دهاليز الجنس .
سامى لبيب
– نحو فهم الإنسان والحياة والوجود .
– لماذا نحن متخلفون . (77)
– الدين عندما ينتهك إنسانيتنا – لا أتذكر عدد ما كتبته فى هذه السلسلة .
* مقدمة .
في هذا الموضوع أتناول قضية الجنس لدي الإنسان وحال إنساننا العربي على وجه الخصوص بإعتبارنا نحمل هماً بقضية هذا الإنسان الذي شاء حظه العاثر أن يعيش فى بقعة من الجغرافيا وارثاً منها تاريخ طويل من القهر والكبت الجنسي مما خلق فى داخله إنساناً مشوهاً لن ترجو منه أى أمل في إصلاح أو تقدم , فطالما تم الإعتداء على إنسانيته وصلاحياته كإنسان بمسخه وتشويهه وتكبيل إحتياجاته ورغباته فسينتج حتماً إنسان مضطرب مشوه .
أعتبر من أسباب تخلفنا هو سوء التعاطي مع قضية الجنس , فالعقل العربي مهموم من نعومة الأظافر بشبقه ورغباته الجنسية فلا يجد سبيلاً لتحقيقها بحكم التحريم ومن هنا لا مكان للتطور والعمل والإبداع فالجسد مهموم ومشغول بإحتياجاته .
– الرغبة الجنسية حاجة إنسانية أصيلة ترتبط وتمتزج بالجسد فترافقه دوماً في رحلة الحياة منذ طفولته ونعومة أظافره حتى مماته , فلا تنفصل عنه بالرغم من كل المحاولات المتعسفة لتحجيمها وتقزيمها , ليبقى الجنس رابضاً صارخاً فى الجسد يعلن عن رغبته وإحتياجاته فلا يجد سوى القهر والتعنت والقسوة .
نحن نفي إحتياجاتنا من الطعام لإيفاء غريزة الإشباع فلا نجد حرجاً فى أن نعلن عن جوعنا لنسارع لإشباع بطوننا , فلا نخجل فى أن نأكل على قارعة الطريق أو ونحن سائرون ولا نتأنف من أن نأكل بأصابعنا .. نحن نشبع حاجتنا بالغذاء بكل وسيلة وبأي طريقة فلا ينتابنا تأنيب وشعور بالذنب فى أننا نأكل , بينما الجنس أحيط بهالات كبيرة وتابوهات أكبر وقيود هائلة تحول دون إشباعه , ليدخل أصحاب المصالح والأهواء في أن يحولوا عن ممارسة الجنس كممارسة طبيعية بل بمراسيم وطرق لا تتم إلا من تحت ذقونهم , فلم يتورعوا بسن قوانين وتشريعات ليحولوا دون ممارسات طبيعية ووصل الخبث والذكاء حداً أن يخلقوا آلهة وأديان تتبنى تحريماتهم وتحول دون أن يشبع البسطاء حاجتهم , فلا تندهش من أن الأديان والآلهة جاءت لحرمان الإنسان من الجنس , فلن نمرر إدعائنا هذا بدون إثباته وتأكيده .
– أرى أن مشكلة الإنسان التي رافقته منذ القدم وحتى الآن أنه لم يفهم موضوع الجنس سوى تصور أنه رغبة لم يفهم أسبابه , كما تصور أنه يمكن إهماله , فلم يفطن أن الجنس هي كيمياء فى الجسد والدماغ رغماً عن أنفه وإن الأمور في الغالب لاإرادية حيث هى فعل هرمونات وكيمياء بحتة .
– إشكالية الحرمان والكبت الجنسي أنها ستنتج خللاً كبيراً فى السلوك الإنساني , فلن تسمح الغريزة الكامنة في الإنسان بقهرها وكبتها ووضعها فى قمقم دون أن تخرب وتدمر في طريقها , فستنتقم النفس المحرومة وتأخذ ثأرها من الإنسان الذى خنقها , فالتعصب لفكرة والعنف والشذوذ هى من نواتج الكبت والإحباط الجنسي .. فالإنسان المحروم والمقهور سيُمارس ردود فعل عفوية تلقائية ومضادة على ما تم قهره عليه , فستجد كم لا بأس به من التعصب والعدوانية والرغبة فى التدمير الذات وللآخر كرد فعل طبيعي عفوي ورغبة في التنفيس عن الوعاء الذي تم إغلاقه ليضغط البخار في داخله .
– صحيح أن هذا الغضب لا يسير فى شكل ردود فعل صاخبة وفاقعة إلا في لحظات قليلة كالإغتصاب مثلا , فقد تعود المقهور على القهر دون أن يصرخ ويتألم ويمكن تشبيه هذا الأمر بالمُعتقل فى زنزانة فهو يعيش بالضرورة ولكن لا تتوقع منه أن يكون كما هو بالضرورة فستمضى مياه وتستقر مياه لتخلق نفسية ذات أبعاد مختلفة .. لقد تشوهنا بما فيه الكفاية من جراء كل هذا التحريم والتجريم الذى مُورس على غريزة وإحتياج تطلب أن تأخذ حقها من الإشباع فلا تجد , ولن نترك الأمور هكذا بدون أن نخوض فيها بإستفاضة .
– تلك مقدمة لملف الجنس الذي سأحاول أن أجمع أجزاءه المطموسة والمحذوفة والمشوهة فى هذا الموضوع .. ولأصحاب الحساسية الزائدة الذين ينتفضون من الخوض فى مواضيع الجنس أن يتمهلوا على أنفسهم وعلينا فلسنا بصدد النداء بتحرر الجنس من قمقمه بالرغم أن هذا جائز ومشروع , ولكن يعنينا التحليل الموضوعي للآثار البليغة المترتبة على الحرمان والكبت الجنسي والبحث سوياً عن حلول لخلق حالة نفسية إنسانية تعالج هذه المنظومة التي تم تخريبها على مدار العصور .
* الملكية والجنس .
– أري أن تحول المجتمع الإنسانى من حالة المشاعية إلى مجتمع الملكيات الخاصة قد أدى بالضرورة إلى تغير كبير فى العلاقات الجنسية , ففى حالة المجتمع المشاعي حيث سادت حينها حالة من البحث الدؤوب عن الغذاء للإشباع بشكل يومي مع عدم وجود فوائض إنتاجية , فحينها كانت العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة حرة وإختيارية من الإثنين بدون حسابات وتوازانات وقيود فلم تكن العلاقات الجنسية تتميز بالإحتكار والتعنت والسيادة الذكورية التى لحقت بالمجتمع عندما تولدت فوائض للقيمة .
– بظهور المجتمعات المنظمة وبدء الإنسان يتحسس إيجاد نظم إقتصادية تعطى فوائض مادية من إنتاج الطبيعة كما في المجتمعات الرعوية ثم الزراعية فالصناعية , بدأت تظهر الأطماع البشرية فى الإستحواذ على فوائض الإنتاج من قِبل كبار رجال القبيلة بما يمثلوا من رمز وقوة وسطوة بالضرورة .
– عمليات الإستئثار بفوائض الإنتاج خلقت معها فئة وطبقة الملاك التى بدأت تنظر بعمق كيف تحافظ على الثروات والأملاك التي وضعت يدها عليها , ومن هنا كان الهاجس القوى في كيفية إنتقال الثروة إلى المقربين من المالك فلم يكن أكثر من أولاده كورثة لتلك الثروة .
– المشكلة المؤرقة كانت فى ضمان نقاء النساء كأوعية جنسية تنتج الأطفال أى ضمان أن الإنتاج كله من إنتاج الرجل المالك , ومن هنا قامت أول عملية تأميم ومصادرة في تاريخ البشرية ألا وهى تأميم المرأة ومصادرتها كوعاء جنسي خاص للرجل بحيث يضمن الرجل لحد كبير أن يكون المنتج النهائي من صلبه .
– يقوم الرجل على هذا الأساس بشراء المرأة من وليها مقابل إحتكارها جنسياً لتنتج له الأولاد الذين يرثون أملاكه علاوة على متعته الجنسية , ليُسمى هذا النظام زواجاً يقبل تحت مظلته كل أشكال البيع والمقايضة والإحتكار ويمكن أن نرى ببساطة عدم وجود تغيير يذكر فى الأوضاع والملامح العامة للممارسات الجنسية بين زواج وعلاقات جنسية متحررة ولا بين زواج قديم أو حديث فستظل فكر ومنهجية الملكية هى القائمة .
– من هنا عرفت البشرية أشكال الزواج كعلاقات جنسية مُحددة وصارمة للحفاظ على الملكيات الخاصة , فالملاك يخشون من قفز الرجال الشبقى على إناثهم وتلويث الأواني الجنسية مما ينتج أطفال غير مقبول أن تنتقل لهم الثروة , ومن هنا ظهرت الرغبة فى تقييد العمليات الجنسية خارج مؤسسة الزواج وأعطى لها صفة الزنا .
– كان من الضروري أن يتم كبح جماح الغريزة الموجودة فى الآخر الذى يتعطش لممارسة شبقه فى حريم المالك المستحوذ , ولكن ما العمل أمام هذه القوة العارمة مع عدم وجود وسائل ردع كافية في أيدى الملاك , فمن هنا يلزم تجنيد إله القبيلة فى هذه المعركة أي تحويل الإله إلى بوليس سمائي يتولى الردع والترهيب .. ولم تكن الأمور في بادئ الأمر تهتم بقضية وجود عالم أخروي يمارس فيه العذاب للزناة بل رهبة الإنسان كانت فى حيز خوفه على يومه وغده وحجم المصائب التي يمكن أن يلقاها من غضب الإله على الأرض .. من خلال تبلور مجتمع ملاك وعبيد ظهرت منظومة مؤسسة الزواج وتم ترسيخها ورسم ملامحها وإقامة تحصينات لتحافظ بقدر الإمكان على نقاء الأوعية الجنسية .
– تعتبر تلك هى البدايات الأولى للكبت والحرمان الجنسي الذي واجه الإنسان , ولم تفلح أى محاولات ترقيعية لمدارة هذا الشرخ , بالرغم من إباحة تحليل الممارسات الجنسية والإغتصاب لنساء الغير طالما هذا الغير وقع مهزوما تحت قبضتنا , فهذا حل مؤقت ومرهون في كل الأحوال , ومن هنا يمكن ان نفسر السلوك والفكر الإزدواجي لمنتجي الأديان فهم ينتفضون من الممارسات الجنسية الحرة خارج مؤسسة الزواج فى مجتمعاتهم بينما يسمحون للشبقي من رجالهم بالسبي والإعتداء على نساء الآخرين حتى لو وصل للإغتصاب .
– مشهد آخر من مشاهد الجنس المحدد بعلاقات زوجية فالأمور تسير فيمن يدفع وقادر على إيواء الأنثى وإطعامها نظير ما تقدمه من جنس ولا مكان للحب . فإذا كان الحب هو توافق جسدي فى بدايته لتميل الأنثى للأقوى القادر على الحماية , فقد صارت القوة فيمن يمتلك المال ويستطيع شراء الجسد .
– قد يقول قائل أن الإسلام لا يؤسس للكبت الجنسي فهو يمنح الرجل بحبوحة جنسية كبيرة برخصة الزواج من أربعة وملكات يمين غير محدودة العدد فأين الكبت ؟ لنجيبة إن رخصة الزواج من أربعة وملكات اليمين هي لمن يمتلك المال ويقاتل بينما الشباب الفقير غارق فى كبته وأحلامه .
– يعتبرون أن الزواج يحفظ ويصون الكرامة بينما هو إهدار وإنتهاك للكرامة الإنسانية , فلا حقوق للمرأة طالما الرجل قادر على الإنفاق والمأوى بل ما يتصورونه كرامة للمرأة هو عين الإنتهاك , فالرجل إقتنى المرأة وإعتلاها بالمهر المقدم لوالدها فما عليها سوى تقديم المتعة للرجل الذى إقتناها , كذا من الحقوق التى يتصورونها وهماً أنها كرامة أن يعطى الرجل نفقة متعة عند طلاقها على المتعة من الممارسات الجنسية معها وكأن الجنس هو متعة الرجل فقط وكأن المرأة مخلوقة لتقديم المتعة فقط ولا مكان لمتعتها !
– هناك دافع عميق أتلمسه فى مجتمع الملكية , فالملكية تقوم على فكرة التمايز الجوهرية , ولا يكون جموح هذا التمايز مُقتصراً على الإحساس بالتفوق بحيازة الممتلكات بل بسلب الآخرين القدرة على الإمتلاك والتمايز , فعندما يتساوى الجميع سيفقد المالك متعة التمايز والتفوق على الآخرين , ومن هنا أرى أن هناك رغبة دفينة لدي الملاك بحرمان الفقراء والبسطاء من متعة ممارسة الجنس فها أنا أمارس الجنس بحبوحة بينما الآخرون محرومون منه .
– قد يعتبر ما ذكرته هو بداية أولية فى فتح ملف الجنس الذي أعتبره فى رأيي الشخصي أم المصائب البشرية من سوء معالجته وتعاطيه لأن الحرمان والكبت لا يمارس على شئ عابر ولكن يُمارس على غريزة وإحتياج حقيقي لا تجد سبيلاً أمام قهرها سوى أن تتعدى على الإنسان ذاته وتشوهه بشراسة .
* الجسد والشهوة والأديان وأشياء أخرى .
– عندما أشاهد برامج تليفزيونية عن القبائل الأفريقية وقبائل حوض الأمازون التى تعيش شبه عارية , أو أشاهد فيلما تسجيليا عن شواطئ العراة فى أوربا وأمريكا, لم يعد يدهشني هذا الأمر عندما أمعنت فى التأمل والتفكير فيه , لأسأل ماذا يحدث لو قرر العالم أن يرتد إلى حالته الأولى عندما كان الجميع يعيشون كأبناء للطبيعة متجردين من كل الثياب التي وضعوها على أجسادهم , فهل نستطيع تصور هذه الحالة الفنتازية من أستاذ يذهب إلى عمله وهو عاريا .. يركب مواصلاته من العجلة إلى الطائرة وهو عاريا .. يذهب إلى مدرسته وملاعبه وقاعاته عاريا .
– لو تأملنا قليلا بدون قوالب وتشنجات فكرية فنحن نأمل أن نحطم القالب الذى يُقيد فكرنا ويسجن عقولنا حتى نصل إلى فهم واعي لمكنوناتنا السيكولوجية , فسنجد أن أمر العرى شئ طبيعي ومن الممكن قبوله وليس هناك من مشكلة سوى اللحظات الأولى لظهور الفكرة باللحظة الأولى , فعندما ننزع ثيابنا فستمر لحظات ليست بالكثيرة حتى نألف هذا المشهد بأن يكون العالم كله عاريا , وحينها سنألف أجسادنا ولن نجد فيها قبحاً ولا فجوراً كما كنا نتصور.. سنجد أجسادنا عارية عن كل ما كان يختزلها ويصنع حولها الأوهام والخيالات وستكون ذواتنا واضحة مع أنفسنا والآخرين لنتخلص من الهوس الجنسي الذي يشغل تفكيرنا ملء النهار والليل , وسيتحول الجنس في حياتنا إلى إحتياج طبيعي حقيقي وليس شبق وهوس أردناه أن يظل دائما متوهجاً نتاجر به .
– حينما تتصور عالم تأصل فيه العري , فهل حينها ستظل أحلامنا المراهقة الباحثة عن جسد المرأة المتلهفة للتحدق فيه قائمة ؟ وهل سيكون لغز جسد المرأة والخيالات المنسوجة حوله هو ما يشغل كل تفكيرنا أم ستتحرر عيوننا وعقولنا من حالة الهوس الشديد التي تعترينا ونلتفت للحياة ؟
– أري أن الأنسان إخترع الملابس ليس لتقيه شر البرودة فقط , بل لتخلق له حالة من الخيالات المتوهجة ومزيد من إطفاء الإثارة على الجسد ..!! فعندما تحجب جزء من الجسد فهو مدعاة للفضول فيما وراء هذا الجزء المغطى .. هو خلق جو من الإثارة والغموض حول الجسد.
– الذي خلق فكرة الملابس مهموم ومحموم بهوس جنسي أو قل أنه من الذكاء الشديد المُدرك لخلجات الإنسان الداخلية , فقد رأى أن الجسد المكشوف لا يعطيه الإثارة كما لو كان مغطى أو جزء منه مغطى , فهو يخلق عالم من الشهوة المستمرة المستعرة يستدعيه في خياله و تفكيره .
– في حالة عالم عارى لن يتم ممارسة الجنس إلا تحت وطأة إحتياج طبيعي شأنه شأن تناول للطعام , ولكن مع عالم مكسي بالثياب يكون الجنس حالة هوسية تشغل كل تفكيرك ليمنحك شعور باللذة الرابضة خلف أسوار الفضول والطقوس .
– نتصور خطأ أن الأديان تمارس دوراً عفيفاً في حفظ الجسد والشهوة فهكذا يدعون ويتصورون , ولكن وفق لما أشرنا إليه تكون المعتقدات والأديان هي المؤصلة لحالة الهوس الجنسي والمؤطرة له بحالة منظور ذكوري يجد لذته فى إستدعائها وخلق حالة مستمرة من الشبق .
– كلما كانت المعتقدات شديدة فى تعنتها مع الجسد محاولة أن تحجب أكثر جزء فيه فهي تكون بالضرورة خالقة لجو من الهوس الجنسى الدائم مولدة فى أذهان تابعيها حالة من الشبق الجنسي المستعر ويؤكد نظريتنا هذه أن النقاب فى السعودية أنتج حالة هوس بالجنس , ومن هنا نقول أن الحجب الشديد سيعطى نتائج سيئة على هوس وشبق الرجال .. إذن الأديان مهما أدعت من بحثها الدؤوب عن العفة والوقار والإحتشام ستقع فى الجب التى تدعى أنها تتحاشاه بجب الشهوة المتقدة دوما .
عالمنا العربى هو مثال حي على ما أدعيه فعندما يتتحسس الذكر ذكوريته ويكتشف حاجاته ولذته الجنسية تجد الجنس وأحلامه هو شاغله الأقوى , فلو إستطعت أن تدخل تلاليف دماغ شاب عربى ستجدها مملؤة عن آخرها ليلاً ونهاراً بنساء جميلات عاريات , فهل تتوقع منه إنتاجا أو إبداعا فلا تٍسأل هنا لماذا ينتج الغرب ويبدع .
– الذى إخترع قصة الرداء الحافظ الواقى هو من يبحث أن يجعل لمجموعة من العظام واللحم شهوة عالية لتخلق جو من ديمومة التخيل المبهج فهو مسجون بهم الجنس أكثر من زميله العاري .
– يأتى أسلاف الأنسان المُخترع الأول ليفهموا سر الصنعة ويعرفوا كيف يبدعوا ويضيفوا ,فيأتى صُناع الموضة ليضيفوا بذكاء غير معهود فى كشف أجزاء من الجسد وتعرية أجزاء أخرى ليبدعوا خطوطهم وتصميماتهم ليركزوا إهتمامك على أجزاء معينة كالنهود والأرداف ويثيروا بذلك خيالاتنا الجنسية ..هم يتلاعبون مع قطعة القماش من خلال تصميماتها وألوانها ليخلقوا حالة من الفضول الشديد لتنظر وتأمل ما وراء القماش …أن تحس بالمنحنيات والتضاريس بشكل رائع يخلق حالة من الشبق .
– أتصور أن الإنسان الأول عندما إخترع قصة الثياب لم يكن فى حالة من الإدراك الواعي لهدفه من خلق حالة هستيرية حول الجسد , كذلك الأديان والمعتقدات لم تقصد أن تكون مُرسخة لحالة من الشبق الجنسي بل متصورة أنها بالحجب تُقيم مجتمع العفة والزهد عن الشهوة والجسد .. يمكن تصور الأمر بحالة غير واعية ومخططة على أقل تقدير .
– نرجع لسؤالنا الأول ما حالنا فى مجتمع عارى بدون ثياب وبدون قيود , فهل سيكون الجسد والجنس هو شاغلنا وهمنا الأكبر؟ هل نظرتنا إلى أجسادنا ستكون أكثر واقعية وإحتراماً من حال مجتمع يدعى المدنية والحضارة وهو مغموس حتى أذنيه فى هوس جنسي دائم..يسعد بعمليات الفضول المستعرة لما تحت الثياب .. لست بصدد الدعوة إلى مجتمع عاري وإذا فهمت الموضوع على هذا الشكل فعذرا أنت لم تفهمني أو أكون أنا المُقصر فى توضيح وجهة نظري .
– أنا غير مهموم بجماليات الجسد وهل هو قبيح أو جميل ليكون الجمال شئ نسبى علاوة على أنه يستقى مفهومه بما هو متاح وموجود ومن نتاج ثقافة إنسانية تحيكه وتصنعه فتمنح الجمال لمن يتوافق مع مصالح ملبياً إحتباجات الإنسان .
– مسابقة ملكة جمال العالم تقام سنويا بطقوس خاصة , فهل تكون هاتى الجميلات جميلات بصورة رائعة عندما يقدموا عرضهن بدون المايوهات اللاتي يرتدونها والتي تكشف أجزاء وتحجب أجزاء أخرى تلهب أحاسيس من ينظر إليهن أم أن المايوهات تزيدهن جمالا وإثارة .
هل الطبيب الذى يتعامل مع الجسد العاري لمريضة أو لجثة ممدة على طاولة إفتقد فجأة للشهوة ثم عاودته فجأة عندما إنصرف من عيادته ليشاهد إمرأة جميلة غطت أجزاء من جسدها فتثير الإستحسان فى عيونه .
– قضيتي هى هل الجسد العاري يمثل مجال للشهوة المتقدة كما يدعون ويصورونه قبحاً وفجوراً وعورة أم أن عملية تغطية الجسد تكون هى المحفزة للشهوة والفضول ونسج خيالات مستمرة .. و من هنا أطلق سؤال لتأكيد الفكرة : هل الطبيعة وهبت الفتاة نهدان حتى تثير الرجل بمنظرهم المتكور أم لتمارس من خلالهما عملية إرضاع أطفالها .؟
نحن من خلال طقوس الحجب جعلنا النهود نقطة إثارة جنسية وتفننا في كيفية إبرازهم وحجب جزء منهم أو حجبهم تماما , ولو تصورنا أن كل نساء الأرض عاريات النهود , فماذا سيحدث ؟..سيفقد الرجال هذا التابو من التحريم ويصبح النهد ككف اليد له وظيفته الطبيعية .
– قد يقفز سؤال ..هل سنفتقد الشهوة والرغبة فى الجنس عندما نكون عراة ؟ أرى أن الجنس سيتحول إلى إحتياج طبيعي يمارسه الإنسان وفقا لحاجاته الطبيعية ..وستتحول الشهوة إلى درجة عالية من الرقى الإنساني ..حيث ستكون الشهوة فى عيوننا وكلامنا الهامس وحبنا للآخر ولا تكون الشهوة كما هى حاليا فى قمصان نوم مثيرة تغطى أجزاء وتكشف إجزاء بخطوط وألوان تلهب خيالنا المستعر الراغب فى رؤية أجزاء مكورة ومدورة تمنحنا هذا الشبق والهوس الجنسي .
– إن قضية الجسد العارى هى إرتداد لحالة الأولى الإنسانية بدون رتوش ولا إضافات ,بدون أن تتحول المرأة إلى سلعة يراد لها أن تباع , وبدون تدخل من القوادين الذين يتفننوا في جعل كتلة من اللحم والعظام سلعة معروضة فى سوق النخاسة .
أصحاب الحجب التام هم أكثر البشر غارقين فى الهم الجنسي وإن أعتقدوا عكس ذلك , فأجسادنا عندما تتعرى سيفقد الجسد حينها تابوهاته وألغازه وأوهامه والأحلام والخيالات المنسوجة حوله , وسيفقد القوادون والنخاسون والمتاجرون بأجساد النساء أعمالهم الدنيئة .
– لا أحمل لواء فكرة الجسد العاري فأنا أرفض أي فكرة تقفز على المجتمع وتصطدمه كما أنها فكرة غير ملحة , ليبقى هو تأمل عميق فى أعماق نفسية الإنسان القادر على صناعة أديانه وآلهته وقادر أيضا على صناعة أحلامه وهلاوسه الجنسية .
– فى النهاية ..هل يمكن القول أن الإنسان الذى يخلق هذه النزعة والنظرة الذى تزيده توهجاً جنسياً هو من خلق الأديان والآلهة ليمرر أحلامه وهلاوسه ؟ سؤال يحتاج إلى تفكير .
كانت هذه نبذات فى موضوع دهاليز الجنس لأتصور أنه سيفتح مجال واسع للتأملات والتوقفات في موضوع الجنس وتداعياته وكيف ننظر له وكيف هي رؤيتنا للمرأة التي نحتقر تفاعلها وفعلها ومتعتها الجنسية بالرغم أنها جزء أصيل فى الجنس . نحن أمام ثقافة إنتهكت إنسانيتها وشوهتها بضراوة .
دمتم بخير وأرحب بنقدكم وإضافاتكم وتفسيراتكم لقضية الجنس .
-“من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته” – حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع.