أخبارفي الواجهةقانون وعلوم سياسيةقانون وعلوم سياسية و إدارية

قراءة الحدث السياسي بشكل سليم

سعدي الابراهيم

يكثر استعمال هذا المصطلح في الاوساط الرسمية وغير الرسمية ، دون ان يكون للكثير من مستعمليه معرفة كاملة بالمعاني التي ينطوي عليها ، وبالتالي فأن النتائج التي تخرج عن مثل هذا النوع من التحليل تكون مثل اصحابه ، غير واضحة وغير متناسقة وعامية او اعلامية في اكثر الاحيان … .

ولكي نتعرف على التحليل السياسي ، لا بد لنا من التعرف على معنى التحليل بصورة عامة في بادئ الأمر ، فالتحليل بكل بساطة هو تجزئة الشيء الى مكوناته ، ودراسة كل مكون منها على انفراد ، ومن ثم التعرف على العلاقات التي تربط بين كل منها وتأثير كل منها على الأخر .
بمعنى ثاني ، التحليل هو الهدم من أجل البناء ، والحل من أجل فهم كيفية الشد او التشكيل .

والتحليل هو قديم ، قدم الانسان ، ولكن وسائله وطرقه تختلف بين مرحلة واخرى . فهو في العصور القديمة كان لا يتجاوز الاستغراب والاستفهام من بعض الظواهر المثيرة للانتباه مثل البرق ، والفيضان ، والموت ، وكانت الاجابات المتحصلة هي بمثابة شيء من التحليل ، والاسئلة المطروحة كانت رغم بدائيتها مهمة ايضا ، مثل من خلق الامطار وكيف يحدث البرق والرعد ؟

ففي هذه الاسئلة توجد محاولات للتحليل ومعرفة العلة من وراء حدوث الاشياء .. وكانت ادواته بدائية ايضا ، مثل السحر ، والالهة ، والارواح الشريرة…
وعندما تراكمت المعرفة لدى الانسان وتمكن من تطوير ادواته المادية وغير المادية ، تطورت عملية التحليل ايضا .. حتى وصلت الى اعلى مراحل تطورها في القرن العشرين ، حيث ادت عملية اختراع الكومبيوتر الى نقلة نوعية في عملية التحليل …
وعلى العموم فأن عملية التحليل من الممكن اجراءها على مختلف مجالات الحياة ، كالاقتصاد ، والبيئة ، … والسياسة ايضا . ومادام عنوان مقالتنا هو التحليل السياسي ، فأننا سوف نولي هذا الجانب شيء من الاهتمام ، فالظواهر السياسة مثل غيرها من ظواهر الحياة الاخر ، يمكن تحليلها والتعرف على دهاليزها وبواطها .

ولا تختلف عملية التحليل السياسي عن غيرها من عمليات التحليل ، حيث تتم عملية تجزئة الظاهرة السياسية ، او المشكلة السياسية ، او الشخصية السياسية ، الى مكوناتها الاصلية ودراسة كل مكون على انه حالة منفردة ، ومن ثم دراسته مرة اخرى على انه جزء من كل ، والتعرف على العلاقات بين الاجزاء ، وتأثير كل منها بالأخر ، واهميته بالنسبة لها جميعا .

فلو اردنا تحليل شخصية سياسية ما ، ولتكن شخصية الرئيس الأمريكي (اوباما) ، فأننا يجب ان نتعرف على حياة اوباما الشخصية : ما هي ديانته ، ما هي تنشئته الاجتماعية والسياسية ، ما هي ثروته قبل وبعد السلطة ، أي الاحزاب اقرب اليه ، … ، ومن ثم نحاول ان نتعرف على تأثير كل واحدة من هذه العوامل في تكوين شخصيته السياسية ، فإذا وجدنا بأنه متدين حد التزمت ، فأننا سنجد بأن الدين يؤثر كثيرا في قراراته السياسية ، واذا وجدنا بأنه قد وصل الى الرئاسة بدعم الشركات النفطية ، فأننا سنجد بأن سياساته خاصة الخارجية منها هي عبارة عن توفير اسواق لعمل تلك الشركات .

ولكن مع ذلك تبقى صحة النتائج التي يتوصل اليها التحليل السياسي نسبية ، خاصة فيما يتعلق بتحليل الشخصيات السياسية ، والسبب في ذلك هو ان النفس الانسانية تحمل مشاعر واحاسيس كثيرا ما تتغير وتتلون مع الايام ومع التجارب ، ويصعب رصد خفاياها من خلال ما تظهره للعلن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى