بَعَدْ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَّضَاهَا أسيرًا في سجون الاحتلال الصهيوني البطل القائد: “كريم يونس” على موعد مع فجر الحُرية
إنها قصص ليست خيالية، بل حقيقية من الصمود، والتحدي، والبطولة، والتضحية، والفداء، والتي قَل نَظِّيرُها في العالم كُله؛ حيثُ خاض، ولا يزال يخُوض غمارها أبناء الشعب العربي الفلسطيني في كل يوم؛ ومن تلك القصص البطولية صمود الأسري العرب الفلسطينيين الأبطال لسنواتٍ عجافٍ طوال في سجون، وزنازين عصابة أقزام الاحتلال الإسرائيلي المُجرم من أبناءِ، وأحفاد القردة، والخنازير المفُسِدون في الأرض؛؛ ولقد كذلك خاض بعض الأسرى الإداريين إضرابًا مفتُوحًا عن الطعام بسبب زجِهم في سجون العدو دون توجيه أي تهمة لهم، مع استمرار ، ومواصلة تجديد اعتقالهم إداريًا كل فترة دون حُكَمْ، حتي مكث بعضهم في السجن بعض سنين ظلمًا، وعدوانًا دون أي ذنب!؛ مما جعل أغلب الأسرى الإداريين يَخُوضون اضرابًا مفتوح عن الطعام لفترة تجاوزت الخمسة شهور في سجون الاحتلال مطُالبين بإنهاء اعتقالهم الإداري، والافراج عنهم، لنَّيْل حريتهم، واستقلالهم الحرية، وتعتبر فترة الاضراب المفتوح عن الطعام التي خاضوا غمارها هي الأطول في العالم. إن قضية الأسرى الأبطال، وقضية جثامين الشهداء المحتجزة في ثلاجات الاحتلال النازي العنصري المجرم منذ عدة سنوات كلها قضايا مركزية؛ حالها كحال باقي القضايا المفصلية المصيرية مثل مدينة القدس، والمسجد الأقصى المبارك، التي لا تنازل عنها حتى تتحرر فلسطين.
إن الأسرى الميامين الأشاوس الأماجد الأبطال في سجون الاحتلال الصهيوني العنصري هُم من خيرةُ أبناء فلسطين، وقضية مُعاناتهم متُعاقبة لن، ولا تغيب، مثل تعاقب الليل، والنهار، والشمس، والقمر، وهي رأس الحكايات، وأُم البدايات، والنهايات؛ فالأسرى الأشاوس كانوا، ومازالوا عنواناً للصمود، والشموخ، والتحدي والعنفوان، وتحمل المُعاناة، وهم رمز للصمود، والمثابرة، والصبر، والمصابرة؛ وإن قضيتهم مركزية، وكبيرة لن تنتهي إلا بتحريرهم جميعاً من قُبور الاحتلال (السجون والزنازين الصهيونية) وحريتهم هي قضية حياة أو موت!. واليوم تحتفي فلسطين، ومعها كل شُرفاء الأمة العربية، والإسلامية بِحرية قائد بحجم وطن، كان جملُ المحامِل، وأيقونة الأسرى، إنهُ الفارس الشامخ، البطل الصابر الصامد، الجبل الشاهق، الصنديد صاحب عزيمة تَّفْلُ الحَديد؛ المُثابِر، صاحب النورٍ الزاخِر، وبِقوة بَحَرٍ هَادر، وقلبٍ مخمومٍ باهرِ، إنهُ الفدائي الأشوس عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ابن فلسطين البَار الأسير المحرر البطل المجاهد، والذي تحدي المُحتل الباطل البطَال، وسارَ علي الأشواك، وعلى أحرِ من حر الجمر، وتجرع المُر، والعلقم، وصبر على الضُّرْ، وعلى ظلام السجن، وعتمة زنزانة كأنها القبرِ، وتحمل القهرِ ، وعُهر المحُتل الجبان؛ وتحدي قسوة السجن، والسجان.. إنه الأسد القائد المغوار سيد الثوار/ “كريم يونس”؛ والذي أمضي أربعين سنةً معتقلاً صابرًا مُحْتِّسبًا في سجون عصابة الاحتلال الصهيوني المجرم الفاشي الغاشم الظالم العنصري؛ وأمضي زهرة شبابه في المعتقل لفترة امتدت لأربعة عُقود في سجون الاحتلال؛ ولمن لا يعرف قصة عميد الأسرى البطل القائد كريم يونس: هو من سكان قرية عاره من أراضي فلسطين التاريخية المحتلة عام النكبة 1948م، وهو أقدم أسير فلسطيني قبع في سجون الاحتلال الصهيوني؛ وقد نشأ منذ نعومة أظفاره علي عشق، وحب فلسطين، وقاوم الاحتلال الفاشي بكل بسَالة من طفولتهِ، وحتى ريعان شبابهِ؛ وقد اعتقلتهُ عصابة قوات الاحتلال العنصري الصهيوني في شهر فبراير عام ألف، وتسعمائة وثلاثة، وثمانون؛ حيث كان من كوادر، وقيادات حركة فتح، ووجهت له تُهمة مقاومة الاحتلال المجرم وقتل جندي صهيوني، وأصدرت عليهِ محاكم الاحتلال في بداية اعتقاله حكمًا بالإعدام شنقًا بحقه، وبعد شهر عادت محكمة الاحتلال، وأصدرت حكما بتخفيض العقوبة من الإعدام إلى السجن المؤبد مدى الحياة، وبعد جهود قانونية حثيثة، حددت سلطات الاحتلال في أيلول من عام 2012م حكم المؤبد 40 عامًا، بدل عشرين عامًا؛ وذلك لعدد من أسرى فلسطين المحتلة عام النكبة 1948م، ومن بينهم البطل كريم واليوم يبزغ فجر الحرية للأسير المحرر البطل كريم يونس ” صبر أيوب”؛ بعد أن أمضي أربعين سنةً في الأسر خرج من سجون العدو بعزيمة قوية فولاذية، وإرادة صلبة، وإيمان عميق، ورضًا بما فعله لأجل تحرير فلسطين، والمسجد الأقصى المبارك؛ هذا الفارس الهُمام الماهر لم تكسره مضي السنون الطويلة في السجن ولا التعذيب، والضرب، والشبح!؛ ولم تلين عزيمتهُ رغم عتمة السجن، و قسوة، وظلم السجان، والقُضبان وسواد حلكة الليالي، وسواد الزنازين، وقهر حقد عصابة جنود المحتلين؛ ليخرج من السجن بعد أربعين عامًا وكأنهُ ولد من جديد؛ فالخارج من سجون عصابة المحتلين مثل المُولود، والداخل في سجونهم مثل المفقود !!. ونحن من واجبنا الوطني نحو قضية باقي الأسرى الأبطال في سجون عصابة الاحتلال أن ننصرهم، وننتصر لقضيتهم العادلة، وأن نبرز معاناتهم في سجون العدو، وأن نكون نصيراً لهم في وقت عز فيهِ النصير، وفي وقت مات فيه الضمير العالمي، فنسوا قضية الأسرى الأبطال الذين لا ذنب لهم، ولم يفعلوا أي جريمة تستحق السجن، سوي أنهم عشقوا تراب الوطن، وأحبوا الحرية، وتحدوا الغاصبين المحتلين، فكانوا قناديل تضيء الطريق، وشموع تضيء الدرب لكل العاشقين الحالمين بالحرية، والانعتاق من ظُلم، وظلام الاحتلال الفاجر. ويجب علينا أن نذكرهم في كل، وقت وحين، وأن نحيي قضيتهم، وأن تخرج للضوء نحو كل حدبٍ، وصوب، وأن لا تبقى طي النسيان، مثل الأموات في المقابر، فلا ذاكر لهم، ولا معين، أو ناصر!؛ فيجب علينا جميعاً السعي جاهدين لنصرتهم، لأنهم أمضوا زهرة شبابهم، وعمرهم، و حياتهم في سجون المحتلين المجرمين من أجل استقلال الوطن، وحرية الشعب الفلسطيني البطل؛ فمن حقهم، وواجبهم علينا أن نرفع راياتهم عالياً كما نرفع رايات فلسطين في كل مكان في العالم.
إن عميد الأسرى القائد البطل المُحرر/ كريم يونس كان قد اعتقل من قبل عصابة قوات الاحتلال الصهيوني بتاريخ 6/1/1983م، وحكم عليه بالسجن المؤبد الذي حدد فيما بعد بـ 40 عامًا، وكان من المفترض أن يفرج عنه خلال الدفعة الرابعة، وفق التفاهمات التي أبرمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع حكومة الاحتلال عام 2013 والتي تقضي بالإفراج عن كافة الأسرى القدامى المعتقلين قبل اتفاقيات أوسلو، ولكن عصابة حكومة الاحتلال تنصلت من الافراج عن الدفعة الرابعة، والتي كانت تتضمن 30 أسيرًا منهم 14 أسيرًا من الداخل الفلسطيني المُحتل؛ وهم الأقدم في السجون؛ والأسير المحرر كريم حاصل على بكالوريوس قسم الهندسة الميكانيكية؛ كما أصدر يونس من داخل السجن كتابين، أحدهما بعنوان: “الواقع السياسي في فلسطين المحتلة” عام 1990م تحدث خلاله عن جميع الأحزاب السياسية للكيان الغاصب، والثاني بعنوان “الصراع الأيديولوجي، والتسوية” عام 1993م؛ يشار إلى أن عائلة الأسير البطل كريم يونس بمسقط رأسها في بلدة عارة بالداخل الفلسطيني المُحتل تترقب يوم السبت السادس من يناير/كانون الثاني 2023 على أحر من الجمر موعدًا مع فجر الحرية لإنهاء أربعة عقود من الانتظار، ولحظة تحرر نجلها عميد الأسرى الفلسطينيين من غياهب سجون الاحتلال بعد سنوات عجاف من الحرمان، والغياب؛ حيثُ تنتظر والدة الأسير كريم الحاجة/ صبحية يونس، إطلاق سراح نجلها البكر في بلدة عارة، مسقط رأسه، بفارغ الصبر لتعانقه قائلةً: “”هذه الفرحة لا شيء يعادلها، أنتظر يوم الإفراج عنه باليوم، والساعة، وأتمنى أن يمر الزمن سريعاً، وتقرّ عيني برؤية فلذة كبدي يدخل الدار، وأمضيت 40 سنة صابرة محتسبة أدعو لابني، ولكل الأسرى بالحرية، وبعد مُعاناة طويلة أتمني رؤيته، لأن والدهُ مات وهو في السجن”؛ ومهما طال ظلام، وظلم عصابة الاحتلال هُم إلى زوال؛ وإن أشد ساعات الليلة ظلمة، وحلكة، وسواداً هي تلك الساعة التي تسبق بزوغ الفجر؛ وفجر الحرية لفلسطين وشعبها البطل، وللمسجد الأقصى المبارك الأسير، ولكل الأسرى الأشاوس الأبطال بات قريب جدًا بإذن الله؛ فلا غرف التحقيق باقية، ولا زرد السلاسل؛ وسوف يبزغ فجر الحرية والتحرير لكل أسرانا الأحرار الأبطال الميامين.
الأديب الكاتب، والباحث الصحفي، والمفكر العربي والإسلامي
الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
رئيس المركز القومي لعلماء فلسطين، والأستاذ الجامعي غير المتفرغ
رئيس الاتحاد العام للمثقفين، وعضو نقابة اتحاد كتاب وأدباء مصر