مجتمع

الجريمة والجريمة!!

د. صادق السامرائي
الجريمة مهما كان نوعها، يرفضها المجتمع والقيم والمعايير الأخلاقية والدينية في مسيرة البشرية جمعاء، ويحاسب عليها قانون الأرض والسماء، وبسببها سُنت القوانين، ووضعت الشرائع والدساتير والأعراف وأولها مسلة حمورابي.

والمجرم هو الذي ارتكب الجريمة وعليه أن يأخذ جزاءه العادل وفقا للقانون.

ولا مزايدة ولا نفاق وتبرير وتضليل وتوهيم وكذب وتملق وخداع وتهليل.

فلا يمكن للمجتمعات أن تتواصل عندما يتحول فيها المجرم إلى بطل، أو لا تطاله قوانين العدالة والإنصاف، ولا يأخذ جزاءه، بل يتلقاه غيره .

ولا يمكن تبرير جريمة بجريمة، أو تقليل شأن جريمة بجريمة أفظع منها سبقتها.

فالسرقة سرقة، سواءً كانت سرقة فلس واحد أو ملايين الدنانير، وعلى المحاكم المختصة تقدير العقوبة المناسبة.

وما يثير العجب والإستغراب، ظهور عدد من المقالات التي تبرر جريمة فظيعة بجريمة أفظع منها حصلت قبل عقود أو سنين، وكأنها تريد القول بأن هذه الجريمة لا قيمة لها ولا معنى بالقياس إلى تلك الجريمة وغيرها من الجرائم السابقة التي حصلت في كذا زمان قد يصل إلى مئات السنين.

وفي هذا المنطق، جوهر إجرامي صريح متوحش فتاك، فما يعنيه أنه يؤيد الفعل الإجرامي، ويدعو إليه ويبرره ويدافع عن المجرمين، ويتصدى للقانون ويرفض العقوبة والجزاء الذي يجب أن يدفعه المجرم. فالجريمة لا يمكن تبريرها، والتفاعل معها على أنها غير ذلك، تلك مذاهب ومناهج الدنيا المعاصرة، وما قرأنا ما يؤازر الجرائم إلا من المنحرفين والمخبولين المصابين بعاهات نفسية وعقلية.

وكأن هذه التفاعلات المسطورة على الورق تعبّر عن مذاهب ذوي العاهات والإضطرابات السلوكية الضارة للذات والموضوع.

يقول غاندي: “إن أي جريمة أو إصابة، بغض النظر عن القضية، أُرتُكبت أو تسببت لشخص آخر، هي جريمة ضد الإنسانية”

فكيف لحصيف أن يبيح لنفسه تبرير إرتكاب جريمة بجريمة سبقتها ؟!

إن هذه العقلية بحاجة إلى تقدير وتقييم، لفهم نوازعها ودوافعها التي تؤهلها للكتابة بمفردات متوائمة مع الجريمة المرتكبة، وكأنها ليست جريمة وإنما إحقاق حق وإقامة عدل.

فإما أنها أقلام منافقة، أو مستفادة، أو ذات علاقة بالمجرم، أو أن الجريمة قد عبّرت عن رغباتها النفسية الدفينة السيئة والمؤثرة على سلوكها، لأن المرء يبدو في لسانه وقلمه.

و”عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم”

وفي جميع الأحوال، هناك خطر وخطيئة وإثم، ومساهمة في العدوان على الإنسان والقيم والمعاني والمجتمع، وعدم التأهل لحفظ أمانة الكلمة وإدراك دورها وتأثيرها في الحياة الفكرية والنفسية للآخرين، وطعن للحقيقة في نحرها، وغرز لمدية السوء بقلب الخير والفضيلة والصدق والشفافية.

فلترعوي الأقلام، وتصحو الأفهام، وتميّز النور من الظلام!!

ويقول الإمام علي: “أيها الكاتب ما تكتب مكتوب عليك، فاجعل المكتوب خيرا فهو مردود إليك”

و”ن، والقلم وما يسطرون” القلم 1

د-صادق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى