الوزير عبد الرشيد طبي .. قانونين جديدين

قال وزير العدل الرشيد طبي، وزير العدل، حافظ الأختام في جلسة مجلس الأمة، التي خصّصت لعرض ومناقشة نصين (2) قانونيين

فيما يخص نص القانون المتعلق بالوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته، أوضح ممثل الحكومة أنه يهدف إلى “التصدي لهذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا. وهذا بالنظر إلى آثارها السلبية، سيما على النساء والأطفال”؛ مشيرا في ذات السياق إلى أنّ “تحوّلها إلى جريمة عابرة للحدود جعل المجتمع الدولي يستلزم سنّ تشريع خاص بها؛ لذا جاء هذا النص لتكييف تشريعنا الوطني مع الالتزامات الدولية وتجميع كل أشكال هذا الإجرام ضمن نص قانوني واحد”.

وأضاف ممثل الحكومة أن هذا النص يتضمن أحكاما تتعلق بوجوب التزام الدولة بحماية ضحايا جرائم الإتجار بالبشر وتعزز التعاون المؤسساتي والدولي في مجال الوقاية منها، كما ينص على تدخل الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية في الوقاية من هذه الجريمة من خلال وضع استراتيجية وطنية لتنفيذها بإشراك المجتمع المدني.

في ذات الشأن، حدّد نص القانون “مهام اللجنة الوطنية للوقاية من الإتجار بالبشر، المستحدثة في 2016، لاسيما إعدادها لمشروع الاستراتيجية الوطنية واعتماد آليات اليقظة والكشف المبكر عن مختلف صور جريمة الإتجار بالأشخاص”.

وأشار ممثل الحكومة أن النص يقترح أيضا إجراءات تسمح بتسهيل رجوع الضحايا الجزائريين إلى أرض الوطن، وتسهيل رجوع الضحايا الأجانب إلى بلدانهم الأصلية مع تيسير لجوئهم للقضاء وإنشاء صندوق لمساعدتهم والتكفل بهم.

وتضمّن نص القانون أحكاما تخص إلزام مقدمي الخدمات وأي شخص آخر بتسليم أي معلومة ذات صلة بالتحقيق في جرائم الاتجار بالبشر وعلى إمكانية الأمر بالسحب الفوري أو تخزين كل محتوى يتيحون الاطلاع عليه أو جعل الدخول إليه غير ممكن. كما يسمح بإجراء التفتيش في أي ساعة من اليوم، ويمنح للجمعيات والهيئات الناشطة في مجال حماية حقوق الإنسان الحق في إيداع شكوى أمام القضاء والتأسيس كطرف مدني.

ويجرم النص إفشاء المعلومات المؤدية إلى كشف هوية الضحية، الشهود، المبلغين، ويجرم جميع صور التهديد أو الانتقام التي تطالهم، بما في ذلك الخبراء، وإخضاع مرتكبي الجرائم بعد استنفاد عقوبتهم إلى المراقبة الإلكترونية ومنعهم من الإقامة في الجزائر لمدة قد تصل إلى 10 سنوات.

بالإضافة إلى أحكام أخرى تتعلق بالتعاون الدولي سيما في إطار الإجراءات القضائية، تسليم المجرمين واسترداد العائدات الإجرامية، مع الإقرار على مراعاة مبدإ “المعاملة بالمثل” واستثناء طلبات التعاون القضائي التي من شأنها المساس بالسيادة الوطنية أو النظام العام.

وخلال عرضه نص القانون الذي يُعدّل ويُتمّم القانون رقم 04-18، والمتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والإتجار غير المشروعين بها، أوضح ممثل الحكومة أنه ينص على “إعداد استراتيجية وطنية للوقاية من هذه الجرائم، ترتكز على تعزيز دور المساجد والمراكز الثقافية والرياضية ودور الشباب ووسائل الإعلام في عملية التوعية بآثار المخدرات والمؤثرات العقلية”. هذه الاستراتيجية الوطنية يُكلّفُ بإعدادها والسهر على تنفيذها وفق نص القانون، “الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها” وذلك بالتنسيق مع جميع المتدخلين في هذا المجال من مختلف القطاعات الوزارية والمجتمع المدني، وهذا بعد مصادقة الحكومة عليها.

كما أبرز ممثل الحكومة أن هذا النص الذي يجري تطبيقه منذ سنة 2004، قد أبان عن عديد النقائص التي يسعى النص الجديد إلى التكفل بها، لاسيما تلك المتصلة بتصنيف المخدرات والمؤثرات العقلية، يضاف إلى ذلك غياب أحكام تتعلق بالتعاون الدولي، بالرغم من أن هذه الجرائم كثيرا ما تكون عابرة للحدود الوطنية.

وأردف أنّ هذا النص الجديد يتضمن مراجعة الأحكام المتعلقة بالتدابير العلاجية من خلال إقرار “تتبع خاص للمتهمين الأحداث الذين يتابعون العلاج المزيل للتسمّم، بإعفائهم من المتابعة في حال تابعوا هذا العلاج قبل تحريك الدعوى العمومية أو إعفائهم من العقوبة إذا ما تابعوا هذا العلاج بعد تحريك الدعوى العمومية”. ويقترح أيضا مراجعة الأحكام الجزائية عن طريق “إقرار حماية خاصة للصيادلة، وذلك عن طريق إدراج عقوبات على كل من يحاول الحصول على مؤثرات عقلية عن طريق تهديدهم أو الاعتداء عليهم”.

وأشار ممثل الحكومة أنه من بين الأحكام الجزائية المشددة التي احتواها نص القانون “فرض عقوبة مشددة قد تصل إلى 30 سنة سجنا إذا كان الفاعل موظفا عموميا سهلت له وظيفته ارتكاب الجريمة، وترتفع العقوبة إلى السجن المؤبد في حال ارتكبت هذه الأفعال من قبل جماعة إجرامية منظمة”.

وأكد ممثل الحكومة أنه ولتعزيز آليات التحري، يعطي النص لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق “صلاحية الترخيص للشرطة القضائية بتحديد الموقع الجغرافي للمشتبه فيهم أو المتهمين أو وسيلة الجريمة أو أي بضاعة أو أي شيء آخر له صلة بالجريمة من خلال استعمال وسائل تكنولوجيات الإعلام والاتصال عن طريق منظومة المعلوماتية أو بوضع ترتيبات تقنية معدة خصيصا لهذا الغرض”.

عقب عرض ممثل الحكومة النصين، أحال السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة، الكلمة إلى السيد محمد رباح، مقرر لجنة الشؤون القانونية والادارية وحقوق الإنسان والتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي لمجلس الأمة، لتلاوة التقريرين التمهيديين اللذين أعدّتهما اللجنة حول النصين، حيث ثمنت في تقريرها التمهيدي الأوّل أحكام نص القانون المتعلق بالوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته وأبعاده المختلفة: الوقائية، الجزائية، الوطنية منها والدولية، حيث تعمل بتضافرها على الوقاية من هذه الظاهرة الإجرامية وعلى مكافحتها في الوقت ذاته…كما يُعد هذا النص تكييفا للتشريع الوطني مع الآليات الدولية ذات الصلة، واستدراكا للنقص المسجل في التشريع الوطني في هذا المجال، وتجميع للأحكام المتعلقة بهذه الجريمة في قانون واحد، مع التركيز على الجانب الوقائي أكثر.

أما في تقريرها التمهيدي الثاني حول نص القانون الذي يُعدّل ويُتمّم القانون رقم 04-18، والمتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والإتجار غير المشروعين بها، أوضحت اللجنة فيه أن هذا النص يأتي في إطار تكييف القانون رقم 04-18 مع الاتفاقيات الدولية، وكذا تكييفه مع ما عرفته ظاهرة المخدرات والمؤثرات العقلية من انتشار وتنام في المجتمع، وما تتطلبه من وقاية وقمع لاستعمالها وللاتجار غير المشروعين بها؛ وتشديد العقوبات على مرتكبيها، حماية للمجتمع وحفاظا على أمنه واستقراره.

إنشغالات وتساؤلات السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمة في مناقشة النصين تمحورت أساسًا حول مجمل الأحكام التي تضمّنها النصّان مع التركيز على الوقاية وتشديد العقوبات وضرورة تضافر جهود المتدخلين وتنسيق أعمال كافة الهيئات والمؤسسات ذات الصلة في التصدي لهاتين الظاهرتين الخطيرتين على المجتمع برمته، ضمن استراتيجية وطنية واضحة، تجمع بين الوقاية والردع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى