أحوال عربيةأخبارأخبار العالم

نتنياهو….. هل فقد السيطرة في غزة ؟

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

منذ اليوم الأول من الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة تصاعد موقف المقاومة الفلسطينية تجاه ما يحدث هناك، حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم من مشاركة مباشرة في المعركة من خلال تنفيذها عمليات نوعية مستمرة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ضد أهداف عدة للكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة، لتشكل تهديداً وضغطاً إضافياً أقلق وأربك العدو الصهيوني بالتزامن ما يتلقاه من ضربات موجعة من حركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله في الجبهة الشمالية.

وعلى الطرف الأخر، إن إعلان انصار الله دخول الحرب رسمياً الى جانب غزة يعزز مكانة الحركة اليمنية كعضو في “محور المقاومة” الذي تقوده إيران وسورية، و من ناحية أخرى، فإن التواجد العسكري الأميركي في المنطقة بات يشكل قلقاً ويلقى صدى واسعاً في أزقة البيت الأبيض، تتزايد وتيرته مع ارتفاع عدد هجمات المقاومة.

نتنياهو اليوم يحصد نتائج سياسته الفاشلة في غزة، ويحاول دخول المعركة بقوة ضد المقاومة للملمة الكارثة التي سقط فيها هناك دون أن يحيد عن حلم إسقاط حركة حماس ، ومن هنا فإن  حرب نتنياهو الجديدة لن تخرج عن حروب إسرائيل التي تبدأ ولا تعرف نهاياتها أو يتحقق فيها نصر، وإستمرار هذه الحروب يبدو هدفاً في حد ذاته، فمنذ حرب غزة تقاتل اسرائيل في عدة جبهات دون أن تحقق النصر، فحروب نتنياهو ضد المقاومة لن تدمرها وتقضي عليها، بل ستمهد لخلق أمر واقع جديد يهدد الكيان الصهيوني.

في إطار ذلك يمكنني القول إن السياسة التي إنتهجها نتنياهو إزاء غزة إنهارت من البداية لوجود فجوة بين أقواله وأفعاله،إذ أعلن أن هدف السياسة الإسرائيلية يكمن في إضعاف حركة حماس وهزيمتها بشكل كامل، يجد نفسه الآن أمام ضغوط لتصعيد العمل العسكري في غزة، وهذا طريق مآله إلى الفشل،  يبدو نتنياهو بالفعل أمام معضلة كبرى، إذ ليس من طريق أمامه سوى المواجهة البرية أو المجازفة بنجاح تلك الحرب على المقاومة، والطريقان أحلاهما مر.

اليوم نيران المقاومة تضرب اسرائيل وتحاصر تحَركاتها وتلاحق إجرامَ الكيان الصهيوني في قطاع غزة، بذلك أفشلت فكرة الأمان للجنود الاسرائيليين على أرض فلسطين، في حين تحركت باقي الفصائل المقاومة في المنطقة للدفاع عن غزة، وهو ما ينذر بقرب توسع الصراع، بالمقابل تحمل هذه النيران رسائل عديدة، انه لا مفر أمام القوات الاسرائيلية، إلا الخروج من قطاع غزة بأسرع وقت ممكن.

بعد أن أصبحت القوات الاسرائيلية محاصرة بهذا الكم من الصفعات وسط تصاعد مؤشرات لوجود صفعات مضاعفة خلال الأيام والأسابيع القادمة، بات يتأكـد للجميع أن نتنياهو بات مجبراً على إعادة حساباته، لا سيَّما أن المقاومة الفلسطينية الشعبية تتداعى للرد على الغطرسة الصهيوأمريكية، وما الضربات الأولية في مختلف المدن الفلسطينية إلا مؤشر للدخول في مرحلة مليئة بالردع المقاوم للكيان الغاصب .

من الطبيعي أن تفشل اسرائيل في غزة، بعد أن ضخت ترسانتها المليئة بالأسلحة الفتاكة، بالإضافة الى ملايين الدولارات في هذه الحرب على الشعب الفلسطيني بداعي إسقاط غزة ومقاومتها، بالنتيجة سقطت اسرائيل في الامتحان الغزاوي، وكل ما أنجزته هو تدمير للبنية التحتية و قتل الآلاف من الأطفال و النساء، في حين لا تزال المقاومة تدك القوات الاسرائيلية بنيران الصواريخ و ترفض رفع الرايات و الاستسلام، وإنطلاقاً من ذلك فشلت إسرائيل في تحقيق أحلامها بالمنطقة.

وفي ضوء ما سبق ، قرار طرد وسحق القوات الاسرائيلية من قطاع غزة اتخذ،  وما يجري بداية التنفيذ لتوجه مشترك، خاصة بعد أن دعت فصائل المقاومة إلى توحيد الصفوف معلنة انطلاق المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الاسرائيلي بعد أن ازدادت قوّة وأصبحت تنتقي الأهداف بدقّة، وكل خسارة لجندي إسرائيلي بين فترة وأخرى تؤدي للضغط على الإدارة الإسرائيلية، لسحب قواتها من غزة وباقي المناطق الفلسطينية.

مجملاً…. يجب على نتنياهو أن يحترس من التورط في المستنقع الفلسطيني الذي لا يستطيع تطويق حدوده ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وسورية واليمن والعراق و…و…، وهي حرب سوف تكون مكلفة لإسرائيل عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي.

وأختم بالقول، إن إسرائيل العدوانية ستزول لأنها اغتصبت حقوق وأرض الشعب الفلسطيني … وستعود الأرض إلى أهلها عاجلا أم آجلا، لذلك فإن فناء الكيان العبري باتت وشيكة وأقرب ما يكون، فغزة اليوم بمعادلة المقاومة قوية وتحمل جراحها لتصنع الانتصار التاريخي، كونها تخوض معركة نيابة عن الأمة العربية، ويتحتم على الجميع الوقوف الى جانبها لتلقين العدو الصهيوني الدروس في الصمود و الثبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى