أحوال عربيةأخبارأخبار العالمدراسات و تحقيقات

استيطان وإخطارات هدم وارتفاع في وتيرة عنف المستوطنين لإحكام السيطرة على مناطق ( ج )

إعداد :مديحه الأعرج/المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان


نقلت وسائل اعلام اسرائيلية أن سلطات الاحتلال سلمت نهاية الاسبوع تجمع أبو النوار أحد عشر إخطاراً بهدم منشآت سكنية وزراعية . يقع التجمع الى الشرق من العيزرية على مساحة 500 دونم من أراضي بلدة أبو ديس بالقدس المحتلة . هذا التجمع تحيطه المستوطنات من جهاته الأربع : ” معاليه أدوميم ” شمالًا ، و” كيدار 1 ” جنوبًا ، و” كيدار 2 شرقًا ” فضلا عن معسكر لجيش الاحتلال . مثل هذه الاخطارات تكررت في مسافر يطا والاغوار الشمالية ومعرجات أريحا على امتداد العام الماضي على ايدي حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير ، وهي تؤشر بوضوح كبير على الأخطار المحدقة بالمناطق المصنفة ( ج ) في الضفة الغربية . فالاستيطان اليهودي في هذه المنطقة يزحف
على ما تبقى للفلسطينيين من ارض تحاصرها المستوطنات والبؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية ، التي أصبحت أداة من أدوات سيطرة منظمات الارهاب اليهودي على الارض . في هذه المنطقة يسكن اكثر من نصف مليون مستوطن ينتشرون في اكثر من 175 مستوطنة وأكثر من 200 يؤرة استيطانية ومزرعة رعوية . المستوطنات وفق مخططات البناء الهيكلية تحتل 4.5% من مساحة المنطقة أما البؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية فتغطي المساحات الاوسع . في المقابل يعيش في هذه المنطقة اكثر من 350 ألف مواطن فلسطيني
في اكثر من 530 قرية على ربع مساحتها ويتوزعون على النحو التالي من هذه المساحة الضيقة : 5% للبناء والسكن وحوالي 35 % للزراعة والرعي . اما يسمى أراضي الدولة وأراضي التسوية فتبلغ مساحتها حوالي 60% من المنطقة.
حكومات إسرائيل تعتبر مناطق “ج” فضاء حيويا للاستيطان اليهودي والأمن ، وتحتفظ بها مادة في إدارة المفاوضات ، إن حصلت في المستقبل ، فيما يعتبر الفلسطينيون مناطق “ج” فضاء حيويا لا غنى عنه لإقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة . هي جزء رئيسي وحيوي للدولة الفلسطينية فبدونها ينعدم التواصل الجغرافي للدولة فضلا عن أنها تشمل المناطق الزراعية وكثير من الموارد الطبيعية وأراضي لإقامة بنى تحتية وتوسيع البناء القروي والحضري.
في العام 2009 حاولت حكومة سلام فياض بلورة ما عرف برؤية فلسطينية لمستقبل هذه المنطقة وفتحت بذلك أمر حسم مستقبلها . تلك الرؤية تضمنت سلسلة مشاريع ممولة من الخارج ، شملها قرار دول الاتحاد الأوروبي بدعمها . واشتملت على تسجيل الملكية الفلسطينية
للأراضي وهي عملية كانت تجري قبل العام 1967 وقامت سلطات الاحتلال بتجميدها في العام 1968 . هدف التجميد كان واضحا وهو الحيلولة
دون تملك الفلسطينيين إثباتات قانونية رسمية ( طابو ) بملكية الارض ، التي كانت محط أطماع دولة الاحتلال الاستيطانية ، تلك الاطماع التي
شهدت تحولا جوهريا منذ صعود الليكود الى السلطة بعد العام 1977 . حيث تواصل الاستيطان بوتائر عالية ولم يتوقف حتى بعد التوقيع على
اتفاقيات أوسلو ، بل إن تلك الاتفاقيات فتحت الصراع على المنطقة ( ج ) على مصراعيه فتضاعف عدد المستوطنين منذ ذلك الوقت سبعة
أضعاف في ظل سياسة مارستها جميع الحكومات الاسرائيلية دون استثناء ، كان اساسها خلق واقع جديد تتحكم من خلاله بإطار تسوية يجري
فرضها غلى الفلسطينيين .
حكومة إسرائيل الـ 37، التي شكلها نتنياهو مع حلفائه من الفاشيين والنازيين الجدد بعد انتخابات الكنيست في نوفمبر من العام 2022 بدأت تنفذ انقلابا جوهريا ، في كل ما يتصل بأشكال سيطرة دولة الاحتلال ليس فقط على المناطق المصنفة ( ج ) وحسب بل وعلى الضفة الغربية بما فيها القدس او ما تسميه ” يهودا والسامرة ” بتركيز على المناطق المصنفة ( ج ) . هدف هذه الحكومة هو تثبيت السيطرة المطلقة على المنطقة وتمهيد الظروف لضمها لدولة الاحتلال وإحباط كل إمكانية لاتفاق مستقبلي يقوم على ما يسمى بحل الدولتين . جانب آخر من هذا الانقلاب يتجلى في استراتيجية وزير المالية ووزير الاستيطان في وزارة ، بتسلئيل سموتريتش ، للقضاء على الطموحات الوطنية للفلسطينيين من خلال تحويل هذه المناطق الى ” جليل جديد ” دون حقوق سياسية لسكانها . الخيارات امام سكان الضفة الغربية في ظل هذا الانقلاب ، الذي يقوده سموتريتش ويحظى بدعم واضح من بنيامين نتنياهو ، محدودة ، إما مواصلة العيش في بلديات تدير شؤونها بنفسها أو الهجرة الى الخارج بتشجيع ودعم دولة الاحتلال ( عمليا التهجير والتطهير العرقي ) ومن يرفض هذا وذاك يتولى جيش الاحتلال تسوية أوضاعه بالقوة .
يبدو هنا واضحا ان الفكرة الأساسية التي تدفع بها الحكومة الحالية وفق كثير من التقارير والتقديرات هي توفير الظروف الضرورية والمناسبة للضم الزاحف بسلسلة من الخطوات بدأت بنقل صلاحيات الإدارة المدنية إلى الوزير في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش، وتوسيع مشروع الاستيطان بتسوية ما يسمى ” الاستيطان الشاب ” أي الاعتراف القانوني بالبؤر الاستيطانية غير القانونية. في هذا الصدد أكد الوزير سموتريتش، الذي نقلت إليه الصلاحيات المدنية في ما تسميه دولة الاحتلال “يهودا والسامرة” ( الضفة الغربية ) في إطار ” وثيقة الحسم ” التي نشرها ، أن المهمة هي “نقش في وعي العرب وفي وعي كل العالم بأنه لا توجد أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية بين النهر
والبحر .
وقد كان ذلك واضحا في النقاشات ، التي جرت في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست قبل الحرب الوحشية ، التي بدأتها دولة الاحتلال في اكتوبر الماضي ، حيث كشف سموتريتش بالتوافق مع الوزير ايتمار بن غفير وبتشجيع من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الحكومة تعمل على تغيير في السياسة بإقامة وحدة متخصصة في حرس الحدود لإنفاذ القانون في ما يسمى “يهودا والسامرة”. حتى أن الوزير سموتريتش كشف عن توجه الحكومة لتخصيص مئات آلاف الدونمات للزراعة للصندوق القومي اليهودي ” كيرن كايميت ” وشرعنة 155 بؤرة استيطانية وجميع المزارع الرعوية ، التي تديرها منظمات ارهابية كمنظمة ” تدفيع الثمن ” هذا الى جانب المزيد من الاضعاف للسلطة الفلسطينية وحتى إلى تفكيكها النهائي وإسناد مهمة ادارة شؤون السكان الى سلطات محلية وحسب .
في هذا الاطار يمكن فهم سياسة وتوجهات هذه الحكومة اليمينية والمتطرفة وما رافقها من مضاعفة حجم عطاءات البناء في المستوطنات وشرعنة الكثير من البؤر الاستيطانية وإطلاق العنان لمنظمات الارهاب اليهودي في البؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية للدفع قدما بعمليات التهجير القسري للتجمعات البدوية والرعوية الفلسطينية بتركيز على تلال جنوب الخليل ومناطق الاغوار وخاصة الوسطى والشمالية ويمكن فهم التوسع في شق الطرق الالتفافية للربط بين المستوطنات وبينها وبين المدن الاسرائيلية في الداخل . وبهذه السياسة تهرب حكومة
نتنياهو – سموتريتش – بن عفير الى الأمام وتغلق الابواب امام فرص وقف الحرب لاعتبارات تتصل بالمستقبل السياسي . ليس لنتنياهو وحده ، بل أيضا لسموتريتش وبن غفير ، اللذين يطلقان تهديدات فارغة بحل الحكومة في حال اتجهت التطورات نحو وقف هذه الحرب الوحشية وهما يعلمان ان مستقبل مشروعهما الاستيطاني مرتبط أساسا ببقاء هذه الحكومة .
وفي هذا السياق قالت حركة “السلام الآن” أن الوضع في الضفة الغربية يشهد عقب ثلاثة أشهر من الحرب على غزة طفرة غير مسبوقة في الأنشطة الاستيطانية ، بما في ذلك بناء البؤر الاستيطانية والطرق والأسوار ، حيث تم توثيق ما لا يقل عن 18 طريقا جديدا أقيمت من قبل المستوطنين فضلا عن عدد كبير من البؤر الاستيطانية وأن تعبيد هذه الطرق يتيح المجال للاستيلاء على مناطق جديدة واسعة النطاق على طول مسار الطريق، ما يشكل منطقة لا يمكن للفلسطينيين الوصول إليها بسبب وجود المستوطنين وسهولة وصولهم إلى المنطقة . وبالفعل فقد
ساهم إقامة البؤر الاستيطانية وتعبيد الطرق في انتشار ظاهرة الحواجز ، التي تجبر الفلسطينيين على سلوك طرق التفافية جبلية وعرة من أجل الوصول إلى الطرق الرئيسية في الضفة . ويقرر المستوطنون وحدهم المكان لبناء الطرق والبؤر الاستيطانية حيث تسمح البيئة العسكرية والسياسية المتساهلة بذلك دون رادع تقريبا
أما جديد هيستيريا الاستيطان فهو تنظيم ائتلاف منظمات الاستيطان الاسبوع القادم ( الأحد ) مؤتمرا في مدينة القدس يشارك فيه ، حسب مصادر منظميه ، آلاف الإسرائيليين من التيار الديني والقومي المتطرف ، من بينهم وزراء وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي ، حيث ينشط وزراء ومسئولون اسرائيليون في الحشد للمؤتمر والدعوة للمشاركة فيه ، كوزير السياحة حاييم كاتس -وهو من حزب الليكود الحاكم-الذي يدعو لعودة المستوطنات الإسرائيلية في غزة، ويؤكد على أن الاستيطان هو السبيل الوحيد لجلب الأمن لإسرائيل ويدعي أن حماقة اقتلاع المستوطنات من غوش قطيف وشمال السامرة (الضفة الغربية) يجب تصحيحا وبأن استعادة أمن إسرائيل “ستكون عبر ضربة عسكرية قوية
واستئناف الاستيطان في قطاع غزة وشمال السامرة ، في ” رسالة قوية لأعدائنا مفادها أننا لن ننكسر أبدا ” . وبدوره أكد وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار ( من حزب الليكود كذلك ) في مقطع فيديو ظهر فيه إلى جانب يوسي داغان ، رئيس “مجلس مستوطنات السامرة” وقادة حركة ” ناحالا ” الاستيطانية ، أمثال دانييلا فايس ، على اهمية المؤتمر نشرح أهمية الاستيطان ، ولماذا يعتبر منع قيام دولة فلسطينية أمرا مهم ، فيما قال رئيس مجلس السامرة يوسي دغان ق إن “اتفاق أوسلو والطرد (من المستوطنات) جلبا هذه المحرقة ، واستئناف لاستيطان في قطاع غزة وشمال القطاع أولا والعودة إلى شمال السامرة سيمنحاننا الأمن”.
على صعيد آخر ، وعلى امتداد هذا الشهر كشفت وسائل اعلام اسرائيلية متعددة تأكيد مسئولٍين في أجهزة الامن الاسرائيلية وجود مئات التحذيرات حول هجمات محتملة ضد جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين في الضفة الغربية وأن هؤلاء المسئولين يشيرون إلى الضفة الغربية باعتبارها الجبهة الثالثة في الحرب بعد قطاع غزة والحدود الشمالية لدولة الاحتلال مع لبنان وأنّ حملات القمع ، التي تمارسها اسرائيل في الضفة الغربية باتت تمثّل معضلة أمنية ، وأن مستوى التشدّد في الضفة الغربية هو في أعلى مستوياته منذ الانتفاضة الثانية ، التي انطلقت
عام 2000 ، الأمر الذي دعا السلطات الاسرائيلية الى نقل وحدة ( دوفدوفان – المستعربين ) ولواء كفير من قطاع غزة الى الضفة الغربية من جديد ، هذا الى جانب البحث في الاوساط العسكرية والأمنية الاسرائيلية في إمكان تسليح ” فرق الطوارئ ” ، التي أقامها وزبر الامن القومي الاسرائيلي ايتمار بن غفير في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة بصواريخ مضادة للمدرعات ، لتوفير مزيد من الحماية للمستوطنين ، بكل ما يترتب على ذلك من تشجيع لارتكاب مزيد من الانتهاكات والجرائم .
وفي الانتهاكات الأسبوعية التي وثقها المكتب الوطني للدفاع عن الأرض فقد كانت على النحو التالي في فترة إعداد التقرير:
القدس : أجبرت بلدية الاحتلال كلا ضرار درويش وسمير الحلواني على هدم منزلهما الاول في بلدة الزعيم والثاني في حي رأس العامود ذاتيا، تجنبا لدفع تكاليف باهظة في حال قامت جرافات الاحتلال بعملية الهدم ، كما اقتحمت قوات الاحتلال أرض تعود لعائلة شويكي في حي الثوري في بلدة سلوان، وحاولت تنفيذ عملية هدم لسور استنادي داخل الأرض لشق شارع في المكان وقامت بالاعتداء على الأهالي الذين تصدوا لعملية الهدم الخليل : هاجم مستوطنو “أتسخار مان” رعاة أغنام في مسافر يطا وأطلقوا النار باتجاههم فيما اقتحم آخرون تجمع اغزيوي، واعتدوا على
ممتلكات المواطنين وأشجارهم . وفي قرية سوسيا اقتحم مستوطنون منازل المواطنين وهددوهم بالقتل إذا لم يرحلوا عن فريتهم ، فيما واصل
مستوطنون آخرون شق طريق استيطاني في منطقتي “واد الملاقي” و”عين الشنار” يزيد طوله على 3 كيلومترات لربط مستوطنة”بني حيفر” بالبؤرة الاستيطانية الجديدة التي أقيمت العام الماضي على أراضي المواطنين في القرية. كما هدمت قوات الاحتلال منزلا في قرية “لصيفر” جنوب شرق يطا، يقطنه المواطن محمود خليل أبو قبيطة وعائلته، ويمتلك صاحبه كل الأوراق الثبوتية التي تؤكد ملكيته له ومنزلا آخر في خربة خلة الفرن التابعة لقرية بيرين شرق الخليل ومنزلا آخر مساحته 140 مترا مربعا تعود ملكيته للمواطن بلال نصر حسين غيث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى