ثقافة

قصة سجناءالقرية

قصة سجناء القرية

في قرية صغيرة وهادئة كان يعيش مجموعة من الناس لايعرفون عن العالم الخارجي سوى مايشاهدونه أمامهم ولكن أكثر مايميزهم هو روابطهم الغريبة ببعضهم البعض حيث تجدهم في تلك القرية يعيشون وكأنهم من أسرة واحدة لافرق بينهم ولاينفك أحدهم أن يقيم مناسبة إلا ويدعو كل جيرانه دون إستثناء وكذلك يغلب عليهم طابع العصبية القبلية فهم يرفضون رفضا قطعيا تزويج أبنائهم من خارج ذلك المحيط وكان لهم فيها العم “بيتر” كبيرهم إذ أن عمره تجاوز المائة عام ولايزال بدنه وكأنه عشرني أو ثلاثيني له من الاحفاد والاولاد مايكفي لبناء مملكة بأكملها

كان يفرض سلطته على القرية بأسرها و له حفيدة تدعى “ميري” كان يرى فيها جدتها التي لم يشأ أن يتزوج بعد رحيلها رغم مرور أكثر من ثلاثين عام على ذلك فقد كانت ملامحها تشبهها إضافة الى افكارها وجرأتها وطموحها وكان والد “ميري” ضعيفا هشا لايتخذ قرارا الا وكان لوالده دخل فيه حيث كان ابنه الاصغر والمتبقي من اولاده على قيد الحياة وقد كان العم “بيتر” يحتفظ بصورة قديمة لفتاة داخل غرفة مضلمة من غرف بيته ويرفض دخول أي كان إليها مهما كان السبب لكن “ميري” ذات يوم خالفته ودخلت اليها لتشاهد صور لفتاة فائقة الجمال كانت مثلها لم تتجاوز العشرين بعد ولم تكن جدتها المتوفية لانها تعرف صورتها حاولت أن تسأل والدها عن صاحبة الصورة فرفض اخبارها وقال لها اياك أن تتكلمي عن هذا الموضوع أمام جدك ولاتسأليني أكثر عن ذلك

كانت تلك القرية تنتهي بسياج من شوك يحاط بها على الضفة المقابلة للنهر وقرب السياج يوجد اربع كلاب شرسة للعم “بيتر” يحرسون المنطقة حرصا شديدا وينهشون لحم أي شخص غريب تطأ قدمه المنطقة

وكانت امرأة في الاربعين تأتي كل يوم محاولة الاقتراب من تلك القرية لكنها تتراجع خوفا من الكلاب وذات يوم بينما كانت “ميري” تتجول قرب النهر لمحت حركة غريبة تتبعتها واذ بها تبهت لما رأته فقد كانت تلك المرأة هي نفسها التي لمحتها في الصور فعطلت الكلاب ببعض بقايا الطعام وخرجت مسرعة خلف تلك السيدة الغريبة وامسكتها من ذراعها قائلة لها لاتخافي اريد أن اعرف فقط من تكونين فردت السيدة قائلة من المؤكد انك أنت “ميري” حفيدة “بيتر” والابنة البكر لاصغر أولاده

ثم دعتها لمنزلها وعند دخول “ميري” تفاجئت بشابين احدهما دخل الى المنزل والاخر بقي يقف بعيدا وقال له “جيمس” من هذه الغريبة التي تقف قرب منزلكم لابد أنها لصة فإقتربت منه “ميري” وصرخت فيه بأن صاحبة البيت من دعتها وبعدها اقتربت منها تلك المرأة الاربعينية وقالت لها أنها عمتها وأن الجد “بيتر” هو والدها ولكن عندما اراد الجد بعد وفاة الجدة تزويج ابنته لاحد أقاربه هربت بعيدا وبعدها تعرفت على شاب وتزوجت منه وانجبت منه ولدا وعاشت معه سعيدة

ولكنها ارادت من والدها أن يسامحها قبل أن تموت فهي تعاني من سرطان الدم في مراحله الاخيرة فوعدتها “ميري” أنها ستقنع جدها بذلك ولكن العمة ألحت عليها ألاتخبر أحدا فمرضها سر حتى زوجها وابنها لايعرفانه فقالت لها سأقنعه بطريقتي وسنساعدك عل وعسى يشفيك الله

عندما كانت “ميري” في طريق عودتها إلى تلك القرية الغريبة صادفت في الطريق ذلك الشاب صديق إبن عمتها وتخاصمت معه مجددا وقالت له أنت عديم الذوق كيف تطردني من بيت ليس لك

وفي البيت حدثت أمها عن الموضوع فتألمت وقالت لها لاأظن جدك سيسامحها حتى عندما يعرف بمرضها فأنا أدرى الناس بقسوته وكبريائه وأما والدها لم يعرف بمرض أخته لكنه قال لها لاتخبري جدك أنك كنت هناك فأنا لاأريد خسارة إبنتي ولكنها ألحت وأصرت كعادتها وذهبت اليه وعند ذكر إسم عمتها مباشرة ثار غضبه وصفعها للمرة الاولى وقال لها سأضطر لتزويجك فهناك شاب تقدم لخطبتك من هذه القرية و في فور سماع الجد لاسم ابنته ذعر وخاف أن يتكرر المشهد الذي أشعره بالاحباط والهزيمة والعار

وعادت الى حظن امها تبكي وهي تقول لن أتزوج من ذلك الشاب مهما حصل وبنفس الطريقة التي خرجت بها من القرية سابقا تسللت مجددا وذهبت لبيت عمتها وكانت تبكي ولا ترتدي معطفا والامطار تتهاطل بغزارة واذا بمعطف يرتمي على ظهرها وقد كان “دانيال” صديق “جيمس” فشكرته وقالت له لم أكن أعرف أنك مهذب الى هذا الحد ودخلت لمنزل عمتها واعطته المعطف وبعد دخولها رحب بها ابن عمتها “جيمس” وقالت لعمتها أنها تود البقاء معها بضعة أيام فوافقت

سمع “جيمس” مافعله ذلك العجوز وغضب كثيرا وقرر أن يذهب اليه بعد أن عرف أنه جده ولكن الكلاب نهشت لحمه قبل أن تطأقدمه مدخل السياج فقضي أجله و مات وعثر عليه والده علي الجثة,وكان “لجيمس” خطيبة هي شقيقة “دانيال” همست في أذن العمة بأن تطرد “ميري” واصفة اياها بأنها سبب كل المصائب فهم كانو يعيشون بهدوء الى حين قدومها إليهم وبعد ذلك قرر والد “جيمس” الذهاب إلى الجد “بيتر” لمواجهته حاول “دانيال” منعه لكنه أصر وذهب وكاد يهلك هو الاخر

لكن “دانيال” تقدم وواجه الكلاب وهي تكاد تقتله لكنه لم يخف وقاومها بكل قوة فتقدم الجد منه بالبندقية وجائت ابنته بعدها ومعها خطيبة “جيمس” المتوفي وحفيدته “ميري” وكانت خطيبة “جيمس” تحمل بيدها عشبة تتسبب في تشويه الوجه رمتها على وجه ذلك العجوز المسن ????

ليتحول وجهه المشرق الى وجه محروق ومشوه بالكامل فإنهالت الكلاب على “بيتر” لانهم لم يتعرفو على صاحبهم بينما نقل “دانيال” للمستشفى وتلقى العلاج الازم وخطب “ميري” أما الكلاب فعندما تفطنو لغياب صاحبهم ذعرو ورحلو عن القرية وخارت قوتهم فجأة واصبح لاحول لهم ولا قوة وسكن الهدوء القرية لفترة ثم عجت بالنشاط وفتحت فيها مدارس ومستشفيات

وعاد الضجيج اليها بعد أن كانت تشبه المقبرة أما عن “ميري” فقد تزوجت ” واخت زوجها كانت ترفضها بشدة فقررت ترك البلدة بأكملها وأما عن العمة فقد باشرت علاجها وهي تقول أنها تتحسن وتغيرت كل قوانين القرية المجحفة التي كانت سارية في عهد “بيتر” واصبحت تلك القرية من أكثر القرى نشاطا في المنطقةوتحققت تلك الاحلام المكبوتة التي كانت بداخل كل سكان تلك القرية فقد عمها السلام والسعادة ولكن كان لابن “ميري” تصرفات انانية متعجرف ومتكبر شبيها لجدهم مما جعل الكل متخوفين من أن يولد لهم اخر “بيتر” يعيد قريتهم الى عتمتها التي عاشو فيها قرابة مائة عام من العمر ويهد كل ماقامو ببنائه فيعودون لنقطة البداية ولكن “ميري” لايمكن أن تموت أو تمحى وإن سيطر عليها أحدهم لبعض الوقت أو كبتها فلابد أن يأتي يوم وتنفجرو ذلك لايكون بالاستسلام أوالرضوخ وإنما بالجد والعمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى