الصحافة الجديدةتعاليقرأي

تعمد ايقاع الاذى الصحفي

تعمد ايقاع الاذى الصحفي يوسف المحسن كاتب، روائي

بإجماع غريب يصر المهتمون في العالم على تسمية الاعلام اليوم بالمتطفل على الاشياء والاحداث والهواجس وربما الافكار . وهذا التحول ربما يحسب في بعض من جوانبه لصالح الاعلام وقد يفسر على انه مديح يكال لمهنة لم تحصل على نصيبها من القواعد والمسلمات . ذلك لان الصحفي لم يعرف حتى الساعة قانونا او توجها ثابتا يجعله في دائرة اليقين حول سلوكيات مهنته . واذا مااستثنينا القواعد العامة التي تصدرها بعض من المؤسسات الاعلامية فأن من الخطأ الذهاب الى ان الصحافة صيغت في قانون . وقد عمل الصحفيون عبر المئتي عام الماضية على تحديد ضوابط عمل وخطوط عامة تكون معينا للصحفي كي لايبتعد عن جوهر رسالته . وهذه القواعد والسلوكيات تختلف من بلد الى اخر ومن مؤسسة الى اخرى .
ففي الامارات العربية المتحدة يسمح بقيام الدولة بتقديم المنح المالية الى مؤسسات اعلامية وهناك وزارة للاعلام وفي العراق الدستور العراقي اكد على حرية واستقلالية الاعلام لكنه لم يمنع الحكومة من دعم الاعلام او تشكيل وبناء مؤسسات اعلامية خاصة بها رغم انه لم يشرع لك ,اما في الولايات المتحدة الامريكية فقد منعت الحكومة من دعم الاعلام حفاظا على حياديته , ووفق الدستور الامريكي يمنع تدخل الحكومة في الاعلام اما المؤسسات التي تمولها الحكومة الامريكية فهي مؤسسات تخاطب الخارج الامريكي وتنقل وجهة نظر امريكا الى المتلقي في خارج القارة الامريكية كقناة الحرة الفضائية وراديو سوا .
وغالبية المؤسسات الاعلامية في امريكا التي لاتوجد فيها وزارة للاعلام او وزارة للشؤون الدينية او وزارة للتخطيط تنقسم الى نصفين تجارية وتعليمية والاخيرة تعتمد على التبرعات وخاصة من المشتركين او مساهمات الجامعات او المؤسسات الخيرية او منحة الحكومة الفدرالية , اما التجارية فهي المؤسسات التي تستقبل الاعلانات وتعتمد عليها في التمويل .الامريكيون لايخططون حكوميا وانما شعبيا ويسعون لحماية الدين من الحكومة لا حماية الحكومة من الدين مثلما تفعل فرنسا او تركيا او الكويت . ذلك لان مجاميع الضغط في امريكا(اللوبي) هي التي تخطط وتتابع وتشرف وقد تنفذ مطالبها بشكل مباشر ,
العالم اليوم يفرق بين سلطة الاعلام وهي السلطة الرابعة في الدول (الديمقراطية) وبين إعلام السلطة في البلدان (الاكثر ديمقرطية) فلا وصاية ولا تحيد ولاحجر ولا اعاقة على الاعلام ومن حق المواطن الحصول على الخبر والمعلومة بشكل شفاف وواضح ,والصحفي في العالم المتقدم شخصية عامة ذات تأثير وكثيرا ما يستقيل الصحفي عندما يشعر بأن ضغطا مورس عليه من قبل مرؤوسيه قد يدعوه الى الخروج عن حياديته وموضوعيته وكلمة السر هناك هو الاخبار والاعلان عن كل اشكال الضغط التي تمارس ضد الصحفي ومن اي جهة حكومية كانت ام شعبية ,في امريكا (الكافرة) حين تسأل اي مشرد اختار ان ينام في انفاق المترو عن الاعلام يقول لك امريكا لا تتقدم بلا اعلام حر يراقب ويخبر عن المعلومة ويجعلنا نحن (المشردين)ننام ملء جفوننا , والصحفي العراقي الذي يعاقب إذا ما ارتكب جنحة اعلامية كالتشهير والسب والقذف وفق مواد قانونية وردت في قانون العقوبات مثل المجرمين وارباب السوابق وقطاع الطرق فأن زملاء له في العالم يعاقبون وفق قانون الصحافة او وفق مواد قانونية اعدت بالتشاور مع اعلاميين , ففي امريكا لا تسمى الجنحة الاعلامية جنحة إلا اذا صاحبها اصرار على الاذى او الحاق الاذى وهو مايصعب اثباته على الصحفي خاصة وهو يسعى لنقل المعلومة بسرعة والمام وموضوعية ,واشتراط اثبات الاصرار على الاذى اهم سفينة نجاة لابد وان يتمسك بها قانون حماية الصحفيين المقدم الى مجلس النواب رغم علمي ان مسودة القانون لم تشر الى هذه الفقرة والواجب يقتضي ان (نتلاحك ارواحنا)ونقوم بإضافة هذه المادة التي تعطي الحرية المطلوبة لسلطة الاعلام وتبعدها عن اعلام السلطة ,وتضفي مديات اوسع للتحرك , وتقيد يد قانون العقوبات الذي قد يفسر كل نقد اعلامي على انه تشهير وتحريض وطعن وسب الخ , ووفق قانون العقوبات العراقي الحالي لايمكن للصحفي ان يعمل بحرية كاملة مالم تسعى الجهات القانونية الى فك الارتباط وتحديد مديات اشتغال الصحفي إذا كان الموضوع يتعلق بالمصلحة العامة او دعم ثقافة المعلومة وبين الدخول في الحريات الفردية او التجاوز عليها , وهذا لن يتم ما لم يدرج بند التعمد في ايقاع الاذى في المواد القانونية المتعلقة بالجنح الاعلامية , ان ايجاد قانون حماية الصحفيين هو الضمانه الحقيقية والارض السليمة التي يتواصل عليها الاعلام الحر المستقل المهني والموضوعي وكلما حيك القانون بدقة كلما تقدمت مهنة البحث عن المتاعب بمتاعب جديدة ,والغريب إن سلطة الاعلام هي الوحيدة التي تنتظر تشريعات من السلطات الثلاث الاخرى ولا تشرع لا لنفسها او لغيرها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى