ثقافة

قصيدة “تساؤلات على رصيف العمر” من أهم ما كتبت الشاعرة العربية و نجوى النوي 

قصيدة “تساؤلات على رصيف العمر” من أهم ما كتبت الشاعرة العربية و نجوى النوي 

“تساؤلات على رصيف العمر” ، أحسن ما كتبت الأديبة و الشاعرة العربية المبدعة ، رئيسة صالون السيليوم الثقافي لمدينة القصرين التونسية نجوى النوي من قصيد و التي تقول فيها :

ماذا تبقّى منك أيها العمر الشقي 

لا أحلام ..لا أمنيات 

لا ذكريات تُطل 

تبدو غريبا…كئيبا 

لا تملك شيء

منذ البدايات و انت تعافر 

الكذبة الكبرى…

تمثيليةً بإخراج عربي 

أولها حينما هبوا جميعا

ألا احموا النبي!!!

ألا يعلمون أن نبيَّ الله …

يحميه العلي…

أوهمونا طيلة قرون

أننا من حرّر الأرض

بسيفنا الأبي 

و أن الغزاة هزموا 

ببطولات و فتوحات الإسلامي 

هو الزّيف الذي سرى

ملأ عروضنا بوهم سرمدي 

وحده الله من يعلم من انتصر 

و من كان القوي!! 

قتالا و اقتتالا ، على الكرسي 

تبّت يدى البدايات اللّئيمة 

بخّرت ثوابتك يا علي

لم يبق من رسائلك 

إلاّ التزاحم…و التلاحم و القنابل 

صدأت سيوفنا و تكسّرت العصي 

ماذا تبقّى لديك أيها العمر الشقي 

صدم اللّيل فغارت نجومه

تحت الدّسائس و الوساوس 

لا صوت يعلو فوق العويل 

لا جرس يرنّ…لا مآذن  تعتلي

تغيّر رسمك…تشوّه…تبدّل 

حتى صرت تُتّهم بالوفي 

غاروا  على اسمك…

صرت شبيه الوطني 

ماذا أسميك بعد كل هذه الهزائم 

غير الشّقي…

صراخ هنا…بكاء هناك

خراب هناك..حطام هنا

مات الشهيد…سقط الجندي 

دمى تحرّكها الأوغاد

باعوك بثمن بخسٍ…أيّها الأبي 

دمارُ الرّوح يدوي بالفضاء 

المقابر تملأها جثث الغرباء

صفّارة الظلم…تحدث زلزلة ودوي 

الوجوه ضاحكة هناك….

القلوب باكية هنا…..

لا أحد من بني هذه الأرض سوي

غرباء نحن أيّها الوطن

وحدك من يلحظ فوضانا 

وحدك من يشتم رائحة دماءنا 

ووحدك تشهد كيف يموت الشرفاء 

ليحي القوي….

وحدك من تتسامر مع السّجناء 

بفيضك وعطاءك السخي 

ماذا تبقّى منك أيها العمر الشقي ؟

تدحرجت وريقاتك 

تحت وخز الضّربات 

تهاويت من الشّرفات 

سئمت الرذائل أيّها التّقي 

السراب يلفّ أطرافه 

ليرمي بها إلى بؤرة الخيبات

تدمع أضلعك الهزيمة 

لم يبق بجوفك أيّ شيء 

ماذا تبقّى منك 

لتنفُخ على فحم الذكريات 

زُجَّ بك أخيرا بقبوٍ رديء 

فماذا تبقى منك أيها العمر الشقي 

الظّلام يحوم بكل الأجزاء 

وحدها نملة البدء ترمق ما تجلّى 

وتلتقط فتات الوقت بإصرار سوي

و وحدها من تُمزّق شرايين الصّعاب 

عنيدة نملة البدء تكرّر التجربة 

بإصرار واقتدار لا ينتهي 

كم أنت عظيم أيها الطّين 

تلطّخ كل الوجهات…و كل الزوايا 

تتشكّل… فتتشكّل …أصداء لا ترتوي 

عطشى أوردة الحنين و الأمنيات 

يخاصمها الوقت…و المقت 

تسقط بين براثين الزمن الشّجي 

أيتها النخلة القابعة بروضة المنتهى 

ما بيني وبينك سلوى الفؤاد 

و كل الذكريات البهيّات 

و الرّطب الشهي 

مالها المرارة تحوم لتكنس 

ما طاب من ردهات الزمن البهي 

ماذا تبقّى منك أيها العمر الشقي ؟

لا أحلام تراوح الروح 

كل شيء يبدو ببهتة الخيبات يسري 

سريعا…شنيعا…لا يفقه شيء

تدور أحداثه بين الطّيف والزّيف 

بين الكيف…والحيف 

بين الوقت…و السّيف 

بين مترادفات و صراعات 

لا طهر ببيتك يا ابراهيم 

كلّ الأشياء تداخلت…تناحرت 

يبدو الشقاق…و النّفاق 

في ما بينها قوي 

فماذا تبقى منك أيها العمر الشقي ؟ 

لا قبلة ولا صراط لنا

لا شاهدا ولا رقيبا هنا 

كلّ شيء ببؤرة الأحزان كئيبا 

لا نخشى النّهايات…لا نرهب شيء

ماذا تبقّى منك أيها العمر الشقي ؟

كلّ اللّعنات صُوّبت تجاهك 

كلّ الطّعنات غربلت جسدك 

لم يبق لك مكانا تختبئ فيه 

كل الرّدهات أغلقت 

صرت خارج بوتقة الصّبر 

فماذا هيأت للقبر أيّها التّقي ؟

أماِزلت للخلاص ترتجي 

أمازَالت حياتك لم تنتهي  

فماذا تنتظر أيّها الصّبر الغبي 

و ماذا تبقّى منك أيها العمر الشقي ؟

فمزيدا من التألق و العطاء الأدبي المتميز الذي يثري الساحة الثقافية المحلية و العربية على السواء و الذي يعتبر إضافة في هذا المجال و في هذا اللون و الجنس الأدبي و الذي سيستفيد منه الكثير من الباحثين و الطلبة الجامعيين .

الطيب بونوة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى