في الواجهة

العالم دخل مرحلة السيطرة الآسيوية

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

كيشور محبوبانى مفكر سنغافورى تقدره كل دول آسيا ، ومنذ عدة سنوات وهو يصرح دائما بأن القرن الحالى هو قرن آسيا وذلك لصعود كل من الصين والهند مع دول الآسيان منذ مطلع القرن الجديد بطريقة غير مسبوقة حتى فى ظل العولمة الأمريكية التى ظنت الولايات المتحدة أنها من خلالها ستتحكم فى تجارة العالم بل وسينتهى التاريخ عند تلك النقطة من سيادة الحضارة الغربية على العالم (نظرية فوكوياما). إن دول آسيا بالفعل تضم 60% من سكان العالم وأكثر من ذلك من حجم التجارة العالمية فى ظل أعلى معدل نمو عالمى وفى ظل وجود دول كثيرة صاعدة مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وإيران وتايلاند وماليزيا وفيتنام والسعودية والإمارات وسنغافورة والفلبين وهونج كونج وتايوان وبنجلاديش وباكستان بالإضافة إلى الدول التى لها ميول غربية مثل اليابان وتركيا وإسرائيل وكذلك روسيا ودول الاتحاد السوفيتى السابق الأسيوية.
الغريب فى أقوال المفكرين فى الشرق أن معظمهم يعتقدون أن الغرب لم يفهم دول آسيا إلى الآن ، لذلك فالولايات المتحدة تحاول الآن تعديل طريقة معاملتها لدول آسيا بعد أن بدأت تفقد مكانتها نتيجة اتحاد تلك الدول وخروج منظمات إقليمية قوية مثل الأسيان والتعاون الخليجى والتجارة الحرة فى شنغهاى بالإضافة إلى البريكس التى تضم أيضا الصين والهند مع روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا. إن تطور دول آسيا قد خرج بالفعل عن الهيمنة الأمريكية والأوروبية مما يشير إلى تغير النظام العالمى بالفعل خاصة فى مجال حرية التجارة ( العولمة الاقتصادية) وقد تبعه أيضا تغير ثقافة دول آسيا بنوع جديد من العولمة الثقافية التى تضع معايير جديدة قد لا تتفق مع المعايير الغربية فى الحرية الاجتماعية والحرية الجنسية . وبرغم تنوع ثقافات شرق آسيا وتنوع المعتقدات بين الإسلام والمسيحية والهندوسية والبوذية والكنفشيوسية وغيرهم من أديان الشرق إلا أن طبيعة الشعوب فى الشرق تقترب من بعضها كثيرا ويمكنها أن تتوائم كما يحدث فى إندونيسيا وماليزيا وتايلاند من توائم بين الإسلام والبوذية والهندوسية أو فى كوريا الجنوبية والفلبين من توافق بين الديانات الشرقية والمسيحية او فى التنوع غير العادى فى الهند. ومع هذا التنوع الثقافى بدأت دول مثل الهند والصين واليابان فى الغزو الثقافى العكسى للغرب والعالم من خلال الفن والثقافة وأفلام بولييود الهندية والأنيميشن اليابانية والفنون الصينية ووصل التطور إلى الرياضة الشرقية التى بدأت تفرض نفسها على الغرب مثل رياضات اليابان والصين .
أما التطور العكسى الأكبر فى العولمة الأسيوية فهو استحواذ دول آسيا الان على مفاصل التكنولوجيا ومشاركة الولايات المتحدة عليها وخاصة فى تايوان وهونج كونج والصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية بل ودخول كل من إيران وإسرائيل وسنغافورة إلى حلبة الصراع التكنولوجى .
إن التقدم الاقتصادى لدول آسيا يجعل توقعات عام 2035 الغربية من الولايات المتحدة ليس الثانى بل ربما الثالث اقتصاديا على العالم بعد الصين والهند ويجعل الكثير من دول آسيا تدخل مجموعة العشرين الأكبر اقتصاديا عالميا وهو ما يقلق الولايات المتحدة وأوروبا.
هناك اتجاهات أسيوية الآن ناحية التعاون معا والتبادل الاقتصادى والثقافى ولكن الولايات المتحدة بالطبع لا تريد هذا التوافق خاصة مع الصين وتحاول بشتى الطرق مع الدول الأوروبية واليابان منع التوافق الأسيوى ، ولكن الدول الأسيوية برغم ذلك ماضية على خط التوافق ولربما ينتج عن هذا التوافق خلال العقد القدام كيان جديد يضم دول آسيا ينازع الولايات المتحدة والصين والدول الغربية فى المكانة وهنا ستخرج عولمة جديدة من آسيا بزعامة الهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وقد تصل بالعالم إلى عالم بلا أقطاب أو GZero كما يعتقد المفكر الأمريكى إيان بريمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى