مجتمعولايات ومراسلون

يعود تاريخها لقرون الزمن .. إختتام فعاليات تظاهرة عاشوراء بتمنطيط في أدرار

يعود تاريخها لعشرات القرون .. إختتام فعاليات تظاهرة عاشوراء بتمنطيط في أدرار

اختتمت صباح اليوم السبت فعاليات تظاهرة عاشوراء بتمنطيط نحو10كلم جنوب مقر ولاية ادرار بإقامة احتفاليات فنية ودينية بسيدي ناجم وهي اخر محطة بعد يومين حافلين بالقر العتيق حيث تم عشية عاشوراء استقبال الضيوف او ما يعرف بأقاليم توات وقورارة وتيدكلت ومناطق أخرى بالجنوب ببيانو، اين احتضن قصر تيفاغي العتيق سهرة فلكلورية لفرق صارة وهو إيقاع من الايقاعات الشعبية التي تعرف بها تمنطيط، اما يوم عاشوراء فيتم استقبال مريدو ومقادم الطرق الصوفية والمتمثلة في فقرة زاوية سيد البكري للمديح وذلك بمقر الزاوية الطيبية “تاهقة” وكذا استقبال فقرات قصور المنصور وبني وازل و الغمارة من بلدية بودة كالعادة امام قصبة تاهقة وفي قصر غمراقبور من طرف مقادم الزاوية الطيبية بتمنطيط والقيام بالسلام والفاتحة والدعاء .ليفتتح بعدها فعاليات البارود، اما خلال الفترة الليلة فشهدت ساحة قصر توفاغي كالعادة سهرة فلكلورية نشطتها فرق البارود لقصور بودة وبوفادي وفرق البارود لقصر تمنطيط حتى وقت متأخر من الليل تزامنا وسهرة للمديح لفرق الحضرة بقصبة غمراقبور الى مطلع الفجر ، هذا وتحمل احتفاليات عاشوراء بتمنطيط دلالات دينية وروحية بحسب ابن المنطقة والزاوية الطيبية الباحث عبد الحليم بن سالم عمراوي، الذي قال ان المناسبة تبدا في اليوم التاسع من شهر الله المحرم أو ما يسمى ب “بيانو” والتي يحتفي فيها الأطفال الصغار فيجوبون المنازل لجمع الحلوى والفول والحمص المطبوخ وغيرها مما يفرح به الأطفال وتجود به أيادي النساء عبر قصور توات وماجاورها، وفي نفس اليوم ” التاسع من محرم ” يلتقي الصغار والكبار لحضور رقصة صاره حيث يجتمعون ليلا في قصبة تيفاغي حاملين العصي وأعمدة الخشب والحديد ليبدأو احتفالاتهم الفلكلورية المخلدة لتظاهرة عاشوراء والتي تستمر لثلاثة أيام كاملة ( 9، 10، 11 محرم ) ، ورقصة صاره أن تتشكل الفرقة بشكل دائري فيتضاربون بالعصي والخشب على شكل المبارزة تحت أنغام الدفوف المتنوعة ،مشيرا الى منطقة تمنطيط تعتبر من المناطق التراثية القديمة ، الضاربة في عمق التاريخ ، حيث كانت ملتقى للقوافل التجارية ومعبرا ورافدا للكثير من الحضارات التي مرت بها مما جعلها عاصمة للإقليم التواتي في القرن التاسع الهجري ، سكنت بها الكثير من القابائل منها العربية والعبرية والزناتية ، بل عرفت الملل الثلاث وديانات سماوية متعددة مثل ما أشار إلى ذلك الكثير من المؤرخين في المخطوطات والمصادر التاريخية ، بلغ عدد قصورها في ما مضى من الزمان 366 قصرا تزورها القوافل التجارية من كل حدب وصوب ، مما جعل العادات والتقاليد تتنوع وتتأثر بهاته الروافد، فامتزج فيها المقدس بالتراث لينتج لنا الكثير من العادات والتقاليد التي اجتمعت فيها ، حتى أن الكثير من العادات والتقاليد صدرت منها إلى قصور توات المجاورة ، مثلا زمار بوعلي الذي اشتهرت به منطقة زاوية كنتة ما هو إلا نتاج عائلة هاجرت من منطقة تمنطيط إلى منطقة بوعلي ، وأهليل الذي اشتهرت به منطقة القورارة يقال أنه خرج من القصر الزناتي تيفاغي والكثير من العادات والتقاليد ، وتعد عاشوراء بحسب الباحث الأستاذ عمراوي مناسبة اجتماعية دينية عرفت بها منطقة تمنطيط ، حيث يحتفل التمنطيطيون كغيرهم بهاته المناسبة العظيمة التي نجى فيها الله سيدنا موسى من الغرق وأمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بصيامها تعبيرا على الفرح ، ولكن الاحتفالات تمتزج بينما هو روحي ديني وبين ما هو طقس أسطوري ذلك أن الاحتفالات بدأت قبل مجيء الإسلام للمنطقة مع القبائل الزناتية واليهودية التي كانت في المنطقة ، ثم تطورت وتكيفت مع مجيء الإسلام ولذلك تنوعت طرق الاحتفال ، والثابت أن جميع الطقوس اليوم هدفها روحي ديني يرجوا بها السكان وجه الله سبحانه وتعالى ، ففيها الذكر والصيام وقراءة القرآن ، وإكرام الضيف وزيارة العلماء والأحباب والأقارب ، والضرب على الدفوف من خلال الفلكلور الشعبي ، والتوسعة على العيال وإدخال الفرحة والسرور على الكثير من العوائل والأطفال ن موضحا انه في صباح اليوم العاشر تتوجه الأنظار كلها إلى زاوية الشيخ سيدي بن عمر بقصر غمراقبور وقصبة “تاهقة” ، حيث يعتبر الشيخ سيدي محمد بن عمر “عائلة عمراوي ” أول من أدخل الطريقة الطيبية لمنطقة توات عموما وقد ذكره التنيلاني صاحب مخطوط الدرة الفاخرة ، حيث قال ” كان من أكابر المشايخ المشهورين أجمع كافة الناس على جلالة قدره وكراماته ، أخذ السر على القطب الرباني سيدي مولاي التهامي ، نفعنا الله وأياكم به وببركاته ، ومن أخيه مولاي الطيب ..وإذنوا له في إعطاء السر في منطقة توات ” كما أشار للزاوية الكثير من الباحثين والمؤرخين منهم الطيب بن عبد الرحيم صاحب مخطوط البسيط في أخبار تمنطيط حيث جميع الاحتفالات كانت تقام في هاته الزاوية العامرة ، فقد كانت العائلات التمنطيطية الميسورة ومريدو الزاوية يرسلون المؤن والزرع وغيره إلى شيخ الزاوية ثم تتكفل الزاوية بما تبقى من استقبال الضيوف و إطعام الطعام في هذا اليوم المبارك ، قال صاحب البسيط ” وقد كان المرابطون اولاد الولي الصالح سيدي عمرو مقدم ورد ساداتنا واشياخنا وشرفائنا اهل وزان ، يبنون الآن حذو ارض أغلاد المذكور ديار ويعمرون تحتها جنات أعانهم الله على ماقصدوه من نفع انفسهم ونفع عباد الله فهم حرم وقر عين يشرب بها عباد الله ولهم في البلد موسم عظيم يوم عاشوراء تجتمع له الركبان من نحو فراسخ ويزيد ولا ينبغي عدم حضوره لكل سعيد، يبيتون فيه كل ليلهم على ذكره بالحلقة والهيللة وربما انجذب فيه من حضرته عناية الله ، وهو موسم الحوائج والنتاج تحضره الأفاضل الأبرار من الجيران فيعودونه بالخير واللطف ويفترقون على بركة وغنيمة ويا له يوم وموسم نفعنا الله بذلك غاية الانتفاع وهو من خواص تلك المدينة دون غيرها من البقاع ” . وفي الزمن الحالي مع تيسر الأمور ، انتقل الاحتفال إلى معظم العائلات في منطقة تمنطيط فأصبح كل البيوت بفضل الله مفتوحة تستقبل الزائرين، مضيفا يأتي مريدي الطريقة الطيبيبة فقرات فقرات من جميع القصور خاصة فقرة قصر زاوية سيد البكري فقرة بودة المنصور، فقرة بنيللو ، فقرة بني وازل ، فقرة لغمارة ومن تيمي كانت تأتي في المساء فقرة أدغا …، وكذا فقرة قصر بوفادي المحاذي لتمنطيط والزوار عموما، فيستقبلون أمام مدخل قصر تاهقة من طرف مقدم الزاوية الحالي “سيدي محمد ولد سيد المهدي ولد سيد الجزولي العمراوي” في مشهد يظهر ثقافة المحبة والألفة ، وإظهار الفرح والسرور فيرددون عبارات المريدين “الله اسلام عليكم ورحمة الله ” ويرد عليهم المستقبلون ويذكرون الله في ذلك اللقاء ثم يقوم المقدم بفاتحة يدعوا فيها الله سبحانه وتعالى للحاضرين والغائبين . ويتوجهون مباشرة إلى قصر غمراقبور حيث تقام فاتحة أخرى كبيرة من طرف المقدم “سيدي عبد العزيز بن سيدي صالح العمراوي” ثم تقام طقوس الحضره ومن أشهر ما يقال فيهاهذا اليوم “مرحبا باللي جانا **العاطي يامولانا” “مرحبا باللي جانا **العاطي يامولانا ” ، وبعدها مباشرة تبدأ فرق البارود الفلكلورية لكل من قصور” بودة المنصور ” و”بني وازل” و”فرقة الغماره ” و “فرقة بوفادي” وغيرها من القصور للاحتفال بالمناسبة ن بعدها يتواصل الإحتفال بالمناسبة بعد صلاة المغرب من نفس اليوم حيث يفطر من كان صائما من الزوار ، وتأتي فرقة قرقابو أو ماكان يسمى ” بالعبيد ” لقصر تيمي “أدغاغ ” بقيادة “أبا الحمدو” يأتون لزيارة مقر الزاوية الطيبية فيقومون برقصتهم المشهورة في قصر غمراقبور قبل صلاة العشاء في المكان المسمى الرحيبة ، ثم يتوجهون للعشاء في الزاوية وبعدهم مباشرة تأتي فرقة بوفادي للبارود لإكمال بداية السهرة الليلية، ومع بداية الثلث الأول من الليل تتوزع الاحتفالات بين قصري غمراقبور وقصر تيفاغي ، حيث جميع الفرق الفلكلورية التي نشطت في الصباح تحيي الليل في قصبة تيفاغي الموجودة في قلب تمنطيط ، بداية بفرقة تمنطيط ، ثم فرق قصور بودة وغيرها من الفرق الفلكلورية للبارود كبوفادي وتبقى حتى الثلث الثاني من الليل ، وفي نفس الوقت تكون قصائد سيدي محمد بلمبروك البوداوي، ونانا عيشة وسيد الجزولي والجعواني تردد في “الحضرة ” في قصبة غمراقبور من طرف مريدي الطريقة حتى الثلث الأخير من الليل ، قصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر الحياة والتذكير بالآخرة والتوسل بالأنبياء والصالحين وفي آخر الليل قبل طلوع الفجر يأتي الناس الزوار وجميع الفرق من قصر تيفاغي وكل من يريد حضور الفاتحة الكبيرة الخاتمة لهذا اليوم ، حيث يأتي مقدم الزاوية ويدعوا الله في جمع كبير من الصالحين والزوار وأهل المنطقة ، عل الله يؤتي كل حاضر سؤله وهو يوم مشهود كما ذكر صاحب البسيط “لا ينبغي عدم حضوره لكل سعيد، وفي صباح اليوم الموالي وهو يوم 11 محرم ينطلق مريدو الطريقة الطيبية لزيارة المقابر للتذكير بالآخرة في جمع كبير، حيث يتوقفون عند المقابر و جميع أولياء المنطقة والدعاء لهم ولموتى المسلمين والتوسل لله سبحانه وتعالى فيمرون بمقبرة اولاد علي بن موسى بدءا بضريح سيدي محمد بن عمر شيخ الطريقة وضريح سيدي عبد الله العصنوني ، وضريح سيدي الحاج عبد الرحيم ومقبرة سيدي يوسف وصولا في الأخير إلى مقبرة سيدي ناجم بالجهة المسماة “جيهة المرابطين ” ويقفون عند ضريح سيدي ناجم وهو من أولياء الله الصالحين الذين ذكروا في معظم القصائد الشعبية وشهد له الجميع بجلالة قدره وعظمة فعله ، فيدعون الله سبحانه وتعالى في ذلك المقام وتقام “الحضرة ” بحضور زوار المنطقة،والسبب الحقيقي للقيام بالحضرة والفاتحة في ذلك اليوم ،أنه اليوم الذي توفى فيه سيدي ناجم فحددت زيارته في ذلك اليوم ولكن أهله قامو بتغيير يوم الزيارة إلى وقت آخر لتزامن زيارته” الوعدة السنوية ” مع الطقوس الاحتفالية لعاشوراء .وبعد الحضرة تأتي فرق البارود لتمتع الحاضرين برقصاتها المعهودة ، بدءا بتمنطيط و زاوية الشيخ سيد البكري وفرق بودة و بوفادي لتختتم الأجواء الاحتفالية بهاته المناسبة السعيدة وتفترق الناس على أمل اللقاء قريبا ، لخيتم حديثه بالقول إن احتفالية عاشوراء هي أكبر زيارة” وعدة ” أو تظاهرة تحدث في تمنطيط ولكنها ليست الأخيرة ، فهناك الكثير من الزيارات التي تقام في المنطقة نظرا لشساعتها وبذلك المشاهد الاحتفالية لا تنتهي فكلما انتهت مناسبة إلا وأتت أخرى في قصبة اخرى من قصبات تمنطيط ، ومن الاحتفالات الكبيرة التي تحدث : الاحتفال بالمولد النبوي ، زيارة سيدي ناجم، زيارة مولاي العربي ، زيارة سيدي يوسف ، زيارة سيدي سالم العصنوني ، زيارة سيد اليماني ، زيارة بالحاج والكثير الكثير من المناسبات الدينية والروحية التي سنكتب عنها في قابل الأيام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى