الصين تراقب تطورات الحرب في أوكرانيا

 
مهند البراك
كشف سقوط المجمع الصناعي العملاق (آزوف ستال) في الدونباس و استسلام مقاتليه الذين بحدود الالفين و اربعمائة 2400 مقاتل و مرتزق من شتىّ الجنسيات، من الاوكرانيين و البريطانيين و الاميركيين و الشيشان و من مقاتلي داعش الارهابية و غيرهم . . كشف و سيكشف الكثير مما كان يجري التحضير له لهجوم غربي على روسيا . .
منه اكتشاف مختبرات جديدة لأسلحة الدمار الجماعي البيولوجي و تأكيد ما اعلنت عنه و قدمته روسيا باسماء الشركات الى الامم المتحدة و مجلس الامن، اضافة الى وجود ثلاثة جنرالات بريطانيين من العمليات الخاصة كما اعلنت اكثر من صحيفة بريطانية، كانوا قد أُرسلوا سرّاً الى هناك قبيل ابتداء المعارك . .
و عن كشف وزير الدفاع الاميركي (لويد أوستن) بأن هدف الولايات المتحدة من المساعدات العسكرية بمعنى ادامة الحرب (*) و توسيع الناتو هو اضعاف روسيا، و عن و للمرة الاولى يؤكد الرئيس الاوكراني الى ضرورة ايجاد حل سلميّ للأزمة الاوكرانية، بعد كل خطبه النارية في البرلمانات الاوربية و المتحالفة و حتى الى افتتاح مهرجان ” كان ” الفني الدولي ، و مطالباته الدول الاوربية بارسال المزيد من الأسلحة اليه لأنه (يقاوم) من اجل اوروبا الى آخر اوكراني، و مطالباته ايّاها بإعادة بناء مدن اوكرانيا على نفقة الإتحاد الاوربي، حتى جعل الاوربيون في مآزق اخذوا يعبّرون عنها بعجزهم في تنفيذها . .
و يذكّر مؤرخون مستقلون ان ما عبّر عنه وزير الدفاع الاميركي من اضعاف روسيا، هو جاري و يجري منذ زمان روسيا القيصرية ( و يفسّره متخصصون بأنه امتداد لمخططات اميركية سابقة من قبل الحرب العالمية الاولى و التي بدأت منذ شراء آلاسكا من القيصر بعد خلق الفتن فيها، و تواصلت ضمن المشاركة العسكرية الفعلية في تنفيذ مخططات الجيش الابيض في حرب التدخل و محاولات تحطيم الجيش الاحمر الذي اشعل ثورة اكتوبر حينها و انتصر و اسس لقيام دولة الاتحاد السوفيتي، في وقت كانت قد سعت فيه بلا هوادة الى تقسيم روسيا القيصرية بكل الطرق الى اربع دول على الاقل . .
و يشير محللون دوليون الى ان هدف اضعاف روسيا و العمل على تقسيمها جاء بسبب ثرواتها الطبيعية الهائلة من القمح و النفط و الى المعادن النادرة (التي أُكتشفت و أُعلن عنها في العراق مؤخراً و سببت و تسبب المزيد من صراعات الدول الكبرى عليه)، المعادن النادرة التي صارت دول الغرب تعتمد عليها و لا تستطيع الفكاك منها في صناعاتها الأكثر تطوراً في الانترنت و الكابلات الضوئية و رقائق الكومبيوتر و الحاسبات و الصناعات الالكترونية و تقنيات الصناعات الفضائية و الاجهزة الطبية و صناعات الماس و البلاتين و غيرها، اضافة الى الصناعات العسكرية التي تسابق الزمن . .
و قد ازداد ذلك النشاط لإضعاف روسيا بمجيئها بنظام جديد للدولة و المجتمع اثر ثورة اكتوبر 1917 استطاع الصمود و الوقوف بمواجهة عمالقة العالم آنذاك رغم انواع الحصارات الغربية عليها، وصولاً الى تحطيم النازية الهتلرية بتضحيات جسيمة و دون ان تحتاج لأحد، في وقت بقيت فيه الولايات المتحدة تراقب مايجري من بعيد و تنتظر ان تضعف كل دول اوروبا لتضمها تحت قيادتها و تحت قيادة نظامها المالي و الدولار . . حتى فتحت (الجبهة الثانية) التي طال انتظارها و هي تكتفي بالوعود، حتى فتحت الجبهة الثانية لخوفها من اجتياح الإتحاد السوفيتي لكل اوروبا، ان لم تتحرك . .
و تشير مذكرات رفعت للحكومة الألمانية منذ بدء الازمة و الحرب و الى الآن، لخبراء و علماء المان على رأسهم البروفيسور (هاينس انغلشتادر) بروفيسور العلاقات الدولية . . الى ان الشيء الوحيد الذي يمكن ان يساعد لإيجاد حلول للازمة الاوكرانية هو الوقف الفوري لإطلاق النار، على الرغم من أن فرصه لا تزال محدودة، إلا أنه لا ينبغي للحكومة الألمانية على وجه الخصوص الاستغناء عنها.
و يشيرون الى انه يمكن لموسكو وكييف أخيرًا فهم أنه مع الحرب في أوكرانيا ، فإنهما يتعاملان مع الستراتيجية الثابتة للولايات المتحدة عالمياً ويخوضان حربًا بالوكالة ضد الصين. حيث ترى الولايات المتحدة خصمها الرئيسي في الصين، و لكن الهجوم عليها ليس بهذه السهولة، رغم ان الصين خسرت بالفعل حربين أرضيتين أمريكيتين، مباشرة في كوريا الشمالية عام 1953 وبشكل غير مباشر في فيتنام، مما ادىّ الى تقسيمهما.
و الآن تشعر الولايات المتحدة بمخاوف حقيقية من أن الصين يمكن أن تربط نفسها بقوة بروسيا، الأمر الذي سوف يؤدي الى ظهور مركز قوة لا تستطيع الديمقراطية الغربية التأثير فيه. لهذا السبب ترى الولايات المتحدة انه يجب إضعاف روسيا قدر الإمكان وفصلها عن الصين، في وقت تؤدي فيه الحرب الأوكرانية بالضبط هذه الوظيفة، على أكتافها وعلى حساب الأوكرانيين والروس وكل من يطيل هذه الحرب.
و يؤكدون بأن هذا الوضع يمكن أن يدفع موسكو، مثل كييف، إلى إعلان وقف فوري لإطلاق النار. يجب أن تعمل برلين من أجل هذا، من الساعة فصاعدًا، لتكون الحياة والسلع والاقتصاد خارج خط النار و تسير بحيوية كما عشناها. عندئذ يمكن لجميع المعنيين الاتفاق على شروط سلام حقيقية في أوكرانيا وأوروبا الشرقية.
و بالتالي السير على طريق تحقيق ما تريده روسيا بإبقاء صواريخ الناتو النووية بعيدة عن حدودها. و ماتريده أوكرانيا التي لديها بالفعل استقلال إقليمي واسع النطاق من جهة، و من جهة اخرى ماتريده بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في الاعتبار. و يمكن للمرء أن يفكر في دولة أوكرانيا الحرة المحايدة ، والتي ستكون تحت سلطة الحماية للأمم المتحدة وجميع منظماتها، وخاصة المنظمات الاقتصادية. بهذه الطريقة ، ستنتهي حرب أوكرانيا بطريقة إنسانية بالاتفاق المتبادل، و ستجنّب العالم كارثة حقيقية بدأت ملامحها تلوح .
22 /5 /2022 ، مهند البراك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى