أخبارثقافة

من هو لزرق ملول ؟

من هو لزرق ملول ؟

…من القصص الغرامية التي كانت شائعة في زمان  العرب ” قيس و ليلى “و ”عنترو عبلة، قصة حيزية الجازية وذياب لهلايلي وبمنطقة  سطيف قصة عجيبة غريبة لكنها حقيقية وعندها معاني كبيرة في الإخلاص و التضحية تخص منطقة سطيف وحدها الا و هي قصة “لزرق ملول”، وهو شخص من منطقة ملول ضواحي مدينة سطيف. القصة تغنى بها العديد من الشعراء و البراحين في الأعراس و الأسواق و ضربوا بها المثل القائل “ حصدها و هي خضرا كي” لزرق ملول” ولكي تفهموا القصة و تفهموا المثل سأغوص بكم في سفرية تاريخية و تراثية من أصل وتراث منطقة سطيف دون غيرها حيث في بداية القرن التاسع عشر كان بالمنطقة شاب وسيم الطلعة من عائلة غنية تسكن بمنطقة “ ملول ”ببلدية قلال حاليا جنوب مدينة سطيف ،العائلة تملك هكتارات فلاحية مزروعة ذات مساحات شاسعة و يعمل عندهم كثير من العمال يقيمون وعائلاتهم . وكان للعائلة الغنية شاب جميل يسمى” لزرق “، و كان عندما يمر على الجالسين ينبهروا بجماله ،و لباسه و روائح الشاب التي يتشممونها من بعيد عند مروره عليهم فقد كان فعلا أبهة في الجمال و الهندام .وذات مرة و بينما هو يتجول في سوق الاحد في مدينة سطيف لفت نظره طفلة شابة في سن الزواج و قد أعجبته أيما إعجاب و كان اسمها “الويزة “يتيمة الوالدين من عائلة متوسطة تقطن  بمدينة سطيف بمدينة سطيف ،كانت تحمل في يدها قفة و بما أن ”لزرق“ كان جميلا و جذابا انبهرت به الفتاة ولم تزح عينيها منه ، ودون شعور من“ لزرق ”تقرب منها و طلب منها أن يحمل عنها القفة التي كانت تبدو ثقيلة عليها فسلمت له “الويزة “القفة دون أن تشعر وراحت تمشي معه حتى وصلت إلى دارها.بعدها طلب منها لزرق أن يلتقي بها مرة ،و مرة ،و ذات يوم عزم على تقديمها إلى أهله لخطبتها له ، الأيام تمر والعلاقة بين” لزرق” و “الويزة “تكبر و الشعور يتكاثر، و فقرر ”لزرق ”أخذ الويزة ”الى الدوار “ ملول ”و يعرفها بأهله و عرض الفكرة على الويزة فوافته و هيأ لها ”الكاليش“ أي ”الكابريول“ وربط به حصانه المفضل الذي أسماه “ خالي أبادي “ و في الغد انطلقا من مدينة سطيف إلى قرية ملول و كان الجو ربيعيا، حيث المروج خضراء و الهواء نقي و كانت ”الويزة ”مضطربة نوعا ما لانها ذاهبة لرؤية أهل“ لزرق“ و بعد مدة وصلا إلى قرية ملول و التف الناس و أهل الدوار حول الويزة ، و لزرق يعرفها بكل العمال و عائلاتهم فسرت الويزة بهذا الترحاب من أهل الدوار ، و كانت منبهرة أمام شساعة الأراضي التي كانت ملكا أهل لزرق و سألته كيف تحصدون كل هذه السنابل المتواجدة بهذه المساحات الواسعة ، فأجابها لزرق بأن هذه المساحات المزروعة كلها تحصد ”بالحصادة ’“ أي آلة الحصاد و التي كان يملكها الأثرياء دون غيرهم فسألته الويزة و كيف تعمل هذه الحاصدة فأجابها لزرق سوف ترين كيف تحصد الحاصدة ، و أمر العمال بان يشغلوا الحصادة و يحصدوا كل السنابل  التي لا تزال لم تنضج بعد فرفض العمال الأمر في البداية لان “ السبول “مازال أخضرا ووقت الحصاد لم يحين بعد لان  الزمن كان شهر ماي ، لكن لزرق أصر و طلب بشدة من العمال أن يشغلوا الحصادة و يبدؤوا في عملية الحصاد ، وأمام إصراره و إلحاحه باشر العمال عملية الحصاد ، و انتشر الخبر في الدوار و مدينة سطيف أن لزرق ملول حصد “ السبول “ أي السنابل و هي خضراء من أجل الويزة الحبيبة حينها خرج أهله و أوقفوا الكارثة التي لم يجد لها لزرق ملول تفسيرا عند ما سأله أهله عن الفعلة بعد أن ارجع الويزة إلى المدينة ، و عند عجزه على إجابة أهله ،قررت العائلة نفي لزرق معاقبة لفعلته ، فشد لزرق الرحال نحو الشرق بعد أن ودع الويزة واعدا إياها بالرجوع يوما ما ، كان الفراق ملؤه الدموع و الحسرة ،لكن لم يبقى له الا الرحيل عوض البقاء و مواجهة كلام الناس حيث سافر لزرق ملول إلى سوق أهراس تم تونس و استقر بها سنوات قبل أن يعود و يلقى الويزة في انتظاره ، تناسى نوعا ما الحادثة وردود الأهل و الناس لكن العبرة بقيت راسخة فمنهم من يقول أن الحادثة كانت تعبيرا عن حبه للويزة و آخرون فسروها بتضحيته لحبيبته الويزة ، لكن تهور و جنون لزرق ملول جعل منه مثالا و خلدت القصة بالمثل القائل “ أحصدها و هي خضراء كي لزرق ملول ”و الذي يضرب عادة للشخص الذي يريد فعل شيء قبل أوانه أو كما يقال محليا “ زارب روحو “  

مجاهد العمري/ عيد سعيد للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى