أخبارأمن وإستراتيجيةفي الواجهة

هكذا فشلتْ مُفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا

هكذا فشلتْ مُفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا

شابا أيوب شابا

“هكذا فشلتْ مُفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا”

ترجمة من الروسية نقلاً عن روسيا اليوم: د. شابا أيوب

تحدّث المُستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر في مقابلة مع صحيفة برلين تسايتونج يوم الأحد ٢٢ أوكتوبر، كيف أَحبَطتْ الولايات المتحدة مُعاهدة السلام بين موسكو وكييف ، وعن كيفية إيجاد طريقة للخروج من هذا الوضع.
وجاء حديثُه بجزأين:

الجزء الأول

“كان ينبغي لِ أولاف شولتز وماكرون أن يُدافعا عن عملية السلام في أوكرانيا، لأن هذه ليست قضية أميركية فحسب، بل قبل كل شيء قضية أوروبية. وكان عليهم أن يسألوا: ماذا يُمكِننا أن نفعل لإنهاء المواجهة بين الطرفين؟ لكن الناس اليوم يتسائلون فقط: ماذا يُمكننا أن نفعل لتوفير المزيد من الأسلحة؟؟؟

في عام 2022، تلقيتُ طلبَاً من أوكرانيا عمّا إذا كان بإمكاني العمل كوسيط بين روسيا وأوكرانيا. وكان السؤال الأساسي هو: ما إذا كان بإمكاني نقل الرسالة إلى بوتين؟ وظهرَ آنذاك رجلٌ تربطه علاقة وثيقة جداً بالرئيس الأوكراني نفسه. وكان هذا الرجل هو رُستم أُميروف( وزير الدفاع الحالي لأوكرانيا)، وهو عضو في أقلية تتار القرم. ثم طُرِحَ السؤال: كيف ننهي الصراع؟

هناك خمس نقاط.
أولاً : رفضْ عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، وأنّ أوكرانيا لا تزال غير قادرة على الوفاء بالشروط.
ثانياً: مشكلة اللغة.
ألغى البرلمان الأوكراني ثنائية اللغة(١) ، وهذا يحتاج إلى تغيير.
ثالثًا: تظل منطقة الدونباس جزءاً من أوكرانيا، لكن الدونباس يحتاج إلى مزيد من الحكم الذاتي، ويمكن اعتبار جنوب تيرول نموذجاً عملياً لذلك (٢).
رابعاً: تحتاج أوكرانيا أيضاً إلى ضمانات أمنية، ويجب أن يتم توفير هذه الضمانات من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا.
خامساً: شبه جزيرة القرم.
منذُ متى أصبحت شبه جزيرة القرم روسية؟
إن شبه جزيرة القرم بالنسبة لروسيا ليست مجرد قطعة أرض، بل هي جزء من تاريخها. وكان من الممكن إنهاء الحرب لولا المصالح الجيوسياسية.

الوحيدون الذين يستطيعون إدارة العمليات العسكرية في أوكرانيا هم الأمريكيون. وفي محادثات السلام في آذار 2022 في إسطنبول مع رُستم أميروف، لم يوافق الأوكرانيون على السلام ، لأنه لم يُسمح لهم بذلك. كان عليهم أولاً أن يُوضحوا للأميركيين كل ما كانوا يتحدثون عنه. لقد جَرتْ محادثتان مع أميروف، ثم مع بوتين على انفراد، ثم مع مبعوث بوتين. وكتسوية بشأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا، تم اقتراح النموذج النمساوي (٣) أو نموذج “5+1”. اعتبر أميروف هذا خياراً جيداً. كما أظهر التزامَهُ بأمور أخرى. وقال أيضا أن أوكرانيا لا تريد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وأنّ أوكرانيا تريد إعادة اللغة الروسية إلى الدونباس. لكن في النهاية لم يحدث أي شيء من هذا القبيل.
انطباعي أنا هو: أنّ لا شيء كان بإمكانه أن يحدث، لأن كل شيء كان قد تقرر في واشنطن وكانت هذه ضربة قاتلة، لأنه نتيجة لذلك أصبحت روسيا الآن أكثر ارتباطاً بالصين، وهو أمر ما كان للغرب أن يَسمح بحدوثه.

تلقّى الأوروبيون فشلاً حين كانت لديهم هناك نافذة في آذار 2022 حين كان الأوكرانيون على استعداد للحديث عن شبه جزيرة القرم.
وأعتقدْ أن الأمريكيين لم يرغبوا في التوصل إلى حل وسط بين أوكرانيا وروسيا. حيثُ اعتقدَ الأميركيون أن بإمكانهم احتواء الروس. والآن أصبح هناك لاعبان يعملان على توحيد قواهما ، الصين وروسيا، اللذان سعت الولايات المتحدة الى إحتوائهما ، ويعتقدُ الأمريكيون أنهم أقوياء بما يكفي لاحتواء هذين البلدين. وفي رأيي المتواضع أن هذا تقديرٌ خاطيء. انظر فقط إلى مدى التمزّق الحاصل في الجانب الأمريكي الآن. انظر إلى الفوضى الجارية في الكونغرس.
أمّا بالنسبة لنا نحن الأوروبيين لا شيء يُهدّد أمننا. وأن الخوف من قدوم الروس أمرٌ سخيف للغاية. فكيف يُمكنهم هزيمة حلف شمال الأطلسي، ناهيك عن احتلال أوروبا الغربية؟

(١) ألغى البرلمان الأوكراني استعمال اللغة الروسية حتى في المناطق التي يُشكل الروس أغلبية، وألزمَ جميع السكان باستعمال اللغة الأوكرانية فقط.
(٢) تيرول هي ولاية فيدرالية نمساوية، وتضم الجزء النمساوي من مقاطعة برينسلي التاريخية في تيرول.
(٣) إتحاد عدة ولايات.


“ماذا يريد الروس؟

على ما أعتقد يُريدون الوضع الراهن في الدونباس وشبه جزيرة القرم، لا شيء آخر.

أعتقد أنه كان من الخطأ الفادح أن يَشن بوتين عملية خاصة. ولكن في الوقت نفسه، من الواضح بالنسبة لي أن روسيا تشعر بالتهديد.

انظر: تركيا عضو في الناتو، وهناك صواريخ يُمكنها الوصول إلى موسكو مباشرة. أرادت الولايات المتحدة جلب حلف شمال الأطلسي إلى الحدود الغربية لروسيا، على سبيل المثال مع أوكرانيا كعضو جديد للناتو. كل هذا شعرَ به الروس كتهديد لأمن بلادهم ، وبهذا تكمن الجوانب غير العقلانية.

لن أنكر ذلك. وقد ردَّ الروس على كل ذلك بالخلط بين عاملين هما (الخوف والدفاع الإستباقي). ولهذا السبب، لا ينبغي لأحد في بولندا، وفي دول البلطيق، وخاصة في ألمانيا وفي جميع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي – أن يتصور أنّهم في خطر. لن يخوض الروس حرباً مع أي عضو في حلف شمال الأطلسي.

لقد قدمنا ​​نحن الألمان الكثير من الأشياء ما يُسعد الأوكرانيين من صناعات الأسلحة الألمانية والأمريكية. لكن لماذا لم يربط أولاف شولتز وماكرون إمدادات الأسلحة باقتراح المفاوضات؟

ماكرون وشولتز هما الوحيدان اللذان يستطيعان التحدث مع بوتين. لقد فعلنا أنا وشيراك الشيء نفسه خلال حرب العراق.

لماذا لا نستطيع الجمع بين دعم أوكرانيا والتحدث مع روسيا؟ إمدادات الأسلحة ليست حلاً للمشكلة، ولا أحد يريد التحدث، الجميع متخندقون في مواضعهم، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كم من الناس يجب أن يموتوا لكي تبدأ المفاوضات؟ إنه يذكرنا بالشرق الأوسط. إنَّ مَنْ يعاني من الجهتين هم الفقراء والذين فقدوا أطفالهم ، ولا أَحدْ من أصحاب الشأن يتحرّك. الشخص الوحيد الذي قام بفعل شيء، على الرغم من تعرضه للإفتراء المستمر، هو أردوغان باتفاق الحبوب. وهذا ما يقلقني حقا، إذْ لا أحد في الغرب يريد سماع ذلك، ولكن بغض النظر عمن يتولى السلطة في روسيا، هناك اعتقاد في روسيا بأن الغرب يريد توسيع حلف شمال الأطلسي ليشمل جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة. مفتاح هذا التوسع يبدأ من جورجيا وأوكرانيا. لكن لا أحد من القادة الروس سوف يسمح بذلك. تحليل الخطر هذا قد يكون عاطفياً لكنه في روسيا حقيقي ، ويتعيّن على الغرب أن يفهم هذه الحقيقة وأن يُقدّم بعض التنازلات وفقاً لذلك ، وإلّا فسوف يصبح تحقيق السلام أمراً بالغ الصعوبة.

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تعظ كُلّاً من الصين و روسيا، ولكنها تنسى أن ألمانيا بحاجة إلى علاقات معقولة مع كِلا البلدين، والتي بدونها لا يمكن إدانة الأعمال العسكرية ضد أوكرانيا.

أعتقد أن ما أمر به بوتين خطأ. قلتُ هذا علناً. ليس عليَّ أن أفعل هذا طوال الوقت. هناك علاقات بين الأشخاص الذين لديهم وجهات نظر مختلفة. وكان هذا هو الحال في حالتي مع فلاديمير بوتين.

روسيا تبقى روسيا بغض النظر عمن يُسيطر عليها وكيف. ومن مصلحةألمانيا أن تهتم بالحفاظ على العلاقات الاقتصادية والسياسية مع روسيا، حتى لو كان ذلك صعباً، و النظام الغربي غير مستقر.

يقول الأميركيون: «أرجوكي يا ألمانيا، لا تعاون مع الصين وروسيا، وسوف نُبقيكِ آمنة! لذا يُرجى الحفاظ على المسافة الخاصة بكِ.”

إنّ هذا ليس صحيحاً. إذ تُعتبر العلاقات الاقتصادية مع الصينيين أكثر أهمية بالنسبة للأميركيين منها مَعَنا، وبالمناسبة حتى مع روسيا أيضاً، فلا تزال العديد من الشركات الأمريكية تعمل في روسيا. وهذا لا يُزعج الحكومة الأمريكية على الإطلاق. إنها تهتم بشؤونها الخاصة. والاقتصاد هو الاقتصاد. نحن من نُنفّذ ما يريده الأميركيون سياسياً. لكن الأميركيين أنفسهم لا يفعلون ذلك”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى