تعاليقرأي

ثمن الحرية

يقولون فرنسا العجوز أهدت الجزائر استقلالها ، و تنطلي السماجة أن دخول اهدى الجزائر حريتها، عجيب أمر الناس ، يحاولون القفز على الحقائق ، يحاولون طمس صفحات نضال طويل ، يحاولون عبثا اختزال عقودا من الزمن ،ضاق الشعب مرارتها .

و ينسى هؤلاء أن الجزائر دفعت ثمنا غاليا ، لافتكاك حريتها عبر جهاد طويل صاغته ملاحم بطولة نادرة ، قل نظيرها في عالم التحرر، قرى أبيدت عن بكرة أبيها ، عشرات الآلاف تغتال في يوم واحد ، بيد مغتصب، اغتيلت بجبن لا لشيء إلا أنها نادت بالحرية و السيادة على أرضها .

ينسى الواهمون المخدعون أن ثورة مجدت الحرية ، فرخست التضحيات الجسام في سبيلها ، فكانت قوافل الشهداء شاهدة على قدسية ثورة التحرير المجيدة .
ربما ينسى البعض بطولة
المقاومات الشعبية ، و ينسى قرابين فدائها ، فالأحرار العالم يعرفون أبطالنا، فمن ينسى شهيد المقاومة الشريف بوبغلة و الشهيد أحمد بوزيان قائد ثورة الزعاطشة و الشهيد موس بن أحمد ابن سي بوزيان ،من حملت رؤوسهم في أكياس إلى متاحف باريس في فرنسا في أبشع صور الجرائم ضد الانسانية، ما هذه سوى صور قليلة لجرائم الغازي المحتل إبان المقاومة الشعبية الباسلة.

و تظل سلسلة الجهاد متواصلة تتلوها قوافل من الشهداء ،تزينها ثورة الفاتح نوفمبر 1954 التي رسمت تاج فخار لملحمة تاريخية بطولة ظلت نفحاتها عالقة في أذهان كل ثائر ، و ستظل غصتها في كل عدو و خائن ، ثورة تركت بصمتها شاهدة على عظم تضحيات أبنائها ، فتتعطر بدماء حورية الثورة الشهيد حسيبة بن بوعلي ، و تتزين بدماء مخضبة لأسد النمامشة الشهيد عباس لغرور، ، و لا تكاد تنهي هذه الباقات فتتعطر بدماء الصحراء فيكون ضرغامها البطل الشهيد العقيد لطفي .
و لا تكاد تنتهي تلك الحلقات الذهبية لقوافل الشهداء حتى تحفل بدم قائد محنك هندس لتنظيم الثورة و تطويرها ،فيكون دمه الطاهر شرارة ملهبة، و نار تحرق أكباد المستضمر .
إن قصة ثمن الحرية قصة ملهمة علمت الدنيا حياة العزة ، بعظمة قادة علموا الدنيا أن الحياة الكريمة لابد لها من ضريبة غالية ، و لا عجب أن تسقى تربة الجزائر الطاهرة بأزكى الدماء ، فتروى بدماء صاحب المقولة الشهيرة “القوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب”، وكان بن مهيدي ابن مدينة عين مليلة الرمز الصامد و البطل الثابت ، البطل الذي يبتسم للحرية في كبرياء العظماء .

أحسب أن مقالي لا يفي حق جفافل قوافل من الشهداء، لا يكاد يحصي نضالات شعب عبر قرن و ربع قرن من الجهاد الطويل ، هي حقائق لا يمكن القفز عليها فأسماءهم على جداريات مقابر الشهداء محفورة و معروفة .
فيا رب ارحم شهداءنا وشهداء جميع المسلمين، و جازي مجاهدينا بكرمك و لطفك و إحسانك ،و احفظ الجزائر و أهلها و أرضها و سماءها و ماءها .
( المجد و الخلود لسهدائنا الأبرار ) .

الأستاذ حشاني زغيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى