أحوال عربيةأخبار العالم

شرق أوسط جديد… كيف قرأت إسرائيل دعوة السيسي لزيارة تركيا؟

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

هل نرى الرئيس عبد الفتاح السيسي قريباً في تركيا ؟ هذا السؤال يتردد بقوة في عدد كبير من العواصم المؤثرة إقليمياً ودولياً، بل هناك تأكيدات على أن الزيارة باتت قريبة جداً،.ولعل هذه الزيارة دليل ومؤشر على تمسك تركيا بمسار تقوية العلاقات مع مصر بعد الانتخابات، وأنه لم يكن توجه يتم تسويقه انتخابيا فقط، وإنما إرادة تركية متواصلة حتى بعد الانتخابات لتعزيز العلاقات بين القاهرة وأنقرة.

علاوة على ذلك، إن عودة العلاقات بين قطبين كبيرين “المصري التركي” في المنطقة تسهم بلا شك في تعظيم المصالح المشتركة بينهما، وربما تسهم في احتواء الأزمات التي طال أمدها أكثر من 12 عاما، وبذلك ستكون القمة بين السيسي وأردوغان، حال عقدها، ثاني لقاء بين الرئيسين المصري والتركي، بعد لقائهما العام الماضي في الدوحة، وهو اللقاء الذي كسر جمود العلاقات بين البلدين منذ سنة 2013.

تمكن الرئيسان المصري السيسي والتركي أردوغان، على المدى القصير على الأقل، من تحقيق تقارب وتنحية القضايا المتنازع عليها جانبا لتطبيع العلاقات بين البلدين، وهو تطور دفعت إليه عدة أسباب، بينها التطورات السياسية في العالم ومصالح الدول هي ما تحكم التبدلات في مواقفها، وتأثير دول الخليج على تركيا ومصر واضح من الناحية الاقتصادية حيث دفعت تلك الدول البلدين إلى تحسين علاقاتهما، ويضاف إلى ذلك الجمود المستمر في ليبيا، فضلا عن ضعف جماعة الإخوان المسلمين على المستوى الإقليمي.

بالتالي أن الإجراءات التركية تجاه عناصر الإخوان المسلمين الموجودين على أراضيها، تمضي في اتجاه تركيا لإرضاء القاهرة من أجل إعادة العلاقات، ويعتبر هذا الملف أكثر الملفات التي تستطيع تركيا أن تأخذ به خطوات ، حيث تم طرد الإخوان من قبل حكومة العدالة والتنمية بعد أن استنفدوا الغرض الذي من أجله تم استضافتهم في تركيا.

في إطار ذلك هناك العديد من الملفات الساخنة التي يتعين فتحها بحرص والتوصل إلى حلول وسطية منها، الوضع في ليبيا والوجود التركي هناك حيث أن اتفاق ترسيم الحدود بين تركيا وحكومة ليبيا على سبيل المثال أزعج مصر كثيراً، وفجّر خلافات بشأن حقول الغار في البحر المتوسط، ومن هنا أن تحسن العلاقات المصرية التركية قد يعيد رسم خريطة حقول الغاز ويعيد لمصر بعضاً من حقولها التي استولت عليها إسرائيل في المنطقة.

بالمقابل إسرائيل تدرك تماماً أن أي تفكير في إعادة لترسيم الحدود البحرية -وفقا للعلاقات والتحالفات الجديدة- سيكون على حسابه، لذلك تسعى دائماً الى تحجيم العلاقة بين مصر وتركيا.

وتجدر الإشارة هنا الى أن تطبيع العلاقات مهم لمصر كما هو مهم لتركيا، كون البلدين يسعيان للتغلب على الأزمات الاقتصادية لكل منهما، كما أن تعزيز مكانة مصر واستعادتها لمكانتها كدولة مركزية سيمكنها من لعب دور أكثر فاعلية في البنية الأمنية للمنطقة، خاصة في مواجهة العدوانية الإسرائيلية المتزايدة في السنوات الأخيرة.

مجملاً…لا شك أن هناك مصالح مشتركة واضحة لكل من مصر وتركيا في إعادة بناء علاقة طبيعية تزيل آثار الماضي وترتكز على أساس توازن المصالح، حيث تعّول تركية على العلاقات الاقتصادية والتجارية مع مصر التي يمكن أن تؤسس لتجاوز الأزمة الحالية القائمة بينهما، وبالتالي فإن لغة المصالح هي التي ستحسم في النهاية الأزمة القائمة بينهما، وأن حالة التوترات السياسية لن تطول وهو ما من شأنه أن يصب في مصلحة مسار العلاقات بين هذين البلدين اللذين لهما وزنهما وثقلهما في المنطقة.

وأختم بالقول …إن المنطقة تشهد إعادة تشكيل على أساس براغماتي بين دول المنطقة، وهو ما قد يسهم في ظهور تحالفات جديدة تبحث بها هذه الدول عن حل للأزمات العميقة التي تعاني منها، وخاصة الأزمات الاقتصادية والسياسية، وخصوصاً تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى