد الجنوب أمريكي لكرة القدم وهما ممثلا القارتين الأكثر فوزاً بكأس العالم، وقد هدد هذان الاتحادان بمقاطعة كأس العالم إذا تمت إقامتها مرة كل عامين، لأن ذلك، حسب تقديرهما، يتعارض مع جداول المباريات المحلية والقارية ومع مواعيد الاولمبياد ومع كأس العالم لكرة القدم النسائية، يتسبب في خسائر مالية فادحة لاتحادات كرة القدم، يصيب لاعبي كرة القدم في جميع دول العالم بإرهاق مزمن، ويشوه فكرة كأس العالم الراسخة في أذهان المشجعين العالميين، وليس من الواضح حتى الآن هل سيتم نسيان دراسة الجدوى الرياضية المونديالية هذه بسبب المقاطعة الأوربية والجنوب أمريكية أم ستقام كأس العالم مرة كل عامين بدون البرازيل والأرجنتين وبدون ألمانيا وإيطاليا!
أخيراً، يُمكن القول ان دراسة الجدوى التي تدرس الواقع من أجل استشراف المستقبل وتشجع تنفيذ المشاريع الرابحة المضمونة النجاح أو تدعو لعدم تنفيذ المشاريع الخاسرة المحتومة الفشل هي بمثابة إشارة مرور خضراء تقود للاستثمارات الناجحة في كل المجالات، وهي كذلك بمثابة إشارة مرور حمراء تحذر من تنفيذ المشاريع الفاشلة التي لا داعي لتكبد خسائرها بأي حالٍ من الأحوال.
فيصل على سليمان الدابي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى