أخبار العالمأمن وإستراتيجيةفي الواجهة

الولايات المتحدة الأمريكيّة والهـند، أو عندما تقرّب الصين نيودلهي بواشنطن!

عزيز فيرم – كاتب سياسي وروائي جزائـري

بدأ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زيارة رسميّة تاريخيّة للولايات المتحدة الأمريكيّة، من أجل تعزيز العلاقات بين البلدين في وقت حسّاس تمرّ به العلاقات الدوليّة، وتباحث مع نظيره الأمريكي عديد المسائل التي تهمّ الجانبين.

وتعتبر هذه الزيارة مهمة للغاية في المنظور الأمريكي لما تمثله الهند مه أهميّة جيّو إستراتيجيّة بالنسبة لواشنطن، الأخيرة تريد دعما أكبر لنيو دلهي في مواجهة الجار العدو الصين الذي يعتبر في المحصلة عدوا مشتركا، وربما عملت أمريكا على العزف جيدا على التنافر الحاصل بين الصين والهند على خلفيّة العداءات التاريخيّة والتي تسببت في نشوب كثير من النزاعات على التخوم الطويلة.

الولايات المتحدة تريد من وراء هكذا علاقة مع الهند عدة فوائد فالشركات الأمريكيّة تريد تصنيع رقائق إلكترونيّة داخل الديار الهنديّة ومن ثمّة الإستغناء بالتدريج عن الصين في هذا المجال الحسّاس، كذلك تريد بيع مسيرات كصفقة ضخمة ودعمها حتى في المجال العسكري تحسبا لأي طارئ أو تهديد قد يكون . أما الهند فتريد عقد تحالفات مع كل دولة ترى فيها مصالحها المختلفة ولو كانت تناقض توجهاتها وأهدافها وهو ما يحدث مع الولايات المتحدة حيث أن هناك العديد من المشاكل بين الجانبين والتي ربما تمّ بلعها نظير ما هو أهم خاصة من الجانب الأمريكي كقضايا حقوق الإنسان والتي ترافع عليها أمريكا في كل مناسبة وتلعب بها كورقة ضغط ومساومة مع الجميع متناسية وضع حقوق الإنسان بالداخل الأمريكي ووضعه عندما تتدخل هذه الدولة في شؤون غيرها، الهند أيضا تريد مزيدا من الأصدقاء ولو المؤقتين لزرع نوع من الرّهبة في نفس جارتها، لكن الهند بالمقابل لا تريد الإذعان لكل ما هو خارجي خاصة لكل ما هو أمريكي بدليل أنها لا زالت تشتري النفط الروسي ورفضت العقوبات الغربيّة على موسكو تحت علم الولايات المتحدة وفي حضرتها.

أمريكا تعلم كذلك أن الهند عضو فاعل ومؤسس في منظمة البريكس التي تضم كذلك العدوين اللدودين الصين وروسيا، وهنا قد يطرح إشكال مدى رغبة واشنطن في تحييد نيودلهي عن المنظمة وإغوائها واستعاضة منافعها فيها بغيرها من المصالح والتنازلات.

لكن لا يبدو الأمر سهلا لهذا الحد رغم وجود مؤشرات سلبيّة من بينها تلجيم الهند بعقد اللؤلؤ الذي صنعته بيكين لحصارها إقتصاديا حيث وضعت الأخيرة عدة تعاقدات مع سري لانكا وباكستان وميانمار وبنغلاديش بخصوص الحركة في موانئها وهو أمر يثير الريبة والهواجس من أن تتحول تلك الموانئ إلى عسكريّة بدل أن تبقى تجاريّة.

في منطقة شرق آسيا قوتان الصين والهند بما يمتلكونه من ترسانة رهيبة في كل المجالات خاصة العسكريّة والإقتصاديّة والتكنولوجيّة، والمواجهة بينهما قد تحدث في واحد من المجالات المذكورة واحدها أو كلها ولكن إلى ذلك ربما كان على كل طرف أن يعقد سلسلة تحالفات جديدة ولو مع الأعداء لأن السياسة مصالح حيث لا يوجد عدو أبدي ولا صديق سرمدي، وربما تريد الولايات المتحدة إذكاء نار العداوة والخصومة بين الطرفين بمنطق فخار يكسر بعضه بعضا ثمّ أنا ومن بعدي الطوفان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى