تعاليقرأي

نحن أمّة لا تهاب الموت، والحياة لا تعنيها.

نحن أمّة لا تهاب الموت، والحياة لا تعنيها.

رشيد مصباح (فوزي)

يبدو أن ما كنا نعتقده مجرّد أساطير من نسج خيال الإنسان للتنفيس عن مشاعر الحب والخوف والترهيب، والترغيب أحيانا في امكانية الحصول على حياة آمنة ومستقرّة، بعيدا عن كل التهديدات.

وأن الذين يخطّطون للقضاء على ثلثي البشر أصحاب نظرية “المليار الذهبي” لا يمزحون؛ وأن نظرية المؤامرة التي لطالما كنا نظنّها مجرّد دعاية يتم الترويج لها من طرف جهات بغرض بثّ اليأس في نفوس الملايير وإخافتهم من قادم الأيّام، ومن مستقبل قاتم يتميّز بالحروب والأهوال؛ كحرب “هرمجدون” الملحمة الكبرى.. والعواصف الشمسية التي ستتسبّب في تدمير الوسائل التكنولوجية الحديثة وتعيد البشرية إلى حياة ما قبل التاريخ.. ونشوب حرب نووية يرافقها ما يسمى بالشتاء النّووي.. والنّيزك الذي سيدمّر أمريكا؛ الولايات المتحدة بالذّات. وما يطلقون على هذا الحدث: “دومسداي”… حقائق بدأت شيئا فشيئا تتكشّف.

والأمّة التي احتارت في مولد نبيّها: “بدعة أم سنّة مؤكّدة”، تسبح بخيالها الواسع وواسع صبرها في خرافات اليونانيين الأوائل.

بينما يشعر بجانبها الامريكيون بقلق دائم إزاء الأحداث الكارثية القادمة؛ من التوهّجات الشمسية التي من الممكن أن تدمّر الشبكات الكهربائية وتزرع الفوضى في بلادهم.. والانهيار الاقتصادي.. والأوبئة.. و نقص الغذاء.. وحتى الإرهاب. يسارعون بسبب ذلك كله إلى اقتناء شقق بإحدى العمارات؛ من التي يتم تشييدها تحت الأرض، بحثا عن الأمن، ولحماية أنفسهم.

وبينما اليابانيون ومنذ فترة لابأس بها وهم في سباق مع الزمن لإنجاز آلاف”البارثينون”: وهي عبارة عن مجمّعات خرسانيّة يتم تشييدها في باطن الأرض، لحماية طوكيو والمناطق المحيطة بها، من فيضانات كارثية محتملة. مع تسارع تغيّر المناخ في هذه الأعوام الأخيرة. على الرّغم من أن فكرة استخدام الإنسان لباطن الأرض هذه، فكرة قديمة تعود إلى ماقبل التاريخ.

وهو الأمر الذي شجّع ربما شركة مثل(شركة ديب/Deep) البريطانية للاستثمار في هذه المخاوف، ببناء محطّات تحت الماء بعمق (200) مئتي متر.

وهو ما كتبت عنه الصحفية (كامي هازار) في مجلّة باري ماتش الأسبوعية، لهذا اليوم الموافق لتاريخ: 02/10/2023.

والتي افتتحت مقالها بسؤال مهم؛ وهو كالتّالي:

“هل يمكن للإنسان أن يعيش تحت البحر؟”.

وأشارت في كلامها إلى القائد (كوستو )أمير البحار الذي كما قالت حاول الاجابة عن هذا السؤال في عام 1962. يعني العام الذي نالت فيه الجزائر استقلالها!

والجزائر حينها كانت في حرب مع من سيحكمها.. في حرب مع”إن لم تكن معي فأنت ضدّي”الكراسي.. مع الحرص على اقتحام فيلات “الكولون” الشاغرة في الأماكن الاستراتيجية والواجهات المطلّة على البحر.. والاستيلاء على “الفيرمات” والأراضي الخصبة… ولم يكن شغلها الشّاغل التفكير في بناء دولة “لاتزول بزوال الرجال” الشّعار الذي لطالما صدّعوا به رؤوسنا.

ومن ذاك اليوم، والجزائر مثل أخواتها من البلدان التي تبحث عن ما يسد بطنها لا تفكيرها، تفكّر وتقدّر”قُتلت كيف قدّرت” ليس في مستقبلها لأن ذلك لا يهمّها ولا يعنيها، فالمستقبل من اختصاص الأمم التي تطمح إلى غد أفضل. بينما “جزائرنا” يكاد ينحصر جل تفكيرها في كيفية الحصول على شكارة الحليب التي تستورد مسحقوها من برّه؛ من جهات لا تعرفها؛ قد تكون من عند هؤلاء الذين تلعنهم في صلاتها كل يوم، من يدري؟

أو على كيلو عدس و”بس”. واللّوبيا أرجع غدوة؛ حاجة وحدة تكفيه: “اضربوا على التبن ينسى الشعير”. الحصول على شيئين دفعة واحدة اسراف وتبذير؛ هكذا يقول أئمّتُها ووعّاظها المرشدون في خطبهم النّمطية.

لذلك نحن وإخواننا في بلاد الشمس التي تحلم بالرّغيف، لسنا متسعدّين للتعامل مع هذه التهديدات القادمة؛ دومسداي.. العواصف الشّمسية.. تغيّر المناخ.. هرمجدون والحروب الكونية.. وحروب الدنيا كلها. إنّما الذي يعنينا هو البطن وما تحته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى