مجتمعمنوعاتمنوعات

نشر قيمة الغش

عزالدين عفوس

مجموعة من حاملي الكامرات، من اليوتوبرات والتكتوكرات…، يسعون خلال هذه الفترة لتسجيل لقاءات مع بعض تلاميذ الباكالوريا، وهم(التلاميذ) يتحدثون بطرق غير مؤدبة، وبكثير من الصلف، عن قيم لا أدري من يريد لها أن تنتشر في المجتمع، أتحدث هنا عن الغش خصوصا، يتكلمون بتلك العدوانية السافرة عن الأساذة وعن المسؤولين، وبأنهم لم يتركوهم يمارسون الغش، وكأنه أصبح “حقا” من حقوقهم الأصيلة!
هذا “الطقس الاحتفالي” الذي تقوم به بعض المنابر الإعلامية، أصبح مصاحبا لامتحانات الباكالوريا كل سنة، “صحفيون” يبحثون عن “البوز” ولو على حساب القيم والمبادئ المجتمعية، ونشر التفاهة في أحقر صورها، ينتقون فئة معينة من التلاميذ، ويقدمون لهم الميكروفونات لنشر أفكارهم الساقطة، بعبارات مبتذلة، وجمل متقطعة، تمتح من قاموس السفالة والوضاعة كلمات لقيطة، يقهقه لها آخرون في الخلفية جيء بهم لتأثيث الفضاء ذلك.
الأسئلة التي يحب طرحها هنا حول هذه الظواهر، هي:
لماذا يفعلون هكذا؟ ما القيم التي يسعى هؤلاء لترويجها في المجتمع، ولأية غاية؟
ثم ما هو منشأ تلك الظواهر؟ وما أسبابها، وما هي مآلات الاستمرار في هذه الممارسات على الأفراد وعلى المجتمع عموما؟
لماذا لا تسلط الأضواء على أولئك التلاميذ المتفوقين، في المدن والقرى والمداشر؛ أولئك الذين يتحصلون على أعلى المعدلات، ليس ب”النقلة” ولكن بالجد والاجتهاد ومواصلة الليل بالنهار من أجل التحصيل والدراسة.
لماذا لا يسلطون الضوء على أجواء استعداداتهم، وتهيئهم ؟ ولماذا لا ننشر القيم الإيجابية، والنافعة لنا جميعا؟
لماذا لا نعيد الاعتبار إلى الأستاذ والمدير وغيرهم من الأطقم التعليمية الساهرة على إنجاح هذا الاستحقاق الوطني؟
أعتقد أن الاستمرار في نشر التفاهة، والسعي وراء جلب المشاهدات في سبيل الربح السهل من تلك الفيديوهات، له عواقب وخيمة على مجتمعنا، وقد رأينا تنامي حالات الاعتداء على أساتذة الحراسة من قبل تلاميذ اعتقدوا أن من حقهم “النقلة”، ثم أين الجودة التي تسعى مدرستنا وراءها منذ صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين؟ وأين قيم المواطنة واحترام الآخر، وأين تكافؤ الفرص؟
فلنتحمل مسؤولياتنا، ولنساهم في رفع مستوى الوعي، والحد من نشر القيم السلبية، ولنستحي قليلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى