أحوال عربيةأخبار

نتنياهو رهن مصير اسرائيل بمصيره الشخصي

كيف بات مصير نتنياهو مرتبطاً بنتيجة الحرب ؟

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

العقل الإسرائيلي مليء بالأحلام والأوهام المتجددة بالسيطرة مُجدداً على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي يحاول رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تصديرها وكأنها القشّة التي ستقصم ظهر المقاومة، لتصبح رفح بمثابة سر، فهي مفتاح إنقاذ نتنياهو بعد خسائره في غزة.

وتسعى الولايات المتحدة جاهدة إلى ثني إسرائيل عن شن هجوم بري على مدينة رفح تحاول تخفيف فاتورة الدماء المتوقعة دون أن ترفضه من حيث المبدأ ، إلا أن نتنياهو وحكومته المتطرفة يرون أن دخول رفح هو عامل الحسم من أجل الانتصار في هذه الحرب استراتيجياً.

بموازاة هذه التهديدات تجري محاولة إيجاد حل سياسي ومسار تفاوضي بوساطة مصرية ورعاية أميركية، بالتالي أنّ ما يقوم به نتنياهو من تلويح بعملية عسكرية ما هو إلا محاولة ضغط أملاً في الوصول إلى قيادات المقاومة الفلسطينية وتحرير الأسرى والرهائن دون دفع أثمان قد تقوض حكومة نتنياهو وتنهى حياته السياسية وتسقط اعتباره أمام قطاعات متزايدة من الرأي العام في بلاده.

الملفت هنا أن بايدن لديه شكوك كبيرة في كفاءة الإدارة السياسية لـ«نتنياهو»، غير مقتنع بالخطط والاستعدادات الإسرائيلية لاجتياح رفح، لا بمانع فى الاجتياح نفسه، لكنه لا يثق فى جاهزية الجيش الإسرائيلي وقدرته على الحسم دون مجازر قد تفضى إلى أضرار فادحة بالمصالح الأمريكية فى المنطقة.

في هذا السياق يقود نتنياهو “إسرائيل” نحو طريق دموي مسدود ، فالمظاهرات الواسعة النطاق في إسرائيل المطالبة بإقالة رئيس الوزراء نتنياهو ، تظهر مدى المعارضة للطريقة التي أدار فيها هذه الحرب القاسية في غزة ونتائجها العسكرية، و تدل أيضاً على حجم الرفض الداخلي للحرب العقيمة على قطاع غزة، بذلك تصاعدت التوترات داخل إسرائيل مع استئناف مفاوضات الهدنة ، ولكن تضع هذه الضغوط نتنياهو على حافة الهاوية والاستسلام.

بالمقابل أن أميركا على فوهة بركان طلابي ، حين انفجر طلاب الجامعات ضد الحرب الدموية التي شنتها اسرائيل على غزة مع إقامة “مخيم تضامن مع غزة” في حرم جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، ويطالب المشاركون في الاحتجاجات بقطع الصلات بين المؤسسة المرموقة وإسرائيل على خلفية العدوان المستمر على غزة والأزمة الانسانية الكارثية التي تسبب بها.

وفي مسلسل تساقط منظومة الجيش الإسرائيلي بدء استقالات قادة في مؤسسة “جيش” الاحتلال، تطفو على السطح تباينات وخلافات أكثر حدة، مع انعدام الثقة بين الأطراف كافة في “إسرائيل”، وهو ما يعزز وجود طبقة قيادية عسكرية كاملة ستستقيل بسبب عملية طوفان الأقصى، وهو أمر سيترك فراغاً كبيراً في هذه المؤسسة.

لذلك نتنياهو اليوم في أوهن حالاته السياسية وحزبه تشظى، وفقد زعاماته المؤسسة له والمؤثرة في سياساته من أمثال جدعون ساعر، ولم يعد حزب اللكود الذي يتزعمه نتنياهو اليوم يشكل أغلبية ؛ بل ولم يجد من يتحالف معه من أحزاب المعارضة القوية، لهذا خضع للابتزاز السياسي، وسيحمل حقائبه مكرهاً من حزبه وبمكاسب تشبه الهزائم، إن لم تكن الهزائم بعينها.

جميع المعطيات تشير الى أن احتجاجات عائلات المحتجزين ضد نتنياهو وحكومته المتطرفة بعد فشلهم الكبير في تنفيذ أي من أهداف حرب غزة، وعلى رأسها تحرير المحتجزين، تزيد الضغوط على نتنياهو من أجل التوصل لاتفاق وتقديم المزيد من التنازلات ، وعلى الطرف الأخر، حذر وزير الأمن القومي الإسرائيلي من أنه “إذا قرر نتنياهو، إنهاء الحرب دون شن هجوم واسع النطاق على رفح لهزيمة حماس، فلن يكون لديه تفويض لمواصلة العمل كرئيس للوزراء في إسرائيل.

أمام هذا الواقع يمكن القول، إن الكرة الآن في ملعب رجال المقاومة، وباتت بيدهم أي مبادرة هجومية قادمة على الكيان الصهيوني بإسناد حلفاؤهم من محور المقاومة، ومن الواضح من سلسلة الهزائم التي منيت بها إسرائيل في غزة، فإن الأيام القادمة يمكن ان تكون مصيرية بالنسبة لنتنياهو ، يتحقق فيه كسر وهزيمة حزبه المتطرف، وعليه نتمنى من كافة الدول الوقوف ضد الكيان الصهيوني ووقف كل أشكال الدعم الغربي لها.

وأختم بالقول، هزيمة لم يسبق لها مثيل أن يتم تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي، وهذا يحدث فقط مع رجال المقاومة الفلسطينية التي كتبت عنها سابقاً وأكدت بأنها رقم صعب ستثبت للعالم أجمع بأنها نواة جيش قادم لمرحلة تحرير شاملة، بذلك استطاعت المقاومة بما حققته من إنجازات في الحرب أن توقف الكيان الصهيوني ومن وراءه في تنفيذ مخططاته في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط وأجبرته على تأجيل طموحاته، وأفسدت على الغرب إستكمال مشروع التقسيم فيما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى