تعاليقرأي

هل توقظنا الحرب على غزة؟

هل توقظنا الحرب على غزة؟

المحن منبهات، فإذا لم تنبهنا محنة غزة فما الذي سيوقظنا؟ لعل هذه الجراحات العميقة والمصائب الجمة وبطولات المقاومة تحملها في طياتها منحة ربانية تعيد الأمة إلى السكة فتخرج من السلبية إلى الإيجابية ومن اللامبالاة إلى الفعل الحضاري القوي الحاسم، وأريد في هذا السياق أن أشير إلى أمريْن على جانب كبير من الأمية والخطورة تدفعنا الأحداث دفعا إلى إعادة النظر في علاقتنا بهما:

  • أولا: تفعيل الوسائل التكنولوجية الحديثة: لا يكفي امتلاك هذه الوسائل ولا التمكن من ناصيتها إذا لم نحوّلها إلى سلاح في معركتنا الوجودية مع الكيان الصهيوني، فالمقاومة الإسلامية في غزة لم تواجه العدو بالسلاح الناري وحده بل بأحدث الوسائل التكنولوجيا في التجسس عليه ودخول أجهزته الحساسة وقرصنتها، وهذا درس لأصحاب المهارات عندنا ليدخلوا هذا الميدان بقوة ومن الآن خاصة، لإفساد وتعطيل ما استطاعوا من برامج العدو الإلكترونية المدنية والعسكرية، والكيان الصهيوني ليس بتلك القوة والمناعة والتحصين الذي يظنه الناس فيه، فيستطيع المتمكنون من المعلوماتية وانترنت أن يقرصنوا البنوك والفضائيات وحواسيب المطارات ونحو ذلك لتعطيل أنشطة العدو وإرباكه، ولا أتكلم هنا عن وقت هذه الحرب الضارية على غزة بل في المستقبل كامتداد لطوفان الأقصى حتى تحرير فلسطين، وهذا ممكن كما ثبت في 7 أكتوبر وخلافا لما يروّجه المرجفون والمثبطون والمتواطئون مع الصهاينة…التكنولوجيا سلاح فعال، والمتمكنون منها متوفرون في شبابنا، واستعمالها في الحرب الحالية والمستمرة مع الكيان وحلفائه من الغرب المتصهين من واجب الوقت، وكما أن الأئمة الرساليين يمحضون المنبر للتعبئة والتذكير وحشد الطاقات للمعركة فإن أصحاب المهارات التقنية جنود مكلفون بالمهمة في حدود اختصاصهم، وكما لا نرضى أن يتفادى الخطباء واجب الوقت ويخطبوا بدل ذلك عن حوادث المرور وعذاب القبر والتنظير البارد عن العقيدة والتوحيد فإننا لا نرضى كذلك عن تعطيل الطاقات التقنية من طرف من يملكون ناصيتها، فهم جنود في المعركة، وسلاحهم هذه الوسائل الحديثة، يستطيعون ان يحوّلوها إلى أدوات لهزيمة العدو اقتصاديا وإعلاميا ولنصرة فلسطين والأمة وقضاياها.
  • ثانيا: امتدادا للمسألة الأولى نذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي – وعلى رأسها فيسبوك ويوتيوب – قد أثبتت فعاليتها الكبيرة وأداءها العالي ومكّنت العرب والمسلمين وأحرار العالم من الانفكاك من السيطرة الكاملة التي تمارسها وسائل الإعلام العالمية المنحازة انحيازا شبه كلي للصهيونية، لكن المشكلة أن هذه المنصات ليست حرة ولا ديمقراطية ولا محايدة بل قد وضعت شروطا لاستعمالها تحول دون التعبير عن الحقائق بالكتابة والصوت والصورة، وقد عانى النشطاء معاناة شديدة معها منذ طوفان الأقصى إذ عمدت إلى التضييق على النشطاء وتقييد استعمالها وحذف المشاركات المناصرة لغزة بل وإغلاق الحسابات بسبب “عدم احترام المعايير” أي بسبب نقد الكيان الصهيوني وممارساته، أي أننا – في النهاية – بيد منصات منحازة لعدوّها تملي علينا من الشروط ما تشاء، لذلك أصبح من الواجب الشرعي والقومي والوطني والإنساني أن نؤسس منصات مستقلة عن اللوبي الصهيوني الغربي، يتحكم فيها المسلمون لخدمة قضاياهم المصيرية وعلى رأسها فلسطين والقدس والأقصى، لا بد لنا من بديل إسلامي عاجل عن فيسبوك ويوتيوب، بل عن جوجل الذي يؤوي هذه المنصات ويحرص على شروط استعمالها المجحفة في حق الأمة، وأرى أن يقوم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بهذه المهمة، مستعينا بخبرات وأموال وحماية دول إسلامية ذات مصداقية مثل تركيا وماليزيا وقطر، حيث يجمع الكفاءات القوية تقنيا ويوظفها لإنشاء منصة كبيرة مهمة جامعة تنشط بالعربية والانجليزية وما أمكن من اللغات الأخرى…هذا واجب الوقت، هو فرض وليس بالنفل، ولا يقبل التأجيل والتأخير بل ينبغي أن يكون في صدارة الاهتمام، ويجوز شرعا ان تُرصد له أموال الزكاة الصدقات والتبرعات الفردية والمؤسسية، والاستقلال الإعلامي عنصر أساسي لإثبات الذات العربية المسلمة ورفع التحدي وربح القضية، وهو صنو الاستقلال الغذائي، وبالنسبة للجزائر أرى أن انسب هيئة لابني هذه القضية والدعاية لها والعمل على تجسيده هي جمعية العلماء لما تتمتع به من رصيد علمائي ومصداقية كبيرة

عبد العزيز كحيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى