رأي

ليس من الأخلاق.. الوقوف مع الجلاّد.

رشيد مصباح (فوزي)

**

اعتقد انه حينما يتعلّق الأمر بحريّة وكرامة الانسان، فإنه من واجب النّخبة المثقّفة الوقوف مع الضحيّة وليس مع الجلاّد، بغضّ النّظر عن دين هذا الإنسان الضحيّة ونوعيّة أفكاره وانتماءاته الشّخصيّة والسياسيّة. لكن للأسف فإنّ بعضا من هؤلاء المحسوبين على النّخبة المثقّفة اختاروا الوقوف مع الجلاّد بدلا من الضحيّة، وهم بذلك يضربون ببعض القيّم، سواء التي تلقّونها في الأسرة أو المدرسة والمجتمع، عرض الحائط.

و كما هو الحال بالنسبة لما يجري في تركيا الآن مع أردوغان وحزبه الذي يتعرّض لحملات شرسة من طرف الاعلام العالمي وخاصّة الغربيّ لأنّ الرّجل ليس علمانيّا بما يرضي الغرب، وعلمانيته التي تبيح الربا والزنا وشرب الخمور، وتشجّع المثليّين وتحميهم. وكما هو الشّأن بالنسبة لسوريا وما يجري الآن في الجامعة العربية التي تحاول تلميع صورة الأسد، وهي من بين المنظّمات العالميّة والاقليميّة التي كانت سببا في عزلة نظامه، ثم حتى نراها الآن كيف تراجعت؛ ولكن بعد ماذا؟ وعلى حساب من؟

وكما هو الشّأن بالنسبة لتونس التي تمثّل الشّرارة الأولى لثورات ما يسمّى بالرّبيع العربي، والتي بالأمس القريب كانت تعتبر نموذجا للديمقراطية سواء عند الشعوب العربية أو عند ما يسمّى بشعوب العالم الثالث. وإلى غاية ابتلائها بهذا الرّئيس الجديد الذي انقلب على دستور شعبه وبرلمان بلاده، وعلى غيره من المكتسبات والمؤسّسات؛ كالقضاء والإعلام.

لماذا نقف إلى جانب أشخاص جاءوا إلى الحكم، سواء عن طريق الانتخابات أو الانقلابات، لكنهم حين رفضهم الشعب بسبب الأوضاع المعيشيّة المزرية، رفضوا تسليم المهام والتنحّي، و باعوا شعوبهم وبلدانهم للأجنبي.

الانقلاب على إرادة الشعوب، وممارسة القهر والاستبداد، جريمة في حدّ ذاتها. هذه الظّاهرة نجدها في البلدان المتخلّفة فكريّا وحضاريّا، كتلك التي تنتمي إلى ما يعرف بالعالم الثالث، أو التي تسمّى مجازا “جمهوريات الموز”. وهي بلدان معروفة بتخلّف شعوبها وفساد حكّامها، وليس بفقرها؛ وكثير من هذه البلدان تتوفّر على خيرات ونعمات؛ النّفط والغاز والمنتجات الفلاحية والثروة الحيوانية البريّة والبحريّة… وبدلا من أن تكون هذه الخيرات فأل خير، فإنّ النّعم انقلبت إلى نقم على هذه الدوّل وشعوبها، بسبب الأطماع الأجنبيّة وفساد حكّامها.

المداهنة والتملّق، والمجاملة على حساب الحق.. كل هذه الأمور لا تجدها في المجتمعات الرّاقية التي تحترم الإنسان والبيئة والحيوان، وتقنّن الحقوق، وتحافظ على الحريّات الفرديّة والجماعبّة… والتي تتبنّى دساتيرها نظاما ديمقراطيا يضمن حريّة و استقلالية المؤسّسات، والقضاء والإعلام.

والله بتنا نخجل من بعض هؤلاء الذين ينسبون أنفسهم إلى النّخبة المثقّفة، بسبب مواقفهم وآرائهم التي لا تمتّ بصلة إلى الأخلاق. والثقافة جزء لا يتجزّأ من الضّمير و الأخلاق.

كيف يُفهم عن هؤلاء الذين يتغنّون بالجمال والبراءة في كثير من الأحيان.. ويقدّسون الحريّة، وجميع مواقفهم تناقض ما في المبادئ والأخلاق من كرامة وحريّة؟ا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى