أخبارالجزائر من الداخل

الانصراف و الحضور و الغياب في الادارة

حسام محمود فهمي

الحضورُ والاِنصرافُ والتأخيرُ في مجالِ العملِ يُسَجَلُ ببطاقاتٍ إلكترونية مُمَيكَنةٍ، فيستحيلُ التلاعُبُ فيها. من ضرورةِ مراجعةِ الذاتِ عدمُ إنكارِ تراجُعِ حَالِ التعليمِ بدءًا من المدارسِ وصولًا للجامعاتِ، بسبب اِستفحالِ ظاهرةِ الغيابِ.

الكُلُ على يقينٍ أن المدارِسَ كَرَسَت حقيقةً مؤكدَةً وهي أنها بلا فائدةٍ، وأن الدروسَ الخصوصيةَ في المراكزِ والمنازِلِ هي البديلُ العُرفي للتعليمِ الرسمي. لما إذن تبديدُ الوقتِ والطاقةِ في الذهابِ للمدارسِ؟ تسجيلُ حضورِ الطلابِ يبدأُ ظاهريًا في بدايةِ كلِ فصلٍ دراسي ويتلاشى في نصفِه أو ثلثِه الأخيرِ؛ هذا في سنواتِ النقلِ، أما الشهاداتُ العامةُ فهي واقعًا من منازِلهم بعِلمِ الجميعِ بدءًا من وزارةِ التعليمِ.

مفهومُ اِنعدامِ فائدةِ المدارسِ تَرَسَخَ لدى الطلابِ وأسرِهم واِنتَقَلَ معهم للتعليمِ الأعلى. غالبيةُ الطلابِ يحضرون لجامعاتِهم أول أسبوعين، من بابِ الفضولِ والتَفَضُلِ، ومنهم من لا يحضَرون إلا للاِمتحانِ. النتيجةُ المُؤسفةُ تظهرُ في كراساتِ الأجوبةِ، فهلوة وغِش ومُنتهى التسطيح. غابَت المَقدرةُ على حضورِ المحاضراتِ والجلوسِ في المُدرجاتِ والاِنصاتِ والنقاشِ، وأيضًا الاِستفادةُ من أي معلومةٍ ولو بدونِ قصدٍ. بعضُ المُتلونين من المُصابين بداءِ عشقِ الكراسي والظهورِ يُلقون، لأغراضِهم، باللائمةِ على زملائهم من أعضاءِ هيئةِ التدريسِ باعتبارِهم أخفَقوا في جذبِ الطلابِ لمحاضراتِهم!! كيف يُمكِن لعضو هيئةِ التدريسِ أن يقضي على خطايا أعوامٍ وأعوامٍ من إنكارٍ مُجتمعي لدورِ المؤسساتِ التعليميةِ؟!

لأي صالحٍ التهرُبُ من الاِعترافِ بأن المدارِسَ زَرَعَت مَفهومَ عدم جدوى المؤسساتِ التعليميةِ عامةً ورَسَخَتَه؟ لماذا لا تبحَثُ الجودةُ الزائفةُ في الجامعاتِ عن حلولٍ لظاهرةِ الغيابِ؟ أهي فقط جودةُ السبوبةِ للكراسي والجوائزِ مع الاِحتفالاتِ بتستيفِ الأوراقِ؟

كراساتُ الأجوبةِ مثل اِختباراتِ DNA لا تُخطئ، وتُظهِرُ بوضوحٍ تلاشي العِلمِ وفقرِ الصياغةِ بالعربيةِ والأجنبِيةِ ورداءةِ الخطوطِ. هل، بقوةِ الأمرِ الواقعِ ، أصبَحَ التعليمُ الجامعي بنظامِ الاِنتسابِ؟! هل الغيابُ عن الجامعاتِ بالتوازي مع تقليلِ ساعاتِ الدراسةِ باِسمِ التطويرِ، أكثرُ راحةٍ للقائمين عليها، من حضورِ الطلابِ بما فيه من كشفٍ للمستورِ واِستهلاكٍ لمدرجاتٍ ومكتباتٍ ومعاملٍ ودوراتِ مياهٍ مُتهالكةٍ؟!

حضورُ المحاضراتِ لا يتجاوزُ 30٪، كيف تَصدُقُ معه اِستبياناتُ هَزليةُ يملؤها الطلابُ عن رأيهِم في المناهجِ وأعضاءِ هيئةِ التدريسِ؟! ألا يُفترضُ أن الجامعاتِ مناراتٌ للعلمِ والتنويرِ؟! أليسَت بطاقاتُ الحضورِ المُمَيكَنةُ أضعَفُ الإيمانِ لغَرسِ ثقافةٍ فُقِدَت، الاِلتزامُ والاِنضباطُ؟!

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى