تعاليقرأي

من هو الانسان الرّاقي؟

—–

رشيد مصباح(فوزي)

من أجل هذا الإنسان خلق الله هذا الوجود، وسخّر له كل ما في هذه الدنيا من نجوم وكواكب ومجرّات، ولم يسخّر الله الإنسان لخدمة طبيعة صمّاء. فالإنسان هو الوجود مجسّدا في أسمى وأرقى معانيه. والإنسان إذن هو من يصنع الحياة.

لقد أوهمونا بنظرياتهم المضلّلة التي تقول: ”إن الإنسان كان قردا في البداية. ثم تطور شيئا فشيئا حتى صار على ما هو عليه!؟ هذا ما أقرّه (داروين) ومن هو على شاكلته من أنصار ومؤيّدي نظريته المشبوهة؛ ”الفزيو – استحمارية“.

ليس هذا صحيحا، لأن الذي قال:﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾، قال ايضا: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾.

سخّر للنّاس كلّهم وليس لفرد واحد أو لشخص بعينه.

فإذا كان هذا هو السر من هذا الوجود، فما المطلوب إذن؟

ليس كل من يدّعي الرّقي هو إنسان راقٍ؛

ليس كل من يحمل قلما و يرتدي بذلة مزركشة ورابطة عنق هو بالفعل إنسان راقٍ.

ليس كل من يملك وسيلة برّاقة أو درهما أو منصبا هو إنسان راقٍ.

وحتى نميّز بين الإنسان الرّاقي والذي هو من فصيلة غيره من الدّواب؛ وكل من يدبّ على الأرض فهو دابّة، يجب قبل كل شيء معرفة معنى الرّقيّ.

في الآية العظيمة: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ﴾؛ طُلب من (موسى) وأخيه (هارون)-عليهما السلام- مخاطبة فرعون بكلام ليّن ومتواضع، ليس فيه خشونة ولا استعلاء. و لنقارن مثل هذا الخطاب بسلوك بعض الذين يزعمون أنهم من النّخب و المثقفين.

وفي الآية الكريمة: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ}؛ أمر الله تعالى من يدعو إلى سبيله؛ وكل مسلم في الأصل هو داعية، أمره بقول الطيّب من الكلام. وقارنه بأخلاق ”المتأسلمين“؛ الذين يجدون صعوبة في رد التحيّة، في هذه الأيّام.

وقد تعرّض(محمد عبده)؛ ومنهم من ذهب إلى حدّ تخوينه وتكفيره واتّهامه بأنواع التهم الخطيرة؛ بسبب مقولته الشهيرة: ((ذهبتُ للغرب فوجدتُ إسلاماً ولم أجد مسلمين. ولمّـا عدتُ للشّرق، وجدتُ مسلمين ولكن لم أجد إسلاماً)).

وعلى الرّغم من صحّة وصدق كلام الرّجل، نريد نحن ”المتأسلمين“ أن نحكم على الناس في الغرب، ”العلماني“، الملحد“، من خلال ما نشاهده في الأفلام ”الماجنة، الخليعة“ التي تبثّها قنواتنا ”المحترمة“، على أنّه الواقع اليومي المعيشي الذي يغلب على الحياة في المجتمعات الغربية. وهذا غير صحيح!

ليس كل من في الغرب المسيحي المحافظ بالضرورة فاسد.

وإذ إن المطلوب من الأفراد في المجتمعات ليس هو الدّين بعينه، وإنّما الأخلاق الكريمة قبل أيّ شيء. فقد تختلف الأديان في المجتمع الواحد، وتبقى الأخلاق هي المعيار الأمثل للتمييز بين الأفراد. وفي هذا يقول الرسول الكريم: ((إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم منِّي في الآخرةِ محاسنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي في الآخرةِ أساوِئُكم أخلاقًا)).

فمعنى الرّقيّ إذن هو الأخلاق الكريمة. والانسان الرّاقي هو الانسان الخلوق المتواضع، وليس العبوس المتعجرف المتفاخر.. الذي يمشي على أطراف الأصابع أو الأنامل، ومن كثرة التعالي، وهو يعتقد أنه بذلك قد بلغ مرتبة من مراتب من الرقيّ والشرف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى