من يحكم من في احاديث وسادة الليل ؟

من حكم الآخر شهريار أم شهرزاد..؟
وما مفهوم الحكم لدينا؟ سؤال يتأرجح في داخلي وأنا أكتب تعليقا لأحد زملاء المهنة في إستطلاع صحفي حول سؤال هو: ماذا لو حكمت المرأة العراق!
في كل ~أمورنا الحياتية هناك ظواهر معلنة، وأخرى مبطنة، والمعلن لا يثير الشك أو التحليل أو حتى التساؤل فهو أكثر وضوحا وسلاسة في حياتنا وإن كنا في بعض الأحيان لا نستطيع مناقشته هذا المعلن لأسباب متعددة كأزمة (البنزين وأزمة الكهرباء في بلادنا)، لكننا هنا بصدد الحديث عن الظاهرة المبطنة أي تلك التي تحمل في طياتها الأسرار ومكنونات النفس الإنسانية. ونعود للسؤال ماذا لوحكمت العراق إمرأة؟ وهل يعنينا هنا الحاكم؟ أم جنس الحاكم مذكرا كان أم مؤنثا. وان كان الحاكم رجلا والرجال هم الغالبية المطلقة في بلادنا العربية. من يحكم هذا الحاكم. حل السؤال يبدو كالصدمة لنا ونحن نجيب بإبتسامة بلهاء الحاكم حاكم لا يحكمه أحد..
دلائل التأريخ في الغالب تقول غير هذا وفي أغلب قصص الحكام الديكتاتوريين والديمقراطيين وحتى المتطرفين تقول: ان من يحكم الحاكم وسادة الليل!!
ووسادة الليل هنا هي حين يضع هذا الحاكم رأسه على وسادته بعد ان يزيحها عن صدر زوجته أو معشوقته. وبعد ان يفرغ جسده من متطلبات المتعة الغريزية. سعيدا هانئا مستسلما لشفاه المرأة التي بجانبه. وهي تتحدث عن شؤون العباد والبلاد برقة متناهية مشيرة عليه أن يفعل كذا ويتخلى عن كذا!
ألم نسمع آلاف القصص عن القادة الذين سقطوا في براثن وسائد الليل وهم يتحدثون حتى عن خططهم العسكرية؟
ومن قال ان شهرزاد لم تكن تحكي قصصها الألف في لياليها الألف عبر وسادة الليل وجعلت من شهريار مشدوها صابرا متشوقا للمزيد خانعا لحكمها في ان تبقى قيد الحياة مؤجلا حكمه في إعدامها كمن سبقتها من النساء؟
أليست المرأة هنا الحاكمة والسيدة والآمرة والناهية.. لكن بذكاء؟ الظاهرة هنا ان الرجل هو الحاكم والباطن ان المرأة هي التي تحكم الرجل الحاكم!
فلماذا نتعب أنفسنا ونحاول ان نطالب بأن تكون المرأة حاكما؟!
حكايا إجتماعية كثيرة تؤكد ان المرأة هي من تقود مسيرة حياة أفراد أسرتها بما فيهم القائد الأول، وهو الرجل، بذكاء خفي غير معلن وإبتسامة الظافر المنتصر حتى وهي تقف خلف الرجل. نجاة إمرأة كآلاف النساء اللاتي حكمن أزواجهن من دون أن يدروا (الحكم هنا ان تكون دفة مسيرة الحياة بيدها وتبعا لتوجيهاتها والإنصياع التام لكل ما تقوله من دون الإعتراف العلني أنها الحاكمة!)، حين خطبت نجاة لزوجها خريج البكالوريوس (قسم الرياضيات) شجعته أن يواصل دراسته العلمية، وحين حاول اللجوء الى حجج لم تعجبها في عدم قدرته على مواصلة الدراسة، هيأت له كل السبل ليلغي من حياته كل الحجج، أعادت تسجيله في الجامعة، عادت هي الى عملها لتوفير الدعم المادي للأسرة، ومن دون أن يدري عاد تلميذا الى مقاعد الدراسة فنال الماجستير وبعدها الدكتوراه. قررت مغادرة البلاد حين تردى فيها الوضع المادي، فتحجج مرة أخرى بالإنتماء للوطن والأهل، وفجأة حزم أمتعته مغادرا هو وأسرته الى الخليج، وأصبح هناك علما من أعلام الجامعة.
بعد نهاية حكم الإستبداد قررت العودة الى البلاد بجيوب منتفخة. تحجج بالإنتماء الى مكانه وتدريسه والثروة المالية التي يكسبها. فجأة عاد مقتنعا ان بلاده أولى بثقافته وتدريسه! نال منصبا لم يعجب الزوجة. الوضع الأمني المتردي لم يعجب الزوجة، لكنه كان مقاوما بعد ان بدأ إسمه باللمعان في جامعة بلاده، قررت المغادرة الى بلد أجنبي، حزم حقائبه وغادر مرة أخرى!
هذا الدكتور لم يكن في وعيه، الظاهر يؤكد ان زوجته تحكم أمور دفة الحياة، فكان يعلن أن كل خطوات حياته نابعة من قراراته وأحكامه!! هل نضحك معه أم عليه؟ لا نضحك على جملة (من يحكم من).. وفي حقيقة الأموران المرأة هي الحاكمة الفعلية للرجل شاء أم أبى.. وان أحاديث وسائد الليل تذيب كل عنجهية وكل تمرد لهذا الرجل الذي يظن نفسه عملاقا!
ليست نجاة المرأة نموذجا واحدا، فالنماذج أكثر من أن تحصى في زمن تسيطر فيه الذكورة بالشكل الظاهر العام وتتحكم به الأنوثة بالشكل الباطن.. رغم كل معاناة وآلام المرأة ومحاولة الكثيرين لإقصائها من سدة الحكم أو ما يحيط سدة الحكم!
نظرة دقيقة في بيوتنا لنكتشف حقيقة من يحكم الآخر، خاصة إذا كان الرجل على أكثر من وسادة في الأسبوع!
رحاب الهندي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى