إسلامثقافة

الشيخ مسعود حاج قويدر غرداية..نشأ في ظل القرآن وترعرع بين أحضانه وشب وعاش ومات على القرآن.

فضيلة الشيخ الطالب مسعود حاج قويدر من حي الثنية بولاية غرداية.رجل نشأ في ظل القرآن وترعرع بين أحضانه وشب وعاش ومات على القرآن.

مربي الأجيال الثلاثة ومنور العقول محارب الأمية الطبيب الشعبي.

رجل نشأ في ظل القرآن وترعرع بين أحضانه وشب وعاش ومات على القرآن.

من لا يشكر الناس لا يشكر الله ومن لا يدين بالفضل للرجال ناكر للمعروف.

ومن الشكر والفضل صنيع جميل المعروف. والمعروف دين لا بد أين يؤدى لكن إلا بمكافأة قيد حياة صاحبه أو بالترحم وبخالص صالح الدعاء بعد وفاته، ولما كان معروف الشيخ الطالب مسعود رحمه الله الذي أسداه إلى طلبة التعليم القرآني طيلة مشوراه التعليمي لعقود خلت، فإنه لا وسع لنا اليوم لمكافأته، فيبقى الدعاء الصالح والترحم عليه له دين علينا جميعا.

لقد لبى فضيلة شيخنا الطالب مسعود حاج قويدر, نداء ربه بعد مرض عضال ألزمه الفراش وأقعه لفترة منعته من التدريس ولكن لم يمنعه من متابعة طلبته والتعليم القرآني، وقد أمد الله تعالى في عمره الذي أفنى منها خمسة وأربعون 45 سنة. في التعليم القرآني، وأكرمه الله عز وجل إذ جعله من خيار خلقه الذين تعلموا القرآن وعلموه .من قيل في حقهم عن سيدنا وحبيبنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه في حديثه الشريف (خيركم من تعلم القرآن و علمه ).

إن عمر الشيخ الطالب مسعود حافل بالإنجازات الكبيرة، ولا يمكن الإلمام بها كلها. ولكن سأوجزها في هذه الكلمة المتواضعة المنتقاة بقلمي بناء على كوكبة من طلابه من ستينات القرن الماضي إلى عشريتي القرن الواحد والعشرون.

ولقد كان الشيخ الطالب مسعود فارسا من فرسان القرآن. وكان وهو يجول بتلاميذه متمدرسي القرآن الكريم، يكشف بأسلوب يشعرهم بفخر وإعتزاز وهم يكتشفون تراث تعليم القرآن المتوارث من سلفهم الذي كانوا يجهلونه، وقد وقر في نقوسهم أن الشيخ أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتهم وفردا من عائلاتهم .

وبدون سابق إنذار صبيحة الخميس ليلة نصف شعبان لعام 1438ه, ليوم 11 ماي سنة2017م, حلت الفاجعة لتزف النبأ الحزين. وتعلن بأن روح الشيخ الطالب مسعود (حاج قويدر مسعود بن الطيب) فاضت على بارئها.

وفي أمسية تاريخية شهدت وفود عديدة من كل جهة. ودعت شيخها الطالب مسعود. أين شيعت جنازته بمقبرة سيدي أمحمد بمسقط رأسه. بحي الدخلة قصر المرابطين بمتليلي الشعانبة، في جو جنائزي مهيب وموكب من الرفقاء والأهالي والطلبة والإطارات إلى مثواه الأخير توديع أبدي والترحم عليه.

منذ منتصف القرن العشرين الماضي والقرن الواحد والعشرون, إحتل الشيخ الطالب مسعود مكانة في التعليم القرآني بحي الثنية غرداية. لمكانته وحكمته وكيفية تعليمه وتلقينه لطلبته علوم القرآن. فهو صاحب مدرسة مستقلة خاصة في المنطقة هو مسيرها غير خاضعة لا لسلطة ولا لنظام ولا تتلقى أي دعم ولا معنونة رسمية. ومدرسته معروفة ومستقطبة لكونها رائدة في منهجها وأسلوب تعليمها كما يشهد من تعاقبوا عليها كبارا وصغارا، لذلك جاءت متفردة في عطاءاتها. وجاء من بعده المعلمون يسيرون على نهجه ويقتبسون من شعاع علوم مدرسته، فخرا لهم ووساما يتشرفون ويتابهون به. لأن مدرسة الشيخ الطالب مسعود هي المدرسة الأولى بالحي وبالمنطقة بالستينيات من عصر القرن الماضي, التي إنطلقت منها مناهج التعليم الصحيح والإصلاحات برمتها.

نبذة عن الشيخ الطالب مسعود:

هو نجم من نجوم معلمي القرآن الكريم مربي الأجيال للأجداد وللأباء والأبناء، قطب من أقطاب المالكية معلمي القرآن الكريم خلال نصف القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرين.

إنه الشيخ المعلم المربي الشيخ الطالب مسعود.

نشأته وحياته.

الحاج قويدر مسعود بن الطيب بن محمد بن عبد القادر بن الحاج قويدر بن عبد القادر بن قويدر بن الزيغم بن الطيب ولأمه بن بوقلمونة فاطنة بنت أمحمد بن عبد القادر وجداته كل من سهيلة و خديجة, خاله الشيخ بوقلمونة الحاج محمد زعليق, معلم وإمام من مشايخ المدينة وأعيانها عصر حياته ورحمة الله عليهم جميعا. من أسرة محافظة ميسورة الحال عريقة النسب مستقرة المقام, أهل علم ودين وقٍرآن وأدب وقضاء.

نسبه.

من أحفاد الوالي الصالح سيد الزيغم ,أبوه الطيب معلم قرآن وجده قاضي المالكية بمتليلي وغرداية من كبار أعيان العرش والمشايخ.

مولده:

ولد سنة 1927 ببيت جده القاضي حاج قويدر عبدالقادر ( قاضي المالكية بمتليلي و غرداية وضواحيها) المنزل الذي مزال شاهد حي كإرث عائلي تاريخي أثري تراثي غني زاخر ,يحكي سيرته العطرة للأجيال عبر الزمن كونه أقدم بيت بالمنطقة لأكثر من 02 القرنين, بدخلة الزاوية قصر المرابطين بمتليلي الشعانبة ولاية غرداية بالجنوب الجزائري.

تعليمه:

تتلمذ على يد والده الطالب محمد حاج قويدر رفقة كل من الطالب غزيل الحاج قويدر والحاج محمد بن عبد الهادي وغيرهم.

رحل إلى في سفرية علم إلى مدينة المنيعة أين أكمل تعليمه على يد الشيخ الحاج المهدي الزوردي من وصول ليبية سنة 1956 وبدأ تدريس وتعليم القرآن سنة 1958

حياته المهنية و العلمية:

وعاد إلى غرداية سنة 1959 وأنكب على التدريس والتعليم كتاب الله بحي سيدي أعباز , ثم سنة 1960 إنتقل للتدريس بحي الثنية بغرداية أين حفظ على يديه كتاب الله عدد 18 حافظ من الشباب.

كان الشيخ يعتمد في تدريسه وتعليم القرآن لطلبته بالطريق التقليدية وهي اللوح من الخشب وطريقة الكتابة بالقلم مصنوع من قطعة قصب ويقوم بالإملاء الجزء من السورة التي يوجد فيها الطالب ويقوم بعد إتمام الكتابة بمراجعتها وفحصها وتحميصها. وبعد حفظ التلميذ يقوم بحيها بالطريقة المعتدة بالماء وتطلأ بالطين لكي تعود صفحة بيضاء فارغة صالحة للكتابة من جديد.

-مربي الأجيال الثلاثة :

ربي الشيخ وعلم أجيال وأجيال الأجداد والأباء والأبناء على مدار عقود خلت كما يشهد الكبير وصغير من الأجيال ممن تتلمذوا على يديه نذكر منهم السيد الشيخ بن حمادي والتلميذ أولاد حيمودة لخضر, ومن بين الرجال التي تعلمت وتربت على يدي الشيخ الطالب مسعود نذكر على سبيل المثال:

من بين الطلبة الذين تتلمذوا علي يدي الشيخ مسعود بمدرسة سيدي أعباز كل من السادة العماري بوجمعة و صيتي محمد وغيرهم

وبمدرسة حي الثنية كل من :

الدكتور أحمد بن بيتور رئيس الحكومة السابق – د مهيري العيد د جراح بالاغواط -الأستاذ هامل هامل مدير ثانوية -حجاج داودي رئيس بلدي حاسي الرمل سابقا -الأستاذ هامل علي مدير ديوان المطبوعات المدرسية بولاية غرداية و مدير نادي بدر بحي الثني غرداية -الأستاذ لقرع عبد الرحمن موثق -حاج قويدر بلقاسم نائب بالمجلس الشعبي الوطني سابقا -رباحي السهلي مهندس – سطارة قويدر مدير مدرسة -جقاوة عبد القادر شاعر -الشيخ بن حمادي -كتيلة محمد. بحيث أغلب شباب وإطارات حي الثنية العريق تتلمذوا على يدي الشيخ الطالب مسعود على مدار 45 سنة من سنة 1960 الى غاية سنة 2004. كما تتلمذ على يديه عدد كبير من الإناث.

إضافة الى التعليم القرآني كان الشيخ حريص على القيم والمبادئ الوطنية.

أضافة إلى التعليم القرآني، يقوم الشيخ الطالب مسعود بشرح متن الدين والعقيدة و الجوهرة والتوحيد وفقه العبادات وسهل المسالك وإبن عاشر وإبن الوردي والهمزية للإمام البوصيري وبعض النصائح مثل إبن الخلان و تأسيس فرقة مدائح وقصائد دينية.

بصمته التوعوية التحسيسية:

يقوم بكتابة حكمة اليوم بخط يديه بالسبورة يوميا بالمدرسة حاثا التلاميذ على قراءتها برفقته لحفظها و تعلمها لتعليمها.

وحكمة اليوم عبارة عن موعظة ينتفع بها و توعيته لمحاربة الجهل و الامية بالمنطقة وتنوير العقول.

نشاطه النضالي والسياسي:

كان الشيخ الطالب مسعود يقوم برفع العلم الوطني وتعليم وتحفيظ التلاميذ والنشء للأناشيد الوطنية التي كانوا يكتبونها باللوح بعد ترك سطر للتفريق بين القرآن و الأناشيد وتوعيتهم و تحسيسهم بالقضية الوطنية و ثورة التحرير الوطنية.

تأسيسه لفرقة إنشاد:

قام الشيه الطالب مسعود بتأسيس فرقة أنشاد للقصائد والمدائح الدينية.

  • إعتقاله وسجنه:

أعتقل الشيخ الطالب مسعود سنة 1960 بسبب نشاطاته السياسية و النضالية وجهاده التعليمي و الوعي والتحسيس.

-حرصه على التعايش السلمي وتوحد الصف :

حيث كان يقوم الشيخ الطالب مسعود بنقل طلبته لزيارة مدارس القرآن ومساجد مدينة غرداية لكل من الأباضية و المالكية و بمتليلي و المنيعة. كان رحمه الله متساكن متعايش من دعاة الخير والصلح بدليل كثرة تردده في زيارة فضيلة الشيخ الحاج داودي محمد بن عومر من أقطاب وأعلام الإباضية بغرداية.

تأسيسه فوج كشفي.

قام الشيخ الطالب مسعود رفقة الفقيد الفاطمي بتأسيس فوج كشفي بغرداية سنة 1962 وشارك في بعض المناسبات والمهرجانات والأنشطة المتعلقة بذلك. الفوج الناشط حاليا ويحمل إسم العلامة رائد الحركة الإصلاحية فضيلة الشيخ الإمام عبد بن باديس بحي الثنية ولاية غرداية.

كان الشيخ معلم ذو كفاء ونزاهة متقين متمكن من أداء مهمته بأحكام وإتقان كما يشهد له فضيلة الشيخ الحاج أحمد توريك أحد أقطاب المالكية بحي الثنية بغرداية.

كان الشيخ يتخفى لأجل تعليم القرآن كما جاء في شهادة معالي الدكتور شريط لخضر أستاذ بجامعة الجزائر.

أعــمالـــــــــه :

إضافة إلى ما سلف ذكره كان الشيخ الطالب مسعود يقوم بخدمة الناس بالتداوي بالأعشاب الطبية و بالرقية الشرعية.

موارده ومداخله المالية:

لم يتولى الشيخ الطالب مسعود اية وظيفة أو منصب حكومي يتقاضى عليه أجر ولم يكون لديه أي مدخول ماي قار من أية جهة أو مؤسسة مهما كانت لا رسمية و لا غيرها.

عاش الشيخ الطالب مسعود زاهدا قانعا راضي بعيشته, لا يتقاضى أي راتب أو أجرة من أجهزة الدولة والنظام من أية جهة كانت. فكل ما كان يتلقاه مساعدة المحسنين ومساهمة الطلبة الرمزية دزن تحديد مبلغ عن طيب خاطر حسب العرف و التقاليد المتعامل بها في ذلك الوقت عبر المدراس القرآنية. و بدون أن يطلب من طلبته أي شيء ولا مبلغ مالي لا من غني ولا من فقير. وإن ما قدمه لتلاميذه من مساعدة تفوق الكثير مقابل ما قدموه له كما يشهد السيد بن عبد الهادي محمد وأحد طلبته أنفسهم منهم الشاعر السيد جقاوة عبد القادر.

– تكريـم الشيخ:

تخليدا لذكراه سميت مدرسة قرآنية تحمل أسمه بحي الثنية التي درس بها الأجيال الثلاثة .كما كرم الشيخ الطالب مسعود بعديد التكريمات. عرفانا وتقديرا بمجهوداته المبذولة والمشهود له بها .ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر مسجد الثنية ونادي بدر, جمعية الوفاق الثقافية بمتليلي بوسام شرف العلم.

عن السادة الأستاذ علي هامل – بوعلام بن عاشور-لحرش عبد الرحيم – شرع بلقاسم. من شريط ومضات عن حياة الشيخ المعلم رحمه الله.

بقلم الأستاذ بامون الحاج نورالدين – ستراسبورغ فرنسا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى