أخبارأمن وإستراتيجيةالحدث الجزائريدراسات و تحقيقات

من صخور جبال الأوراس إلى رمال صحراء سيناء

من صخور جبال الأوراس إلى رمال صحراء سيناء

النقيب المجاهد بوهلال بوطبة
من مواليد سنة 1934 بسهل السبيخة دوار المحمل ولاية خنشلة أبوه صالح بوطبة وأمه اعفيف علجية
نشأ في أسرة ميسورة الحال مهنتها الفلاحة وتربية المواشي عانت الويلات من ظلم الإستعمار وقهره
وجبروته مما ولد في نفسه مقته وبغضه ،تعلم القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية منذ صغره على يد
مشايخ القرية وعلى رأسهم الشيخ “سي لمبارك دخان “مفتي الثورة التحريرية في جبال أوراس النمامشة
والشيخ “سي رابح مصاص ” واللذان كانا على إتصال وثيق بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين اللتي
كان يرأسها الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله عن طريق الشيخ الشهيد “العربي التبسي” والشيخ
“المبارك الميلي ” وكانا يشجعان الشباب ويرغبانهم في الإلتحاق بالثورة ثم دخل المدرسة الفرنسية
ليتعلم مبادئها غير أنه سرعان ماغادر مقاعدها دون الحصول على أدنى شهادة منها شأنه شأن كافة
أبناء القرية نظرا لإندلاع الثورة التحريرية الكبرى في الغرة من نوفمبر سنة 1954 مما بعث في نفسه
الأبية الحماس ورغبة الإلتحاق بصفوف الثوار ولم يدم إنتظاره طويلا حتى لبى نداء الجهاد المقدس
مباشرة بعد معركة الجرف الشهيرة في 20أوت 1955والتي ذاع صيتها عبر مختلف بقاع العالم
وأصقاعه ناهيك أوساط أهالي المنطقة والتي لايبعد عنها جبل الجرف إلا بما لايقل عن 50كلم فقط إذ
كان شباب وفتيان القرية يتناقلون أخبارها وأخبار الملاحم الأخرى التي سطرها المجاهدون في ساح
الوغى كبر الأمل في عيني الشاب اليافع بوهلال واشتعلت في صدره جذوة الحماسة وعلت الهمة في
نفسه وبلغت الرغبة في الصعود إلى الجبل والإلتحاق بالإخوان فيها ذروتها فما لبث أن حملته خطاه ذات
شتاء إلى قمم الأوراس الشهباء في ال12من شهر ديسمبر 1955وكان عمره لا يتجاوز ال21ربيعا
ليصبح من صناع المعارك لا من الذين يتناقلون أخبارها
لم يلبث الفتى الشاب طويلا حتى وجد نفسه مع كبار قادة الثورة يراهم أمامه رأي العين بعدما كان
يسمع أخبارهم من بعيد وراح يصول ويجول من معركة إلى أخرى وينتقل مع رفاقه المجاهدين من
نصر إلى نصر خاض العديد من المعارك منها:
-معركة قبو أوت 1956
شارك فيها بوهلال بوطبة تحت قيادة الشهيد الرمز “حوحة بلعيد”والنيابة كانت للشهيد “غواري محمد
لخضر المدعو باريزيان”رؤساء الأفواج كل من الشهيد “مهماه بلقاسم”،الشهيد “طايبي عبد
القادر”،المجاهد”بلقاسم حفصاوي”،المجاهد “عبد الكريم مراد”
تكبد فيها العدو خسائر فادحة في الأرواح 100جندي بين قتيل وجريح
-معركة فج المحراث عين الطويلة سنة 1956
شارك فيها تحت قيادة الشهيد الرمز “حوحة بلعيد”
-معركة حجرة الرسم انسيغة سنة 1957تحت قيادة الشهيد الرمز “حوحة بلعيد”
-معركة الرومي تحت قيادة حراث عبد الله سنة 1957

معركة رأس الكاف بين سيار وقنتيس في13جوان 1957 تحيت قيادة الشهيد الرمز “غواري محمد
الأخضر المدعوا باريزيان “شارك فيها المجاهد “بوهلال بوطبة “رفقة الشهيد البطل “بوزكري محمد بن
الحاج ” والشهيد البطل “فروج معمر”
أبلى فيها المجاهدون بلاء حسنا حيث قتلوا فيها مالايقل عن 50جندي فرنسي ناهيك عن الجرحى من
بينهم ضابط برتبة ملازم يدعى “castex” “كاستاكس” وقد أشار الكاتب الفرنسي دومنيك فيرال إلى
هذه المعركة وقائدها “باريزيان “في كتابه الصفحة 127″la bataille des mants
nementcha(lalgerie1954-1962)”
معركة لمريقب تحت قيادة شاوش العربي سنة 1957
معركة الكتفة السوداء تحت قيادة الشهيد الرمز “حوحة بلعيد” 25جانفي 1957
توجه القائد حوحة بلعيد من شرق جبال أوراس النمامشة شرقا نحو الأوراس الغربي بكتيبة قوامها
300جندي لحضور الإجتماع مع عمر بن بولعيد شقيق مصطفى بن بولعيد وعباس لغرور وعاجل
عجول وعبد الحفيظ السوفي لتقييم مرحلة الثورة في الولاية الأولى خاصة بعد إستشهاد شيحان بشير
وإغتيال مصطفى بن بولعيد وعند وصوله إلى بلدية طامزة قام العدو بمحاصرتهم ليلا بالطيران
والمدفعية فماكان عليهم إلا يشتبكوا معه فتمكنوا من القضاء على مايزيد عن 130جندي فرنسي وجرح
الكثير وأسقطوا حوامتين وطائرة إستكشافية وسقط 12شهيدا في المعركة منهم
“كنزاري التهامي بن الحاج،محمود حوحة ،مباركي بلقاسم ،معروف زياد،نميلي مسعود،بوطبة
ابراهيم،بوعصيد الطيب “
وجرح كل من المجاهد العربي شراب ،لوصيف محمود،لوصيف رمضان ،مباركي العلواني،موسى
جمل ،مراد عبد الكريم
-معركة إيشعيبن ايوراغن أو الشعاب الصفر بين وايلال والرومي تحت قيادة الشهيد الرمز “غواري
محمد الأخضر المدعوا باريزيان “
جاءت هذه المعركة بمثابة عملية إنتقام رغبة من الملازم castexالمجروح من طرف نفس المجموعة
في معركة قنتيس سنة 1957 الإنتقام لنفسه ولزملائه الذين قتلوا في المعركة فحشد قواته وجلب معه
مروحيات عسكرية وقام بمحاصرة المجموعة في شعاب وايلال غيرأنهم لقنوهم درسا لاينسى في النزال
،ولكن تمكنت قوات العدو من إصابة القائد باريزيان بجروح بليغة حتى أنه أصبح لا يتمكن من الوقوف
فقاموا بأسره بينما إستشهد كل من الشهيدين “بوزكري محمد ” و”فروج امعمر” في حين أصيب المجاهد
“بوهلال بوطبة ” بجراح بليغة على مستوى الكتف لكنه تمكن من النجاة من العدو بصعوبة وساعده
على ذلك درايته بالمنطقة إذ أنه سرعان ماوصل إلى أهالي وايلال وبالضبط عند عائلة لوصيف
المجاهدة والتي قدمت فيما سبق من المعارك أربعة من الشهداء هم “لوصيف رمضان ،لوصيف اخليل
،لوصيف العربي ،لوصيف الصادق ” وما إن عرفوه حتى سارعوا إلى حمله وأدخلوه إلى منزا عجوز
تدعى “طاوس رحيلة ” أين قامت بنزع الطلق من كتفه ثم ضمدت جراحه بواسطة خلطة من الأعشاب
أما قوات العدو فقد حملت قتلاها وجرحاها ومن بينهم ضابط آخر برتبة ملازم أول وأخذوا معهم الشهيد

الرمز الجريح “غواري محمد الأخضر المدعوا باريزيان ” إلى الأسر أين قضى نحبه رحمه الله وأسكنه
فسيح جنانه وجزاه عنا وعن الجزائر خير جزاء إن شاء الله
-معركة اولاد شعالة المحمل تحت قيادة عبد العزيز البريطاني22 جانفي 1959
-معركة وايلال المحمل تحت قيادة نواراعبيد سنة 1959
-معركة اطوابي المحمل بقيادة بوهلال بوطبة 10جوان 1959
-معركة لعصيص اللعماميش أواخر صيف سنة 1959
باغت فيها العدو مجموعة من المجاهدين وهم يتناولون العشاء في منزل “لمبارك بوغرارة “ولكنهم
تفطنوا لذلك وكان من بينهم النقيب بوهلال بوطبة ،الشهيد مشري عاشور الشهيد عاشور رمضان الشهيد
بيبي ناجي ،الشهيد محمد نوار وغيرهم وقد أبلوا في هذه المعركة بلاء حسنا حيث تمكنوا من القضاء
على عدد كبير من جنود العدو وكان من بينهم ضابط برتبة ملازم أول
-معركة شط المحمل تحت قيادة شناقر النوي25جوان 1960
-معركة ملول تحت قيادة بيبي ناجي 07جويلية 1960
-معركة اولاد اسليم بقيادة بوهلال بوطبة 01أوت 1960
-معركة اولاد شعال تحت قيادة بيبي ناجي15جوان 1961
-معركة اخلافنة بقيادة بوهلال بوطبة 06أوت 1961
قاد عدة كمائن منها
-كمين لعماميش نواحي المحمل في ديسمبر 1960
-كمين مصرانة اولاد اسليم في 06أوت 1959
قام بعدة عمليات فدائية منها
-عمل فدائي ضد قوات العدو في حي طريق مسكانة بلدية خنشلة سنة 1958
-عملية فدائية بقلب مدينة خنشلة مع الشهيد عاشور رمضان سنة 1960 حيث قاما بقتل عدد كبيرمن
جنود الإحتلال وهم في ملهى ليلي في قاعة السينما بالقاعة التي أصبحت فيما بعد تسمى قاعة الشهيد
علي حفطاري
كانت هذه مسيرة المجاهد البطل النقيب بوهلال بوطبة خلال الثورة التحريرية الكبرى .
ومباشرة بعد الإستقلال لم يضع المحارب سلاحه ولا خارت عزيمته أو كل ساعده وإنما قام بالإنحراط
في صفوف الجيش الوطني الشعبي أين شارك في حرب الرمال التي وقعت صيف سنة 1963 بين
الجزائر والمغرب وبعدها مباشرة وبعد أربع سنوات من التدريبات من أجل بناء وهيكلة الجيش الوطني

الشعبي أصبح مجاهدنا البطل ورفاقه من مجاهدي الأوراس على موعد آخر من مواعيد التاريخ وملحمة
أخرى من ملاحم الجهاد المشرف ،إنها حرب الإستنزاف التي بدأت فصولها مع الجيش المصري الشقيق
وجيش العدو الإسرائيلي سنة 1967هذا الأخير الذي قام بالإغارة على الأراضي المصرية في سناء
والسويس وبور سعيد ،وعلى الجبهة الأخرى على كل من الأردن وسوريا ولبنان ناهيك عن قيامه
بإحتلال الأراضي الفلسطينية كالقدس والضفة والقطاع ،مما أوقع الدول العربية في حالة إستنفار
قصوى من أجل الرد على هذه الإستفزازات الإسترائيلية فقرر الرئيس الراحل “هواري بومدين “
إرسال قوات جزائرية خاصة للمشاركة في الحرب كرد للجميل الذي قام به المصريون تجاهنا خلال
الثورة التحريرية بقيادة الرئيس الراحل “جمال عبد الناصر ” فأعلن النفير في البلاد وأصبح مجاهدوا
الأمس وجنود اليوم في أتم الإستعداد وجهزت القيادة العليا للبلاد جيشا قوامه 4000مقاتل أغلبهم
ممن خاضوا معارك التحرير ضد المستعمر الفرنسي وكان من بين هؤلاء “اللواء خالد نزار ، عبد
الرزاق بوحارة ،اللواء عبد المالك قنايزية ، عبد العزيز مجاهد ،الفريق أحمد قايد صالح ،الفريق السعيد
شنقريحة النقيب النقيب بوهلال بوطبة ،بلقاسم وناس ،العميد صالح قمعون العميد عبد القادر عبد
اللاوي وغيرهم من الأبطال الذين لايتسع المجال لذكرهم …. …” وبالإضافة للجنود أرسلت الجزائر
عتادا عسكريا لايستهان به حيث أرسلت دبابات من طراز “تي 55” ومحركات آلية من نوع
“su100”
سربان من طائرات “ميغ 17″بالإضافة إلى 15طائرة “ميغ 21” تولى طيارون مصريون قيادتها منها
الطائرة التي أصيبت فتعمد الطيار إسقاطها في العاصمة الإسرائيلية تل أبيب ،،وبعد إنتهاء حرب
1967 قررت القيادة الإبقاء على فرقة واحدة في ساحة العمليات المصرية وعينت فرقة اللواء خالد
نزار الجزائرية لأداء هذه المهمة فيقول في مذكراته : “أنها تتكون من ثلاثة فيالق كل منها يتألف من
600رجل ومن فيلق يضم 31دبابة من طراز “تي 55” ومن فوج مدفعية (بطاريتين ذات مدى بعيد
عيار 122ملم وبطارية قذائف152ملم (ومن فوج دفاع مضاد للطيران وبطاريتين أنبوبيتين 35ملم
وبطارية 14.5ملم فوق عربات رباعية الدفع وكانت تظم أيض خمسة كتائب نقل وإرسال وإستطلاع
للقيادة وللخدمات وانضمت إلينا في وقت لاحق كتيبة سادسة للهندسة وقد تلقيت في سنة 1968 أمرا
بالذهاب إلى هناك لإستخلاف الرائد عبد القادر عبد اللاوي لأن القيادة قد أقرت بقاء كل فرقة لمدة سنة
ويكون الإستخلاف في الرجال فقط أما العتاد فسيبقى هناك “وطوال تواجد الوحدات العسكرية الجزائرية
في مصر خلال سنوات (1967إلى غاية 1975) كانت مصاريفها على عاتق الحكومة الجزائرية عن
طريق حساب جاري مفتوح في بنك مصري من الجزائر ” وبمجرد وصول القوات الجزائرية إلى هناك
شرعت في مباغتة العدو الإسرائيلي لما خبرته في مقاومة الإستعمار في الثورة من خلال حفر الخنادق
والإغارة ليلا على شكل حرب عصابات ومع إقتراب حلول سنة 1973 قام الرئيس هواري بومدين
مباشرة بالتوجه إلى عاصمة الإتحاد السوفياتي موسكوا وقدم لهم صك”شيك” بمقدار 200مليون دولار
مقابل إمداد مصر وسوريا بالأسلحة التي يحتاجونها وهناك من يقول أيضا أنه قدم لهم صك
“شيك”على بياض وقال لهم أرسلوا الأسلحة فورا إلى مصر وسوريا وضعوا عليه المبلغ الذي تريدون
ثم حرك مزيدا من الجيش بإتجاه القاهرة وكان كالتالي

.

أما القوات التي أرسلتها الجزائر للجبهة المصرية فهي كالتالي: .

2115 جندي – 812 ضابط صف – 192 ضابط – 96 دبابة – 32 آلية مجنزرة – 12 مدفع ميدان – 16
مدفع مضاد للطائرات – 21 سرب من طائرات ميغ 21– سربين من طائرات ميغ
17 – سرب من طائرات سيخوي 7 ..
دقت طبول الحرب وقرعت أجراسها وما إن حل 06من شهر أكتوبر 1973 حتى كان الجزائريون
في موعد آخر من التاريخ ليكملوا سطور ملاحمهم وآخر إنتصاراتهم على صفحات رمال صحراء سيناء
الذهبية وعلى ضفاف قناة السويس وسواحل البحر الأحمر ومشارف الأرض المقدسة فلسطين الأبية
كانت أفئدة الشعب الجزائري تتلق برائد أخبارهم وتترقب بشائر النصر مثلما كانت تترقبه عند كل
معركة من معارك الأوراس أو جرجرة والونشريس لأنها تدرك جيدا أن هذه الطينة من الرجال ليست
من الذين يتقبلون الهزيمة أو يتجرعون كؤوس مرارتها كان علم الجزائر يرتفع خفاقا على الجبهة
المقابلة لقناة السويس كان علم الجزائر يرتفع خفاقا في سماء المنطقة مما أسال لعاب القوات
الإسرائلية ضنا منهم أنهم وجدوا فريسة سهلة أمامهم أنهكتها حرب السبع سنوات ونصف مع فرنسا
وأنهم سوف ينالون منهم بأسرع وقت ممكن ولم يكونوا يدرون أنهم أمام أسد وضراغم متعطشة جدا
لدماء بني صهيون ألفوا النزال وخبروا سنون الوغى فما عاد الموت يخيفهم ولا العدو يرهبهم كائنا من
كان هو فما لبثوا أن وجهوا صواريخهم وبناديقهم نحو فئران اليهود وضفادع إمريكا وتعالت صيحات
“الله أكبر ،الله أكبر من حناجرهم وماهي إلا ساعات حتى تعالت بشائر النصر المؤزر وسقط موشي
ديان وشارون في فخ القوات الجزائرية
عندما إستهانوا بها بعدما تركها المصريون على في الجبهة الشمالية للقناة ميناء الأديبة وعبروا نحو
واتجهوا نحو الجبهة الجنوبية فإستهان هذان المغروران بهذه القوة ظنا منهما بأنها فرقة ضعيفة التسليح
وغير قادرة على الصمود فأراد بخطتهما إبادتها ومحاصرة الجيش المصري من الخلف ولكن وقع لهما
مالم يكن في حسبانهما فأصبحت أشلاء جنودهما تطاير في السماء والنيران تشتعل في دباباتهم حتى فرا
من المعركة يولولان كالنساء تاركين خلفهما مالايقل عن 900 جثة لجنودهما وحطام 172دبابة
وهذه شهادة “دافيد اليعازر”، رئيس الأركان الصهيوني، الذي شاهد أول هزيمة لكيانه، والذي كان كبش
فداء للمؤسسة العسكرية والذي اتهم بالقصور والتردد، غضب وانهار ففاحت رائحة المؤامرة من فمه، وهنا
قررت مائير إقالته ومحاصرته… كلمات اليعازر التي قالها للمرة الأولى والأخيرة نشرتها صحيفة
»معاريف« العبرية بتاريخ 29 أكتوبر 1973 ، وجاء فيها حرفيا: لست مسؤولا عن هزيمة صنعها قادة
إسرائيل الأغبياء… استهانوا بالقوات العربية المحتشدة على الجبهتين الشمالية والجنوبية… ما حدث لقواتنا
في ميناء الأديبة كان نتيجة للاستهانة والاستهتار بعدد وعتاد الوحدات الجزائرية…
لقد توقع شارون المغرور أن الجزائريين بأسلحتهم البدائية سيفرون بمجرد رؤية دباباته… لكنهم نصبوا له
الفخ، فخسرنا في يوم واحد 900 قتيل من أفضل رجالنا وفقدنا 172 دبابة… ألم أصرخ في وجه ديان الذي
قال إن هذه النقطة ـ يقصد موقع القوات الجزائرية ـ هي الأضعف على القناة؟، ألم أخبره أمام القادة بأن
نظريته المرتكزة على جهل الجزائريين بطبيعة المكان وأسلوب القتال معنا نظرية هشة، وأن هؤلاء لديهم
خبرة أكبر من المصريين أنفسهم في حرب العصابات التي انهارت بفعلها فرنسا؟، لقد أخطأ ديان هو
وتلميذه المعتوه شارون حينما خططوا بتفاؤل لإبادة هذه القوات أثناء انكشاف خطوط الدعم المصرية عنها
وانشغال المصريين بالقتال على رؤوس الجسور؟، أما مائير فقد كللت أخطاءها من قبل بمخالفة تعاليم

التوراة وترك وصايا بن غوريون، حينما سمحت للعرب طوال ست سنوات كاملة للاحتشاد تحت قيادة
موحدة، إنها ـ يقصد مائير ـ تتحدث اليوم عن خطة تشتيت العرب وتفريق كلمتهم لمدة 50 سنة مقبلة، قائدة
“إسرائيل”ملت من تحميل الآخرين نتيجة أخطائها، لتضع خططا لا تعدو أن تكون أحلاما موهمة الشعب
الإسرائيلي أنها انتصرت، أو على الأقل لن تتكرر الهزيمة.
كانت هذه إحدى الملاحم التي سطرها جيشنا الشعبي الوطني ومجاهدونا الأشاوس في صحراء سيناء
قبل أن يحول الثعلب الماكر” كيسنجر ” نصرهم إلى هزيمة سياسية بعدما أقنع الرئيس الراحل “محمد
أنور السادات “بوقف إطلاق النار فقبروحدة الجيوش العربية واغتال الأمل في نفوس أبطالنا الأشاوس
الذين كانوا يحلمون بتحرير أولى القبلتين والصلاة في ثالث الحرمين فعادوا إلى أرض الوطن حاملين
وسام الشرف على لواء الفيلق الثامن للمدرعات وشامات النصر مختومة على جباههم الطاهرة
موقعين بصماتهم على سجل الذكريات مختومة بماء الذهب ستظل الأجيال تتوارثها جيلا بعد جيل لرجال
عاشوا الحروب وعانقوا الملاحم والخطوب وألفوا الأهوال والأخطار وضحوا بالنفس والنفيس من أجل
أن نعيش في هذا الوطن كالسادة الأحرار .
عاد بطلنا المجاهد النقيب بوهلال بوطبة إلى الجزائر ،ومباشرة بعدما أحيل للتقاعد وآن له الأوان ليضع
سلاحه سنة 1981 عاش في بلدية المحمل عزيزا مكرما بين أهله وذويه فأصبح من أكبر أعيان ووجهاء
البلدية ساهم في العديد من جلسات الصلح في داخلها وخارجها كان رمزا للمشورة وسداد الرأي
ورجاحة العقل ،عطوفا على الفقراء والغلابى مدافعا عن قضاياهم حتى وافته المنية ذات ربيع بتاريخ
14مارس سنة 2010رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه وجزاه ورفاقه الشهداء والمجاهدون عنا وعن
الجزائر خير جزاء إن شاء الله

بقلم الطيب دخان /خنشلة /الجزائر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى