أحوال عربيةأخبارأخبار العالم

مقتدى الصدر وحلوى الدهين

مقتدى الصدر وحلوى الدهين

أسعد الموسوي

أفرزت أحداث عام 2003 وما بعدها، حين قامت الولايات المتحدة بإحتلال العراق، ظروفا وشخصيات وجهات تصدرت المشهد المحلي، وربما حتى الإقليمي بين حين وأخر، ومن تلك الشخصيات وبحكم كون الشيعة هم الأكثرية السكانية في البلد، برز أسم مقتدى الصدر.

إمتلك هذا الرجل وبحكم كون والده الراحل، كان متصديا للمرجعية الدينية في ظروف أثارت تساؤلات في حينها، فرصة ليصبح زعيما سياسيا، ولم يكن يمتلك فرصة ليصبح كأبيه رجل دين، بحكم عدم تمكنه من العلوم الدينية كأخوية الذين قتلا مع أبيه.

لكن ما يثير الغرابة هو طريقة توليه لتلك الزعامة، والتي كانت من خلال تجميع عدد من المقاتلين المعروفين بسوء السمعة، والمطلوبين لجرائم جنائية ومسيئة، أو مطرودين من عشائرهم وعوائلهم، مما سبب نفورا من مجتمع المدن العراقية، وخصوصا ذات الطابع الحوزوي منها.

هذا النفور دفعه أكثر نحو تجميع أمثال هؤلاء وأشباههم، ليتطور الأمر ليلتف حوله الطامحون في المناصب والوجاهات، ممن عليهم ملاحظات سابقة، أو كانوا مطلوبين للحكومات المختلفة، فوجودا في هذا الرجل وتياره ملاذا أمنا لهم، وخصوصا من البعثيين السابقين وأولادهم، ليأمنوا الطلب والملاحقة سواء كانت قانونية أو عشائرية.

ولأن الأمور تسير بتتابع مترابط، أندفع هو اكثر نحو خلق هالة من “التقديس الوهمي” لشخصه ترافقها “حملة إرهاب” لمن يتعرض له أو لتياره ولو بالكلام، مما خلق حالة من الحماية الردعية الترهيبية، في داخل المجتمع وأفراده لكل من ينتمي لهذا التيار، سواء كان الإنتماء كقناعة متوهمة صدق ما يدعيه عن ” الإصلاح” أو طمعا وطلبا لمصالح، أو بحثا عن قيمة ومكانة ولو عن طريق الخوف!

هذه الحماية لأمثال هؤلاء، خلقت حالة مرضية في المجتمع المحلي، فصار كل من يرغب في مخالفة النظام، أو لا يلتزم بأبسط قوانينه، حتى لو كان تجاوزا لإشارة مرور، يضع صورة كبيرة لمقتدى الصدر أو أبيه، وسيخاف رجال الأمن من محاسبته أو التعرض له، ووصل الحال ببائعي حلوى ” الدهين” الشهيرة في مدينة النجف الأشرف أقدس مدن الشيعة، أن يضعوا صوره مع أبيه وأخوته الراحلين، ويحتلوا نصف مساحة السوق الأشهر في المدينة، والويل لمن يتعرض لهم أو يحاسبهم، وغير مفهوم ما علاقة “الدهين” بالتيار الصدري!

حالة الخوف منه ومن تياره، جعلت كل متردية ونطيحة في المجتمع، وكل المطلوبين للقانون يدخلون تياره طلبا للحماية، بل وصل الأمر أن كل من يشعر بالنقص وقلة الأهمية والدونية، يقاتل في الدفاع عنه ويدعي الإنتماء له، رغم كم الإهانات والشتائم والتحقير، التي يستعملها مقتدى الصدر ضد أتباعه، وبشكل علني مذل..

الإحساس بالحماية من القانون، والشعور بالأهمية لمن لا قيمة له.. كان شيئا مهما لهم في قبال ما ينالوه من إهانة وتحقير وهو امر لا يقبله إلا القلة، او يتحمله البعض على مضض خوفا، وهي حالة مجتمعية لن تدوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى