في الواجهةقانون وعلوم سياسية و إدارية

نظام الرقابة على أداء الموظفين العموميين في الولايات المتحدة الأمريكية .. الرقابة ومكافحة الفساد في أميركا

 
اسماعيل ابراهيم العكيلي
الولايات المتحدة الأمريكية تملك اكبر اقتصاد في العالم فناتجها القومي الاجمالي يبلغ 16,724 ترليون دولار ، وتأتي في المركز الثالث على مستوى دول العالم من حيث المساحة 9.83 مليون كم2، وتحتل المرتبة الثالثة من حيث عدد السكان 307 مليون نسمة ، وتحتل الترتيب ( 17 ) في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2014 ، وهي تعتبر من الدول قليلة الفساد ، والملفت للنظر ان الولايات المتحدة ليس لديها هيئة للنزاهة فكيف تكافح الفساد وهي تملك أكبر وأقوى أقتصاد بالعالم ؟ الولايات المتحدة تكافح الفساد عن طريق مكاتب المفتشين العموميين حيث تعتبر الدولة الاولى في العالم التي استحدثت هذا النظام القانوني ، تشكلت مكاتب المفتشين في الولايات المتحدة منذ اكثر من ( 200 ) عام وهي الجهة الرقابية العليا في الولايات المتحدة والفاعلة حيث لا توجد لديهم هيئة للنزاهة ولديهم دائرة المحاسبة والمراجعة   اذ يدقق عينات من الحسابات داخل كل وزارة او وكالة نهاية السنة المالية على ان يدقق ما لم يكن قد دقق من قبل مكتب المفتش العام . ويبلغ عدد مكاتب المفتشين العموميين الفدرالي ( 73 ) مكتب كما انه يوجد مفتش عام لكل ولاية ولكل مدينة ويصل عدد المفتشين في امريكا الى ( 300 ) مفتش عام ، ويختلف حجم هذه المكاتب بأختلاف حجم الوزراة فبعض هذه المكاتب لا يتعدى عدد موظفيه عدد اصابع اليد في حين البعض الآخر من المكاتب يصل عدد موظيفه الى اكثر من ألف موظف ، كما ان صلاحيات هذه المكاتب ايضا تختلف فبعضها مثل “الدفاع والداخلية والعدل والزراعة والتجارة” لمحققيها صلاحية النائب العام فيحق لهم عرض قضية الفساد على القاضي واستحصال قرار أمر القبض او التفتيش او التوقيف او حجز الاموال ، اما المكاتب التي لا تتمتع بهذه الصلاحية فيجب عليها ان تعرض قضية الفساد على المحاكم عن طريق النائب العام التابع لوزارة العدل ، وبموجب المادة ( 3 ) من القانون المنظم لأحكام مكاتب المفتشين الامريكي يتم تعيين ثلث المفتشين الفدرالين البالغ عددهم ( 73 ) من قبل رئيس الولايات المتحدة والثلثين الآخرين يتم تعينهم من قبل الوزير او رؤساء الوكالات او الهيئات أو مجلس أمناء المؤسسة ويجب ان يعرض أمر التعيين على مجلس الشيوخ والحصول على موافقته ، وان يتم تعيين المفتش العام بغض النظر عن انتمائه السياسي لابد ان يكون التعيين مبني فقط على النزاهة والقدرة على إتمام العمليات الحسابية او التحليلات المالية او التحقيقات القانونية او الادارة ، ويجوز لرئيس الولايات المتحدة إقالة المفتش العام من منصبه او نقله الى منصب اخر او موقع اخر داخل الوكالة ويتعين على الرئيس في هذه الحالة إبلاغ الكونغرس ( مجلس النواب ومجلس الشيوخ ) خطيا بذلك وان يبين الأسباب التي اقتضت اتخاذ قرار الإقالة او النقل في موعد أقصاه ( 30 ) يوما قبل الإقالة او النقل ، والكونغرس يحقق في ذلك والجهة المختصة بالتحقيق هي “لجنة الإصلاح والإشراف الحكومي” اذ قد يكون قرار الإقالة جاء على خلفية منع المفتش من الاستمرار في التحقيقات التي يجريها وفي هذه الحالة اذا ثبت ان الرئيس أقال المفتش لمنعه من كشف الفساد في وزارة او وكالة ما فسوف يستدعي الكونغرس الرئيس ويحقق في هذا الموضوع وهنا يتدخل الاعلام والرأي العام والشعب الامريكي وتكون فضيحة للرئيس لذلك لا توجد هذه الحالة ، وإنما قد يتخذ قرار النقل او الإقالة لأسباب تتعلق بضعف المفتش من اداء عمله في كشف الفساد لكن ليس لسبب منع المفتش من كشف الفساد . وتعتبر مكاتب المفتشين العموميين في الولايات المتحدة هي “عَين” الكونغرس على الوزارات والهيئات ومراقبة كفاءة الأداء ومدى امتثالها للقانون وبيان التجاوزات على المال العام وكشف القصور والتزوير وان الكونغرس يعتمد على هذه المكاتب في أجراء التحقيقات وبالتالي تعتبر مكاتب المفتشين هي عين الشعب الأمريكي على المال العام ، لذلك هي تحضى بدعم وحب الكونغرس والشعب على حدا سواء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى