الإصلاحات التربوية … قائمة مقترحات هامة
محمد كشكار
1. الأخلاق مواقفَ تُمارَس في الفضاءات العامة وليست معرفة تُدَرّس داخل أسوار المدارس (تربية إسلامية ومدنية). كيف نعلّمها إذن؟
أكتفي بمثالٍ واحدٍ بليغٍ ومعبّرٍ: “في كندا يُطالَب تلامذة المعاهد بالقيام بـ40 ساعة عمل تطوّعي، ينجزونها فُرادَى أو مجموعات خارج المعهد ولا يحصل على الباكلوريا مَن لم يتمّمها مهما كان معدله مرتفعًا”. ما ضرّ لو استعرنا هذا النموذج البنائي الواعد وطبقناه جاهزًا دون أدنى تعديل؟
2. النوادي الثقافية في مؤسساتنا التربوية مسجّلة رسميًّا بالآلاف لكن قليلٌ منها ينشط فعليًّا. ما العمل؟
أكتفي بمثالٍ واحدٍ بليغٍ ومعبّرٍ: “في اليابان، تُدارُ النوادي ذاتيًّا من قِبل التلامذة المنتسبين المغرومين وتُمنَح لهم ميزانية تسيير متواضعة وهم الذين يرسمون خطة النشاط ويختارون الأستاذ المنشّط”. ما ضرّ لو استعرنا هذا النموذج البنائي الواعد وطبقناه جاهزًا دون أدنى تعديل؟
3. ظاهرة الإتْلاف المتعمّد أو غير المتعمد للتجهيزات في الإعداديات والمعاهد من قِبل بعض التلامذة غير المنضبطين أو غير المنتبهين. ما الحلّ؟: تمكين كل مدرّس من مفتاح (Passe)، يفتح به القاعة في أول كل حصة وبه يغلقها في آخر كل حصة. والله.. لو فعلوها زملائي الميامين لَقضينا على المشكل نهائيًّا ولَخفّضنا عبء تنظيفها على عمال النظافة على الأقل بـ50%.
دون مزايدة على زملائي وكل أستاذ وظروفه الموضوعية والذاتية، لقد طبقت هذا الإجراء على نفسي وفي قاعتي المجهزة بعشرة حواسيب في معهد برج السدرية تقريبًا طيلة عشر سنوات من سنة 2001 إلى 2011، فاسألوا حسين وحفة ومحسن وحفيظ والمرحومة ربيعة عن قاعتي؟
4. لما ذا لا ننظم يومًا مفتوحًا للأولياء داخل كل مؤسسة تربوية في آخر السنة، يومٌ يَعرِضُ فيه التلامذة المهارات والكفاءات التي اكتسبوها في المدرسة بعد سنة من التدريب: مثلاً، تلامذة الشعب العلمية يعرضون في الساحة تجاربهم المخبرية حتى يطّلع الولي على المعرفة المتقدمة التي يدرسها ابنه ليطمئن قلبه وعقله فيشجّع ابنه أكثر على تحصيل العلوم والتقنيات وأمهم الفلسفة.
5. لماذا لا نشرك المحيط في التدريس؟ كيف؟ مثلاً، أستاذ التاريخ في درس الحركة الوطنية يستدعي في قسمه مناضلاً شارك في مقاومة الاستعمار الفرنسي ليحدّث التلامذة عن تجربته بلغته وتعبيراته الجسمية. حصةٌ مشحونة عاطفة وطنية لن ينساها التلميذ مدى حياته.
6. الاجتماعات البيداغوجية مع المتفقد في مراكز التكوين الجهوية (CREFOC)، عادةً ما لا يستفيد منها المدرّسون معرفيًّا. لماذا؟ لأن المتفقد هو الذي يحاضر في كل الاختصاصات (الديداكتيك، علم نفس الطفل، علم التقييم، علوم التواصل، إلخ) وهو ليس مختصًّا في أي علمٍ من هذه العلوم. ما ضرَّ لو استدعى المتفقدُ في كل حصة قمةً من القِمم الجامعية وترك لها مهمة تكوين المكونين، واحترمَ نفسَه واكتفى بمهة التنسيق، وعاش مَن عَرَفَ قدرَه ووقفَ عندَه.
7. خُلِق المتفقد لمساعدة المدرّس والإدارة على تذليل صعوبات التعلم ومحاولة تجاوز العوائق التعلمية والمعرفية والنفسية. لماذا لا نخصص متفقدًا لكل مؤسسة تعاني من مشاكل تربوية ونكلفه بمساعدة الأسرة التربوية على حلها على عين المكان، أي يباشر عمله يوميًّا داخل المؤسسة صباحًا مساءً ويوم الأحد إن اقتضى الأمر ولا يغادرها إلا وجل صعوباتها قد ذُلِّلت، عام، عامين، ليس مهمًّا، المهم في النتيجة.
8. نحن نعرف “مجلس القسم” (يلتئم كل ثلاثي للتباحث في نتائج التلامذة) ولا نعرف لـ”مجلس المادة” نشاط يذكر فيشكر. هو مجلسٌ خاص بكل مادة يلتئم كل أسبوع، يتباحث فيه المدرّسون أحوال تدريس المادة وأساليب تطويرها، يستفيدون، يتبادلون ويتقاسمون خِبراتهم وقِراءاتهم الذاتية حول الجديد في اختصاصهم.
9. “المجلس البيداغوجي”، المفروض هو مجلس يضم المدير والأساتذة وهو مسؤول عن تخطيط وإنجاز السياسة التربوية داخل المؤسسة، والسهر على إنجاحها وتقييمها تقييمًا داخليًّا يكمّله تقييمٌ خارجيٌّ ينجزُه المتفقدون البيداغوجيون وزملاؤهم الإداريون والماليّون. للأسف هو اليوم غير موجودٍ وإن وُجِدَ فهو شكليٌّ ولا يقوم بالدور المُوكَلِ إليه.
10. “مجلس المؤسسة”، المفروض هو مجلس يضم الأسرة التربوية داخل المؤسسة والأولياء وممثلي المؤسسات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الكائنة بمحيط المدرسة، مجلسٌ لا يخطط للسياسة التربوية ولا يتدخل في محتوى البرامج التعليمية الرسمية وإنما يساعد على إنجازها مادّيًّا ومعنويًّا. للأسف هو اليوم غير موجودٍ. أسوق مثالاً واحدًا على نجاعته إن أوجِد: يوم 11 فيفري 2018، نظّم معهد جمنة ندوةً بيداغوجيةً بِيَومٍ واحدٍ، شاركتُ في فعالياتها المتعددة متطوّعًا بمحاضرة إبستمولوجية حول الإصلاح التربوي. “جمعية حماية واحات جمنة” ساندت وموّلت هذه المبادرة القيّمة بمبلغ قدره على حد علمي 2000 دينار، مثالٌ يُحتذَى.
ملاحظة: لا أحمّل مسؤولية عدم تفعيل هذه الأفكار لأي جهة محددة بذاتها وبمفردها رغم وجود هذه الإصلاحات نظريًّا على مكاتب المسئولين، أحمّلها لجميع الفاعلين في الحقل التربوي، مديرين، إداريين، متفقدين، مدرّسين، أولياء، ممثلي المؤسسات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الكائنة بمحيط المؤسسات التربوية وفي آخر السلسلة أحمّل المسؤولية للتلامذة أنفسهم.