أحوال عربية

دور الأستاذ الجامعي في نهضة وبناء سورية

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات السورية

تتجه أنظار السوريين صوب أساتذة الجامعات بعد الحرب الشرسة التي عاشوها على مدار 12 عاماً ولا زالت مشاهدها حاضرة في أذهانهم، ورغم الثمن الكبير الذي دفعه السوريون في تلك الحرب إلا أن الأمل يحذوهم في أن ينجح الأساتذة كشريك فاعل ومؤثر في إعادة الإعمار والمساهمة في تقديم أفكار ومقترحات علمية تساعد في التخفيف من المنعكسات السلبية للأزمة وتخدم مشروع إعادة البناء وتعزز التشاركية بين الجهات الحكومية والخاصة.

يقع على عاتق الأستاذ الجامعي مهام عديدة تنبثق من أدواره المتعارف عليها، حيث تشمل التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، بالإضافة الى إعداد شخصية الطلاب بما يتضمن الجوانب المعرفية والوجدانية والمهارية.

ونظراً لامتلاك الأستاذ الجامعي شخصية متسامية تعمل بحرص على توجيه الطلاب نحو بناء خبراتهم ببذل أقصى ما يمتلكون من الطاقات بما يسهم في بناء مستقبلهم ومن ثم بناء ورقي مستقبل سورية.

ودور الأستاذ الجامعي في نهضة سورية لا ينفك عن جهوده المتواصلة والمستمرة وسعيه الدؤوب في التنمية المهنية والأكاديمية والمشاركات الإيجابية في الملتقيات والمنتديات والمؤتمرات، والعطاء المميز في الإنتاجية العلمية التي تسهم في تجديد المعرفة ، وهذا يرتبط بتمتعه بروح الولاء والانتماء إلى مؤسسته الجامعية وإلى وطنه الجامع، وهو ما تحتاج إليه سورية في تمتين وتعزيز أركانها، لتتبوأ قدرها ومقدارها بين مصاف الدول، وتمتلك مقومات الريادة والتنافسية، وذلك ما يحث عليه الرئيس الأسد دوماً، ويؤكد بشكل مستمر على دور العلم والعلماء في نهضة سورية.

مما لا شك فيه، أن استغلال قدرات المؤسسة الجامعية في خدمة المجتمع ونهضته يتأتى من عمل الأستاذ الجامعي ودوره الفاعل في تزويد مجتمعه بمن يمتلكون مهارات سوق العمل المحلي والدولي، ولديهم مقدرة على مواجهة تغير المهن وتطور المهام، ويثابر الأستاذ في تشكيل الوعي الصحيح نحو المشاركة في قضايا المجتمع المتجددة، ويسهم في تعزيز ربط الطلاب بالمؤسسات الإنتاجية والخدمية بالمجتمع، ومن ثم يربط بحوثه العلمية بخدمة مجتمعه والتي تعالج مشكلاته وتساعد في تنميته، ولا يتوقف عن تقديم المشورة لمن يطلبها من مؤسسات المجتمع العامة والخاصة، وبالطبع يشارك بشكل مستمر في الندوات خارج المؤسسة الجامعية، وفي الدورات التدريبية التنموية للفئات النوعية المستهدفة التي تعمل على تطوير ورقي مؤسساتها في سورية.

ويقدم الأستاذ الجامعي جميع بحوثه ليخدم مجتمعه وينمي موارده، كما يعمل الأستاذ الجامعي على تنمية الأمن الفكري لدى طلابه، فعندما يؤمن الفرد بثوابت القيم المجتمعية ومبادئه يتأكد الاطمئنان وتتأصل الجذور، ومن ثم يبتعد الفرد عن كل ما هو دخيل من فكر هدام، ويتبلور لديه الفكر السليم والقيم والتقاليد المجتمعية، ويمثل ذلك بعدا استراتيجيا لأمن الدولة واستقرارها.

وفي السياق نفسه تقدر سورية العلم والعلماء وترفع من شأنهم ومن مكانتهم الاجتماعية ، وقد برز ذلك جلياً من خلال تقدير أصحاب الكفاءات بمنحهم الأوسمة لرفع الروح المعنوية لديهم، وتقديم الخدمات الاجتماعية المختلفة لهم في شتى المجالات، كل ذلك يؤكد على أهمية مكانة العلم في سورية ووضع رؤية لرسم معالم سورية الغد.

فبالتعليم تبنى وتنهض الأمم، لذلك يعد التعليم في سورية محور التنمية الأول في مختلف أنشطة وخطط الدولة، ووزارة التعليم العالي ماضية في تنفيذ إستراتيجية تطويرية تم إعدادها بعناية بالتشارك مع مؤسسات المجتمع وصُناع القرار، والطموحات لا حدود لها في أن نعايش تعليماً متقدماً يتفق مع آمال وتطلعات المواطن.

مهمتنا اليوم وضع المجتمع السوري على سكة النهضة الشاملة المطلوبة وغلق الصفحات السوداء التي ملأتها سيئات الماضي الكئيب وفتح صفحات جديدة ناصعة البياض نرسم فيها مستقبلنا المشرق ونخطط في ثناياها ملامح قادمنا الجميل، ليكن شعارنا منذ هذه اللحظة “الإنطلاقة” نحو البناء وإعمار سورية وبناؤها بالتوعية المجتمعية للوصول بها الى ناصية الدول المتطورة، فسورية ستبقى على الدوام صامدة بفضل محبة والتفاف الشباب حولها، وستنهض من الحرب الحالية أكثر عزيمة في مواجهة الدمار والخراب، فبزوال الأزمة سيعود كل شيء إلى ما كان عليه قبل الأزمة، لأن سورية قادرة على أن تنجب من جديد العلماء والأطباء والمهندسين، سورية التي بنت القاعدة الصناعية من المعامل والمصانع وشيدت الجامعات والمعاهد وبنت المستشفيات قادرة أن تبنيها من جديد والأهم إن الإنسان السوري لم يهزم من داخله ومازال يقف بالمرصاد ضد المشاريع والخطط الاستعمارية ضد أمتنا العربية.

وبإختصار شديد، إن وطننا سورية يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى جهودنا وعزائمنا، وهذا يتوقف على قدرتنا في أن نشجع جميع الأفراد على تحمل مسؤوليتهم والمشاركة من موقعهم في العمل على التغيير في أخلاقيات المجتمع وإستعادته لقيم الصدق والصراحة والأمانة، وضرورة العمل بروح الفريق الواحد لضمان نجاحهم بالرغم من كل المعيقات التي ستواجهنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى