الحدث الجزائريولايات ومراسلون

هجمات الشمال القسنطيني الخالدة .. سكيكدة

ضمن الكاتب خيدر اوهاب كتابه تحت عنوان ”سكيكدة شظايا من الذاكرة” محطة تاريخية هامة لمدينة سكيكدة حدثت مساء 20 أوت 1955 تمثلت في اشتباك 14 مجاهدا مع عساكر العدو الفرنسي واستشهادهم في دار ”بومنجل ديبون” الكائن بوسط مدينة سكيكدة على بعد أقل من 300 متر فقط من الجهة الشمالية الغربية من سجن المدينة أثناء الفترة الاستعمارية.

و ضمن أوهاب كتابه الصادر مؤخرا في نسخته باللغة العربية أنه بحسب الشهادات والمعلومات التي تحصل عليها حول هذا الاشتباك وقع في ظهيرة يوم 20 أوت 1955 اثر مرور العشرات من المجاهدين القادمين آنذاك من بني مالك و منطقة “باب الأوراس” بأعالي مدينة سكيكدة ليكملوا طريقهم مرورا بشارع ”الرافين” أو شارع الوهد متجهين إلى سجن المدينة في مهمة تتمثل في مهاجمة الحراس الذين كانوا على أسطح السجن وإطلاق سراح المعتقلين الجزائريين.

ولم تسر – حسب الكاتب – الخطة كما اتفق عليها حيث أنه بمجرد وصول المجاهدين أمام مدخل السجن، تعرضوا لإطلاق نار كثيف من طرف الحراس فردوا بدورهم في بداية الأمر ولكن سرعان ما تراجعوا وعادوا أدراجهم نحو شارع “الوهد”.

و يسترسل خيدر اوهاب في حديثه أنه وحسب شهادة أدلت بها زكية ديبون ساهل، وهي إبنة أحد مالكي المنزل – السالف الذكر الذي يتردد عليه المجاهدون – و التي لم تتجاوز خلال سنة 1955 ال 17 سنة من العمر بالقول ‘ أنها تتذكر جيدا ذلك الاشتباك الذي عاشت لحظاته و كانت لا تزال تتذكر وجوه الشهداء الذين رأتهم يقاتلون حتى استشهدوا جميعا”.

و إستنادا لذات المتحدثة فإنه في حوالي الساعة الواحدة زوالا ، كان المجاهدون قد عادوا إلى دار “بومنجل ديبون” حيث فور دخولهم المنزل سرعان ما انقسموا إلى مجموعتين بعضهم بقي في الطابق الأرضي في حين تمركز الآخرون في الطابق الأول في أماكن محددة كما لو كانوا يستعدون للرد على هجوم ما حيث كانوا -حسبها- على علم بأن العسكر الفرنسي لن يتأخر في المجيء و هو ما وقع بالفعل بعد أن أقدمت إحدى الجارات الأوروبيات بالإبلاغ عنهم حيث داهموا المنزل وحاصروه مدججين بالأسلحة الثقيلة.

و قد أبدى المجاهدون بسالة واستماتة في المقاومة ولم يتوقفوا عن تبادل النيران مع عسكر المستعمر لمدة ليست بالقليلة ليستشهدوا جميعا بحلول المساء.

ونقل الكاتب خيدر اوهاب عن السيدة زكية قولها “إن ما وقع في هذا المنزل ما هو إلا جزء من تاريخ المدينة و يجب ألا ينسى”. واعتبر الكاتب أوهاب أن كل الشهادات التي تطرق لها في كتابه و التي تروي تفاصيل عدد من هذه الهجوميات لا تمثل سوى جزء بسيط من التاريخ الثوري لسكيكدة المجاهدة .

ما بعد 20 اوت 1955 : الانتقام البشع-ملعب كيطولي “قاعة انتظار الموت”

تطرق خيدر اوهاب في كتابه إلى ما بعد هجومات ال20 أغسطس 1956 وما نتج عنها من انتقام بشع تمثل في التقتيل الجماعي لسكان سكيكدة العزل منها ما ذكره الكاتب بما حدث في ملعب كيطولي و الذي يحمل اليوم تسمية ملعب 8 ماي 1945 و يقع بقلب مدينة سكيكدة, واصفا إياه ” بقاعة انتظار الموت” على اعتبار أن مساحته الكبيرة آنذاك و قربه من الثكنات و مراكز الشرطة شجعت القوات الاستعمارية من جعله مكانا لتجميع و حشد الجزائريين الذين اعتقلوا في ال 21 من أوت 1955.

من بين المعتقلين الذين أدلوا بشهاداتهم للكاتب, السيد “صالح سيد” الذي كان آنذاك يبلغ من العمر 17 سنة و الذي وجد نفسه في قلب الحدث بعد خروجه من العمل في منتصف النهار رفقة أصدقائه الذين استشهدوا قبل أن يجد نفسه يركض مع جمع غفير من الناس في حالة من الذعر إلى أن ألقي القبض عليه و اقتيد مباشرة إلى ملعب “كيطولي” أين أمضى 8 أيام دون أكل أو شرب وكان ينام رفقة جميع المعتقلين على الأرض وفي كل مرة كان المستعمر يعدم البعض منهم رميا بالرصاص.

و يقول الكاتب اوهاب في حديثه أن هذه ليست إلا شهادة من بين شهادات كثيرة عن التقتيل الذي طال عدة أماكن من سكيكدة على غرار مشتة الزفزاف و ملعب ال 20 أوت 1955 وهي أماكن لا تزال إلى اليوم شاهدة على بطش المستعمر و الانتقام البشع الذي أقدم عليه المستعمر بعد هذه الهجومات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى