أحوال عربيةأخبارالمغرب الكبيردراسات و تحقيقات

صهاينة المغرب اليهود.. مغتصبون.. لا جالية

سليم يونس الزريعي

صهاينة المغرب اليهود.. مغتصبون.. لا جالية

تمهيد
النظام الملكي وتزييف الوعي
إن قضية اليهود المغاربة تفتح الباب أمام سؤال لم أقدمت المؤسسة الملكية المغربية على المشاركة في تهجير اليهود المغاربة بالتعاون مع الحركة الصهيونية والأجهزة الأمنية للكيان الصهيوني؟ وهل ذلك السلوك المفارق له علاقة بالمنطق والأخوة العربية الإسلامية، خاصة وأن فلسطين هي بلد القدس والأقصى؟ أم أن هذه القيم لا مكان لها عندما تحضر المصالح الخاصة لرأس النظام الملكي حسن الثاني قي ذلك الحين ب
صرف النظر عن مشروعيتها الأخلاقية؟ ويمكن القول إن الحسن عندما رفد المشروع الصهيوني بالقوى البشرية كان صهيونيا بامتياز، وهذا التوصيف ليس تقييما أخلاقيا ولكنه توصيف فكري سياسي عملي يحدد أين يقف هذا الشخص أو ذاك من قضية الشعب الفلسطيني الذي هو محل عدوان صهيوني غربي وصهيوني عربي؟.
ومن ثم فالصهيوني سواء كان يهوديا أو مسيحيا أو عربيا مسلما فهو من يتبنى مجموعة من المعتقدات التي تهدف إلى تحقيق برنامج المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل عام 1897م تحقيقاً عملياً وعلي ذلك فالصهيونيين:
هم أولئك الذين يعدون الطائفة المعروفة باسم اليهود شعبا قوميا مستقلا ينبغي إعادة توطينه في كيان سياسي مستقل في فلسطين، لكي يقيم فيها دولة قومية خاصة باليهود وحدهم (الدولة اليهودية) تحت ثوابت ثلاث لا اختلاف عليها وهى:
أ. إن اليهود هم شعب الله المختار !
ب. إن الله وعد اليهود وملكهم أرض الميعاد، أرض كنعان من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات .
ج. إن ظهور الماشيح مرتبط بقيام صهيون (يسرائيل) وبتجميع اليهود من شتاتهم بأنحاء العالم في أرض الميعاد (أرض يسرائيل) حتى يتحقق ظهوره (1).
وتوصيف الصهيوني والحال هذه ينطبق على كل من يتبني مثل هذا البرنامج ويعمل على تطبيقه وهو الدور الذي قام به ملك المغرب الحسن الثاني عندما بدأ ما بين 1961 و1964 العمل مع “إسرائيل” سراً، على تهجير ونقل 100 ألف من اليهود المغاربة – عبر أوروبا – بعد أن عقد صفقة مع الموساد الإسرائيلي يتقاضى بموجبها مبلغاً يراوح بين 50 و100 دولار أميركي نظير كل يهودي مهاجر. وفي المقابل قدّم الموساد للملك والجيش والأمن المغربي خدمات استخبارية وأمنية مهمة.
وهجرة نحو 30 ألفاً من يهود المغرب إلى “إسرائيل”، بعد عام 1967 وفي السبعينيات والثمانينيات استمرت هجرة اليهود، ولكن بوتيرة بطيئة، وعلى أساس فرديّ. واللافت أن الجنسية المغربية لم تسقط عن اليهود الذين هاجروا إلى “إسرائيل”، كما لم تصادر أموالهم ولا ممتلكاتهم في المغرب.(2)
ومن ثم لا يمكن للباحث عزل ما جرى من استئناف لعلاقات المملكة مع الكيان الصهيوني في ظل أشد فترات تغول قطعان مستوطنيه ومؤسسته العسكرية والأمنية في مواجهة الشعب الفلسطيني ، مع التواطؤ الشخصي للحسن الثاني
بعد جلوسه على عرش المملكة، كون ما جرى ويجري هو تعبير عن نهج سياسي له جذره الأيديولوجي، ولذلك يمكن التقدير أن الابن هو سر أبيه الذي ساهم في رفد الكيان الصهيوني بعشرات آلاف الصهاينة المغاربة، ويمكن للشعب الفلسطيني وقواه الحية المتضررة من خطوة النظام الملكي الأخيرة تكييفها على أنها تواطؤ مغربي موصوف مع الكيان الصهيوني خاصة وهو يحمل كل هذا الكم من التدليس لتبرير استئناف علاقاته مع الكيان الصهيوني.
ومع ذلك إذا جاز القول إن استئناف علاقات الملك المغربي مع الكيان الصهيوني هو أمر سيادي له علاقة بخياراته السياسية والفكرية، وهي خيارات يحددها الملك المغربي وليس الهيئة المنتخبة من الشعب، ودون النظر إلى الضرر المادي والمعنوي الذي يمكن أن يلحق بالآخرين بشكل مباشر أو غير مباشر فإنها هذه المرة وخاصة عندما برر النظام هذا الاستئناف بأنه ” يأتي “نظرا للروابط الخاصة التي تجمع الجالية اليهودية من أصل مغربي، بمن فيهم الموجودين في إسرائيل، بشخص جلالة الملك”.(3)
فإن هذه الخطوة هي بمثابة اصطفاف مغربي إلى جانب الكيان الصهيوني في حربة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. وضوء أخضر لقطعان جاليته باستمرار عدوانهم.
لكن ما هو مستفز في بيان الديوان الملكي هو الإشارة إلى الجالية اليهودية في فلسطين المحتلة كعامل مقرر في استئناف العلاقات مع كيان الاحتلال، هنا يبدأ النظام الملكي محاولة كي الوعي بتمرير مثل هذا المفهوم وإذا كان ذلك جائزا مغربيا فإنه بالنسبة للشعب الفلسطيني تدليس موصوف لأن ما تسمى جالية مغربية، هي في الجوهر مكون أساس في المؤسسة الصهيونية الأمنية والعسكرية والسياسية التي هي وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة تمارس احتلالا على الأقل للأراضي المحتلة عام 1967، وتمارس عدوانها على مدار الساعة ضد الشعب الفلسطيني.
وبهذا المعنى فإن جالية محمد السادس رئيس لجنة القدس هم أعداء ومغتصبون ولا مجال للتعامل معهم إلا كأعداء طالما كانوا محتلين حتى لو كانوا جالية الملك المغربي.
ولا تقف محاولة تزييف الوعي عند حدود الجالية بل يذهب نحو الحديث عن التقريب بين الشعوب والسؤال هل في فلسطين المحتلة شعب أم تجميع كمي لما يقارب الـ100 إثنية عجزت مؤسسات الكيان عن صهره حتى بات بعض الباحثين الصهاينة يشككون في انطباق مفهوم المجتمع على مجموع السكان غي “إسرائيل” ويستعيضون عن تعبير مجتمع (بتجمع) ليكون السؤال أين هذا الشعب الذي يتحدث عنه الديوان الملكي المغربي؟ وكان المؤرخ اليهودي الإسرائيلي شلومو ساند قد دحض مقولة الشعب اليهودي في كتابه الذي عنوانه خرافة الشعب اليهودي. مؤكدا أن اليهودية دين وليست قومية، ولا بأس هنا من السؤال هل تنطبق مقولة الشعب على أمازيغ المغرب سكان البلاد الأصليين الذين اعتنقوا اليهودية؟ أم أنها خرافة صدقها المغرب فيما يكذبها بعض اليهود؟
لقد حاولت الدراسة التي عنوانها” صهاينة المغرب اليهود.. مغتصبون.. لا جالية”ـ رصد علاقة ملوك المغرب بتهجير صهاينة المغرب إلى فلسطين واستمرار علاقتهم بالنظام بوسائل مختلفة حتى أنهم يحتفظون بالجنسية المغربية ويواصلون الاتصال والتواصل مع المغرب، مهما كان مستوى إجرامهم وعدوانيتهم ضد الشعب الفلسطيني ، وهي من تمهيد وأربعة فصول وخاتمة.


الهوامش
1- أشرف بدر، الخلاص، الهيكل، وصعود الصهيونية الدينية( 18-05-2022)، https://alqudscenter.info/articles
2- حسام عبدالكريم، دور الحسن الثاني في هجرة اليهود المغاربة إلى “إسرائيل”،21/2/2022/ https://www.almayadeen.net/
3- خالد محجوب، استئناف علاقات المغرب نع إسرائيل، 12/12/2020ـ https://www.aa.com.tr

الفص الأول
الوجود اليهودي قي المغرب
علاقات يهود المغرب بمكونات الشعب المغربي
اليهودية المغربية وحلم خرافة العودة
دحض خرافات التوراة التاريخية

الفص الأول
الوجود اليهودي قي المغرب

اتسم الوجود اليهودي بالمغرب بالقدم، وترجح عدد من الدراسات أن قدومهم جاء في أعقاب خراب الهيكل الأول في عام 586 ق.م. وتوالت بعد ذلك الهجرات، وكانت أقواها ما حصل بعد ظهور علامات النفي والترحيل والطرد لليهود والمسلمين من الأندلس في 1492 والبرتغال في 1497.(1)
فيما تشير مصادر أخرى إلى أن الديانة اليهودية دخلت منطقة المغرب الأقصى في القرن 6 قبل الميلاد، واستطاع اليهود العيش وسط الأمازيغ وتبنّي لغتهم من خلال التأثير المباشر بين الجماعات اليهودية والأمازيغ، واحترفوا كل ركائز الحياة الاقتصادية من رعي وصناعة، علاوة على التجارة التي حققوا منها ثروات طائلة، خاصة تجارة الرفاهيات والرقيق، ولم يقبل اليهود على الزراعة مهتمين بمهن أخرى تدر أرباحاً سريعة ولا تحتاج للتوطين. وعلى صعيد الحياة الاجتماعية.(2)
وقد لوحظ على ذلك الوجود أن اليهود لم يكونوا تجمعا يهوديا مغلقا خاصا بهم ، كما هو شائع عن التجمعات اليهودية، وإنما شاركوا سكان البلاد حياتهم اليومية. حيث كانوا يعيشون في ظل وجود نظام للجوار أو الحماية من طرف القبائل الأمازيغية. فبعد دخول الإسلام للمغرب عام 710 للميلاد ووعي اليهود بهذه السيطرة، دخلوا في حماية الحكام الأمازيغ المسلمين منذ أوائل القرن الثاني الهجري.(3)
وحالة الاندماج تجلت في أـن يهود المغرب اكتسبوا الكثير من عادات المسلمين بدليل أنهم في المدن المغربية كانوا يؤمنون بتعدد الزوجات، رغم أن هذا محرم في ديانتهم، أما اليهود في القرى والجبال، فقد تأثروا بالأمازيغ واكتفوا بالزواج الأحادي. والدليل على ذلك ظهور مخطوط في مدينة مراكش يعود تاريخه إلى سنة ألف ميلادية يتحدث عن تحريم تعدد الزوجات.
كان السكان اليهود يتحدثون اليهودية والأمازيغية والعربية رغم أن هذه اللغات قد طمست إلى حد كبير تحت تأثير اللغة الفرنسية في تلك الفترة الزمنية المذكورة. كما كانت هناك أعداد أقل من المهاجرين الجدد من أوروبا.(4)
ينقسم المغاربة اليهود إلى قسمين: المغوراشيم (ومعناها بالعبرية المطارد) وهم يهود الأندلس، الطشابيم وهم اليهود الأصليون الذين سكنوا المغرب قبل الميلاد، وكما يوحي اسمهم، فالزعم أنهم من أصل مشرقي، وأنهم أتوا للمغرب بعد سلب القدس من قبل نبوخذ نصر الثاني عام 586 قبل الميلاد، وبلا شك فقد وجد كثيرون منهم طريقهم إلى شمال أفريقيا مع التجار القرطاجيين.
فربما يكون كثيرون من التطشابيم من أصول الأمازيغ الذين تحولوا إلى اليهودية والتصقوا بديانتهم أكثر من المسيحيين الأمازيغ الذين صمدوا فيما يبدو إلى القرن 11. ويظهر أنه كانت هناك، في زمن الفتح الإسلامي الأول في بداية القرن الثامن، أعداد من الممالك اليهودية الصغيرة في الجزائر والمغرب؛ بما فيها واحدة تأسست في سجلماسة وثانية في منطقة الأوراس بالجزائر تحت قيادة ملكتها داهية الكاهنة التي قاومت الفتح الإسلامي لأربعة أعوام إلى أن قُتِلت في معركة، فيما تحالف إدريس الأول أولا مع السكان اليهود ضد مؤيدي الخليفة العباسي هارون الرشيد، ولكنه تحول لاحقا ضدهم.(5)
ويقر اليهود قاطبة بأن المغرب استقبلهم وآواهم بمنطق متسامح، وقد قدر عدد اليهود الذين غادروا إسبانيا في 1492 بـ 200 ألف، منهم 100-120 ألف توجهوا نحو البرتغال، حيث لاقوا مصيرا مأساويا قبل أن يطردوا ويفر جزء منهم إلى البلاد الإسلامية في 1497، حيث كان يوجد أصلا 50 ألفا من اللاجئين.
ولم يكن الاستقرار اليهودي مسألة عابرة بل إن ملاحقة القوى الأجنبية لهم جعلهم يعددون مواطن استقرارهم واختلطوا مع القبائل الأمازيغية بالمغرب في الجبال حتى تهود أفراد من بعض القبائل.
وكان لقدم الاستقرار بالمغرب انعكاسات بالغة على طبيعة اليهودية المغربية، حيث أثرت خصوصية البيئة وتميز الوجود الإسلامي بالمغرب وما أفرزه من تبلور لسياق حضاري مغاير للسياق الحضاري الغربي الذي تبلورت من داخله الظاهرة اليهودية الصهيونية المعاصرة.
وكان يعيش أغلب اليهود المغاربة في وسط الأحياء العتيقة بالمدن القديمة في المغرب، ويُطلق على هذه الأحياء اسم “الملاح”، حيث كانوا يجتمعون على شكل طائفة صغيرة يمارسون مهنهم ويعيشون، وهي نفس الأحياء التي يُطلق عيلها اسم حارة اليهود في بلاد الشام.(6)
وفي دراسة عبد الوهاب المسيري عن “من هو اليهودي؟” يبرز أن الجماعات اليهودية في العالم طورت هويات يهودية خاصة بها، تحددت في غياب سلطة يهودية مركزية، دينية أو دنيوية، وعبر الاحتكاك مع عشرات التشكيلات الحضارية ومن خلالها، وتتسم هذه الهويات باستقلال نسبي عن سياقها الحضاري، شأنها شأن هويات الجماعات الإثنية والدينية، ولكنها في الوقت نفسه لا تنتمي إلى هوية يهودية واحدة عالمية(7).
واتسمت الهوية اليهودية المغربية بتدينها بل وتشددها في الالتزام الحرفي بالدين اليهودي ومعتقدات التوراة والتلمود، ويمكن هنا الإحالة على دراسات حاييم زعفراني (جاوزت السبعين دراسة عن مختلف أبعاد الهوية اليهودية المغربية وإبراز الطابع الديني لها)، أو دراسات بن عامي إسشار التي ركزت على ظاهرة أولياء وقديسي اليهود المغاربة حيث أحصت وجود 652 وليا ضمنهم 126 مشتركا بين المسلمين واليهود و15 وليا مسلما يقدسه اليهود و90 وليا يهوديا عند المسلمين، ويتنازعون في 36 وليا كل ينسبه إليه.
وقد أصدر صامويل «يوسف بنعيم» في 1980 دراسة مفصلة عن مراسيم ما يزيد عن خمسين هيلولة (احتفال ديني يهودي مغربي) مرتبطة بمواسم الأولياء اليهود بالمغرب التي تبرز حالة السعي اليهودي بالمغرب للتماهي مع القديسين وتجديد هذا السعي سنويا.(8)
ورغم هذه الوضعية فإن اليهود ما انفكوا يكشفون عن نزعتين تجاه المحيط الإسلامي، دولة ومجتمعا، تضرب في الصميم السماحة الإسلامية معهم وهي:
1- نزعة الانفصال عن الدولة:
مثل حالة يهود فاس إحدى المحاولات الأكثر جرأة ووقاحة لتأكيد استقلالية “الإسرائيليين”، وأوردها العلامة محمد المنوني في كتابه عن المصادر العربية لتاريخ المغرب تحت عنوان “تجاوز يهود فاس لتبعيتهم المغربية”.
2- نزعة الطغيان:
واتسم بها سلوك المستفيدين من اليهود من نظام الحماية القنصلية وهو نظام يتيح للمستفيد منه عدم الخضوع لقوانين دولته الأصلية، وقد شكل الخطوة الأولى للتغلغل الاستعماري في المغرب، مع الإشارة إلى أن بعض المسلمين أيضا استفادوا من هذا النظام، إلا أن اليهود شكلوا الفئة الأكثر استفادة منه.
وانعكس ذلك بحدة وسلبية على علاقتهم بالمحيط المسلم وأدى إلى إضعاف هيبة الدولة المغربية التي أصبحت عاجزة عن محاسبة المخالفين للقانون، ممن يتوفرون على نظام الحماية.
وازدادت حدة ذلك بعد خضوع المغرب للاستعمار وهو ما شهد به المقيم العام الفرنسي “الجنرال ليوطي” يشتكي فيها من سلوكيات السكان اليهود تجاه المسلمين مما يخلق مشاكل للسلطات الاستعمارية، وهذه الشهادة مؤرخة في 28 مايو/ أيار 1925 وهي في أصلها مرسلة إلى وزارة الخارجية الفرنسية ومحفوظة بأرشيفاتها. وورد فيها:
“فالجالية اليهودية التي هي اليوم مدينة للحماية الفرنسية بتحررها من وضعية العبودية التي عاشت فيها منذ قرون، تعقد مهمة السلطات لأنها جالية لا تعامل رجال المراقبة باللياقة اللازمة، وتتصرف بوقاحة تجاه المسلمين الذين لم تعد تخاف تحديهم محتمية في ذلك بوجودنا”.
وقد تكالبت الدول الأجنبية على استغلال نظام الحماية القنصلية لبسط نفوذها متوسلة في ذلك بالعنصر اليهودي في المجتمع المغربي.
ونتوقف هنا عند الحالة الأميركية، التي كان يظن أنها بعيدة عن الأطماع في المغرب آنذاك، إلا أن قنصلها العام فليكس ماثيوس في سنة 1872 توسع في منح الحماية القنصلية لليهود حتى أن كل الرعايا الأميركيين بالمغرب كانوا يهودا باستثناء أميركيين اثنين.(9)
إلا أن انكشاف سلوك ونوايا هؤلاء اليهود شكل التحول الكبير الذي طرأ على وضعية الأقلية اليهودية بالمغرب وجعلها عرضة للبحث قد ارتبط باندماجهم الكثيف في المشروع الصهيوني إلا من استثناءات جد قليلة، حيث انخرطوا في العمل لصالح المشروع الصهيوني بدءا من توفير التغذية البشرية له عبر عمليات الهجرة، وتقديم الدعم المالي، وتشكيل قناة سياسية له تربط بين المغرب والكيان الصهيوني توظف فيها دعوى الولاء المزدوج، ثم الانخراط في خدمة مشروع الحركة الصهيونية.(10) من أجل تلبية نزعاتهم الذاتية في أقامة كيان ديني وفقا لخرافة أرض الميعاد والشعب المختار.


الهوامش
1- عربي بوست، حكاية يهود المغرب من أحياء “الملاح” إلى تل أبيب، 13/1/2021، https://arabicpost.net/
2- يهود المغرب يحتفلون في إسرائيل،11/12/2020، https://aawsat.com/
3- المصدر السابق.
4- المصدر السابق.
5- المصدر السابق.
6- عربي بوست، حكاية يهود المغرب من أحياء “الملاح” إلى تل أبيب، 13/1/2021، https://arabicpost.net/ \
7- عربي بوست، كثدر سبق ذكره.
8- يهود المغرب يحتفلون في إسرائيل،11/12/2020، https://aawsat.com/
9- مصطفى الخلفي، يهود المغرب والتعايش اليهودي العربي، 22/12/2004، ttps://www.aljazeera.net/
10- المصدر السابق.

الفص الأول
علاقات يهود المغرب بمكونات الشعب المغربي

مع أن أسس الفلسفة اليهودية المستمدة من “التلمود” – كتاب تعليم ديانة وآداب إسرائيل_ تحدد علاقتهم بغيرهم من البشر، على أساس نزعة التفوق والعنصرية التي تقول إن اليهود شعب الله المختار، بزعم أن أرواح بني إسرائيل تتميز عن باقي الأرواح لأنها كما يزعمون جزءا من الله، كما أن الابن جزء من والده، والأرواح الأخرى أرواح شيطانية شبيهة بأرواح الحيوانات، والإسرائيلي عند الله أعظم من الملائكة.
ويصل الأمر بالذهن اليهودي المسكون بالأساطير أن يعتقد أن الدنيا بأسرها ملك للإسرائيلي، ومن حقه أن يتسلط عليها بوصفه مساوياً للعزة الإلهية. ويصل الوهم حد المرض عندما يصور لهم ذهنهم المريض أن نقطة الارتكاز التي يبدأ منها اليهود سيطرتهم على العالم هي فلسطين، ففيها يجب أن تقوم دولتهم لأنها أرض الميعاد، ولذلك يقول اليهود إن فلسطين أرض مقدسة لا يحق لأي فرد احتلالها وإنما هي حق لليهود وحدهم(1).
مع هذه الذهنية المريضة لأتباع الديانة اليهودية ممن يعتقدون بخرافة أرض الميعاد وأنهم شعب الله المختار احتضنهم الشعوب العربية كأفراد وجماعات وتعاملوا معهم بكرامة ومساواة، وهو ما عاشه يهود المغرب طول عشرات القرون،
فقد عاش اليهود المغاربة طوال قرون في وطنهم المغرب جنبًا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين، دون مشاكل تذكر، ولم يخطر ببال يهودي أو يهودية أنه سيغادر إلى ما تسمى “أرض الميعاد” التي قرأ عنها في التوراة، لولا تغيرات سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية، عرفتها أوروبا خلال القرن التاسع عشر، كان لها بالغ الأثر على يهود العالم، وليس المغاربة فقط(2).
وكان لقدم الاستقرار بالمغرب انعكاسات بالغة على طبيعة اليهودية المغربية، حيث أثرت خصوصية البيئة وتميز الوجود الإسلامي بالمغرب وما أفرزه من تبلور لسياق حضاري مغاير للسياق الحضاري الغربي الذي تبلورت من داخله الظاهرة اليهودية الصهيونية المعاصرة.(3)
وبسبب موقف الشعب المغربي الودي والإنساني منهم، لم يكن الاستقرار اليهودي مسألة عابرة، لذلك اختلطوا مع القبائل الأمازيغية بالمغرب في الجبال حتى تهود أفراد من بعض القبائل. (4)
بل إن العلاقات تعدت الطابع الاجتماعي العادي بين اليهود وسكان المغرب المسلمين إلى ظاهرة أولياء وقديسي اليهود المغاربة الذين من ضمنهم 126 وليا مشتركا بين المسلمين واليهود و15 وليا مسلما يقدسه اليهود و90 وليا يهوديا عند المسلمين، ويتنازعون في 36 وليا كل ينسبه إليه.(5) بمعني أن العلاقات تطورت لبشترك المسلمون واليهود حتى في الأولياء اليهود والمسلمين.
وبعكس ذهنيتهم المريضة يقر اليهود قاطبة بأن المغرب استقبلهم وآواهم بمنطق متسامح، وقد قدر عدد اليهود الذين غادروا إسبانيا في 1492 بـ 200 ألف، منهم 100-120 ألف توجهوا نحو البرتغال، حيث لاقوا مصيرا مأساويا قبل أن يطردوا ويفر جزء منهم إلى البلاد الإسلامية في 1497، حيث كان يوجد أصلا 50 ألفا من اللاجئين.(6)
وما يوكد طبيعة العلاقة الودية مع اليهود أنه لم يتعرّض يهود المغرب لهجمات جماعية أو لمذابح أو لأحداث عنف من أيّ نوع من جانب المغاربة المسلمين، حتى أن أشد المصادر الصهيونية تطرّفاً لم تجرؤ على ذكر ما يخالف ذلك. تاريخ وجود اليهود في المغرب قديم، وخصوصاً أن عدداً كبيراً من يهود الأندلس قد لجأوا إلى المغرب واستقروا فيه، بعد سقوطها في أيدي الإسبان سنة 1492. ومنذ سيطرة الأسرة العلوية (التي لا تزال تحكم إلى اليوم) في المغرب على يد مولاي رشيد عام 1668، حظي اليهود بعطفٍ خاص من قبل سلاطينها الذين أتاحوا لهم الفرصة للعيش بأمان، والعمل بحرية واطمئنان. وكان عدد اليهود في المغرب يزيد على 250 ألفاً، أي نحو 2.5% من السكان، وهو أكبر تجمع لليهود في البلاد العربية على الإطلاق.(7)
ويتمتع اليهود حاليا بعلاقات طيبة مع السلطات الرسمية، ويحتل بعضهم مواقع هامة فيها، مثل أندري أزولاي مستشار الملك محمد السادس. (8)
ويعكس الارتباط الوثيق بين اليهود المغاربة وبلدهم الأم الذي رعاه الملوك المتعاقبون على عرش المغرب، وقَننته الدولة عبر القوانين، فدُستور 2011 يعد أول دستور لبلد عربي مسلم يعترف بالثقافة اليهودية كعنصر أساسي في التعدد الثقافي بالبلاد، ويؤكد على المكون اليهودي والعبري كرافد من روافد الهوية المغربية(10) طبيعة هذه العلاقة الأخوية.
وهي العلاقة التي استمرت مع أن اليهود المغاربة باتوا جزءا أساس من كيان عنصري عدواني محتل، فالمغاربة اليهود يسافرون إلى المغرب في زيارات سنوية لمن بقي هناك من أسلافهم، والشباب يذهبون للتعرف على ما يعتبرونها أصولهم وهويتهم وتؤكد “الصحفية المغربية غزلان طيبي لـ”عربي بوست” أن “زيارات اليهود المغاربة عموماً والقاطنين منهم في “إسرائيل” خاصة لم تنقطع أبداً، فقد كانوا يأتون سنوياً بالآلاف، لكنها اليوم وبسبب التطبيع ستتكثف وتنظم بشكل أسهل، وسيكون موسم “الهيلولا” كما العادة سبباً لحج اليهود عبر العالم إلى المغرب”.
وكشفت صحفية مغربية أن “اليهود المغاربة المقيمين في “إسرائيل” سيحجون إلى المغرب للاحتفال بذكرى وفاة حاخام قديس، عرف بدوره الديني الكبير، بعيد الفصح اليهودي، وهي مناسبة حرصت السلطات المغربية منذ القديم على مرورها في أجواء آمنة ومنظمة في الأماكن، حيث تنظم في كل الجهات المغربية، والآن سيصبح الإقبال عليها أكبر”(11).
إن استمرار الزيارات وفي كل الظروف لليهود الصهاينة للمغرب تعني أن العلاقات كانت أكثر من طبيعية، من ذلك أن مواسم الهيلولة لا تقف عند الصلاة والاحتفال فقط، بل هي مناسبة لتجديد العهد مع الأصول وصلة الرحم مع الأحباب، إذ يحرص اليهود القادمين من “إسرائيل” وباقي الدول على زيارة أصدقاء الطفولة والجيران القدامى.(12)
وهذا يكشف أن اليهود المغاربة لم يكونوا منغلقين على أنفسهم، كما هو شائع عن التجمعات اليهودية، وإنما هي في اختلاط دائم مع سكان البلاد في حياتهم اليومية. بل كانوا يعيشون في ظل وجود نظام للجوار أو الحماية من طرف القبائل الأمازيغية. فبعد دخول الإسلام للمغرب عام 710 للميلاد ووعي اليهود بهذه السيطرة، دخلوا في حماية الحكام الأمازيغ المسلمين منذ أوائل القرن الثاني الهجري. (13)
هذه العلاقة التي وصلت حد الاندماج جعلت يهود المغرب يكتسبون الكثير من عادات المسلمين بدليل أنهم في المدن المغربية كانوا يؤمنون بتعدد الزوجات، رغم أن هذا محرم في ديانتهم، أما اليهود في القرى والجبال، فقد تأثروا بالأمازيغ واكتفوا بالزواج الأحادي. والدليل على ذلك ظهور مخطوط في مدينة مراكش يعود تاريخه إلى سنة ألف ميلادية يتحدث عن تحريم تعدد الزوجات.
وكان السكان اليهود يتحدثون اليهودية والأمازيغية والعربية رغم أن هذه اللغات قد طمست إلى حد كبير تحت تأثير اللغة الفرنسية في تلك الفترة الزمنية المذكورة. كما كانت هناك أعداد أقل من المهاجرين الجدد من أوروبا.(14)
بل إن الجالية اليهودية المغربية في كل مكان تعتز بانتمائها المغربي، ففي كندا، أسمت الجالية اليهودية المغربية مكتبة مدرسة سفاردية باسم الراحل محمد الخامس، وفي :إسرائيل” يظهر الاعتراف بالمملكة بشكل أوضح عبر تسمية أماكن ومواقع عامة باسم الراحل الحسن الثاني”. (15)
فكان أن تمتع اليهود في المغرب بعلاقات طيبة سواء مع السلطات الرسمية، أو مع المغاربة المسلمين. بل ويحتل بعض منهم مواقع هامة في دواليب الدولة المغربية. مثل أندري أزولاي الذي يشغل منصب مستشار الملك محمد السادس. ويرى أزولاي أن إصرار عشرات الآلاف من اليهود في فرنسا وإسرائيل وكندا على الاحتفاظ بهويتهم المغربية والاعتزاز بها يشكل قوة كبرى لليهود المغاربة. (16)
إن هذا ولا شك يفضح سلوك نفاق اليهود الذين ـأخذوا موقفا معاديا ويساهمون في جرائم الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ليس كجالية مغربية فقط بل ومكون أساس في مؤسسات كيان الاحتلال الأمنية والعسكرية والسياسة في حربها ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته.
هذه الجالية تمارس عدوانيتها كحالة صهيونية دينية عنصرية حسب توصيف مؤسسات دولية ، تحتل فلسطين وتنتهك حرمات الأقصى والقدس الذي ويا للعار ملك المغرب هو رئيس لجنتها، فيما جاليته المغربية تشن حربا على كل ما هو فلسطيني وتدنس الأقصى وترتكب الجرائم ضد القدس وأهلها.


الهوامش
1- طارق محمد حجاج، مواقف الأحزاب الإسرائيلية المختلفة من القضية الفلسطينية، 24/6/2012، العدد: 3768، الحوار المتمدن
2- رشيد العزوزي، اليهود المغاربة: من أحياء “الملاح” إلى حكم إسرائيل وصناعة القرارات الدولية، 23 سبتمبر 2018، https://www.qposts.com/
3- مصطفى الخلفي، يهود المغرب والتعايش اليهودي العربي، 22/12/2004، ttps://www.aljazeera.net/
4- مصطفى الخلفي، المصدر السابق
5- مصطفى الخلفي، المصدر الستبق.
6- مصطفى الخلفي، المصدر السابق.
7- حسام عبد الكريم، دور الحسن الثاني في هجرة اليهود المغاربة إلى “إسرائيل”، 21/2/2022، https://www.almayadeen.net/
8- عدنان أبو عامر، يهود المغرب بالمجتمع الإسرائيلي.. الخلفية السياسية وأدوارهم، https://arabi21.com/
9- عربي بوست، يُساهمون في صناعة القرار بإسرائيل – وبعضهم يحلم بـ”العودة” للوطن.. حكاية يهود المغرب من أحياء “الملاح” إلى تل أبيب، 13/1/2021، https://arabicpost.net/
10- عربي بوست، يُساهمون في صناعة القرار بإسرائيل المصدر السابق.
11- عبد الحكيم الرويضي، نفوذ اليهود المغاربة في “إسرائيل”.. لمن الولاء؟ 18/02/2021 ، https://www.noonpost.com/
12- يهود المغرب يحتفلون في إسرائيل،11/12/2020، https://aawsat.com/
13- يهود المغرب يحتفلون في إسرائيل،الكصدر السابق.
14- عربي بوست، يُساهمون في صناعة القرار بإسرائيل المصدر السابق.
15- يهود المغرب يحتفلون في إسرائيل،ا مصدر سبق ذكره
16- المصدر السابق.

الفص الأول
اليهودية المغربية دحض خرافة العودة

هناك فرق تأسيسي بين نسبة دين معين إلى مجموعة بشرية باعتبارها شعب ذلك الدين، وبين ربط الدين بمعتنقيه معهما اختلفت إثنياتهم ، فمثلا هناك فرق بين مفهومي أتباع الدين اليهودي والشعب اليهودي، فالأول يحتوي التنوع العرقي والجغرافي، فيما الثاني يفترض أن مجرد الانتماء لذلك الدين فهو دليل على الوحدة العرقية.
وعلى أساس من هذه العلاقة روجت الحركة الصهيونية والمسيحية الصهيونية والاستعمار الغربي لمفهوم الشعب اليهودي، بخلاف المنطق والحقائق العلمية والتاريخية، وقد كشف المؤرخ اليهودي شلومو ساند هذا التدليس في سياق دحض أسطورة الشعب اليهودي أي خرافة الشعب اليهودي والعودة، كخرافة توراتية، بالعودة آلاف السنين إلى الوراء، ساعياً إلى إثبات أن الشعب اليهودي لم يكن أبداً “شعبا عرقيا” ذا أصل مشترك، وإنما هو خليط كبير ومتنوع لمجموعات بشرية تبنت خلال مراحل مختلفة من التاريخ الديانة اليهودية. وبحسب قوله فإن النظرة الميثولوجية(الأسطورة) إلى اليهود كشعب عريق أدّت بعدد من المفكرين الصهيونيين إلى تبني فكر عنصري تماماً. (1)
أما علم الآثار فقد حسم أمر خرافات التوراة التي تذرعت بها الحركة الصهيونية والمسيحية الصهيونية وأوروبا الاستعمارية لزرع المستجلبين اليهود في فلسطين، فدحض عالم الآثار البروفيسور زئيف هرتسوغ عبره زيف ما يسمى الحق التاريخي “الإسرائيلي”. ذاهبا إلى أبعد من مجرد دحض مقولات الشعب اليهودي وارتباط اليهود بفلسطين إلى التأكيد أن التوراة التي يتكئون عليها لاختراع شعب يهودي هي “ميثولوجيا، أي(أساطير) وتزوير للتاريخ. لأن (الحفريات تدحض خرافة الشعب اليهودي، وتؤكد أن لا تاريخ يهودي في فلسطين. (2)
وقد أكدت عقود من البحث المحموم والحفريات الأثرية المكثفة في أرض فلسطين المحتلة كما كشف عالم الآثار البروفيسور زئيف هرتسوغ توصل علماء الآثار إلى استنتاج مخيف وهو أن: الأمر مختلق من الأساس. فأفعال الآباء هي مجرد أساطير شعبية، ونحن لم نهاجر لمصر ولم نُرحّل من هناك. ولم نحتل هذه البلاد وليس هناك أي ذكر لامبراطورية داوود وسليمان، والباحثون والمختصون يعرفون هذه الوقائع منذ وقت طويل، ولكن المجتمع لا يعرف. (3)
ومن ثم فإن السؤال ماذا تبقى من هذه الخرافة إذا كان مصدرها هو التوراة كونها الأساس الفكري لإقامة الكيان الصهيوني بجعله من مجرد كتاب ديني إلى برنامج عمل وكمصدر للتاريخ للادعاء بالحق التاريخي في فلسطين، في حين أن أغلبية الباحثين في هذا الحقل ترى في هذا الكتاب مجرد أساطير لا يمكن الاستناد إليها. سواء في كتابة التاريخ القديم لفلسطين، أو في منح الحق لليهود في فلسطين. وقال البروفيسور زئيف شيف بصفته ابن للشعب اليهودي، وكتلميذ للمدرسة التوراتية، إنني أدرك عمق الإحباط النابع من الفجوة بين التوقعات وإثبات التوراة كمصدر تاريخي وبين الوقائع المكتشفة على الأرض. (4)
ويخلص العالم زئيف هرتسوغ إلى أن التوراة “اختُلق” في أيام النفي البابلي، ذلك أن الحفريات في فلسطين لم تكتشف أي شهادة يمكن أن تؤكد هذا التسلسل التاريخي. بل إن الاكتشافات الكثيرة تقوض المصداقية التاريخية للوصف التوراتي. (5)
فيما يقول المؤرخ شلومو ساند في كتابه “اختراع الشعب اليهودي” كيف فبركت الحركة الصهيونية تاريخًا مزيفًا لليهود مبنيًا على فكرة الشعب اليهودي. ويضيف ساند أنه بيّن أن هذه فكرة خاطئة ومجرّد خرافة، استعملت من أجل تبرير الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مسار الإعداد لمشروعها احتلال فلسطين لجأت الحركة الصهيونية لاختراع أسطورتها القومية، بل واختراع الشعب نفسه تحت اسم “الشعب اليهودي”، وأضيفت إليه “الدولة اليهودية”. إلى جانب ذلك، لاحظ أن هذه القومية “اليهودية”، التي وُلدت في شرقي أوروبا “المتخلّف” قياسًا لغربيّ أوروبا، كان “نجاحها” مشروطًا بمساندة “الأغيار”، فظلَّت الصهيونية ما بين العام 1897؛ منذ تاريخ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول، وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، تيارًا هزيلًا للغاية في صفوف الجاليات اليهودية في العالم. فلجأت إلى تحويل فلسطين إلى وطن قومي لكل يهود العالم. واستدعت الميثة التاريخية لتبني أيديولوجية “علمية” ملائمة؛ “فالوعد الإلهي لم يعد كافيًا لدعاة القومية العلمانيين. وإذا كان العدل لا يكمن في الميتافيزيقا الدينية، فعليه أن يكون مخبوءًا في البيولوجيا”. وقد قال فيلسوفهم بيرنباوم: “ليست اللغة أو الثقافة هي التي يمكن أن تفسِّر نشوء القوميات، وإنما فقط البيولوجيا”. وأكد ماكس نورداو، رجل هرتزل المخلص، على الأمر نفسه، إذ قال “إن اليهود يشكلون بوضوح، شعبًا ذا أصل بيولوجي متجانس…تشده رابطة الدم”. وأصبح العرق والأعراق النقية لدى جابوتنسكي، مصطلحين علميين. وقد استهدفت تلك البيولوجيا اليهودية تشجيع نزعة الانعزال عن الآخرين، بغية الحفاظ على الهوية القديمة، وللتطهير العرقي لاحقًا. وهذا التفسير يصبح مقبولًا عند حديث ساند عن طرد الفلسطينيين أثناء حرب 1948.
ويخلص المؤرخ شلومو ساند إلى القول إن اليهودية ديانة وليست قومية، واليهود لا يشكلون أمة واحدة وشعبا عالميا واحدا، ولا يشكلون مجموعة عرقية نقية، ولا وجود لعرق يهودي نقي على الإطلاق، وإنما هم من أجناس وأمم شتى شأنهم في ذلك كما أثبت علم السلالات شأن المسلمين والكاثوليك والبروتستانت. (6)
ليكون بعد كل ذلك ما هي علاقة يهود المغرب بفلسطين التي هس أرض كتعانية باعتراف إيراهيم الخليل، ثم ما هي علاقة أمازيغ المغرب( المواطنون الأصليون) حتى لو كانوا يهودا بفلسطين.. ؟ أليست هذه هي الخرافة.


الهوامش
1- نبيل عودة، أساطير التوراة تسقط، https://www.sotaliraq.com/

2- المصدر السابق
3- المصدر السابق
4- أنس أبو عريش -غرض وتحليل كتاب “اختراع أرض إسرائيل” لشلومو ساند انقلاب على الأساطير التي اختلقتها الصهيونية، 25 /4/2017، https://www.madarcenter.org/
5- مصدر سبق ذكره
6- شمس الدين الكيلاني، ثلاثية شلومو ساند: في حال إسرائيل: التاريخ والمصير، 16/10/2020، https://www.arab48.com/

الفص الأول
اليهود المغاربة.. وتفكيك خرافة أرض الميعاد
عندما يقول اليهود المغاربة إنه يجب أن تقوم دولتهم في فلسطين، لأنها أرض الميعاد، وأنها حق لليهود وحدهم، فإن هذا القول هو مجرد خرافة لا أساس لها، وليس نحن من يقول ذلك، ولكن من يقوله هم مؤرخون وعلماء آثار يهود إسرائيليون.
ومن ثم هل يستقيم من بعد الحديث عن كيان يهودي نشأ في فلسطين منذ ألفي عام لمجموعات بشرية غازية من الرحل لم تعمر طويلا حقوقا قانونية وتاريخية، في ظل وجود أهل البلاد الدائم والمستمر؟ ولماذا إذا وَصَّف النبي إبراهيم الخليل أن واقع وجود تلك القبائل في فلسطين، بأنهم أغراب والبلاد التي تواجدوا بها وقتئذ بأنها دار غربة وليست دار استقرار؟ كما جاء في التوراة .
يقول “إبراهيم لعبده لمّا شاخ وكبر سنه: “لا تأخذ زوجة لابني من بنات كنعان الذين أنا ساكن في أرضهم، بل إلى أرضي، وإلى عشيرتي تذهب”.(1) ذلك أن إبراهيم الخليل وعشيرته وفق التوراة يقيمون ولا يملكون، فهم أغراب وسط الكنعانيين أصحاب البلاد الأصليين وفي النص: “ظهر الرب (أي لإبراهيم) وقال له: إنّ نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم”. (2)
وهذا يدحض مزاعم التوراة أن فلسطين محل وعد إلهي لنسل إبراهيم. مع أن النبي إبراهيم، كان قد كيّف وجوده بعد ذلك الوعد المزعوم في أرض الكنعانيين بـ”الوجود المؤقت” فهو في أرض “غُربة”.
وإذا ما تركنا التوراة جانبا وذهبنا إلى ما تقوله الحقائق على الأرض التي وصفها العلماء بأنها صادمة لمعتنقي التوراة ،لأنها تهدم كل الأسس التي روجت لها التوراة عن الوجود اليهودي في فلسطين ، ونزع الغلاف الديني عن مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين.
إن الزعم الصهيوني بأن فلسطين هي جزء من أرض الميعاد من الحدود التوراتية التي منحها يهوه لنسل إبراهيم ( 3) هي ابتداع خيال يهودي أكدت خطله الحقائق العملية.
وهو زعم تأسس على الخرافة، بناء على الحقائق العلمية التي أثبتها مؤرخون وعلماء آثار يهود. تلك الحقائق التي تتفق والمنطق الذي يقول بأنه لا يمكن تصور أن إلها عادلا ومنصفا، كون العدل والإنصاف من صفاته، يمكن أن يقدم على سلوك ليس من صفاته بأن ينزع أرض الفلسطينيين ويمنحها لمجموعة بشرية أخرى.
والمفارقة هنا أن كل هذا الكذب والتزييف ينسب إلى إله اليهود، وإذا كان الكذب هو حالة إنسانية، فهل يمكن للإله أن يكذب؟! ويبدو أن من كتبوا التوراة بعد قرون من النفي إلى بابل قد تعمدوا كذبا أن يضفوا على كتابهم صفة ربانية، ومع ذلك أصرت الصهيونية المسيحية والحركة الصهيونية. على الترويج للتوراة باعتباره كتاب تاريخ أيضا، يستند إلى وعد وإرادة إلهية، وعلى ضوء تلك الخرافة جرى التعامل مع التوراة كأساس فكري لإقامة الكيان الصهيوني بجعله من مجرد كتاب ديني إلى برنامج عمل ومصدرا للتاريخ للادعاء بالحق التاريخي في فلسطين، فكان أن وجدت الحركة الصهيونية في هذا الكتاب الديني الأساس الفكري الأهم لإقامة الدولة اليهودية. ولذلك جرت عملية فكرية واسعة لتعميق مفاهيم هذا الكتاب في الذهن الصهيوني، وتحويله من مجرد كتاب ديني إلى برنامج عمل، بعد أن كان المتدينون اليهود وطوال قرون يركزون على التلمود الذي يحوي التشريعات والشرائع الدينية ويخلو تقريبا من الأبعاد التاريخية.
واعتبر الجمهور اليهودي، بغالبيته الساحقة، معطيات هذا الكتاب حقائق تاريخية غير مشكوك فيها، لدرجة أنهم اعتبروا الباحثين الانتقاديين مجرد معادين للسامية.(4)
في حين كتب الفيلسوف باروخ سبينوزا في القرن السابع عشر أن من، “الواضح كالشمس في عز الظهيرة أن خمسة أخماس التوراة لم تكتب على أيدي موسى، وإنما بيد شخص عاش بعده بسنوات كثيرة”. (5)
ورأى عالم الآثار اليهودي زئيف هرتسوغ“ أن سكان العالم سيُذهلون، وليس فقط مواطنو إسرائيل والشعب اليهودي، عند سماع الحقائق التي باتت معروفة لعلماء الآثار الذين يتولون الحفريات منذ مدة من الزمن. فبعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن “إسرائيل القديمة” في فلسطين، توصل علماء الآثار إلى نتيجة مخيفة، وهي أنه لم يكن هناك أي شيء على الإطلاق يدل علي وجود اليهود في فلسطين، وحكايات الآباء التوراتية هي مجرد أساطير. لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لإمبراطورية داود وسليمان. إن المكتشفات الأثرية أظهرت بطلان ما تضمنته النصوص التوراتية حول وجود مملكة متحدة يهودية بين داوود وسليمان في فلسطين (6) “بل إن هرتسوغ جزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية. (7)
ونسف باحثان يهوديان هما بروفسور يسرائيل فنكلشتاين من قسم علم الآثار بجامعة تل أبيب، ونيل سيلبرمان عالم آثار أمريكي يهودي في كتاب بعنوان بدايات إسرائيل (ראשיתישראל)، قصص التوراة الأساسية مثل الخروج من سيناء وعجائب موسى ورحلة احتلال يشوع بن نون لأرض الميعاد إذ تبين مثلا أنها آثار هكسوسية وليست يهودية، بل ذهبوا إلى القول إنه على الأغلب الملك سليمان وداوود هما أسطورتان، مؤكدين أنه لا علاقة بين التوراة وأرض إسرائيل. (8)
وذكر عالم الآثار ميشيل هوبينك أنّ علم الآثار في إسرائيل هو علم مشحون بالتوقعات، ومنذ القرن التاسع عشر، يجري التنقيب في الأرض للعثور على أدلّةٍ ملموسةٍ حول تاريخ الشعب اليهوديّ كما جاء في التوراة، لكن، بعد مرور قرن، لم تتوصل الحفائر إلى العثور على ما يؤكّد هذا التاريخ، بل على العكس من ذلك، تشير الدلائل إلى اتجاهٍ مُعاكسٍ.(9)
وتوافِق غالبية علماء الآثار على أنّ معظم قصص التوراة لم تحدث بالفعل، ويجب اعتبارها مجرد أساطير، وحتى عالم إسرائيليّ مثل زئيف هرتسوغ، توصّل إلى قناعة بأنّ البحث عن أشياءٍ لا وجود لها ليس مُجديًا، كما قال.
والسبب الرئيس وراء عدم اقتناع معظم علماء الآثار بالحقيقة التاريخيّة لقصة خروج اليهود من مصر، كما وردت في التوراة، هو الغياب التّام لما يشير إلى وجود بني إسرائيل لدى المصريين القدامى، وتابع أنّ الفراعنة حافظوا على تاريخهم بكل عناية في النقوش والمخطوطات والمراسلات التاريخية، ولكن لا ذكر في تاريخهم أبدًا لمجموعة ضخمة تزيد عن مليوني إسرائيلي، جاء ذكرهم في التوراة، ولا عن رحيلهم المفاجئ، أوْ هزيمة الجيش المصريّ. (10)
ويقول عالم الآثار هرتسوغ وكابن للشعب اليهودي، وكتلميذ للمدرسة التوراتية، فإنني أدرك عمق الإحباط النابع من الفجوة بين التوقعات وإثبات التوراة كمصدر تاريخي وبين الوقائع المكتشفة على الأرض. (11)
وفي ألمانيا شككت مدرسة انتقاد التوراة ابتداء من النصف الثاني للقرن التاسع عشر، في تاريخية القصص التوراتية وادعت أن التوصيف التاريخي التوراتي صيغ، وبقدر كبير “اختلق” في أيام النفي البابلي. وقال الباحثون في التوراة، وخصوصا الألمان منهم، إن تاريخ شعب “إسرائيل” كاستمرار أحداث، بدءا من أيام إبراهيم، وإسحق ويعقوب، مرورا بالهجرة إلى مصر، والاستعباد والخروج من مصر وانتهاء باحتلال البلاد واستيطان أسباط “إسرائيل” – ليست إلا استذكارا متأخرا للماضي، ذا هدف ديني. (12)
بل إن الوثائق المصرية الكثيرة لا تذكر البتة مكوث بني “إسرائيل” في مصر، أو حادث الخروج من مصر، والترحال في الصحراء وجبل سيناء وتذكر هذه الوثائق فعلا العادة المعهودة عند الرعاة الرحل (الذين تسميهم شاسو) بالدخول إلى الأراضي المصرية في أوقات القحط والجوع والاستيطان على هوامش دلتا النيل. ولكن لم يكن هذا حدثا فريدا، فأحداث كهذه تقع كثيرا طوال آلاف السنين ولم تكن ظاهرة استثنائية. ورغم الأبحاث الحثيثة لم يتم اكتشاف ولو موقع واحد يمكن ان يتناسب مع الصورة التوراتية، كما أن قوة التقليد تدفع حاليا أيضا الباحثين إلى “اكتشاف” جبل سيناء في شمال الحجاز في جبل كركوم في النقب، وهذه الأحداث المركزية في التاريخ “الإسرائيلي” لا تحظى بـتأكيد في أي شهادة خارج التوراة، أو في الاكتشافات الأثرية. (13)
وخيبت نتائج فورة حفريات علم الآثار بعد حرب 1967 آمالهم التي لم تتطابق وتخيلات الـ”تناخ”!عندها، اقترح الباحثون التعامل مع قصص الآباء هذه على أنها مجموعة قصصيّة اخترعها باحثون لاهوتيون أكفّاء. وقد قضت الاستنتاجات العلمية لديهم بأنّه “إذا كان ثمة كيان سياسي قام في يهودا في القرن العاشر قبل الميلاد، فإن هذا الكيان هو مملكة قبلية صغيرة، لم يتعدَّ حجم القدس فيها حجم بلدة محصَّنة، ومن المحتمل أن تكون قد تطورت في هذا الكيان الصغير عائلة سُمِّيت آل داوود”. وأنه لم يكن هناك على الإطلاق مملكة موحدة وعظيمة، وأنه لم تكن لدى الملك سليمان قصور فخمة وفسيحة ليُسكِن فيها سبعمائة زوجة” (14) وعلى طريقته في نقض فكرة “الدولة اليهودية”، أقدم المؤرخ شلومو ساند على تقويض فكرة “المنفى وأن الشعب اليهودي أجلي عن بلاده بالقوة، كما يقول شموئيل عغنون إن “الشعب اليهودي أُجلي في أثر خراب الهيكل سنة 70 للميلاد..وفي قلبه أمل..في وطنه القديم” بأن رد ساند قائلا: “الرومانيّون لم يقوموا قط بنفي الشعوب..وهذه السياسة الشاذة لم تطبَّق في الشرق الأوسط”. (15)
وفرّق ساند بين الانتماء لليهودية والإثنية؛ فاليهودية لم تنحصر في إثنية بعينها. فرجع إلى الأناجيل ليلتقط إشارات واسعة إلى عدم ثبات اليهودية في جنس واحد، فيُذكِّر بسفر زكريا، “فتأتي شعوبٌ كثيرة وأمم قوية ليطلبوا ربَّ الجنود في أورشليم، وليترضّوا وجه الرب”؛ (زكريا، الإصحاح الثامن)”. وتحدث عن تهوُّد مملكة الحشمونائيم (القرن الثاني ق.م)، ومملكة حديب في القرن الثاني الميلادي شمال الهلال الخصيب، فكانت مملكة حوديب، هي الكيان السياسي اليهودي الأول خارج يهودا ولم تكن الأخيرة. واستوطن اليهود في الحجاز؛ في تهامة ويثرب وخيبر، وكان التبشير باليهودية في اليمن قد ساهم في القرون الأولى للميلاد بانتشار التهويد في اليمن “مملكة حمير”، ويأتي بمثال تهويد أهل مملكة الخزر، ما بين القرنين السادس والحادي عشر، بين جورجيا ونهر الفولغا، الذين ذكرهم الرحالة ابن فضلان والجغرافي الإطخري والمؤرخ المسعودي. لهذا سعى الصهاينة إلى طمس الخزر من ذاكرة التاريخ، وسجلت أفريقيا الشمالية إحدى نجاحات التهويد. ولم يبدأ التهويد بالتراجع، إلَّا مع بدء التضييق على اليهودية، وذلك بعد وصول المسيحية للسلطة مع الإمبراطور قسطنطين (ت272)، في القرن الرابع. فكانت اليهودية عابرة للأمم ولم تخصّ قومًا بحدِّ ذاته.
وعمل ساند على تفكيك الأسطورة الصهيونية عن شجرة أنساب اليهود المتسلسل لـ”الشعب اليهودي”، واتهمه نقاده الصهاينة بأنه حاول فصم علاقة اليهود بـ”أرض الأجداد” وجرّدهم من حقهم التاريخي، فرد عليهم بالقول إنه “لم يكن يتصور أن يكون هناك في مطلع القرن 21، من يُبرِّر إقامة دولة إسرائيل بالادعاء أنّها ’أرض الأجداد’”.
وشرح ساند موضوع كتابه بالقول: حاولت أن أشرح في كتابي “اختراع الشعب اليهودي” كيف فبركت الحركة الصهيونية تاريخًا مزيفًا لليهود مبنيًا على فكرة الشعب اليهودي. وبيّنتُ أن هذه فكرة خاطئة ومجرّد خرافة، تمّ استعمالها من أجل تبرير الاحتلال الإسرائيلي، فالشعب بالمعنى الأنثروبولوجي والسوسيولوجي- الاجتماعي، هو مصطلحٌ يُطلق على مجموعة بشرية تجمعها ثقافة مشتركة مثل؛ اللغة والأدب والموسيقى وما إلى ذلك من الشروط الثقافية الأخرى. وهذا ما لا ينطبق على الشعب اليهودي الذي اخترعته الحركة الصهيونية”. (16)


الهوامش
1- أ.د.عدنان عياش، دحض ادعاءات اليهود بأحقيتهم في أرض فلسطين، https://jilrc.com/\
2- المصدر السابق.
3- غازي حسين، المشروع الصهيوني إلى أين !، 9/8/2014، ttps://kanaanonline.org
4- البروفيسور زئيف هرتسوغ ، علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي “الإسرائيلي” هآرتس 28/11/1999، //www.facebook.com
5- نبيل عودة، أساطير التوراة تسقط، https://www.sotaliraq.com/
6- المصدر السابق.
7- البروفيسور زئيف هرتسوغ ،مصدر سبق ذكره.
8- المصدر السابق
9- نبيل عودة، مصدر سبق ذكره.
نبيل عودة، المصدر السابق. 10-
11- نبيل عودة، المصدر السابق.
12- زهير أندراوس، عالم آثار إسرائيليٍّ ينفي قصة خروج اليهود بقيادة النبي موسى من مصر، https://www.raialyoum.com
13- المصدر السابق
14- المصدر السابق
15- شمس الدين الكيلاني، ثلاثية شلومو ساند: في حال إسرائيل: التاريخ والمصير، 16/10/2020، https://www.arab48.com/
16- أنس أبو عريش، عرض وتحليل كتاب “اختراع أرض إسرائيل” لشلومو ساند انقلاب على الأساطير التي اختلقتها الصهيونية، 25 /4/2017، https://www.madarcenter.org/

الفصل الثاني
الحركة الصهيونية ويهود المغرب
الاستعمار والمؤسسة الملكية في خدمة المشروع الصهيوني
الالتحاق بالمشروع الصهيوني.. خيار كولنيالي

الفصل الثاني
الحركة الصهيونية ويهود المغرب
لم تكن الحركة الصهيونية بحاجة لأي جهد لإقناع يهود المغرب بالهجرة ضمن المشروع الكولنيالي للحركة إلى فلسطين، خلافا لليهود الأرثوذكس “الحريديم” الذين يؤمنون بأن إقامة مملكة الرب في فلسطين هي صناعة إلهية على يد “المخلص” فقط، ومن ثم فإن أي محاولة لإقامة الدولة بالفعل البشري تعتبر كفراً لا يمكن التعامل معه،(1)
ومن ثم فإن سلوك اليهود المغاربة يكشف أنهم كانوا صهاينة قبل أن يكونوا متدينين ، ذلك أن الأوساط الشعبية اليهودية في أوروبا كانت تعتبر أن العودة لفلسطين أمر رباني يشترط ظهور المخلص (المشياح)، ولذلك دلس الحاخامات عليهم بأن أوهموهم أن قيام الدولة وقوتها بالفعل البشري حتى من غير المتدينين (العلمانيين) يساعدان “المخلص” “يهوه” في إقامة دولة اليهود الربانية، مدعين أن هؤلاء الصهاينة العلمانيين هم أداة الربّ لتحقيق الخلاص وتقريب مجيء “المخلص” من خلال تجديد الاستيطان في “أرض إسرائيل”، وأن أفعال هؤلاء العلمانيين موجّهة من الرب، رغم عدم معرفتهم بذلك.(2)
ويمكن ربط هذا الاندفاع اليهودي المغربي نحو الهجرة إلى فلسطين؛ وهم يعلمون أنها عامرة بأهلها، بنزعة اليهود الانفصال عن الدولة المغربية، ومثال ذلك، حالة يهود فاس التي عرض محمد كنبيب هذه الواقعة في رسالته الجامعية عن المحميين، معتبرا إياها إحدى المحاولات الأكثر جرأة ووقاحة لتأكيد استقلالية “الإسرائيليين”، وأوردها العلامة محمد المنوني في كتابه عن المصادر العربية لتاريخ المغرب تحت عنوان “تجاوز يهود فاس لتبعيتهم المغربية”.(3)
وكذلك نزعة الطغيان الذي اتسم به سلوك المستفيدين من اليهود من نظام الحماية القنصلية وهو نظام يتيح للمستفيد منه عدم الخضوع لقوانين دولته الأصلية، وقد شكل الخطوة الأولى للتغلغل الاستعماري في المغرب(4).
وهذا يؤسس نظريا على الأقل إلى أن هذا النزوع قد تضخم مع ظهور الحركة الصهيونية عام 1897، التي وجدت في يهود المغرب التجسيد السياسي لأفكار الحركة الصهيونية الذي أدى لوجود أرضية فكرية وسط اليهودية المغربية ذات قابلية لاستيعاب الأطروحات الصهيونية وإعادة استنباتها في الداخل إلى تبلور نشاط تنظيمي متصاعد للصهيونية المغربية، فمنذ بداية القرن العشرين توالى تشكيل الخلايا الصهيونية في المدن المغربية. ونشطت حركة جمع التبرعات المالية لصالح اليهود المهاجرين بفلسطين، كما تغلغلت الدعاية الصهيونية وسط التجمعات (5) اليهودية.
والملفت للنظر أن النشاط الصهيوني قد تسرب ليهود المغرب منذ عام 1893 مع قدوم الدكتور زيميغ سبيفاكوف (صهيوني روسي) إلى المغرب أي قبل الإعلان رسميا عن ميلاد الحركة الصهيونية في بازل 1897، إلى أن بُدء في تأسيس خلايا صهيونية محلية عام 1900(6).
وبهذا المعنى لم يكن يهود المغرب بعيدين عن سهام الحركة الصهيونية العالمية، بل كانوا على العكس من ذلك من الأولويات منذ نشوء الحركة، فخلال المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في سويسرا سنة 1897، تحدث تيودور هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية عن 150 ألف يهودي في المغرب، يعيشون في الفقر والتهميش في المغرب، حسب زعمه، وخلال المؤتمر الرابع وعد هرتزل بتوسيع الدعاية الصهيونية في آسيا وشمال أفريقيا، وقرر إرسال عضو من المنظمة إلى المغرب، لأن يهود المغرب – حسب هرتزل – هم من أكثر الشعوب القادرة على التأقلم السريع مع أسلوب الحياة في الأراضي المقدسة، وخلال المؤتمر الخامس أعلنت المنظمة عن وجود تجمعات صهيونية بكل من فاس وطنجة وتطوان والصويرة ومراكش، هذه التجمعات أرسلت رسائل تأييد للمؤتمر من بلاد المغرب(7).
وبعد المؤتمر الصهيوني الرابع الذي فيه وعد تيودور هرتزل ببذل الجهد لنشر الدعاية الصهيونية في أفريقيا وآسيا، ففي عام 1900 أنشأ ديفد بوحبوط (يهودي مغربي) تنظيم “أبواب صهيون” بالصويرة، وفي نفس الفترة أسس تنظيم “عودة إلى صهيون” بتطوان على يد الصهيوني الروسي ي. بارليافسكي، وتوالى في نفس العام إنشاء خلايا صهيونية بكل من طنجة ومراكش، وأعلن في المؤتمر الصهيوني الخامس عام 1901 عن حصيلة إنشاء التجمعات والخلايا الصهيونية بالمغرب.
وانخرط في عملية التأسيس للخلايا الصهيونية عدد من الأحبار البارزين وسط اليهود المغاربة مثل رفائيل أبنسور، ومورد خاي سيرينو شلومو بن دكان، وفيدال سرفاتي، كما أعلن حاخام مكناس يشوع بردوكو عن تأسيس حزب صهيون وذلك في المركزية الصهيونية المنعقدة بكلوني، وقد احتل هذا الحاخام منصب الحاخام الأكبر للمغرب في الأربعينات(8).
وكان لصدور وعد بلفور وقرارات مؤتمر سان ريمو أن أوجدت مناخا محفزا عند اليهود المغاربة، فتكاثرت عمليات إنشاء الخلايا الصهيونية في المدن وارتفعت عمليات شراء الشيكل، كما برزت الاستعدادات الميدانية للهجرة والتي انطلقت فعليا في 1919″.
ونظرا لمعارضة الإقامة العامة الفرنسية للنشاط الصهيوني بالمغرب بدأ فرع المنظمة الصهيونية بلندن يعمل على إعادة تنظيم العمل الصهيوني بالمغرب، من بينهم الصهيوني المالح في 1923 والصهيوني هالبرن في 1925. إلا أن الانعطاف الكبير في النشاط الصهيوني بالمغرب حصل مع استقالة المقيم العام الجنرال ليوطي في سبتمبر1925 ومجيء مقيم عام جديد ثيودور سنيغ الذي كان لا يشاطر مواقف المقيم السابق تجاه الحركة الصهيونية.(9)
وتزامن ذلك مع قدوم تاجر بولوني ج. تورز كممثل عن المنظمة الصهيونية العالمية للإشراف على تنظيم العمل بشكل مركزي في 1924، وأثمرت جهوده في 1926 إصدار جريدة صهيونية محلية سميت بـL` avenir Illustré (المستقبل المصور) يوم 22 يوليو 1926 شكلت الذراع الإعلامي للنشاط الصهيوني المغربي. كما أعلن رسميا في مايو 1926 عن الاتحادية الصهيونية بفرنسا – فرع المغرب ورأس اللجنة التنفيذية للفرع س. ليفي، واشتغل ش. أوحنا ككاتب وج. بنزيراف كخازن.(10)
وبدءا من عام 1926 أخذت حملات جمع التبرعات تتم بشكل علني، ونشطت جريدة “المستقبل المصور” في الدعاية للمؤسسات المالية الصهيونية خصوصا الصندوق القومي اليهودي الذي افتتح فرعا بمدينة الدار البيضاء، حيث كانت تنشر دعوته لليهود المغاربة من أجل المساهمة في الاكتتابات التي كان يفتحها بمختلف المناسبات اليهودية أو الصهيونية.
ومع أن الظهور إلى العلنية في النشاط الصهيوني بالمغرب بدأ منذ 1926 فإن البروز الكبير حصل مع أحداث ثورة البراق الشريف عام 1929، بأن كشف اليهود المغاربة عن صهيونيوتهم بانخراطهم القوي في دعم المشروع الصهيوني، ولهذا أسماها روبير أصراف الصهيوني المغربي “بالصدع الأول”. وأورد محمد كنبيب مراسلة لوزارة الخارجية الفرنسية مؤرخة في 3 مارس/ آذار 1929 تعرض خبرا عن اجتماع اليهود في البيعة الكبرى بالرباط للاستماع إلى قراءة البرقيات الموجهة من طرف الحاخام الأكبر إلى رئيس الجماعة اليهودية بمكناس، كما تم افتتاح الاكتتاب لصالح أحداث فلسطين، كما أن سلطات الحماية الاستعمارية رخصت للمواطنين اليهود بتنظيم عملية جمع الإعانات بشرط أن يوجه ريعها بالكامل إلى إخوانهم بالقدس، وبلغت التبرعات 120 ألف فرنك فرنسي.
وللإشارة فقد كان لذلك انعكاسه على المغاربة المسلمين، حيث نهض بعض الشباب الوطنيين للمطالبة بالحق في التعبير عن التضامن مع المسلمين ضحايا أحداث القدس الشريف، معتبرين أن ما حصل في الملاحات من عمليات لجمع التبرعات سابقة وهو ما شكل إرهاصا لبروز التناقض اليهودي-الإسلامي بالمغرب إزاء عملية الاغتصاب الصهيوني لفلسطين. إلا أنه سرعان ما خفت بسبب انشغال الحركة الوطنية بالنضال ضد الاستعمار.(11)
وعلى صعيد مواز بدأ اليهود المغاربة يتابعون أشغال المؤتمرات الصهيونية العالمية منذ 1921 إذ أرسل المغرب مندوبا إلى المؤتمر الثاني عشر، إلا أن مشاركة اليهود المغاربة كانت سلبية بالنظر إلى أن المناقشات داخل المؤتمرات كانت تتم باللغة اليديشية (لغة يهود أوروبا الوسطى) التي كانت مجهولة من طرف اليهود المغاربة. (12)
وفي يونيو 1946 عقد المؤتمر الجهوي الفيدرالي للصهيونية في المغرب بالدار البيضاء وشارك فيه 50 عضوًا، من أجل «دعم الهدف السامي للحركة الصهيونية الذي هو تحرير الشعب اليهودي وإقامة دولة يهودية ديمقراطية على أرض إسرائيل»، وكان ذلك أول إعلان صريح عن انشقاق غالبية اليهود المغاربة عن البلد الذي عاشوا فيه لأكثر من 2000 سنة.(13)
ومع مجيء الحرب العالمية الثانية وصدور قوانين فيشي النازية للتمييز ضد اليهود تراجع تأثير الرابطة الإسرائيلية العالمية وأخذت قوة الحركة الصهيونية داخل اليهود المغاربة تقوى بحيث تمكنوا من “احتكار تمثيلية يهود المغرب في المؤتمر اليهودي العالمي بأتلانتك ستي في أميركا نوفمبر/ تشرين الثاني 1944، ضمن جدول أعمال المؤتمر المطالبة برفع القيود الإنجليزية التي تحد من الهجرة نحو فلسطين وتنشيط مساعي تأسيس دولة يهودية, ومما ساعدهم على احتكار تمثيلية المغرب هو تحكمهم في عملية توزيع الإعانات الخارجية الموجهة لسكان الملاحات. وقد مثل يهود المغرب في المؤتمر كل من س.د. ليفي وبروسبير كوهين وموشي مارسيانو والتحق بهما في أميركا يهوديان من أصل طنجاوي ومستقران بنيويورك وهما حاييم توليدانو وجاك بنتو، وكونوا لجنة أميركية ليهود المغرب. وقد انتخب س. ليفي كنائب لرئيس اللجنة السياسية للمؤتمر وركز تدخلاته على شعار “بنو إسرائيل في أرض إسرائيل” وعلى الأهمية الحيوية التي أصبحت تكتسيها الجماعات اليهودية بالمغرب بعد إبادة خمسة ملايين يهودي في أوروبا، وركز على ضرورة المساعدات المادية التي لعبت دورا في ازدياد تقبل جماهير اليهود للبرنامج الصهيوني، وظهر آنذاك الدور الأميركي في دعم الصهيونية المغربية. (14)


الهوامش
1- د.أمين محمود، الصهيونية الدينيةـ 1/9/2020، ttps://www.ammonnews.net/
2- د.أمين محمود، المصدر السابق.
3- مصطفى الخلفي، يهود المغرب والتعايش اليهودي العربي، 22/12/2004، ttps://www.aljazeera.net
4- مصطفى الخلفي، المصجر السابق.
5- مصطفى الخلفي، المصدر السابق.
6- مصطفى الخلفي، المصدر السابق.
7- المهدي الزايداوي، فهود السافارديم: كيف أفرغت الصهيونية المغرب من يَهودِه؟ 23/05/2021، https://www.ida2at.com
8- مصطفى الخلفي، مصدر سبق ذكره.
9- مصطفى الخلفي، المصدر السابق.
10- مصطفى الخلفي، المصدر السابق.
11- مصطفى الخلفي، المصدر السابق.
13- مصطفى الخلفي، المصدر السابق.
13- المهدي الزايداوي، فهود السافارديم: كيف أفرغت الصهيونية المغرب من يَهودِه؟ 23/05/2021، https://www.ida2at.com
14- مصطفى الخلفي، مصدر سبق ذكره.

الفصل الثاني
الاستعمار والمؤسسة الملكية في خدمة المشروع الصهيوني

لما كانت الدول الاستعمارية الغربية جزءا من المؤامرة التي استهدفت فلسطين، فإن وكانت بداية تلك المؤامرة عندما دعا امبراطور فرنسا نابليون بونابرت في 20/4/1799، اليهود للالتحاق بجيشه من أجل دخول القدس ضمن الحملة الفرنسية نحو الشرق، وأذا كان ذلك يبدو مفهوما من دول استعمارية مسيحية ، فإن السؤال هو: لم يمارس المغرب العربي الإسلامي دور أن يكونوا صهاينة عبر حكامهم؟
ولا نخال أننا قد نجانب الصواب عندما نوصف كل من ساهم في جريمة تهجير اليهود المغاربة إلى فلسطين بأنه صهيوني، ذلك أن تعريف الصهيوني ينطبق على المسيحي واليهودي والمسلم أيا كان مذهبه، ذلك أن الصهيونية تعرف بأنها: مجموعة من المعتقدات التي تهدف إلى تحقيق برنامج بازل الذي وضع في عام 1897م تحقيقاً عملياً وعلي ذلك فالصهيونيون هم أولئك الذين يعدون الطائفة المعروفة باسم اليهود شعبا قوميا مستقلا ينبغي إعادة توطينه في كيان سياسي مستقل في فلسطين، لكي يقيم فيها دولة قومية خاصة باليهود وحدهم (الدولة اليهودية) تحت ثوابت ثلاث لا اختلاف عليها وهى:
أ. إن اليهود هم شعب الله المختار !
ب. إن الله وعد اليهود وملكهم أرض الميعاد، أرض كنعان من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات .
ج. إن ظهور الماشيح مرتبط بقيام صهيون (يسرائيل) وبتجميع اليهود من شتاتهم بأنحاء العالم في أرض الميعاد (أرض يسرائيل) حتى يتحقق ظهوره (1). وبهذا المعنى تجلت صهيونية حكام المغرب بذلك الدور المتآمر المستمر حتى الآن، عبر التآمر على فلسطين الشعب والأرض والمقدسات.. من خلال دوره في تهجير اليهود المغاربة في فلسطين وعلاقته الآن مع الكيان الغاصب المجرم.

وكانت الحركة الصهيونية في المغرب قد انتعش دورها منذ عهد الحماية، خصوصًا مع الحكومة الفرنسية الثالثة التي عملت على ترجمة وعد بلفور منذ سنة 1918، فسمحت للمنظمات الصهيونية وعبر شبكاتها من التوغل في المغرب والقيام بالدعاية للمشروع الصهيوني، وكان من نتائج ذلك هو تأسيس مجموعة مدارس عبرية في كل من تطوان و طنجة، تحت إشراف الوكالة الدولية للطائفة اليهودية، وخلال ثلاثة عقود استطاعت هذه المدارس ومن دعم الحماية الفرنسية من تشكيل نخب اقتصادية وسياسية وعسكرية، وانطلقت عملية سريعة من تهجير اليهود المغاربة إلى فلسطين، التي عرفت بعض الفتور خلال الحرب العالمية الثانية ،نتيجة تطبيق قوانين العزل والاضطهاد النازية في عهد حكومة فيشي.(2)

ويسجل أن هجرة اليهود المغاربة وتهريبهم إلى فلسطين حدثت على ثلاث مراحل، الأولى قبل استقلال المغرب وكانت علنية بموافقة السلطات الفرنسية، والثانية بعد الاستقلال وكانت سرية، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فقد بدأت صيف عام 1961 واستمرت 4 سنوات وتمت بشكل منتظم. وهي العملية التي حملت اسم “ياخين”، وهي مفردة مأخوذة من التوراة وتعني أحد الاعمدة الذي يستند عليه الهيكل.(3)
ذلك أن النظام المغربي منذ تشكل سنة 1956، لم يتوانَ عن تسهيل وتشجيع هجرة اليهود المغاربة نحو فلسطين المحتلة؛ منسجمًا مع الدور الذي كانت تقوم به السلطات الاستعمارية إبان الحماية .(4)
ويمكن ملاحظة أنه بعد وفاة محمد الخامس، وتسلم خلفه ابنه الحسن الثاني مقاليد السلطة؛ ختى بدأت مرحلة جديدة من هجرة المغاربة اليهود عبر “صفقة” بين الأمريكيين والفرنسيين والإسرائيليين من جهة، والمغرب من جهة ثانية.(5)
ذلك أن الحسن الثاني لم يضيع وقتاً. وما بين 1961 و1964 بدأ العمل مع “إسرائيل” سراً، فساعدها على تهجير ونقل 100 ألف من اليهود المغاربة – عبر أوروبا – بعد أن عقد صفقة مع الموساد الإسرائيلي يتقاضى بموجبها مبلغاً يراوح بين 50 و100 دولار أميركي نظير كل يهودي مهاجر. وفي المقابل قدّم الموساد للملك والجيش والأمن المغربي خدمات استخبارية وأمنية مهمة.(6)
وقد بلغ مجموع اليهود المغاربة الذين شملتهم عمليات التهجير منذ “الاستقلال” (210900) نسمة، وهو العدد الذي يفوق عدد المهاجرين من أي بلد، بما في ذلك الاتحاد السوفياتي سابقًا (197100)، وبذلك حققت الحركة الصهيونية أكبر نجاحاتها في هذا المجال، هذا فضلًا عن التعامل مع الاتحاد الإسرائيلي، وبالتحديد مع الفرع الذي أسسه في المغرب؛ تحت اسم (اتحاد المغرب) وإخضاع تعليم اليهود المغاربة للإيديولوجية الصهيونية والعمل على التشبع بها كمرحلة أولى قبل تجنيدهم لخدمة المشروع الصهيوني، كما بدا جليًا احتلال النخبة الاقتصادية منذ جلاء الاستعمار، لأدوار طلائعية في تسيير الأملاك التي تركها المعمرون وشركاتهم، وسيطرتها على التجارة الخارجية، كما نشط الرأسمال “اليهودي” في استثمار خيرات البلاد وتزويد الصهيونية بكل ما تحتاج إليه من موارد.(7)
فيما هُرب عام 1967، عقب الحرب العربية الإسرائيلية، نحو 30 ألفاً من يهود المغرب إلى “إسرائيل”، بذريعة الخوف والخشية من الانتقام العربي. وفي السبعينيات والثمانينيات استمرت هجرة اليهود، ولكن بوتيرة بطيئة، وعلى أساس فرديّ. وحالياً، فإن أكثر التقديرات تفيد بأنه لم يبقَ من يهود المغرب سوى نحو خمسة آلاف.(8)
وكمثال على عمل الأجهزة الصهيونية في المفرب أن وصل في نهاية عام ، 1960 إلى المغرب أليكس غاتمان، وهو ضابط استقال من سلاح وكان قد الجو الإسرائيلي وتم تعينه ممثلاً لـ “الموساد” في المملكة. وانتحل غاتمان صفة مدير معمل لصنع الخشب، وكنت ترافقه زوجته ويحملان جوازي سفر بلجيكيين. وقد استقر العميل في مدينة الدار البيضاء تحت اسم “آرمون”، وبدأ ينشط لتهريب اليهود إلى إسرائيل.(9)
بعد عودته من إحدى رحلات التهريب، قال غاتمان لزوجته:” لا يمكن إكمال المشوار على هذا النحو، اذ لا نستطيع في كل مرة تهريب عشرات أو مئات فحسب، علينا تغيير طريقة عملنا”(10). فبدأ بدأ بإجراء الاتصالات ببعض ذوي التأثير داخل الحكم. وحاولت زوجته التردد على صالونات الحلاقة الراقية لتحتك بالنساء وزوجات الحلقة العليا من المتنفذين وتجمع المعلومات عن ازواجهن.(11)
استطاع غاتمان، بمساعدة ضابط شرطة يهودي ـ فرنسي من أصل مغربي، الاتصال بشخصية مغربية مرموقة واجتمعا في باريس ست مرات. وخلال تلك اللقاءات توصل الاثنان إلى اتفاق بأن يهاجر اليهود المغاربة إلى الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وسويسرا وإيطاليا، لا إلى إسرائيل، على أن تكمل معاملاتهم منظمة يهودية أميركية ولا تتدخل الوكالة اليهودية بذلك. وتم تحديد عدد المهاجرين بـ 50 ألفاً. كما اتفق الاثنان على أن توقف منظمة “النطاق” نشاطها لتهجير اليهود المغاربة سراً.(12)
في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 1961 منح مكتب وزارة الداخلية المغربي أول جواز سفر جماعي وقعه محمد أفقير الذي كان، حينذاك، مديراً للأمن الوطني. وحمل الجواز أسماء 105 اشخاص من الذين سيسافرون إلى خارج المغرب. وكانت مدة صلاحية الجواز سنة واحدة، ويسمح بالسفر به الى جميع الدول ما عدا إسرائيل.(13) في اليوم التالي سافرت المجموعة الأولى من الدار البيضاء إلى مدينة نيس الفرنسية. ومن هنا بدأت عملية “ياخين”.(14) التي قررت “النطاق” أن تسرع في إتمام العملية قبل أن يصدر أي تغيير عن الحكومة المغربية. وكان عدد اليهود الذين ظلوا في المغرب آنذاك 164 ألف شخص، موزعين على 200 مدينة وقرية. وقرر غاتمان أن يجمع اليهود القاطنين في القرى البعيدة، ومن ثم المدن الكبيرة.(15 )
سافر معظم اليهود بواسطة الطائرات أو في السفن. وأقامت شركة الطيران الفرنسية جسراً جوياً من الدار البيضاء الى نيس، حيث كانت طائرات إل ـ عال الإسرائيلية في انتظارهم لنقلهم مباشرة الى إسرائيل وفي 20 حزيران / يونيو 1962 أوقفت الهجرة بسبب استمرار المنظمات اليهودية بتهريب اليهود المغاربة سراً. وكان ذلك بعد يوم واحد من زيارة الرئيس المصري جمال عبد الناصر الى المغرب ولقائه بالملك الحسن الثاني. انتهت عملية “ياخين” في ربيع عام 1964. وكانت منظمة “النطاق” قد نجحت بتهريب نحو من 100 ألف يهودي مغربي.(16)
ويجب التذكير هنا أن الجنسية المغربية لم تسقط عن اليهود الذين هاجروا إلى “إسرائيل”، كما لم تصادر أموالهم ولا ممتلكاتهم في المغرب.(17 )
وهكذا تواطأ النظام العائلي في المغرب ممثلا برأس العائلة الحاكمة ومع سبق إصرار على رفد الكيان الصهيوني المحتل بالمادة البشرية ليساهم في اغتصاب الأرض الفلسطينية، وبمنتهى الوقاحة السياسية والفكرية يباهي النظام الملكي الآن بمهاجري الأمس الذين يعتبرهم جالية مغربية. ليكشف عن صهيونيته وانحيازه لأعداء الشعب الفلسطيني.


الهوامش
1- أشرف بدر، الخلاص، الهيكل، وصعود الصهيونية الدينية( 18-05-2022)، https://alqudscenter.info/articles
2- حسن الصعيب، نشاط الحركة الصهيونية في المغرب: منذ وعد بلفور حتى مجزرة أيلول، 12/12/2020، https://hadfnews.ps/
3- وهيب أبو واصل، عملية “ياخين”:هجرة يهود المغرب السرية إلى إسرائيل،3/1/2021، https://www.mc-doualiya.com/
4- حسن الصعيب، مصدر سبق ذكره.
5- عدنان أبو عامر، يهود المغرب بالمجتمع الإسرائيلي.. الخلفية السياسية وأدوارهم، https://arabi21.com/
6- حسام عبد الكريم، دور الحسن الثاني في هجرة اليهود المغاربة إلى “إسرائيل”، 21/2/2022، https://www.almayadeen.net/
7- حسن الصعيب، نصدر سبق ذكره.
8- حسام عبد الكريم، مصدر سبق ذكره.
9- وهيب أبو واصل، مصدر سبق ذكره.
10- وهيب أبو واصل، المصدر السابق.
11- وهيب أبو واصل، المصدر السابق.
12- وهيب أبو واصل، المصدر السابق.
13- وهيب أبو واصل، المصدر السابق.
14- وهيب أبو واصل، المصدر السابق.
15- وهيب أبو واصل، المصدر السابق.
17- وهيب أبو واصل، المصدر السابق.
18- حسام عبد الكريم، مصدر سبق ذكره.

الفصل الثاني
التحاق يهود المغرب بالمشروع الصهيوني خيار كولنيالي

إن التحاق اليهود المغاربة بمشروع الحركة الصهيونية في فلسطين، هو تبني واعي يتكئ على أيديولوجبا دينية اخترعها اليهود جعلتهم جزءا من ذات إلههم (يهوه) الذي يجب أن تعترف كل البشرية بما يقرره مع أن ذلك مجاف للعقل والمنطق والسوية الإنسانية. وهو ما عمله تيودور هرتزل عندما بعث الحركة الصهيونية في مؤتمر بازل 1897 لبغبف مشروعة الكولنيالي بعلاف ديني ليستغل عواطف المتدينين اليهود.
ولما كانت الصهيونية العالمية كحركةٍ سياسية إيديولوجية وثيقة الصّلة بالمشاريع الاستعمارية المعاصرة، فقد رأت أنّ حُلم إيجادِ وطنٍ قوميّ لليهود في العالم لا يمكن تحقيقه إلاّ بدغدغة العواطف الدينية لليهود لإقناعهم بالهجرة إلى تلك الأرض، ولم تجد إلاّ أسطورةً في التوراة المحرَّفة بأنّ الله وعد بني إسرائيل بأرض الميعاد، وهي فلسطين على لسان سيّدنا إبراهيم عليه السلام. (1)
ولذلك ربط هرتزل أيديولوجياً بين ثلاثة أبعاد لدولته اليهودية: الأول، البعد الاجتماعي من خلال التوجُّه إلى يهود الطبقات الدنيا في السلّم الاجتماعي الأوروبي، والثاني، البعد الديني التوراتي، في محاولة لاستحضار مقولتي «أرض الميعاد» و«شعب الله المختار»، وإظهار أنَّ استعادة إحياء الدولة اليهودية هي مسألة تكليف إلهي، والثالث، البعد القومي على اعتبار أنّ اليهود، على الرغم من توزيعهم في الشتات، هم شعب واحد. فقد جاء في
اليهودية، فقد حسم هرتزل الجدل عندما أعطى الأولوية لفلسطين على الأرجنتين حيث جاء في قوله: «إنّ الأرجنتين من أكثر بلاد العالم خصوبة، وهي تمتد على مساحات شاسعة وفيها عدد قليل من السكان، ومناخها معتدل. وجمهورية الأرجنتين سوف تحصل على مكاسب كبيرة إذا تنازلت لنا عن قطعة من أراضيها.. أما فلسطين فإنها وطننا التاريخي الذي لا تُمحى ذكراه، إنّ اسم فلسطين بحدّ ذاته سيجتذب شعبنا بقوة ذات فعالية رائعة. فإذا منحنا جلالة السلطان فلسطين سنأخذ على عاتقنا بالمقابل، تنظيم مالية تركيا. ومن هناك سوف نشكِّل جزءاً من استحكامات أوروبا في مواجهة آسيا كموقع أمامي للحضارة في مواجهة البربرية. وعلينا – كدولة طبيعية – أن نبقى على اتصال بكل أوروبا التي سيكون من واجبها أن تضمن وجودنا».
في خاتمة كتابه يطلق هرتزل نداءً إلى يهود العالم يخاطبهم بالقول: «فيا إخواننا اليهود هذه هي «أرض الميعاد»! لا أسطورة هي ولا خدعة، وكل إنسان يستطيع أن يختبر حقيقتها بنفسه، لأن كل إنسان سيحمل معه قطعة من أرض الميعاد: بعضها في رأسه، وبعضها بين ذراعيه، وبعضها في ملكيتها المكتسبة».
هكذا وضع هرتزل الأساس الأيديولوجي لدولته اليهودية، وهو أساس مزج بين التوراتي التاريخي من جهة، والقومي العلماني من جهة أخرى. فهو أعار أهمية بالغة للاعتبارات الدينية، إلا أنها اعتبارات لم تخرج عن كونها وسيلة ضرورية للتعبئة والشحن النفسي ليهود العالم من أجل دفعهم تحت توهَّج الحرارة الدينية إلى الهجرة باتجاه فلسطين. وقد أوضح هرتزل هذه الوسيلة عندما أناط وظيفة الهجرة برجال دين أي بحاخامات يهود يتولَّون قيادة المجموعات المهاجرة. إنّ «كلَّ مجموعة سيكون لها حاخامها يسافر مع رعيته. وسوف تتشكَّل المجموعات المحلية في ما بعد تشكيلاً تطوعياً حول حاخاماتها، وسوف يكون لكل مجموعة محليَّة قائدها الروحي». وعن وظيفة هؤلاء الحاخامات أوضحها هرتزل بالقول: «إنّ حاخاماتنا الذين نوجِّه إليهم دعوة خاصة سيكرِّسون طاقاتهم في خدمة فكرتنا، وسيحفزون رعاياهم بالوعظ من فوق منابرهم.. فدعوة كهذه جديرة بأن يتردّد صداها بين جدران المعابد».
هذه الوظيفة الوعظية لمدرسة المعابد هي وظيفة مكيافلية من حيث أنّها وسيلة في خدمة الغاية أو الهدف الأعلى الذي يتمثّل بإقامة الدولة اليهودية وغير الدينية حسب هرتزل نفسه. فالدولة الدينية باتت من الماضي في التاريخ الأوروبي، وباتت ظاهرة أخرى مسيطرة في أوروبا والعالم هي ظاهرة الدولة القومية العلمانية. لذلك يتساءل هرتزل: «هل سننتهي إلى حكومة ثيوقراطية؟»، ويجيب على الفور: «لا بالتأكيد. إن العقيدة تجمعنا والمعرفة تمنحنا الحرية. ولذلك سنمنع أي اتجاهات ثيوقراطية تتصدَّر قيادتنا من جانب الكهنوت. سوف نحصر كهنتنا داخل حدود المعابد، كما سنحصر بالمثل جيشنا داخل حدود معسكراته. ولسوف يتلقَّى جيشنا وكهنتنا منا كل احترام رفيع بقدر ما تستحقه وظيفتهما القيّمة، ولكنهما لا يجب أن يتدخلا في إدارة شؤون الدولة التي تُخلع عليها مكانة سامية، وإلا فسيجلبان علينا صعوبات في الداخل والخارج».(2)
إن نظرة عميقة نحو مشروع بازل تشير إلى البعد الاستعماري الذي يحتويه المشروع، فهو بهذا يتجاوب مع الرؤى الاستعمارية الأوروبية وعلى وجه الخصوص التلاقي الذي سيحدث مع النهج الاستعماري الإنكليزي.
ولم يتطرق المشروع إلى العرب ولو بذكر اسمهم، وهذا التغاضي مقصود كجزء من الفكر الاستعماري الذي يتعامل مع السكان الأصليين على أنهم منحطون حضارياً ولا قيمة لوجودهم على وجه الإطلاق، وهذا ما يمكن رؤيته بوضوح من خلال نص تصريح بلفور الذي تعامل مع السكان الأصليين الفلسطينيين على أنهم طوائف غير يهودية.
وهذا السلوك يشير إلى أن يشير إلى أن المشروع الصهيوني بدأ كجزء من المشروع الاستعماري للهيمنة على الوطن العربي، ذلك أن فكرة تأسيس “إسرائيل” في فلسطين برزت عندما بلغ التنافس بين بريطانيا وفرنسا ذروته للسيطرة على مصر وفلسطين والهند. وكانت حملة نابليون على الشرق واحتلال مصر وندائه عام 1799 لليهود بدعم حملته لإقامة “إسرائيل” في القدس، بعد فشله في احتلال عكا (3)
وقد ترافق ذلك مع صعود نجم محمد علي بصفته تهديداً ‏لقدرة أوروبا‏ الاستعمارية على التوغل في الإمبراطورية العثمانية.وبسبب ذلك المعطى نشأت الحاجة لدى الدول الاستعمارية الأوروبية، وخصوصاً بريطانيا، إلى إيجاد موطئ قدم ثابت في فلسطين باعتبارها رأس حربة في المنطقة. والتقت هذه الحاجة الاستعمارية مع إمكان توظيف أسطورة إحياء دولة يهودية في فلسطين. وهذا جعل البعض يرى أن نشوء الحركة الصهيونية في الأساس جاء كاستمرار للمشروع الاستعماري، وتظهر فيه الصهيونية أيضاً ‏أداة في أيدي القوى الاستعمارية الكبرى(4).

وقد كشف هرتزل حقيقة ذلك المشروع عندما “اعتبر أن الدولة اليهودية الموعودة تمثل ’رأس حربة الثقافة ضد البربرية’ الآسيوية، وكان قادة المشروع الصهيوني كافة، شركاء في الأيديولوجية الأساسية تلك.(5)
وتبنى هرتزل في كتابه «دولة اليهود» خطاب أوروبا القرن التاسع عشر الكولنيالي، الذي يقسم العالم إلى‏ أمم متحضرة وأخرى بربرية، ويضع المشروع الصهيوني بوضوح كجزء من المشروع الأوروبي الحضاري الكولنيالي ويكتب: «بالنسبة إلى أوروبا،‏ سنمثل جزءاً من السد أمام آسيا، سنخدم في الخط الأمامي لندافع عن الحضارة ضد البربرية. وسنبقى كدولة مستقلة متحالفين مع أوروبا‏ التي ستضمن في المقابل وجودنا.»
لكن اللافت هو اندماج اليهود المغاربة الكثيف في المشروع الصهيوني الغربي إلا من استثناءات جد قليلة، في حين أنهم الأكثر معرفة من غيرهم من الصهاينة من شتى بقاع الأرض ، أن فلسطين أرض فلسطينية وبعيش فيها الشعب العربي الفلسطيني مسلمية ومسيخيخة، لكنهم انخرطوا في العمل لصالح المشروع الصهيوني بعدائية مستغربة، بدءا من توفير التغذية البشرية له عبر عمليات الهجرة، وتقديم الدعم المالي، وتشكيل قناة سياسية له تربط بين المغرب والكيان الصهيوني توظف فيها دعوى الولاء المزدوج، ثم الانخراط في خدمة مشروع إسرائيل العظمى اقتصاديا تحت دعوى المنفعة المتبادلة(6)
ويكاد يهود المعرب أن يكونوا من أكثر المجموعات الصهيونية التي جلبتنها الحركة الصهيونية والاستعمار إلى فلسطين استقرارا في حياتهم كونهم كانوا يعيشون كمواطنين مثل غيرهم من مكونات المجتمع المغربي، فلم يتعرّض يهود المغرب لهجمات جماعية أو لمذابح أو لأحداث عنف من أيّ نوع من جانب المغاربة المسلمين، وحتى أشد المصادر الصهيونية تطرّفاً لا يذكر أيّ شيء من ذلك. بل حظي اليهود بعطفٍ خاص من قبل سلاطينها الذين أتاحوا لهم الفرصة للعيش بأمان، والعمل بحرية واطمئنان. وقبل تأسيس “إسرائيل” سنة 1948، كان عدد اليهود في المغرب يزيد على 250 ألفاً، أي نحو 2.5% من السكان، وهو أكبر تجمع لليهود في البلاد العربية على الإطلاق.(7)
ويمكن القول إن اليهود المغاربة قد تنكروا للشعوب العربية الذي احتضنوهم لمئات السنين وابوا إلا أن يكونوا جزءا من مشروع إجلائي استعماري استهدف فلسطين والأمة العربية معاد لها، الذين طالما احتضنوهم وتعاملوا معهم كجزء من نسيج تلك الشعوب بما يخالف تعامل الشعوب الأوروبية وحكوماتها المعادي لمعتنقي الديانة اليهودية.


الهوامش
1- ناصر حمدادوش، الأساطير الدّينية المؤسِّسة لإسرائيل، 13/02/2020، https://www.echoroukonline.com
2- المصدر السابق
3- د. غازي حسين، المشروع الصهيوني إلى أين !، 9/8/2014، https://kanaanonline.org
4- رائف زريق، إسرائيل: خلفية أيديولوجية وتاريخية، 18/6/2020، https://www.palestine-studies.org
5- شمس الدين الكيلاني، ثلاثية شلومو ساند: في حال إسرائيل: التاريخ والمصير، 16/10/2020، https://www.arab48.com/
6- مصطفى الخلفي، يهود المغرب والتعايش اليهودي العربي، 22/12/2004، ttps://www.aljazeera.net/
7- حسام عبد الكريم، دور الحسن الثاني في هجرة اليهود المغاربة إلى “إسرائيل”، 21/2/2022، https://www.almayadeen.net/

الفصل الثالث
اليهود المغاربة مكون أساسي للكيان الصهيوني ( العدد)
ـحزب شاس الديني ممثلهم السياسي
مواقف الحزب والشخصيات الدينية والسياسية من الفلسطينيين

الفصل الثالث
اليهود المغاربة مكون أساسي للكيان الصهيوني

من التبسيط المخل تعامل البعض من مغاربة الكيان الصهيوني، وكأنهم شيء منعزل عن كونه مكونا أسياسيا من مكونات الكيان الغاصب، ويحملون كل صفاته وأمراضه البنيوية وإن بتفاوت نسبي، نطر لكتلتهم البشرية وعاداتهم الاجتماعية والدينية.
وتأثيرهم السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري في ديناميات الكيان الصهيوني.
و حسب أرقام حكومية رسمية، يعيش في “إسرائيل” أكثر من مليون يهودي من أصول مغربية.(1) والمليون يهودي من أصول مغربية، عدد مرشح للارتفاع لأنهم الأكثر إنجابًا، أما الآن فهم يأتون في المركز الثاني بعد اليهود الروس، ضمن التركيبة الديمغرافية الهجينة في المجتمع الإسرائيلي.(2)
هاجر الأوائل منهم سنة 1948، بعد الإعلان عن تأسيس الكيان.(3)
ولأنهم قوبلوا بنظرة استعلاء غربية( اشكنازية) فقد اجتهد اليهود المغاربة للتوغل وسط تجمع المستجلبين الصهاينة، وتزخر الساحة السياسية والاقتصادية الإسرائيلية اليوم بالأسماء من أصول مغربية، فعشرة وزراء في الحكومة الإسرائيلية هم من يهود مغاربة، إضافة إلى 20 برلمانياً داخل الكنيست الإسرائيلي،(4)
بالإضافة إلى مشاركات وزارية في العديد من الحكومات الصهيونية ورئيس أركان من أصول مغربية .
وهم في العادة ينتمون إلى أحزاب يمينية، لهذا يحاول زعماء اليمين استرضاءهم بالنظر لقاعدتهم الانتخابية، حتى إن بنيامين نتنياهو حين شكل حكومته الأخيرة مع بيني غانتس، شملت بالإضافة إلى رئيس الكنيست عشرة وزراء من أصل مغربي، أي ثلث وزراء “إسرائيل”. (5)
اليهود المغاربة والانتماء للأحزاب المتطرفة
من الجناح الأكثر تطرفًا في حزب الليكود، برزت ميري ريغيف، وزيرة المواصلات والبنى التحتية، المولود عام 1965 في كريات غات جنوب “إسرائيل” والملاصقة لقرية الفالوجة الفلسطينية، من أب مغربي وأم إسبانية.
ريغيف ليست يمينية متطرفة فحسب، بل اعتادت استخدام كلمات نابية في خطاباتها، ومهاجمة النواب العرب بعنف، كما تقدمت باقتراحات لقوانين ذات صبغة عنصرية، منذ وصولها إلى الكنيست لأول مرة في انتخابات 2009.
تعيش ريغيف حاليًّا مع زوجها وأبنائها الثلاث غير بعيد عن تل أبيب في مستوطنة روش هعاين التي أقيمت على أراضي قرية مجدل الصادق الفلسطينية المشهورة بكثرة ينابيع المياه.(6)
تفاني اليهود المغاربة في خدمة المشروع الصهيوني
لقد تفانى الإسرائيليون من أصل مغربي في خدمة المشروع الصهيوني، وهم متورطون في جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، باعتبار أن الكثير منهم مسؤولون في الأجهزة العسكرية والأمنية الصهيونية، أما الذين لا يشاركون في الجيش والسياسة، فهم يسكنون في منازل هي أصلًا ملك لفلسطينيين، لهذا الأجدر بهم أن يعودوا إلى أرض الأجداد بما أنهم يحكون عن حنينهم إلى المغرب كلما أتيحت لهم الفرصة. (7)
التفاتي قي خدمة الجيش الإسرائيلي
أو يتفانوا في خدمة الجيش الإسرائيلي، ولهذا تجدهم حاليًّا نافذين في الدفاع والسياسة، في حين أنهم غائبون تقريبًا في مجالي الاقتصاد والتكنولوجيا.
يزخر المشهد السياسي لدولة الاحتلال بأسماء من أصول مغربية، الذين هم في العادة ينتمون إلى أحزاب يمينية، لهذا يحاول زعماء اليمين استرضاءهم بالنظر لقاعدتهم الانتخابية، حتى إن بنيامين نتنياهو حين شكل حكومته الأخيرة مع بيني غانتس، شملت بالإضافة إلى رئيس الكنيست عشرة وزراء من أصل مغربي، أي ثلث وزراء “إسرائيل”.(8)
يأتي في الطليعة آرييه مخلوف درعي، المولود في مدينة مكناس المغربية عام 1959، ليس لأنه يشغل منصب وزير الداخلية، بل يضرب به المثل في الإنجاب، فهو أب لـ12 ابنًا.
ظهر درعي على الساحة السياسية حينما كان عمره 26 سنة بتوليه منصب مدير عام وزارة الداخلية، وفي انتخابات عام 1999، حينها كان درعي وزيرًا للداخلية، فاز حزب “ساش” الديني المتطرف الذي يقوده درعي بـ17 مقعدًا، إلا أنه استقال فور ظهور النتائج من عضوية الكنيست بسبب ملاحقات قضائية، في واحدة من أكبر قضايا الفساد في “إسرائيل” وحكم عليه بالسجن سنتين نافذتين، فاختفى عن المشهد السياسي لمدة 12 سنة، بعدها أضحى مألوفًا أن يتسلم درعي منصب وزير الداخلية بعد كل انتخابات إسرائيلية، وهو منصب مهم بالنسبة للمتدينين لأنه يتيح السيطرة على ميزانية البلديات.(9)
انخرط في الخدمة العسكرية الإجبارية، وزير الأمن الداخلي أمير أوحانا، المولود في مدينة بئر السبع عام 1976 من أبوين مغربيين.
انخرط في الخدمة العسكرية الإجبارية، ثم اشتغل في الشرطة العسكرية بدءًا من عام 1997، إذ أسندت له عدة وظائف أبرزها القائد العسكري في حاجز كارني بقطاع غزة، كما خدم في جهاز المخابرات العامة “الشاباك”.
في العام 2010 ترك أوحانا العمل العسكري، وتفرع للعمل السياسي في حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو حزب يمين وسط يؤمن بفكرة “إسرائيل” الكبرى التي تشمل الضفة الشرقية لنهر الأردن.(10)

دافيد أمسالم وزير الاتصال بين الحكومة والكنيست، هو أحد المقربين من نتنياهو في الحكومة وحزب “الليكود”. ولد في القدس من أبوين مغربيين عام 1960، ويعيش حاليًّا في مستوطنة معاليه أدوميم التي أقيمت على أراضي الفلسطينيين، وهي أكبر مستوطنة في منطقة القدس.(11)

كما يشغل منصب وزير الاقتصاد والصناعة عمير بيرتس، المولود في مدينة أبي الجعد المغربية عام 1952، برز في اللعبة السياسة عندما وصل إلى الكنيست بعد انتخابات 1988 عن حزب العمل، أقوى منافس لحزب الليكود.
وقبل ذلك عمل بيرتس رئيسًا لمستوطنة سديروت على حدود غزة، ثم رئيسًا لاتحاد نقابات العمال الإسرائيلية – الهستدروت، وشغل وزارة الحرب، وأشرف على إنتاج منظومة القبة الحديدية للتصدي للصواريخ، ثم نائبًا لرئيس الوزراء في 2006-2007، ووزيرًا للبيئة. (12)
ويمكن الإشارة إلى أهم المسؤولين الإسرائيليين من أصل مغربي، على النحو التالي: وزير الداخلية آرييه مخلوف درعي: وُلد بمدينة مكناس المغربية، وظهر على الساحة السياسية لأول مرّة حينما تولى منصب مدير عام وزارة الداخلية في 1986 ولم يتجاوز 26 عاما، وسرعان ما أصبح القائد الفعلي لحركة “شاس” الدينية، بفعل نشاطه وقربه من زعيمها الروحي الحاخام عوفاديا يوسف، وفي الانتخابات الإسرائيلية 1999، قاد درعي، وزير الداخلية آنذاك، حزبه، وفاز بـ17 مقعداً، لكنه استقال فور ظهور النتائج بسبب ملاحقات قضائية، من أكبر قضايا الفساد في إسرائيل، وقبع في السجن عامين، وبقي خارج الحلبة السياسية عشر سنوات، ثم عاد لقيادة الحزب مجددا بعد غياب 12 عاما، وجرت العادة بعد كل انتخابات أن يتسلم درعي وزارة الداخلية، لأنها مهمة للمتدينين، وتتيح لهم السيطرة على ميزانية البلديات.
وزير الأمن الداخلي أمير أوحانا: مولود لأبويين مغربيين، أنهى خدمته العسكرية الإلزامية في 1997، ثم انخرط في الشرطة العسكرية، وأسندت إليه عدة وظائف، بينها القائد العسكري في حاجز “كارني” بقطاع غزة، وكذلك في جهاز المخابرات العامة “الشاباك”، وفي 2010 غادر الجيش، وتفرغ للعمل السياسي بحزب الليكود، وهو أول وزير إسرائيلي مثلي، ويرأس مجموعة مثليي الجنس في الليكود.
وزير الاتصال بين الحكومة والكنيست دافيد أمسالم، ولد لأبوين مغربيين، وهو عضو بحزب الليكود، وأحد مقربي نتنياهو، يسكن بمستوطنة “معاليه أدوميم” المقامة على أراضي الفلسطينيين المصادرة، وهي أكبر مستوطنة في القدس المحتلة.
وزيرة المواصلات والبنى التحتية ميري ريغيف، وُلدت لأب مغربي وأم إسبانية، وصلت الكنيست لأول مرة في انتخابات 2009، وفازت لاحقا بجميع الانتخابات، وهي من أنصار الجناح الأكثر تطرفا في الليكود، واشتهرت بلجوئها لألفاظ نابية وسوقية في خطاباتها، وعنفها بمهاجمة النواب العرب، وتقديم قوانين عنصرية، وعملت ناطقة باسم جيش الاحتلال، وتسكن بمستوطنة “روش هعاين” قرب تل أبيب المقامة على أراضي القرية الفلسطينية مجدل الصادق، وهي أول وزيرة إسرائيلية زارت أبو ظبي، وتجولت بمسجد الشيخ زايد عام 2018.
وزيرة تعزيز المجتمع أورلي ليفي أبي كاسيس: وهي ابنة عضو الكنيست والوزير الأسبق دافيد ليفي، التحقت بسلاح الجو، وانتخبت لأول مرة عضوا في الكنيست ممثلة عن حزب “إسرائيل بيتنا” المتطرف.
وزير الاقتصاد والصناعة عمير بيرتس: ولد في مدينة أبي الجعد بالمغرب عام 1952، وظهر على الحلبة السياسية، ووصل الكنيست لأول مرة بعد انتخابات 1988 عن حزب العمل، وبين 1983-1988، كان رئيسا لمستوطنة سديروت على حدود غزة، ثم رئيساً لاتحاد نقابات العمال الإسرائيلية- الهستدروت، وشغل وزارة الحرب، وأشرف على إنتاج منظومة القبة الحديدية للتصدي للصواريخ، ثم نائبا لرئيس الوزراء في 2006–2007، ووزيرا للبيئة.
وزيرة المساواة الاجتماعية ميراف كوهين: ولدت من أبوين مغربيين، وخدمت بإذاعة الجيش الإسرائيلي، ثم ناطقة باسم مكتب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وشغلت عضوا في الكنيست عن حزب “أزرق أبيض”.
وزير الشؤون المدنية في وزارة الحرب ميخائيل بيتون: ولد لأبوين مغربيين، وانضم لحزب “أزرق أبيض”.
ممثل الائتلاف في الكنيست ميكي زوهر: ولد لأبوين مغربيين، شغل عضوية بلدية كريات غات، وهو رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية بين إسرائيل وأوزباكستان.
وزير شؤون القدس الحاخام رافي بيرتس: ولد لأبوين من أصول مغربية، عُرِفَ عنهما التشدد والتدين، وعلما أبناءهما بالمدارس الدينية، تخرج من الكلية الدينية، ثم خدم في الجيش والتحق بسلاح الجو، وتدرج في المناصب، حتى وصل رتبة عميد، وكذلك الحاخام الرئيسي في الجيش، وبعد خروجه من الخدمة العسكرية، بدأ مسيرته السياسية، وانتخب رئيساً لحزب البيت اليهودي.
وزير الخارجية السابق شلومو بن عامي: ولد في مدينة أصيلة بالمغرب، مؤرخ وأستاذ جامعي ودبلوماسي وسياسي كبير، شغل سفيرا لإسرائيل في إسبانيا، ثم انتخب عضوا في الكنيست ضمن قائمة حزب العمل، ثم عُين وزيرا للأمن الداخلي ومسؤولا عن الشرطة، حتى أصبح وزيرا للخارجية.
وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي: ولد بمدينة الرباط بالمغرب، سياسي يميني من أصل يهودي مغربي، شغل مناصب وزارية عديدة منها الخارجية، ونائب رئيس الوزراء، واعتبر ممثلا لصوت الطوائف اليهودية الشرقية.
موريس ليفي: رجل أعمال يهودي من أصل مغربي، عضو المجلس المؤسس للمنتدى الاقتصادي العالمي ورئيس مجلس إدارة مجموعة بوبليسيس، أقوى شركة إعلانية في الشرق الأوسط، وثالث أكبر مجموعة إعلامية في العالم، وتمتلك شركات “ساتشي آند ساتشي، ليو بورنيت، ستاركوم”، ومول في 2008 الاحتفال مرور ستين عاما على تأسيس إسرائيل في باريس.(13)
وتزخر الساحة السياسية والاقتصادية الإسرائيلية بالأسماء من أصول مغربية، وينتمي اليهود المغاربة عادة للأحزاب اليمينية، لذا يحاول زعماء اليمين استرضاءهم لأهمية أصواتهم في الانتخابات، حتى أن بنيامين نتنياهو حين شكل حكومته الأخيرة مع بيني غانتس، شملت عشرة وزراء من أصل مغربي، إضافة لرئيس الكنيست(14)

الهوامش
1- وهيب أبو واصل، ثلث وزراء إسرائيل من أصل مغربي… لماذا؟ 3/7/2020، https://www.mc-doualiya.com/
2- عبد الحكيم الرويضي، نفوذ اليهود المغاربة في “إسرائيل”.. لمن الولاء؟ 18/02/2021 ، https://www.noonpost.com
3- عربي بوست، يُساهمون في صناعة القرار بإسرائيل – وبعضهم يحلم بـ”العودة” للوطن.. حكاية يهود المغرب من أحياء “الملاح” إلى تل أبيب، 13/1/2021، https://arabicpost.net/
4- عربي بوست، المصدر السابق.
5- عبد الحكيم الرويضي، كصدر سبق ذكره.
6- عبد الحكيم الرويضي، المصدر السابق.
7- عبد الحكيم الرويضي، المصدر السابق.
8- عبد الحكيم الرويضي، المصدر السابق.
9- عبد الحكيم الرويضي، المصدر الستبق.
10- عبد الحكيم الرويضي، المصدر الستبق
11- عبد الحكيم الرويضي، المصدر السابق.
12- عبد الحكيم الرويضي، المصدر السابق
13- عدنان أبو عامر، ساسة الاحتلال من أصول مغربية: عنصرية مستمرة رغم “التطبيع” ، https://arabi21.com/
14- عدنان أبو عامر، المصدر السابق.

شاس ممثل اليهود المغاربة الديني والسياسي

تأسست حركة شاس(اتحاد السفارديم– الشرقيون – حراس التوراة) كتعبير سياسي وديني وكممثل لليهود الشرقيين والمغاربة منهم تحديدا كون اليهود المغاربة هم الأكثر تعدادا ويصل إلى مليون شخص بما بهذا الثقل العددي من دور بين المستجلبين الصهاينة في الكيان المحتل، في بداية الثمانينيات.
وقد طرحت نفسها كممثل لليهود الشرقيين، وبهذا تكون الحركة قد أعطت لنفسها حق الاقتراب من مركز صنع القرار في إسرائيل، وحركة شاس هي:(1) وهي حركة دينية أرثوذكسية يتزعمها رجال دين من أصول شرقية، وتقوم باستعمال مكثف لسياسات الهوية في صفوف اليهود الشرقيين، وتتوزع قواعدها على القواعد الدينية الأرثوذكسية الشرقية، وعلى القواعد الاجتماعية الضعيفة اقتصادياً من اليهود ذوي الأصول الشرقية. وعلى عكس حركة يهدوت هتوراه الأرثوذكسية الأشكنازية، فإن قواعدها الاجتماعية غير ثابتة، فهي تتنافس مع حزب الليكود في شأن القواعد الاجتماعية الشرقية الضعيفة، وتحاول مواجهة الليكود من خلال استعمال سياسات الهوية لتعزيز الهوية الشرقية لدى اليهود الشرقيين أمامه.(2)
وكلمة (شاس) هي اختصار للعبارة العبرية التي ترجمتها(حراس التوراة السفارديم) ، تأسس الحزب عام 1984م، وهو مكون من اليهود السفارديم (الشرقيين)الأعضاء داخل حزب أجودات يسرائيل، الذين انفصلوا عنه احتجاجًا على سيطرة اليهود الإشكنازيم على حزب أجودات يسرائيل وقد رفع حزب شاس شعار ” إعادة أمجاد الماضي ” أي مجد اليهود الشرقيين(3).
ومرت الحركة بعملية صهينة كبيرة، فهي تصنف نفسها حركة يمينية في القضايا السياسية والأمنية، ومن الصعوبة الادعاء أنها حركة دينية أرثوذكسية غير صهيونية.(4)
وجاء تأسيس حركة شاس كتعبير عن عملية احتجاج على مؤسستين: الأولى، هي المؤسسة الدينية الأشكنازية المتمثلة في حركة أغودات يسرائيل، والمؤسسة الثانية هي المؤسسة السياسية– الاجتماعية الأشكنازية. ويعبّر اسم الحركة الذي يجمع بين الانتماء الطائفي (الشرقيون) والديني عن الأسس الاجتماعية– الدينية التي حاولت هذه الحركة الاستناد إليها عند قيامها. ويعتقد البروفسور شموئيل أيزنشتات أن شاس هي من نتاج البلد؛ أزرق أبيض (بمعنى أنها لم تُؤسس في الخارج، المنفى بالمفهوم الثيولوجي– السياسي، مثل الحريديم الأشكناز)، وتعرض برنامجها ضد جبهتين: ضد الهيمنة الدينية الأشكنازية من جهة، وضد البرنامج الثقافي اليوتوبي للصهيونية من جهة أُخرى.(5)

تعريف شاس
تُعَرِّف موسوعة المصلحات بمركز المدار الفلسطيني للشئون الإسرائيلية حركة شاس بأنها «حزب ديني متزمت من أبرز أهدافه بحسب ما ورد في برنامجه التأسيسي والانتخابي: الاهتمام بالتراث اليهودي في إسرائيل- متابعة الطريق الذي بدأه اليهود الشرقيون- الاهتمام بتعميق حب اليهود لإسرائيل – تربية أولاد إسرائيل بموجب التوراة مع المحافظة على قيم اليهود الشرقيين.(6)
تلك أبرز الملامح العامة لحركة شاس التي هي جزء أساسي من التدين اليهودي الحريدي، والسمة الأبرز لهذه الحركة/ الحزب: هو التغلغل داخل مؤسسات الدولة الإسرائيلية ونشر قيمها ورؤيتها لتكون دولة دينية يهودية بامتياز، وقد نجح منضوون في هذه الحركة في الحصول على حقائب وزارية داخل الحكومات الإسرائيلية، مثل وزير الداخلية الذي يظهر بالطاقية اليهودية المشهورة اليهودي المولود في المغرب آريه درعي، وهو الزعيم السياسي للحركة. بعد وفاة الحاخام عوفيديا يوسف 2013، تولى الزعامة الروحية للحركة الحاخام شالوم كوهين (توفي في أغسطس/آب 2022).(7)
وحركة شاس التي تعني ( اتحاد السفارديم حراس التوراة )، ما هي إلا واحدة من هذه الحركات السياسية الناشئة في الكيان الصهيوني، والتي لها دور مؤثر في صنع القرار السياسي في إسرائيل، سواء على الصعيد الحكومي أو الصعيد الشعبي.(8) خطت الخطوة السياسية الأولى سنة 1983، عندما شاركت في الانتخابات المحلية لبلديات القدس، بني براك وطبرية. وقام أعضاؤها من طلاب المدارس الدينية بالتنافس والعمل في هذه الانتخابات التي شكلت الانطلاقة السياسية الأولى للحركة، وبعدها عمقت من مشاركتها في السياسة المحلية والقطرية على حد سواء.
وهكذا تحولت حركة شاس إلى الحركة السياسية الشرقية الوحيدة التي استطاعت أن تبقى فاعلة في السياسة الإسرائيلية كل هذه الفترة، إذ ظهرت حركات شرقية كثيرة قبلها، إلاّ أنها اختفت ولم تستطع الاستمرار والبقاء والتطور كما كانت الحال لدى شاس.(9) التي تبنت عمليا كما رأى الباحثان سلطان طفه وروني باوم أن شاس البرنامج السياسي لحزب الليكود اليميني، وذلك بهدف جذب اليهود الشرقيين إلى صفوفها، وقام الباحثان بتسمية حركة شاس «ليكود مع كيبا (قبعة الرأس الدينية لليهود).»50 وقبل اقتراب شاس سياسياً إلى برنامج الليكود، فقد مثلت اجتماعياً تلك الفئات المتضررة من اليهود الشرقيين التي خاب أملها من الليكود أيضاً جراء سياساته الاقتصادية الليبرالية، إذ أيد اليهود الشرقيون حزب الليكود، في أواخر السبعينيات والثمانينيات، لأنهم تضرروا اجتماعياً واقتصادياً من حزب العمل.51 ثم استمروا في تأييد الليكود بسبب مواقفه السياسية، وأقل بسبب مواقفه الاجتماعية– الاقتصادية.(10)
شاس جمع بين الحريدية والصهيونية

ومع أن حركة شاس تعد حزبا حريديًا؛ إلا أنها في الوقت ذاته غير ملتزمة بمقاطة الحريديم السياسية للصهيونية ، ويقدم الكاتب عوزي بنزيمان تعريفًا خاصًا لحزب شاس معبرًا فيه عن أيديولوجية الحزب البرجماتية النفعية فيقول: ” شاس هو رأس حربة الثقافة السياسية التي حولت الكنيست إلى سوق تتم فيه المتاجرة بالمصالح الإقطاعية، والامتيازات الشخصية، واحتياجات الدولة، ورفاهية كل مواطنيها.(11)

الهوامش
1- يوسف عودة، حركة شاس ودورها في المجتمع الإسرائيلي، 29/5/2005، العدد: 1212، https://www.ahewar.org/
2- أنطوان شلحت، الأحزاب السياسية في إسرائيل، 24/11/2020، https://www.palestine-studies.org/
3- محمد عمارة تقي الدين، حزب شاس وموقفه من الصراع العربي الصهيوني، 23/4/2018، العدد 5854، https://www.ahewar.org
4- أنطوان شلحت، مصدر سبق ذكره.
5- أنطوان شلحت، المصدر السابق.
6- ممدوح مكرم خريطة أحزاب الصهيونية الدينية في “إسرائيل”24/11/20222، https://www.ida2at.com/
7- ممدوح مكرم، المصدر السابق.
8- يوسف عودة، مصدر سبق ذكره.
9- أنطوان شلحت، مصدر سبق ذكره.
10- أنطوان شلحت، المصدر السايق.
محمد عمارة تقي الدين، مصدر سبق ذكره.

شاس النشأة والبنية

لما كان نشوء أي حزب أو حركة من الحركات السياسية أو الدينية أو الاجتماعية….إلخ، يتطلب توفر عوامل تؤدي بها إلى هذا التأسيس ، سواء أكانت هذه العوامل التي أدت إلى ظهورها عوامل سياسية، اقتصادية، اجتماعية، دينية او ثقافية، وبالتأكيد فإن شاس ليست استثناء من توفر تلك الشروط، المنشئة.
شاس النشأة
يتوجب ابتداء الإشارة إلى أن لفظ ( شاس ) هو عبارة عن اختصار لاسم الحزب ( اتحاد السفارديم حراس التوراة )، وهذه التسمية يطلقها اليهود على التلمود أيضا، والسبب في اختيار هذا الاسم لهذا الحزب السفاردي، هو الجمع بين أمرين مهمين هما، الدين والطائفة السفاردية ( الشرقية ).
وتعد حركة شاس حركة جديدة في الحياة السياسية \اخل الكيان الصهيوني، فقد أنشقت الحركة عام 1984م، عن الحركة الأم ( أغودات يسرائيل )، التي تعتبر الممثل التقليدي للتيار غير الصهيوني والتيار الديني الارثودكسي المتزمت للشرقيين والغربيين.
وجاء تأسيس الحركة/ الحزب بمبادرة من الحاخام ( عوفاديا يوسيف )، ومساعدة مباشرة الحاخام ( آرييه درعي )، وذلك بمباركة الحاخام (إليعازر شاخ )، فظهرت في البداية كقائمة محلية منشقة عن الحزب الأم ( أغودات يسرائيل )، وخاضت هذه الحركة انتخابات بلدية القدس عام 1983م، وحققت بعض النجاح في هذه الانتخابات، بفوزها بثلاثة مقاعد في المجلس البلدي، ثم بعد ذلك تحولت إلى العمل القطري، فأعلنت عن نفسها حزبا سياسيا، بعد ان أتحدت مع قائمتين محليتين شبيهتين تخضعان لتوجيه الحاخام (شاخ)،الأولى في بني براك، وكانت تسمى (جاي) برئاسة (رفائيل بنحاسي)، والثانية في طبريا، وكانت تسمى (زاخ).
ويعود سبب نشوئها إلى الاضطهاد الذي كان يشعر به اليهود الشرقيون داخل المؤسسات، ففي أواخر عام 1982م، انشقت عن (أغودات يسرائيل) مجموعة من اليهود الشرقيين المتعصبين دينيا، وعملوا على تشكيل حركة شاس، وذلك بسبب الاضطهاد والتمييز العنصري الذي يعانيه اليهود الشرقيين، فمثلا من الناحية المادية، كانت تفتقر مدارسهم للدعم المادي اللازم والكافي، كما أنهم لا يحظون بنسبة تمثيل عادلة في الدوائر الحكومية والمؤسسات المحلية، ولهذا فأن تشكيل شاس جاء من أجل المساهمة في رفع الظلم والإجحاف الطائفي الذي يشعر به اليهود الشرقيون، وكذلك من أجل التأكيد على الصبغة الدينية ومركزيتها.
ومن الأسباب التي أدت أيضا إلى انشقاق اليهود الشرقيين، وتشكيلهم لحركة شاس،رفض الحاخاميون الإشكناز طلب الحاخام (عوفاديا يوسيف)، بتعيينه في “مجلس علماء التوراة ” وذلك بقولهم انه ” غير ممكن، لأن المحادثة في المجلس تتم بلغة الأيديش، وأنك لن تفهم شيئا “. فقد كان الاشكناز يضطهدون الحريديم الشرقيين ويتهمونهم بالتخلف والقصور الثقافي، وهذا ما أكدة العالم كارل فرانكشتاين عندما قال ” علينا أن ندرك العقلية البدائية للمهاجرين القادمين من بلدان متأخرة “.
وبالإضافة للأسباب المذكورة، التي أدت إلى انشقاق الحريديم الشرقيين، فإن هنالك عاملا آخر، وهو العامل الثقافي، فقد كان الشرقيون يتسمون بشكل عام بصبغة ثقافية غير مغالية وليست متطرفة في كافة نواحي الحياة، سواء الاجتماعية او السياسية او الدينية او الفكرية …الخ، وهذا لم يتفق مع الطابع الثقافي للحريديم الاشكناز والصهيونيين المتدينين، وبناء على هذا الانشقاق ظهرت عام 1984م عدة قوائم حريدية شرقية لانتخابات البلدية في كل من القدس وبني براك وطبريا وأوفاكيم ونتيفوت وبئر السبع، واستطاعت هذه القوائم تحقيق نتائج إيجابية ، وهذا دفع بالحريديم الشرقيين لتشكيل قائمة تكون قادرة على خوض انتخابات الكنيست الحادية عشر عام 1984م، وكان وراء هذه المحاولة كل من الحاخام عوفاديا يوسيف، وآرييه درعي، وإلياهو رفول، وداؤود عدس، ورفائيل بنحاسي، وبمباركة الحاخام ( شاخ ) الذي دعا بدورة الجمهور الحريدي للتصويت لهذه القائمة في الانتخابات المقبلة، وقد أسفرت هذه المحاولة عن نجاح هذه القائمة التي سميت بقائمة شاس في الانتخابات الأولى لها عام 1984م، وفازت بأربعة مقاعد في الكنيست.(1)
البنية التنظيمية لشاس
من المعلوم أن معظم الأحزاب الإسرائيلية بشكل عام، والدينية بشكل خاص لها مؤسسات حزبية خارج إسرائيل، وخاصة الاشكنازية منها، أما حركة شاس، فلا يوجد لها بنية تنظيمية خارج إسرائيل، والسبب في ذلك أن هذه الحركة هي حركة ذات أصول شرقية تأسست في إسرائيل عام 1984م، وذلك نتيجة للاضطهاد الذي كان يعاني منه اليهود الشرقيين.
ولهذا افتقرت بنية شاس التنظيمية، حتى عام 1990م إلى المؤسسات الحزبية التي تتكون منها الأحزاب السياسية عامة، فكان ـن اعتمدت حركة شاس على مؤسسة واحدة هي ” مجلس حكماء التوراة ” في اتخاذ قراراتها، وقد ترأس هذا المجلس منذ تأسيسه عام 1984م، الحاخام عوفاديا يوسيف، فهي حركة لا يوجد لها مركز او مجلس حركي كما في أغلبية الأحزاب الأخرى، وكذلك لا يوجد لها سجلات عضوية لمؤيديها حتى ذلك الوقت، فهي تعمل على تسيير شؤونها من خلال مجلس الحكماء الذي يوجه الحركة في كل الأمور وإلية تعود الكلمة الأخيرة، ولذا فأن كل التصريحات التي يدلي بها أعضاء الكنيست من حركة شاس تظل في النهاية اجتهادات تحتاج إلى مصادقة المجلس ، كي تعبر عن وجهة نظر الحركة بصورة رسمية، وهي سمه عامة يشمل جميع القوى والأحزاب الحريدية الأخرى في كيان الصهيوني، أي ان أعضاء الحركة في الكنيست يخضعون لتوصيات وقرارات ” مجلس حكماء التوراة “، حيث يقوم أعضاء الحركة في الكنيست بإطلاع مجلس الحكماء على ما يجري داخل الدولة، وذلك لأن الحاخاميون لا يقرأون الصحف العلمانية، ولا يشاهدون التلفاز، ولا يسمعون المذياع، وبناء على المعطيات التي يمدهم بها أعضاء الحركة في الكنيست تتخذ القرارات.(2)
أما حاضنة حركة شاس الشعبية التي تستمد منها حضورها السياسي فهي تأتي خمسة روافد، وهي على الشكل التالي:-
1) أبناء التوراة السفارد.
2) خريجو المعاهد الدينية.
3) تلاميذ الحاخام عوفاديا يوسيف.
4) التائبون من اليهود العلمانيين الشرقيين.
5) أبناء الطوائف الشرقية .(3)
المؤسسون وأبرز القادة
ترأس الحاخام عوفاديا يوسيف ( الزعيم الروحي لليهود الشرقيين ) ” مجلس حكماء التوراة “، منذ تأسيسه عام 1984م، ولغاية الآن، هذا ويوجد هنالك أيضا أعضاء آخرين في هذا المجلس، يعتبرون من أهم مؤسسي الحركة وأبرز قادتها، على النحو التالي:-
الحاخام عوفاديا يوسيف:-
ولد الحاخام عوفاديا يوسيف في بغداد عام 1920م، وهاجر إلى فلسطين وهو في الثالثة من عمرة عام 1923م، وقد التحق وهو في طفولته بإحدى المدارس الدينية لدراسة التوراة، وفي الثانية عشر من عمره التحق بمدرسة ( بورات يوسيف ) الدينية، ولأنه كان يمتاز بذاكرة قوية، وسعة اطلاع، هذا جعله يعد واحدا من أبرز علماء التوراة،حيث قام الحاخام عوفاديا وهو في سن مبكر من عمره بإصدار ونشر كتب تحتوي على أحكام وفتاوى دينية، وفي العشرينيات من عمره تولى منصب نائب الحاخام الأكبر في القاهرة ( قبل قيام الدولة )، وبعد قيامها عاد إلى البلاد ليعين قاضيا في محكمة دينية في بيتح تكفا، ثم تم تعيينه رئيسا ل ” يشيفات ” الحاخام إسحق نسيم في القدس، وفي العام 1960م تنافس الحاخام عوفاديا يوسيف على منصب الحاخام الأكبر لإسرائيل، ولكنه خسر في هذه المنافسة، وفي العام 1968 انتخب لمنصب الحاخام الأكبر لمدينة تل أبيب، وبعد مرور خمس سنوات، عندما كان في الثالثة والخمسين من عمره عين في منصب الحاخام الأكبر ( شرقي ) لإسرائيل.
2) شالوم كوهين:-
ولد في القدس عام 1924م، وقد كان بعيد عن السياسة حيث انه كان لا يقرأ الصحف العلمانية، درس في المدرسة الدينية ( بورات يوسيف ) في القدس، ثم عمل مدرسا بها، ثم رئيسا لفرع المدرسة في حي القطمون في القدس.
3) شبتاي أتون:-
ولد في القدس عام 1927م، وهو رئيس المدرسة الدينية ( رشيت حخما )في القدس.
4) شمعون بعدني:-
ولد في اليمن عام 1930م، يعمل رئيسا للمدرسة الدينية ( توراة فحييم ) أي ( التوراة والحياة ) في مدينة بني براك، وقد حصل على تعليمه الديني في المدارس اللتوانية، ويعتبر من المتشددين في أمور الدين.
5) رؤوبين إلباز:-
ولد في المغرب وهاجر إلى إسرائيل، قضى فترة شبابه بعيدا عن الدين، وعاد بالتوبة في وقت متأخر، وهو من تلاميذ الحاخام عوفاديا يوسيف، وقد مارس مهنة التدريس في مدرسة ( بورات يوسيف ) ثم في مدرسة ( نو بوردوك ) الدينية.
6) آرييه درعي:-
ولد في المغرب عام 1959م، هاجر إلى إسرائيل مع أسرته بعد حرب 1967م، تلقى دراسته في المدارس الدينية بالقدس، وقد تعرف خلال تلك الفترة على ( دافيد يوسيف )، ابن الحاخام عوفاديا يوسيف ( الزعيم الروحي لليهود الشرقيين )، حيث أقام معه علاقة وطيدة، وأصبح من المقربين جدا منه، أنتقل للعيش في مستوطنة يتير في جبل الخليل قرب يطا، وأصبح سكرتير المستوطنة، ويعد درعي من مؤسسي حركة شاس عام 1984م، هذا وقد انتخب عضو بالكنيست لأول مرة عام 1984م ،ثم أعيد انتخابه عام 1988م، وبعد ذلك اصبح وزيرا للداخلية في حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الليكود اليمينية عام 1988 – 1992م، حيث انه في انتخابات الكنيست عام 1992م، تزعم حركة شاس وقد حققت الحركة نجاحا كبيرا في ذلك الوقت،ثم عين وزيرا للداخلية في حكومة رابين عام 1992م، الا انه استقال من منصبه بعد تقديمه للمحاكمة بتهمة الرشوة والتلاعب بالأموال العامة.
وبالإضافة إلى هؤلاء المؤسسين السابق ذكرهم، فانه يوجد هنالك أيضا شخصيات قيادية آخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر، اسحق بيرتس، الحاخام رفائيل بنحاسي، الحاخام يوسيف عزران، الحاخام آرييه جملئيل، الحاخام يئير ليفي، والحاخام شلومو دين.(4)
شاس كحركة دينية تهتم وبشكل كبير بتحقيق مصالحها في المجالين الاجتماعي والديني، ويقتصر هدفها السياسي فقط على تحقيق مصالح اليهود السفارديم الذين تمثلهم، حيث تسعى شاس دائما إلى تأمين الميزانية الأزمة لتمويل مؤسساتها التعليمية والاجتماعية المنتشرة في كافة المناطق لهذا فهي لا تتردد سياسيا في الانضمام إلى أية حكومة توفر لها الميزانيات اللازمة للحفاظ على مؤسساتها المختلفة، وعلى الرغم من مشاركتها في المؤسسات الرسمية إلا أنها تنطلق في مواقفها السياسية من أيدلوجيتها الدينية، و فيما يلي عرض موجز لمشاركتها في الكنيست وا+لحكومة.(5)


الهوامش
1- يوسف عودة، حركة شاس ودورها في المجتمع الإسرائيلي، 29/5/2005، العدد: 1212، https://www.ahewar.org/
2- يوسف عودة، المصدر السابق.
3- يوسف عودة، المصدر السابق.
4- يوسف عودة، المصدر السابق.
5- يوسف عودة، المصدر السابق.

حركة شاس الدينية ممثلهم السياسي
في سياق التعريف بنفسها سياسيا تساءلت حركة شاس «هل تملك حركة شاس برنامجاً؟ هل هي بحاجة إلى برنامج، أصلاً؟» ثم تجيب: «أسس شاس ومبادئها الحقيقية تستند، كلها، إلى كتاب الكتب، التوراة، وإلى توجيهات وتعليمات كبير الجيل، الفذّ الحاخام عوفاديا يوسيف.»( عندما كان حيا) ثم تزيد الحركة في التوضيح فتقول: «تعيش شاس برنامجها، تتنفسه وتعمل بموجبه بينما تعرض أي مسألة تواجهها، أي مشكلة أو قرار للحسم، سواء على الصعيد الوطني، الاجتماعي أو الديني، على الحاخام يوسيف فتفعل (الحركة) ما يأمر به»! ومن هنا، فإن «شاس تكتفي بنشر وثيقة تفصل مبادئها على الصعيد الوطني، الاقتصادي، الاجتماعي والديني، وثيقة تسعى لتحقيقها وتطمح إلى نقلها إلى مواطني إسرائيل.»
– تؤمن حركة شاس بوجود دولة إسرائيل بصفتها دولة الشعب اليهودي، التي تقوم على قيم الديمقراطية، طبقاً للتوراة.
– تطمح حركة شاس إلى تجميع جميع مشتتي شعب إسرائيل من مواقع الشتات كافة، سعياً لبناء بيت يهودي في دولة يهودية كبيرة وقوية، على كامل مناطق أرض إسرائيل.
سياسة السلام
– تنادي شاس بالتسامح في العلاقات بين جميع فئات المجتمع في إسرائيل. وتعتقد أن السلام يبدأ في داخلنا، بأخوة المجموعات المتعددة في المجتمع، بالمساواة، وباحترام حقوق أبناء مجموعات دينية أُخرى.
– تدعو الحركة وتتطلع إلى العيش بسلام وبأمن مع جاراتنا من الدول العربية، وفق ترتيبات أمنية تهدف إلى حماية أي روح في إسرائيل.
– يجب عدم القبول بتسوية تقوم على املاءات دول أُخرى، أو على مقامرة بمستقبل الشعب في إسرائيل.
– القدس ليست موضوعاً للمساومة أو للتقسيم.(1)
وفي انتخابات 1992م دخل الحزب الانتخابات ببرنامج انتخابي يقول:
1- القدس عاصمة دولة الشعب اليهودي الأبدية.
2- ضرورة تقوية الشعب اليهودي مركزيًا وروحيًا، ويجب خوض نضال لمنع كل أشكال الزواج المختلط مع الأغيار.
3- سيعمل شاس على تحقيق الطابع اليهودي للدولة.
4- التوراة المقدسة هي التي حددت حدود البلاد، ولم تتوقف الرغبة في إسرائيل بعودة صهيون إلى ” أرض إسرائيل الكاملة “، ولكن إضافة إلى ذلك يجب على قادة الأمة أن يعملوا على وقف دائرة الحرب في المنطقة من خلال المفاوضات السلمية.
وبصفة عامة فالحزب يريد تأسيس الحياة داخل الدولة على أسس التوراة وتعاليم الشريعة اليهودية (الهالاخاه)، مع التركيز على مصالح الجماهير الحياتية.
ويؤمن بأن أرض فلسطين هي كلها تابعة لشعب إسرائيل طبقًا للتوراة؛ لذا فهو يرى أن الانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن يكون جزئيًا في حالة وجود سلام حقيقي، ويعارض فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة؛ لأن ذلك وفقًا لاعتقاده سيشكل خطرًا على أمن إسرائيل ووجودها، أما في حالة قيامها خارج حدود إسرائيل فإن شاس سوف يرحب بها ،وهو أمر يتنافي مع ما يدّعيه الحزب من اعتدال وقبول بالتسوية السلمية، ومن ناحية أخرى سنلحظ أن الحزب سينزع نحو التشدد والتطرف بمرور الوقت. (2)
انخرطت حركة شاس في الحياة السياسية عبر مشاركتها في الكنيست والحكومة الصهيونية كفاعل أساسي وإن كان الخط البياني لذلك قد تراوح بين صعود وهبوط لكنها تبقى تعبر عن تقل موضوعي كتلة اليهود الشرقيين( السفارديم) السكانية من حريديين و وعلمانيين ، وجاءت مشاركاتها في مؤسسات الكيان التشريعية والتنفيذية كما يلي:
الكنيست:-
شاركت شاس في خمس عمليات انتخابية غي سنوات 1984، و1988، و1992، و1996، و 1999، عكست نجاح شاس في الانتخابات المتتالية، جزئيا باستمرار بروز اليهود السفارديين في الساحة السياسية وتنامي وعيهم لقوتهم الانتخابية.
وكانت أول مشاركة لحركة شاس في انتخابات الكنيست الإسرائيلي في عام 1984م، عندما حصلت في تلك الانتخابات على أربعة مقاعد، وقد فاجأت النتيجة جميع الأوساط السياسية والدينية في الكيان الصهيوني. فقد صوت (15) ألف حريدي اشكنازي إلى جانب شاس عوضا عن تصويتهم لـ (أغودات يسرائيل)، بالإضافة إلى الشارع السفاردي التقليدي . وفي هذه الانتخابات تفوقت شاس على الحزب الأم (أغودات يسرائيل)، الذي حصل على مقعدين فقط لـ ( أغودات يسرائيل ).
وفي انتخابات الكنيست عام 1988م، كانت إقامة حزب (علم التوراة ) الحريدي اللتواني الاشكنازي مؤشرا لا يبعث على التفاؤل وذلك لأن هذا الحزب كان يضم غالبية الأصوات الاشكنازية الحريدية التي حصلت عليها شاس في انتخابات عام 1984م، إضافة إلى المكانة الكبيرة التي كان يتمتع بها زعيم الحريديم اللتوانيين الحاخام (شاخ)، إلا أن النتائج جاءت أفضل مما كان يتوقعه أنصار شاس فحصلت في تلك الانتخابات على (6) مقاعد، وقد أرجع بعض المختصين اليهود ما حدث باستيلاء شاس على أصوات الليكود اليميني، وأصوات معظم ناخبي كاخ وجذبها الانتخابي، إلى خطابها المزدوج الحريدي الطائفي، فصوت لها عدد كبير من السفارديم غير المتدينين، هذا بالإضافة إلى دعمها من قبل عدد من الحاخامات، ومن أبرزهم الرابي ( اسحق قادوري )، إذ استفادت شاس مما نسب إليه من معجزات و خوارق أثرت في الشارع الإسرائيلي .(3)
وشكلت تلك الانتخابات نقطة تحول انتقلت فيها شاس إلى مركز الحلبة السياسية في الكيان الصهيوني جراء تزايد قوتها السياسية من ناحية ودعم المصوتين لها، وتأثيرها في مواقع قيادية في الدولة من ناحية أخرى، فمن خلال المعركة الانتخابية كانت رسالتها واضحة و بسيطة، وهي ( أنت مؤمن صوت لشاس ).
هذا و قد ارتفع عدد مقاعد حركة شاس في انتخابات الكنيست عام 1996م، إلى (10) مقاعد، وحصلت أيضا على (17) مقعدا في انتخابات عام 1999م. حيث ركز حزب شاس في برنامجه الانتخابي لعام 1999م على بعض القيم التي زادت من قوته على الساحة السياسية في إسرائيل، ومن هذه الأهداف التي ركز عليها في برنامجه الانتخابي لعام 1999م، ما يلي :-
1- العناية بالقيم التقليدية لليهود ولليهودية الأصولية في إسرائيل.
2- الإستمرار في طريق الحاخامين السفارديم حسب الميراث اليهودي الشرقي.
3- تمثيل جمهور (حراس التوراة و الوصايا )، ومنع التمييز ضد الجمهور الديني الأصولي وتشجيع حب إسرائيل.
4- تربية أولاد إسرائيل على توراتنا المقدسة من خلال الحفاظ على القيم اليهودية السفاردية، والعمل لنشر التوراة لكافة الجمهور.
وبناء على ما سبق ذكره، نستنتج أن شاس أثبتت قدرتها على الاستمرار والتطور، وذلك من خلال حيازتها لثقة الجمهور الإسرائيلي، وذلك انطلاقا من مبادئها وأيديولوجيتها الدينية.
وشاركت شاس في الانتخابات التي جرت في أول نوفمبر2022) وفازت بـ 11 مقعداً، جعلها تشارك في التحالف الحكومي الفاشي الأكثر تطرفاً في تاريخ الكيان الصهيوني بحسب رؤية بعض المحللين(4)
2) الحكومة:-
اشتركت شاس في الائتلافات الحكومية من لحظة فوزها بأربعة مقاعد في أول انتخابات شاركت فيها عام 1984م، فشاركت في حكومة الائتلاف، وذلك من خلال الحاخام إسحاق بيرتس كوزير للداخلية، إلا أن هذا الحزب ترك الحكومة، واستقال بيرتس من وزارة الداخلية بسبب إقرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية تسجيل سيدة يهودية من أم مسيحية في سجل السكان، بأنها يهودية وكان على وزير الداخلية أن يوقع بوصفه الوزير المسؤول من سجل السكان، ولهذه الأسباب انسحبت شاس من الحكومة.
كما شاركت حركة شاس في الائتلاف الحكومي عام 1988م، وبهذا تكون شاس قد شاركت في حكومتي الوحدة الوطنية اللتين ألفتا سنتي 1984 و 1988م،كما شاركت خلافا ل ( أغودات يسرائيل) في حكومة يتسحاق رابين التي شكلت عام 1992م، ولكنها انسحبت منها عام 1994م، على أثر محاكمة وزير الداخلية حينذاك ” أرييه درعي “، بتهمة التلاعب بالأموال العامة، بمنح الوزير درعي أموالا وعطاءات لجمعيات تابعة ومقربة من شاس ومؤسساتها المختلفة.
هذا وقد اشترطت شاس لدخولها ذلك الائتلاف الحكومي عام 1992م، بقيادة حزب العمل، ببعض المطالب، أهمها:-
1- لا يلغى ولا يسن تشريع ديني إلا بموافقة جميع الكتل.
2- تقام في نطاق وزارة التربية والتعليم شعبه للتعليم والثقافة الحريدية على نفس مستوى شعبة التعليم الديني الرسمي.
3- تمتنع الحكومة عن أي قهر ديني أو معادٍ للدين بأي شكل من الأشكال.
إلا أن العلاقة توترت بين شاس والحكومة بسبب تهم الاختلاس الموجهة لوزير الداخلية “درعي”، الذي يعد من أهم الشخصيات السياسية في حركة شاس.(5)
وتشارك شاس في في حكومة نتنياهو وأحزاب الصهيونية الدينية المتطرفة التي تشكلت بعد انتخابات أول نوفمبر الماضي بتأمينها النصاب الشريعي لحزب نتنياهو الليكود وتسلم وزارة الداخلية .


الهزامش
1- أنطوان شلحت، الأحزاب السياسية في إسرائيل، 24/11/2020، https://www.palestine-studies.org/
2- محمد عمارة تقي الدين، حزب شاس وموقفه من الصراع العربي الصهيوني، 23/4/2018، العدد 5854، https://www.ahewar.org/
3- يوسف عودة، حركة شاس ودورها في المجتمع الإسرائيلي، 29/5/2005، العدد: 1212، https://www.ahewar.org/
4- ممدوح مكرم، خريطة أحزاب الصهيونية الدينية في “إسرائيل”24/11/20222،
https://www.ida2at.com/
5- يوسف عودة، مثدر سبق ذكره.

مواقف شاس والشخصيات الدينية والسياسية من الفلسطينيين

مع أن ما يطلق عليها أسس الفلسفة اليهودية في تحديد علاقة اليهود بغيرهم من البشر، المستمدة من “التلمود” – كتاب تعليم ديانة وآداب إسرائيل_ تبدو مفارقة للقيم الإنسانية والفطرة البشرية السليمة ، فهي للأسف التي تحدد سلوك اليهود المادي واللفظي من غيرهم من البشر، وتكشف جذر ذلك التوحش والدموية في سياسة الكيان الصهيوني من الشعب الفلسطيني التي تقوم على ثلاث أفكار أساسية تنضح تعاليا وعنصرية وادعاء بالتفوق الذي مصدره إلهي:
فاليهود حسب تلك الأفكار هم شعب الله المختار، ولذلك فأرواح بني إسرائيل تتميز عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله، كما أن الابن جزء من والده، والأرواح الأخرى أرواح شيطانية شبيهة بأرواح الحيوانات، والإسرائيلي عند الله أعظم من الملائكة.
بل إن الدنيا بأسرها حسب هذا الذهن المريض ملك للإسرائيلي، ومن حقه أن يتسلط عليها بوصفه مساوياً للعزة الإلهية.
وأن نقطة الارتكاز التي يبدأ منها اليهود سيطرتهم على العالم هي فلسطين، ففيها يجب أن تقوم دولتهم لأنها أرض الميعاد، ولذلك يقول اليهود إن فلسطين أرض مقدسة لا يحق لأي فرد احتلالها وإنما هي حق لليهود وحدهم.(1)
ونجد تجليات ذلك السلوك غير الطبيعي في تصرفات الأشخاص لبمعنوية والطبيعيى الصهيوينة من دينية وغيرها فحزب الصهاينة السهود المغاربة (شاس)
يتبنى مواقف عنصرية تجاه الآخر بصفة عامة والعربي بصفة خاصة؛ ففي عام 1988م أصدر الحزب كتيبًا تضمن ترانيم وأناشيد وكلمة للحاخام عوفاديا يدعو للتصويت للحزب، وشعر ديني يقول:
يوم نور لإسرائيل يوم ملعون لإسماعيل
يوم مبارك لإسرائيل يوم اضطراب لإسماعيل
يوم خلاص لإسرائيل يوم شتات لإسماعيل
يوم خير لإسرائيل يوم شر لإسماعيل
يوم سلام لإسماعيل يوم كارثة لإسرائيل
يوم نصر لإسماعيل يوم هزيمة لإسرائيل
وبالطبع فإسرائيل لديه يمثل اليهود، وإسماعيل يمثل العرب، وهو شعر يعكس الحقد العميق المتأصل في الشخصية اليهودية المتشددة تجاه العرب.(2)
وكان إيلي يشاي رئيس حزب اليهود المغاربة( شاس) قد دعا أثناء الحرب على غزة (يناير 2009م) ( عملية الرصاص المنصهر ) في إحدى المقابلات الصحفية إلى سحق غزة ؛ فقد قال: ” يمكن تدمير غزة كي يفهموا أنه لا يمكن إغاظتنا “، وقال أيضًا: ” يجب تسويتهم بالأرض ولتهدم آلاف المنازل والأنفاق والصناعات، سكان الجنوب يشدون على أيدينا كي تستمر الحملة حتى سحق حماس ” .
وخلال العدوان على غزة والمسمى “عملية عامود السحاب ” في 2012م دعا إيلى يشاي لتدمير البنى التحتية في غزة وإعادتها إلى القرون الوسطى وذلك بعد أن أخفقت الغارات الجوية الإسرائيلية في وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية، والتي وصلت إلى مدينتي القدس وتل أبيب، وقد قال فيما نصه: “إنه يجب إعادة قطاع غزة إلى القرون الوسطى، وذلك بتدمير البنية التحتية لشبكات المياه والكهرباء والطرق والمواصلات والاتصالات في القطاع من أجل تحقيق الهدوء لفترة طويلة “.(3)
فتفتق ذهن أمير أوحانا يهودي مغربي من صقور حزب الليكود اليميني عن عدد من المواقف اليمينية المعادية للفلسطينيين، آخرها ما يتعلق بتطعيم الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، كما يتهمه فلسطينيو 48 بتشجيع حوادث الجريمة والعنف بين صفوفهم، التي تحصد أرواح العشرات، من خلال تساهله في انتشار السلاح لدى عصابات المافيا، وتخفيف الأحكام القضائية بحق المتورطين في هذه الجرائم.
ويتهمه الفلسطينيون بأنه الوزير الأكثر تطرفا ضد المسجد الأقصى والحقوق الفلسطينية والإسلامية في القدس، وتنفيذ السياسات التهويدية في المدينة المقدسة.(4)
بل إن ميري ريغيف كانت وزيرة ليكودية مقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قد اشتهرت بمواقفها العنصرية ضد العرب والمسلمين، من أخطرها دفاعها عن قانون منع الأذان في المساجد الفلسطينية في الداخل، قائلة؛ إن “الأذان هو نباح كلاب محمد”. كما سبق لها أن وصفت الأسرى الفلسطينيين بأنهم “حيوانات بشرية وحقول تجارب”.(5)
أما الرئيس السابق لحزب العمل اليهودي المغربي عمير بيرتس وزير الحرب الأسبق، فيطلق الفلسطينيون يطلقون عليه لقب “وزير المجازر الإسرائيلي”، الذي صرح دائما بضرورة قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين والعرب.
وفور توليه وزارة الحرب، شرع بتنفيذ سياسة الاغتيالات ضد الكوادر الفلسطينية، كما قاد جيش الاحتلال في عدوانه على لبنان 2006، وارتكابه للمجازر المروعة هناك، وسلسلة العدوانات العسكرية على قطاع غزة، واتهمته منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس وواتش بارتكاب جرائم حرب(6).

واقترح اليهودي المغربي ميكي زوهار رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وهو ليكودي متطرف، من مواقفه العنصرية تقديمه لمشروع قانون لضم غور الأردن وشمال البحر الميت وبرية الخليل في الضفة الغربية، ومشروع فرض عقوبة الإعدام على فلسطينيين بحجة مشاركتهم في العمليات المسلحة.(7)
وقاد الحاخام الوزير رافي بيرتس اليهودي من أصول مغربية من موقعة كزعيم حزب البيت اليهودي، ووزير شؤون القدس، عملية تسجيل الأراضي فيها، بزعم أن معظم الأراضي الواقعة في الجزء الشرقي من القدس غير مسجلة بشكل صحيح، وهو أمر كان يجب معالجته لفترة طويلة، مطالبا بـ”توحيد” شقي المدينة، الشرقية والغربية.(8)
شلومو بن عامي
من قادة حزب العمل، ووزير الخارجية والأمن الداخلي الأسبق، ساهم بالتضييق على فلسطينيي 48 من خلال موقعه المذكور، وشارك في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، وأظهر تطرفا لافتا تجاه القضايا المطروحة على الطاولة، حتى إن الشاعر الفلسطيني محمود درويش وصفه بالقول: “شلومو بن عامي رجل علماني، أستاذ للتاريخ، ومتخرج في جامعات أوروبية، ويجيد الفرنسية والإنكليزية، ولا يختلف عن أي مثقف غربي، لكنه يتحول إلى حاخام في المفاوضات حول القدس، ويزعم أن بقايا هيكل سليمان موجودة تحت الحرم القدسي”.(9)
وهذا الحاخام آريه درعي رئيس حركة شاس وأجد عينات جالية ملك المغرب يعقب على التطبيع الإماراتي البحريني، بالقول؛ إنه “يجب أن يزور حكام العرب بلادنا لخدمة اليهود، ولا يجدر بنا أن نستقبلهم كشركائنا”.
وأضاف: “لا يمكن تحقيق سلام استراتيجي بين اليهود والمسلمين؛ لأن العرب هم دوابّ موسى، ويجب علينا فقط ركوبهم للوصول إلى الوجهة النهائية، فشراء سرج جديد وعلف جيد للدابة من واجب صاحبها، ولكن يجب أن ينظر صاحبها إليها كوسيلة للركوب فحسب، مكان الدابة في الإسطبل، ولا أحد يذهب بها إلى غرفة استقبال بيته”.
وتابع؛ “إن المسلمين سيبقون أعداء لليهود ما دام القرآن كتابهم، والعرب هم أبناء هاجر أمة إبراهيم، لذلك يجب أن يكونوا عبادا لليهود، اليهود هم شعب الله المختار، الحامل للرسالة، وليس لغيره الحق في ذلك، وكل من يدعي ذلك يستحق العذاب”.(10) تبك هي ذهنية وثقافة وسلوك الحاخام أريه درعي رئيس حركة شاس وممثل جالية الملك المغربي، هو لا يعادي الفلسطينيين فحسب بل يعادي كل العرب والمسلمين


الهوزامش
1- طارق محمد حجاج، مواقف الأحزاب الإسرائيلية المختلفة من القضية الفلسطينية، 24/6/2012، العدد: 3768، الحوار المتمدن
2- محمد عمارة تقي الدين، حزب شاس وموقفه من الصراع العربي الصهيوني، 23/4/2018، العدد 5854، https://www.ahewar.org/
3- محمد عمارة تقي الدين، المصدر السابق.
4- عدنان أبو عامر، ساسة الاحتلال من أصول مغربية: عنصرية مستمرة رغم “التطبيع” ، https://arabi21.com/
5- عدنان أبو عامر، المصدر السابق.
6- عدنان أبو عامر، المصدر السابق.
7- عدنان أبو عامر، المصدر السابق.
8- عدنان أبو عامر، المصدر السابق.
9- عدنان أبو عامر، الكصدر السابق.
10- عدنان أبو عامر، الكصدر السابق.
الفصل الرابع

اليهود المغاربة مغتصبون وأعداء للشعب الفلسطيني
اليهود المغاربة جزء من المشروع الصهيوني في فلسطين
قضايا الحل السياسي في فكر الصهاينة المغاربة

الفصل الرابع
اليهود المغاربة مغتصبون وأعداء للفلسطينيين
أكد اليهود المغاربة تفانيهم في خدمة الجيش الصهيوني ولهذا نجدهم حاليًّا نافذين في الدفاع والسياسة، في كيان الاحتلال الذي يوجد به أكثر من مليون مغربي هم جزء أساس من منظومته الأمنية والعسكرية وصناع القرار السياسي والاقتصادي في مواجهة الشعب الفلسطيني.
ويضج المشهد السياسي في كيان الاحتلال بأسماء لصهاينة من أصول مغربية، ينتمون إلى أحزاب يمينية متطرفة تتوافق ونزوعهم، وانسجاما مع طبيعة تركيبتهم الأيديولوجية والنفسية، لهذا يحاول زعماء اليمين استرضاءهم بالنظر لقاعدتهم الانتخابية، حتى أن بنيامين نتنياهو حين شكل حكومته التي سبقت الأخيرة مع بيني غانتس، شملت بالإضافة إلى رئيس الكنيست عشرة وزراء من أصل مغربي، أي ثلث وزراء “إسرائيل”.(1) وهذا يكشف كم هم معادون إن لم يكونوا الأكثر عداء للشعب الفلسطيني الذين يحتلون أرضه ومدنه وقراه.
هذه الصورة التي يؤكدها هذا الحضور السياسي المُقرر لصهاينة المغرب اليهود في أعلى موقع سياسي للكيان، تفضح حالة التدليس لنظام الحكم المغربي ممثلا بالمؤسسة الملكية، عندما يُوصَّف هؤلاء المغتصبين بأنهم جالية مغربية، في البلاغ الذي صدر عن الديوان الملكي عقب استئناف العلاقات الثنائية بين الكيان الصهيوني والنظام الملكي المغربي، عندما أكد أن هذه الخطوة تأتي “اعتبارًا للدور التاريخي الذي ما فتئ يقوم به المغرب في التقريب بين شعوب المنطقة، ودعم الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط، ونظرًا للروابط الخاصة التي تجمع الجالية اليهودية من أصل مغربي، بمن فيهم الموجودين في “إسرائيل”، بشخص جلالة الملك”.(2)
إن غياب النزاهة بمعناها الفكري والأخلاقي هي هنا سمة خطاب وسلوك النظام الملكي المغربي، عندما يتجاهل الحرب التي تشن على مدار الساعة في الضفة الغربية وقبلها على قطاع غزة وتدنيس واقتحامات الأقصى وتهويد القدس، ويعتبر المغتصبين الصهاينة من اليهود المغاربة الذين هم جزء من كل ذلك، جالية مغربية أسوة بمغاربة العالم الذين استقروا في بلدان مختلفة من أجل العمل والدراسة، وليس من أجل الاحتلال والاستيطان على أراضٍ نزعت غصبًا من أصحابها بعد تقتيلهم وتهجيرهم ليصبحوا لاجئين في مخيمات.(3) اللجوء داخل فلسطين وفي دول الجوار، فيما مكونات جالية ملك المغرب من الصهاينة اليهود تحتل بيوتهم وقراهم ومدنهم وتسرق ممتلكاتهم.
إن أي مقاربة لبعض أعضاء جالية ملك المغرب من الصهاينة اليهود تكشف مقدار التزييف وكي الوعي التي يقوم بها نظام المغرب الرسمي ضد الشعب الفلسطيني. مثال ذلك الحاخام آرييه درعي زعيم حزب شاس الدينية الذي يزعم حزبه الديني ، بأن أرض فلسطين كلها تابعة لـ”شعب إسرائيل”، ويعارض فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة؛ “لأنه سيشكل خطرا على أمن إسرائيل ووجودها”.
بل وصل الأمر بدرعي القول “إن المسلمين سيبقون أعداء لليهود ما دام القرآن كتابهم، والعرب هم أبناء هاجر أمة إبراهيم، لذلك يجب أن يكونوا عبادا لليهود، اليهود هم شعب الله المختار، الحامل للرسالة، وليس لغيره الحق في ذلك، وكل من يدعي ذلك يستحق العذاب”(4).
ويواصل ممثلو جالية ملك المغرب عنصريتهم كمحتلين فيسعى ميكي زوهار رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وهو ليكودي متطرف، لتقديم مشروع قانون لضم غور الأردن وشمال البحر الميت وبرية الخليل في الضفة الغربية، ومشروع فرض عقوبة الإعدام على فلسطينيين بحجة مشاركتهم في العمليات المسلحة.(5)
أما الحاخام الوزير رافي بيرتس وهو زعيم حزب البيت اليهودي، ووزير شؤون القدس، فقد وضع نصب عينيه مسابقة الزمن لتهويد المدينة المقدسة، من خلال إطلاق عملية تسجيل الأراضي فيها، بزعم أن معظم الأراضي الواقعة في الجزء الشرقي من القدس غير مسجلة بشكل صحيح، وهو أمر كان يجب معالجته لفترة طويلة، مطالبا بـ”توحيد” شقي المدينة، الشرقية والغربية.(6) ـ والمفارقة أن كل ذلك يجري فيما ملكه محمد السادس هو رئيس لجنة القدس!!

أما المجرم مائير بن شبات الذي زار المعرب كمستشار للأمن القومي لكيان الاحتلال، فقد شغل مناصب أمنية عدة، وتدرج في جهاز الشاباك، ليترأس قسم الإنترنت والتجسس. ولعب دورا في حربي غزة 2008 و2014، والمتهم بالإشراف على جرائم ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين. وبحسب موقع وزارة الحرب الإسرائيلية، فإن بن شبات خدم سابقا في لواء جعفاتي، والتحق بجهاز الشاباك في عام 1989، الذي عمل فيه سنواته الأولى بالمنطقة الجنوبية التابعة إداريا للسلطة الفلسطينية.(7)

الهوامش
1- عبد الحكيم الرويضي، نفوذ اليهود المغاربة في “إسرائيل”.. لمن الولاء؟ 18/02/2021 ، https://www.noonpost.com
2- عبد الحكيم الرويضي، المصدر السابق.
3- عبد الحكيم الرويضي، المصدر السابق.
4- عدنان أبو عامر، ساسة الاحتلال من أصول مغربية: عنصرية مستمرة رغم “التطبيع” ، https://arabi21.com/
5- عدنان أبو عامر، المصدر السابق.
6- عدنان أبو عامر، المصدر السابق.
7- عدنان أبو عامر، المصدر السابق.

اليهود المغاربة جزء من المشروع الصهيوني في فلسطين
لم يلتحق الصهاينة اليهود من المغرب بمشروع الحركة الصهيونية في فلسطين إلا ليكونوا جزءا من مشروع ما سمي بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين حسب خرافات التوراة والحركة الصهيونية والصهيونية المسيحية والغرب الاستعماري، وكان التحاقا واعيا بالهدف والدور.
وفور وصول صهاينة المغرب إلى فلسطين، تمركز أغلبهم في العاصمة تل أبيب، في حين اختار البعض منهم السكن في المستوطنات التي بُنيت فوق أنقاض القرى الفلسطينية في مدن حيفا ويافا، وغيرها من الأراضي الفلسطينية التي استولى عليها الإسرائيليون.(1)
وفي سياق تماهيهم في المشروع الصهيوني الكولنيالي، تفانى الصهاينة اليهود من أصل مغربي في خدمته، ولذلك فهم متورطون في جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، باعتبار أن الكثير منهم مسؤولون في الأجهزة العسكرية والأمنية الصهيونية، أما الذين لا يشاركون في الجيش والسياسة، فهم يسكنون في منازل هي أصلًا ملك لفلسطينيين.(2)
وقد كشف تقرير لصحيفة “The Jerusalem Post” الصهيونية الدور الفعال لليهود المغاربة في كيان الاحتلال، الذين أصبح عددهم يفوق مليون يهودي مغربي، ويشكلون ثاني تجمع في “إسرائيل” بعد اليهود الذين أتوا من دول الكومنولث. وذكرت الصحيفة الصهونية ضمن الاحتفاء بيهود المغرب الإشارة إلى أنهم أسسوا 111 مستوطنة بعد هجرتهم إلى فلسطين علة أنقاض قرى ومدن فلسطينية ، وقد تحولت بعض تلك المستوطنات إلى مدن كبرى اليوم.
وأضاف التقرير، أن اليهود المغاربة يشكلون قوة في إسرائيل اليوم، وهم ثاني تجمع عرقي هناك، ويفوق عددهم مليون شخص، ولهم تمثيل واسع في الكنيست الإسرائيلي، وممثلين في جميع القطاعات والشركات.(3)
ولأنهم جزء أصيل من مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين الفكرة والتجسيد، فقد تفاني الصهاينة اليهود من المغرب في خدمة جيش الاحتلال ولهذا تجدهم حاليًّا نافذين في الدفاع والسياسة، في حين أنهم غائبون تقريبًا في مجالي الاقتصاد والتكنولوجيا. فمن بين ستة ملايين نسمة، يعيش حاليًّا في “إسرائيل” أكثر من مليون يهودي من أصول مغربية، وهذا العدد مرشح للارتفاع لأنهم الأكثر إنجابًا، أما الآن فهم يأتون في المركز الثاني بعد اليهود الروس، ضمن التركيبة الديمغرافية الهجينة في التجمع الاستيطاني الصهيوني الإسرائيلي.(4)
وهم من ثم مكون أساس لجيش الاحتلال ارتباطا بعددهم وسياسة التجنيد أو نظام الخدمة العسكرية في “إسرائيل”، التي تلزم ضمن قانون التجنيد الإجباري الرجال والنساء المواطنين في “إسرائيل” وفوق سن الثامنة عشر، باستثناء واسع لغير اليهود (باستثناء الدروز)، ولطلبة المدارس الدينية من اليهود. فترة التجنيد هي 24 شهرا للنساء و36 شهرا للرجال.(5) وبالتأكيد فإن هذا يشمل المليون يهودي مغربي ممن تنطبق عليهم الشروط، أي أنهم جزء من آلة الاحتلال العسكرية بكل جرائمها الممتدة من عام 1948 حتى الآن، وهذا يدحض مقولة أنهم جالية مغربية.
ولا يمكن والحديث يدور حول مشاركة الصهاينة اليهود المغاربة في تأسيس الكيان مع سبق الإصرار والترصد تجاهل دور بعض أهم المسؤولين الصهاينة من النخب السياسية والعسكرية من أصل مغربي، كمحتلين صهاينة، الموزعون على كل الأحزاب الصهيونية.
وعلى رأس هؤلاء يأتي الحاخام آرييه مخلوف درعي وزير الداخلية ورئيس حزب شاي الديني الذي وُلد بمدينة مكناس المغربية، وظهر على الساحة السياسية لأول مرّة حينما تولى منصب مدير عام وزارة الداخلية في 1986 ولم يتجاوز 26 عاما، وسرعان ما أصبح القائد الفعلي لحركة “شاس” الدينية، بفعل نشاطه وقربه من زعيمها الروحي الحاخام عوفاديا يوسف، وفي الانتخابات الإسرائيلية 1999، قاد درعي، وزير الداخلية آنذاك، حزبه، وفاز بـ17 مقعداً، لكنه استقال فور ظهور النتائج بسبب ملاحقات قضائية، من أكبر قضايا الفساد في إسرائيل، وقبع في السجن عامين، وبقي خارج الحلبة السياسية عشر سنوات، ثم عاد لقيادة الحزب مجددا بعد غياب 12 عاما، وجرت العادة بعد كل انتخابات أن يتسلم درعي وزارة الداخلية، لأنها مهمة للمتدينين، وتتيح لهم السيطرة على ميزانية البلديات.

ووزير الأمن الداخلي أمير أوحانا: المولود لأبويين مغربيين، الذي أنهى خدمته العسكرية الإلزامية في 1997، ثم انخرط في الشرطة العسكرية، وأسندت إليه عدة وظائف، بينها القائد العسكري في حاجز “كارني” بقطاع غزة، وكذلك في جهاز المخابرات العامة “الشاباك”، وفي 2010 غادر الجيش، وتفرغ للعمل السياسي بحزب الليكود، وهو أول وزير إسرائيلي مثلي، ويرأس مجموعة مثليي الجنس في الليكود.
ثم وزير الاتصال بين الحكومة والكنيست دافيد أمسالم، الذي ولد لأبوين مغربيين، وهو عضو بحزب الليكود، وأحد مقربي نتنياهو، يسكن بمستوطنة “معاليه أدوميم” المقامة على أراضي الفلسطينيين المصادرة، وهي أكبر مستوطنة في القدس المحتلة.
وزيرة المواصلات والبنى التحتية ميري ريغيف، وُلدت لأب مغربي وأم إسبانية، وصلت الكنيست لأول مرة في انتخابات 2009، وفازت لاحقا بجميع الانتخابات، وهي من أنصار الجناح الأكثر تطرفا في الليكود، واشتهرت بلجوئها لألفاظ نابية وسوقية في خطاباتها، وعنفها بمهاجمة النواب العرب، وتقديم قوانين عنصرية، وعملت ناطقة باسم جيش الاحتلال، وتسكن بمستوطنة “روش هعاين” قرب تل أبيب المقامة على أراضي القرية الفلسطينية مجدل الصادق، وهي أول وزيرة إسرائيلية زارت أبو ظبي، وتجولت بمسجد الشيخ زايد عام 2018.
وزيرة تعزيز المجتمع أورلي ليفي أبي كاسيس: وهي ابنة عضو الكنيست والوزير الأسبق دافيد ليفي، التحقت بسلاح الجو، وانتخبت لأول مرة عضوا في الكنيست ممثلة عن حزب “إسرائيل بيتنا” المتطرف.
وزير الاقتصاد والصناعة عمير بيرتس: ولد في مدينة أبي الجعد بالمغرب عام 1952، وظهر على الحلبة السياسية، ووصل الكنيست لأول مرة بعد انتخابات 1988 عن حزب العمل، وبين 1983-1988، كان رئيسا لمستوطنة سديروت على حدود غزة، ثم رئيساً لاتحاد نقابات العمال الإسرائيلية- الهستدروت، وشغل وزارة الحرب، وأشرف على إنتاج منظومة القبة الحديدية للتصدي للصواريخ، ثم نائبا لرئيس الوزراء في 2006–2007، ووزيرا للبيئة.
وزيرة المساواة الاجتماعية ميراف كوهين: ولدت من أبوين مغربيين، وخدمت بإذاعة الجيش الإسرائيلي، ثم ناطقة باسم مكتب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وشغلت عضوا في الكنيست عن حزب “أزرق أبيض”.
وزير الشؤون المدنية في وزارة الحرب ميخائيل بيتون: ولد لأبوين مغربيين، وانضم لحزب “أزرق أبيض ممثل الائتلاف في الكنيست ميكي زوهر: ولد لأبوين مغربيين، شغل عضوية بلدية كريات غات، وهو رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية بين إسرائيل وأوزباكستان.
وزير شؤون القدس الحاخام رافي بيرتس: ولد لأبوين من أصول مغربية، عُرِفَ عنهما التشدد والتدين، وعلما أبناءهما بالمدارس الدينية، تخرج من الكلية الدينية، ثم خدم في الجيش والتحق بسلاح الجو، وتدرج في المناصب، حتى وصل رتبة عميد، وكذلك الحاخام الرئيسي في الجيش، وبعد خروجه من الخدمة العسكرية، بدأ مسيرته السياسية، وانتخب رئيساً لحزب البيت اليهودي.
وزير الخارجية السابق شلومو بن عامي: ولد في مدينة أصيلة بالمغرب، مؤرخ وأستاذ جامعي ودبلوماسي وسياسي كبير، شغل سفيرا لإسرائيل في إسبانيا، ثم انتخب عضوا في الكنيست ضمن قائمة حزب العمل، ثم عُين وزيرا للأمن الداخلي ومسؤولا عن الشرطة، حتى أصبح وزيرا للخارجية.
وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي: ولد بمدينة الرباط بالمغرب، سياسي يميني من أصل يهودي مغربي، شغل مناصب وزارية عديدة منها الخارجية، ونائب رئيس الوزراء، واعتبر ممثلا لصوت الطوائف اليهودية الشرقية.
موريس ليفي: رجل أعمال يهودي من أصل مغربي، عضو المجلس المؤسس للمنتدى الاقتصادي العالمي ورئيس مجلس إدارة مجموعة بوبليسيس، أقوى شركة إعلانية في الشرق الأوسط، وثالث أكبر مجموعة إعلامية في العالم، وتمتلك شركات “ساتشي آند ساتشي، ليو بورنيت، ستاركوم”، ومول في 2008 الاحتفال مرور ستين عاما على تأسيس إسرائيل في باريس. (6)


الهوامش
1- عربي بوست، يُساهمون في صناعة القرار بإسرائيل – وبعضهم يحلم بـ”العودة” للوطن.. حكاية يهود المغرب من أحياء “الملاح” إلى تل أبيب، 13/1/2021، https://arabicpost.net/
2- عدنان أبو عامر، ساسة الاحتلال من أصول مغربية: عنصرية مستمرة رغم “التطبيع” ، https://arabi21.com/
3- بديع الحمداني ، 60 عاما على هجرتهم الجماعية.. هكذا رحل اليهود المغاربة إلى إسرائيل،8 /9/ 2019 https://www.assahifa.com/
4- عبد الحكيم الرويضي، نفوذ اليهود المغاربة في “إسرائيل”.. لمن الولاء؟ 18/02/2021 ، https://www.noonpost.com/
5- التجنيد في إسرائيل https://ar.wikipedia.org/
6- عدنان أبو عامر، يهود المغرب بالمجتمع الإسرائيلي.. الخلفية السياسية وأدوارهم، https://arabi21.com/

قضايا الحل السياسي في فكر الصهاينة المغاربة
إن مراقبة مواقف شاس من الصراع الفلسطيني الصهيوني يكشف أن مواقف هذا الحزب تتلون حسب رؤية زعيمه في القضايا غير المفصلية، من ذلك أن شاس كانت في بداياتها تتبنى مواقف صنّفها البعض على أنها معتدلة من عملية السلام ؛ إذ أيد الانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة، معللًا ذلك بالرغبة في تجنب إراقة الدماء اليهودية، كما اعترف الحزب بوجود قضية فلسطينية وأبدى استعدادًا لإجراء تنازلات إقليمية في سبيل حلها(1)
وموقف شاس من العملية السلمية كان انعكاسا لموقف الحاخام (عوفاديا يوسيف)، قبل وفاته الذي أعلن خلال زيارته لمصر عام 1990م، ” بأن حياة الإنسان أغلى وأثمن بكثير من قيمة الأرض، فمن أجل إنقاذ حياة اليهود يجب إرجاع الأراضي الفلسطينية، ومبادلة الأرض بالسلام “.
هذه القراءة المتسرعة جعلت البعض يعتقد أن شاس تنادي بالانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة ومن الجولان أيضا، انطلاقا من المبدأ الديني (من أنقذ روحا في شعب إسرائيل، أنقذ عالما بأكمله).
ويتضح هنا، أن الحاخام (عوفاديا يوسيف)، ينطلق في موقفه من هذه المسألة من قاعدة أساسية، ألا وهي (أن حفظ النفس من الهلاك أسمى من أي شي آخر )، وهذا الموقف يحتمل وجهين، هما:-
الأول:- إذا كان بقاء إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة باستثناء القدس، سيؤدي إلى نشوب حرب ووقوع ضحايا يهود، فانه يمكن لإسرائيل بغية منع هذه الحرب وتحقيق سلام حقيقي الانسحاب من هذه الأراضي.
الثاني:- عدم الانسحاب من الضفة والقطاع إذا كان هذا الانسحاب سيعرض أمن إسرائيل للخطر، أو يزيد من احتمالات نشوب الحرب.
وبناء على ما سبق ذكره، نستنتج أن شاس تنطلق في مواقفها هذه من معايير أيديولوجية دينية بحتة، وذلك من أجل تحقيق أمن إسرائيل أو بعبارة أخرى من اجل تحقيق الأمن لليهود في دولة إسرائيل.(2)
وكانت شاس قد أيدت بدء التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية، ويتضح هذا من خلال موقف (إسحق بيرتس) وكذلك (أرييه درعي)، الذي كان يرى أن على إسرائيل أن تبدي مرونة أكثر في عملية السلام هذا من جانب، وأما الجانب الآخر، فعليها التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية، أو على الأقل عليها التفاوض مع أشخاص يحصلون على موافقتها، وإلا فإنها ستفشل في المفاوضات واعتبر أيضا أنه لا مناص أمام إسرائيل من التنازل عن أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة من أجل تحقيق السلام، فهو حسب وجهة نظره يعتقد بأن هذا التنازل عن هذه الأراضي سيسبب الآلام لشعب إسرائيل، ولكنه، من جهة أخرى سيحفظ أمنها. ويتضح هذا من خلال قوله (ربما كانت الخليل أو نابلس أكثر قدسية بالنسبة لليهود من تل أبيب، لكن هناك قداسة أكبر بكثير من قدسية الأرض، هي حياة الإنسان، وحتى نمنع سفك الدماء من كلا الجانبين، علينا أن نسعى من أجل التوصل إلى حل سياسي).
هذا وقد وصف أربيه درعي الانتفاضة الفلسطينية في أواخر عام 1987م بأنها ( أصعب حرب خاضتها إسرائيل، فالخسائر التي ألحقتها صعبة جدا، ولا يمكن تعويضها، والحل لا يكمن في استخدام القوة بل يجب أن يكون سياسيا ).
وأما بالنسبة لموقفها من اتفاقيات أوسلو، فقد دعمت حركة شاس هذه الاتفاقيات، ولم تكتفي بهذا فقط بل حثت رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) على السير قدما من أجل تطبيق هذه الاتفاقية مع الفلسطينيين، وعلى الرغم من كل هذا، إلا أن مواقف شاس تجاه عملية السلام ودعمها القوي للانسحاب من الخليل لم يؤثر على مدى الدعم لها، ويتضح ذلك من خلال تضاعف عدد الأصوات التي حصلت عليها شاس في انتخابات عام 1996م، حيث حصلت على(260) ألف صوت في انتخابات عام 1992م.
وبالنسبة لمفاوضات الحل النهائي، فإن شاس ترى بأن هذه المفاوضات ستكون صعبة ومعقدة، خاصة قضيتي اللاجئين والقدس، فعلى الرغم من الإجماع الإسرائيلي على عدم تقسيم القدس، إلا أنها ترى أنه يجب الدخول الحر للأماكن الدينية، وأن تكون إدارتها من صلاحية كل طرف، كذلك ترى بأنه يجب أن تكون الأطراف مبدعة وخلاقة وعاقلة في الاستجابة لطلب الفلسطينيين في موضوع القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، وأنه في نهاية المطاف لا بد من أنه سيكون هناك كيان وسيادة فلسطينية في الضفة والقطاع، لذا فهي ترى بأن على إسرائيل التنازل عن الأراضي مقابل تنازل الفلسطينيين عن فكرة العودة لحيفا ويافا، وانسحاب إسرائيل الكامل لحدود عام 1967م.
وبناء على كل ما سبق ذكره، نستنتج أن شاس حركة أكثر اعتدالا من الأحزاب الدينية الأخرى، وذلك بناء على قاعدة (حفظ النفس) فهي تؤيد إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين وذلك من أجل منع سفك الدماء من كلا الجانبين.

2) الاستيطان:-
يعتبر موقف شاس من الاستيطان تابعا لموقف الحزب الأم ( أغودات يسرائيل)، الذي قام في الأساس على عدم الاهتمام بهذه الجوانب، إلا أنه وبعد قيام إسرائيل، واشتراك ( أغودات يسرائيل) في المؤسسات الرسمية، فقد كانت مواقفها دائما مؤيدة للحكومة، فهو مثلا لم يعارض العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، ولا عدوان عام 1967م، كما أيد هذا الحزب اتفاقيات كامب ديفيد، وعلى صعيد الاستيطان فهو حزب ليس له أي نشاط استيطاني، نظرا لعدم وجود حركة استيطانية تابعة له.
وبعد أن انشقت شاس عن الحزب الأم ( أغودات يسرائيل) استمرت في تطبيق سياسة خاصة بها، فهي كانت أكثر اعتدالا في المواقف السياسية من الأحزاب الدينية الأخرى، حيث أنها أيدت التنازل عن الأرض مقابل سلام حقيقي يضمن أمن إسرائيل، أما في حالة عدم ضمان أمن إسرائيل فإنه يتوجب على إسرائيل
عدم الانسحاب أو التنازل عن هذه الأراضي، هذا وقد اعتبرت أيضا أن إقامة دولة فلسطينية آت لا محال، وفي هذه الحالة فإنها تتخذ موقفا معينا من المستوطنات والاستيطان يتمثل بآلاتي:-
إنه في حال قيام دولة فلسطينية، فإنها ترى بأن أغلب المستوطنات الصغيرة سوف لا تكون تحت السيادة الإسرائيلية، وفي هذه الحالة، فعلى المستوطنين إما القبول بالعيش تحت السيادة الفلسطينية، وإما العمل على تفكيك هذه المستوطنات، وهنا وفي حالة قبول المستوطنين بالعيش تحت السيادة الفلسطينية، فإنه يجب توفير الأمن لهم، وأن وضعهم سيكون مماثلا لوضع العرب في إسرائيل.
وهذا يتضح من قول درعي ( إذا أرادت المستوطنات الصغيرة أن تبقى تحت السيطرة الفلسطينية فلها ذلك، وإذا أرادت الرحيل فلترحل، إنه لمن التخريف الاعتقاد بأن كل المستوطنات الصغيرة ستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية).
وبناء على ما سبق ذكره، نستنتج أن شاس تعتبر أن ( أـرض إسرائيل) كلها تابعة ( لشعب إسرائيل) تبعا( لتوراة إسرائيل). لذا فإنه يحق لليهود الاستيطان في أي جزء منها، وأن التخلي عنها يكون فقط من أجل الأمن، ويكون فقط بواسطة إعلان من الحاخامين، أي أن شاس تنطلق قي موقفها من قضية دينية، وذلك من أجل ضمان أمن إسرائيل، لذا فهي ترى أنه يجب حل قضية المستوطنات حلا سلميا، وذلك إما عن طريق القبول بالعيش تحت السيادة الفلسطينية مع ضمان الأمن لهم، وإما العمل إلى تفكيك هذه المستوطنات. (3)
غير أن كل مواقف شاس تلك باتت من الماضي، ذلك أن هذه الحركة الدينية المتطرفة ترفض الآن تماماً وقف الاستيطان خلافاً لما يطالب به الفلسطينيون ودول غربية وعربية . وترفض الحركة حتى مجرد التفاوض حول مصير ووضع مدينة القدس ، بل إنها تطرح مطالبة الدول العربية بتعويض اليهود الذين هاجروا منها إلى الكيان الصهيوني.(4).

ويمكن القول أن كذبة السياسة المعتدلة لحزب الصهاينة اليهود المغاربة قد كشفتها موافقه المتطرفة حول القدس والاستيطان ورفضه إقامة دولة فلسطينية .

الهوامش
1- محمد عمارة تقي الدين، حزب شاس وموقفه من الصراع العربي الصهيوني، 23/4/2018، العدد 5854، https://www.ahewar.org
2- يوسف عودة، حركة شاس ودورها في المجتمع الإسرائيلي، 29/5/2005، العدد: 1212، https://www.ahewar.org/
3- يوسف عودة، المصدر السابق.
4- ممدوح مكرم، خريطة أحزاب الصهيونية الدينية في “إسرائيل”24/11/20222، https://www.ida2at.com/

الخاتمة
بدلا من الاعتذار عن تواطئها في تهجير اليهود المغاربة إلى فلسطين ليحل محل أهلها ولكي يكونوا جزءا من المشروع الصهيوني الذي استهدفهم وما يزال. يستمر الموقف الملكي المغربي المعادي للشعب الفلسطيني وهذه عبر تمرير خدعة الجالية المغربية للصهاينة اليهود المغاربة.
وليس لدينا شك في أنها محاولة لتزييف الوعي أقدم عليها النظام الملكي المغربي، لتبرير علاقته مع الكيان الصهيوني في ظل أشد سياسيات الكيان الغاصب توحشا ضد الشعب الفلسطيني طالت كل مظاهر الحياة، وارتكابه جرائم ضد الإنسانية وفق منظمات دولية معنية بشؤون الإنسان، فيما يدعي النظام الملكي الغربي أن إقامة هذه العلاقة هي للتقريب بين الشعوب، بما يعنيه ذلك أن تجمع المستجلبين اليهود من 99 إثنية بالنسبة للمغرب هو شعب؛ في حين أن اليهود المتشددين دينيا( الحريديم) لا يعتبرون البعض من الشعب.
لكن من قال إن سكان فلسطين المحتلة المستجلبين من أربعة أرجاء الدنيا يكونون شعبا يود الملك المغربي أن يقارب بينهم وبين الشعوب الأخرى التي بعض منها، أقامت دولها اتفاقيات سلام مع الكيان لكنها على مدار عشرات السنين رفضت التطبيع مع هذا الكيان، وهنا لابد من استحضار المؤرخ اليهودي الإسرائيلي شلومو ساند الذي فند مقولة أن هناك شعبا يهوديا، وأن مقولة شعب يهودي هي خرافة أكدتها الوقائع المادية العلمية. والصحيح أن هناك دينا يهوديا لكن لا يوجد شعب يهودي، وإنما هناك مجموعات بشرية من إثنيات مختلفة اعتنقت الديانة اليهودية، ومثال على ذلك الأمازيغ اليهود ـ هل ينتمون إلى خرافة الشعب اليهودي؟ أم هم سكان المغرب الأصليين الذين اعتنقوا الديانة اليهودية، وليس لهم علاقة بمفهوم الشعب اليهودي؟
وخلاصة القول إن المغرب ممثلا في مؤسسته الملكية العائلية قد تواطأ مع الحركة الصهيونية مقابل ثمن مادي أو خدمات أمنية من الكيان، وهو يعيد إنتاج التواطؤ على الشعب الفلسطيني بتوصيف مرتكبي المجازر ضده ومصادري أرضة ومنتهكي حرمات مقدساته بأنهم مغاربة، فيما يسمى الجالية الصهيونية اليهودية المغربية!! وهذا هو التدليس بعينه.ومقابل ذلك فإن أغلبية الشعب الفلسطيني التي تخوض الاشتباك اليومي مع الاحتلال تعرف جيدا من هم اليهود المغاربة وبالاسم والجرائم .. وهم حسب توصيفها مغتصبون وأعداء للشغب الفلسطيني وليسوا جالية مغربية، إذا ما اعتبرنا أن المغرب حتى الآن هي دولة عربية إسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى