مصر الزعامة المفقودة

مصر….الزعامة المفقودة

ندرك جيدا ان البساط قد سحب من تحت اقدام مصر منذ توقيعها كامب ديفيد, لقد تم ابعادها عن
محيطها العربي والهائها في شؤونها الداخلية, لإيمان الغرب القاطع بانه لا حرب في المنطقة
بدون مصر, فتداعت الانظمة العربية الى البيت الابيض تعلن انها مع السلام العادل في الشرق
الاوسط وحل معضلته الرئيسية فلسطين وشعبها المهجر في الشتات والمقيم في الداخل تحت
سلطات الاحتلال الغاشم. وكنتيجة حتمية لقرار القيادة المصرية (السادات)بإنهاء حالة العداء مع
العدو على اعتبار ان مصر كانت الخاسر الاوحد لخوضها 3 حروب,فان غالبية الانظمة
العربية اليوم قامت بالتطبيع الكامل على بياض, والثمن بقاءها في الحكم.
كنا نتمنى على مصر والتي تملك قدرات بشرية علمية وبرؤوس اموال عربية ان تدخل مجال
(توطين)الصناعات الهندسية العسكرية منها والمدنية, مصر الرسمية التي تخلت كليا عن الشعب
الفلسطيني الذي يقع على حدودها ويعاني مرارة الاحتلال, الإعلان عن تدشين فرقاطة بأيادي
مصرية من طراز MEKO-A200 وراجمات صواريخ ودبابات وناقلات جند وغيرها. بالتأكيد
يتم صناعتها لأجل الدفاع عن النفس بمعنى عن تراب مصر, فالحرب الاجرامية على غزة لم
تحرك القيادة المصرية بالدفاع عنها, بل اكتفت كغيرها بعبارات الشجب والاستنكار ومحاولة
التهدئة ,بمعنى اخر مصر لم تعد اما للعرب او الشقيقة الكبرى لهم كما كانت, بل اصبحت
تتصرف كأي دولة بالإقليم وتتعامل مع كيان العدو وفق الاعراف الدولية سفارات, وتبادل سلع
وخدمات وبالأخص النفط والغاز.
لم يعد يخفى على احد سعى امريكا ومعها الغرب الاستعماري الى القضاء على الفلسطينيين من
خلال تسفيرهم الى مختلف بقاع العالم والاستيلاء على فلسطين كاملة كمرحلة اولى, اما (من
النيل الى الفرات) فذاك يكون في مرحلة مقبلة, والى ذاك الحين فان أيا من الصناعات الحربية
لن تستخدم ضد العدو الذي اصبح قادته (مجرميه) يستقبلون في عواصمنا بالأحضان وتفرش
لهم البسط الحمر وتنكس لهم الاعلام ,فهم ابناء عمومة لنا ونطلب منهم الصفح والعفو على ما
ارتكبناه في حقهم .
وعليه نقول للقيادة المصرية: سياتي اليوم الذي تحطون فيه مدمراتكم والياتكم وكل اسلحتكم في
معارض التحف او في المسابقات الدولية لتأخذوا عليها جائزة نوبل للسلام (الاستسلام), فالدولة
التي لا تتحكم في معبر شقته بدماء ابنائها وقوت شعبها واممت الشركة المنفذة له بجرأة وجسارة
زعيمها العروبي الابي, الذي لا يزال يمثل نبض الامة رغم غيابه (تغييبه قسرا)عن الساحة
لأكثر من خمسة عقود, لا فائدة من هذه الصناعات , قريبا سوف يتم بيعها في سوق الخردة
العالمي لتستفيد منها امم تقدس حرية وكرامة الوطن والمواطن, والحال هذه نتمنى على القيادة
المصرية استثمار الاموال في الصناعات التي تدر ربحا على المواطن المصري وخفض نسب
البطالة وعدم رهن مصر للبنك الدولي, فالقوة العسكرية تحتاج قيادة تمتلك مؤهلات خاصة
وارادة صلبة وايمان بقضية العرب الاولى وقدرة على اتخاذ القرار, وهي ما تفتقده السلطات
القائمة والمتعاقبة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.
لقد فقدت مصر زعامتها على امتها, بسبب تخليها عن القيام بالأدوار المنوطة بها ,واكتفت بان
تكون شاهدة على تصفية القضية الفلسطينية, وترهل الجسد العربي الذي لم يعد يقو على البقاء.
ويبقى الأمل في القوى الحية التي تقدم التضحيات الجسام وتقاتل العدو بل العالم اجمع المنتهك
لحقوق الانسان وسلب الحريات.

ميلاد عمر المزوغي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى