الحدث الجزائريدراسات و تحقيقات

فرنسا والتعايش المستحيل . بين الجلاد والضحية ) حمودة بن ساعي.

  الخميس 14 جويلية فرنسا تحتفل ( 1) يقام العرض العسكري الفرنسي كل سنة منذ عام 1880 في العاصمة باريس بمناسبة العيد الوطني الفرنسي. عادة ما يتم استدعاء وحدات من قوات عسكرية أجنبية لتسير بجانب القوات المسلحة الفرنسية. جرت العادة أن يكون الاستعراض مكون من وحدات مترجلة و راكبة (محمولة) و وحدات على دراجات نارية و وحدات جوية و تسير كلها في شارع الشانزلزيه من ساحة شارل ديغول إلى ميدان الكونكورد أين يحي العسكريون رئيس الجمهورية و حكومته و كبار و أهم رجال الدولة إضافة إلى أعضاء السلك الدبلوماسي و أيضا الضيوف السياسيين الأجانب. يذكر أنه في نفس اليوم تقام عدة استعراضات صغيرة من قبل عدة قوات عسكرية جهوية في بعض المدن التي تحتوي قواعد عسكرية مثل تولون و بلفور و نيم.

يتزامن ذلك مع تقارير تحدثت عن “صفقة سرّية” بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما كان وزيراً للاقتصاد في حكومة فرنسوا هولاند ( بين عامي 2014 و2016 )، وشركة “أوبر” العملاقة للنقل، معتبرين أنّ ما حدث “سرقة للبلاد , وما قاله اليميني المتطرف من حزب التجمع الوطني , عميد البرلمانيين ( كبيرهم ) بفرنسا خوسي غونزاليس المولود في الجزائر عام 1943 من الاقدام السوداء ، وهو يترأس أول جلسة للبرلمان : ” تركت هناك (الجزائر) جزء من فرنسا وأصدقائي وجُرحا داخلي سيبقى إلى الأبد”..يمجد فيها الحقبة الاستدمارية (1830/ 1962).مضيفا في حديثه الى الصحافة :” لو أخذتكم إلى هناك وبالضبط إلى الجبل ستجدون جزائريين يسألون متى ستعود فرنسا؟“. ( 2)

في احتفال بالذّكرى السّتين 60 لاستقلال الجزائر وبمناسبة احتضان مدينة وهران للدورة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط 2022 كان لكل مناسبة شعار ربما لم يناسبها: – فشعار “وهران في القلب” الخاص بألعاب البحر “الأبيظ” المتوسط؟ حير العالم في علاقة القلب بوهران والألعاب والبحر الأبيض ( في الشعار الرسمي استعملت ظ.) المتوسط وحتى الرسم كان مستنسخ – و أما شعار : ” تاريخ مجيد وعهد جديد ” الخاص باحتفالات الذّكرى السّتين 60 لاستقلال الجزائر, كان بعيدا جدا عن طموحات الرد على فرنسا تحديدا في موضوع الذاكرة , بل زاد الطين بله إعلان ماكرون التهنئة ؟، وعن زيارة قريبة إلى الجزائر تلبية لدعوة من نظيره عبد المجيد تبون ، الذي كان سباقا للتهنئة بتاريخ : 25 أبريل الماضي , بمناسبة انتخابه لولاية ثانية ودعاه لزيارة البلاد .وأكثر من ذلك كان المبعوث ” الخاص ” اليهودي من الأقدام السوداء بن يامين ستورا صاحب التقرير المشؤوم في يوم الاحتفال حاضرا بل استقبل استقبال الرؤساء في القصر الرئاسي وسلم رسالة من ماكرون ، دعاه فيها إلى : “تعزيز الروابط الوثيقة بالأساس” بين البلدين وكرّر “التزامه بمواصلة مسيرة الاعتراف بالحقيقة ومصالحة الذاكرة ، مشيرا إلى زيارة للجزائر عن قريب …(3) .وغاب تماما مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية, عبد المجيد شيخي

ومن غير المفهوم سبب إفشاء ستورا لسر عرض تبون عليه القيام بـ”عمل على الذاكرة” المشتركة طوال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر “.ولم تقدم فرنسا أي اعتذار ولا ندم عن جرائمها القديمة والحديث وكان ماكرون ذاته في سبتمبر 2021 ذكر أن الجزائر أنشأت بعد استقلالها عام 1962 “ريعا للذاكرة” حول حرب الاستقلال، كرسه “النظام السياسي-العسكري”.؟ لا مرحبا بكم .

الاحتفالات و الزردة (4) وقطع الطرقات والخسائر والحاضرين :

تم التركيز بشكل غريب على الغناء والبهرج والمفرقعات في الأشهر الحرم ( في العشر الأوائل من ذي الحجة ) ,حيث نظمت ” مصالح ولاية الجزائر” يوم الجمعة ليلا بالملعب الأولمبي 5 جويلية 1962 , حفل فني كبير ضم أجواق و فرق موسيقية ورقصات باليه وعروض فولكلورية وموسيقية في إطار الاحتفال بالذكرى ال60 لعيد الاستقلال ؟ .كما اغلقت الطريق السريع الشرقي “نهج جيش التحرير الوطني.” الرابط بين الدار البيضاء والجزائر الوسطى في الاتجاهين، وتم تحويل الطريق السريع الشرقي “نهج جيش التحرير الوطني.” انطلاقا من جسر كوسيدار عند تقاطع الطريق الاجتنابي الجنوبي إلى غاية جسر الحامة في الاتجاهين. خلال الفترة الممتدة من يوم الجمعة 01 جويلية إلى غاية يوم الأربعاء 06 جويلية .

وخصص مبلغ 30 مليون يورو (32 مليون دولار)، نفقات للاحتفال بستينية عيد الاستقلال ؛ جزء منه موجّه لتغطية نفقات الاستعراض العسكري الضخم 05 جويلية 2022 في العاصمة الجزائرية .

وحضر هنية إسماعيل وعباس محمود ( محاولة مصالحة تمت لاحقا أمام الكاميرات على شكل اخذ صور ). وحضر رئيس تونس قيس السعيد ( وتم فتح الحدود)  .

يذكر ان الجزائر لم تفكر في تنظيم استعراض عسكري للقوات المسلحة إلى غاية عام 2004، اين طرحت فكرة تنظيم استعراض بمناسبة خمسينية ثورة التحرير في نوفمبر 2004.لكن بوتفليقة أعلن قبل ذلك في خطاب أمام إطارات الأمة، عن إلغاء الاستعراض العسكري، مبرراً ذلك وقتها برغبته في خفض التوتر مع المغرب، ولئلا يُفهم أنها استعراض قوة موجه ضد الرباط.

يوم قبل الحدث :

                          قبل اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 19 جوان 2022 , بيوم أجرى الرئيس الجزائري ، مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي تطرّقا فيها إلى العلاقات الثنائية، مؤكدّيْنِ عزمهما على تعميقها، خاصة مع تقارب وجهتَيْ نظر الرئيسين، وتوافقهما الكبير، على دفع هذه العلاقات إلى مستوى متميز، لا سيما بعد إعادة انتخاب الرئيس ماكرون، لعهدة جديدة.وسمح الاتصال الهاتفي، باستعراض عدة ملفات، على رأسها ملفَّا الساحل والوضع في ليبيا، إضافة إلى قضايا إقليمية ودولية، ذات الاهتمام المشترك. وكان مجلس الوزراء تناول التحضيرات لاحتفالات الذكرى الستين للاستقلال .و مشروع قانون يتعلق بالاحتياط العسكري ؟ الذي لم يتم طرحه على البرلمان إلا بعد الاحتفالات أين تم طرحه والمصادقة عليه في نفس اليوم: 13-07-2022 ووصف بأنه (دعم الجيش لصدّ تهديدات الداخل والخارج ). معدل للقانون 1976 حيث ثمن فحوى مشروع القانون المقّدّم من وزارة الدفاع الوطني ، والجديد الذي ظهر من خلال طرح ممثل الحكومة له “إمكانية تجنيد العسكريين الاحتياطيين، والاستعانة بهم، في كل الظروف ” , ومنها الداخلية ؟ وهي في الحقيقة من أعمال الشرطة وأجهزة أخرى .

                      ويوم قبل الاحتفالات تمت مراسم تقليد الرتب وإسداء الأوسمة لضباط الجيش الوطني الشعبي. كان أبرزها تقليد رئيس أركان الجيش الوطني ” رتبة فريق أول” , بالإضافة إلى تقليد رتبة لواء إلى مجموعة من العمداء, ورتبة عميد إلى مجموعة من العقداء, ورتبة عقيد إلى مجموعة من المقدمين, فضلا عن إسداء أوسمة إلى عدد من الإطارات العسكريين والمستخدمين المدنيين, بمقتضى مراسيم رئاسية مؤرخة في 30 يونيو 2022.

يذكر انه بمناسبة احتفال الجزائر باستعادة الاستقلال (05 جويلية 1999) تمت ترقية عدد من الضباط , وإحالة ألوية ( جنرالات 07 +17؟) كان السبعة 07 يشغلون منصب ملحق عسكري لدى الممثليات الدبلوماسية الجزائرية في الخارج وهي بمثابة مناصب مكافأة أداء خدمة , والتي أصبحت من يومها تنحصر في العقداء بدل الألوية ؟ أما الــ17 جنرالا فهم من قدماء الجيش الأكثر تجذرا ( صقور ) من اللواء بلخير العربي وخالد نزار( وزير دفاع 1988-1993) ونور الدين زرهوني؟ … وكانت التسريبات تتحدث أن قائد الأركان يومها الفريق محمد العماري ( رئيس أركان 1993-2004) هو صاحب الاقتراح مع المحافظة ( المؤقتة واللازمة ) على منصب رئيس المخابرات اللواء محمد مدين المدعوا توفيق (1988- 2015) , ورئيس مكافحة التجسس اللواء اسماعيل لعماري ( 1941- 2007 ), التي كانت على ما يبدوا يومها تدور وفق متطلبات الصراع , رغم الحاجة الماسة لاعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وعصرنتها وتحديد ” هدف رئيس هو احترافية الجيش وإبعاده عن السياسة ؟” وهذه جدلية أزلية كانت بنكهة مؤتمر الصومام وأولوية المدني على العسكري

في مارس 2006 دخل ” القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين ” حيز التنفيذ .والغي القانون القديم ( 1969), بعد سنة 2007 تم إنهاء مهام رؤساء أركان النواحي العسكرية 1-2-5-6 . وتزايدت ميزانية الجيش إذ تجازت 02 مليار دولار .

كان مولود بلقاسم نآيت بلقاسم الوزير من القلائل الذين فهموا رمزية ومعاني قول الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان : ” إن فرنسا التاريخية تحيي الجزائر المستقلة؟ ” .كما رد مالك بن نبي بمقال : المتثيقفون؟ المهوسون – ” مستلبون “- فكريا سقوط الصنم ! ردا على من قال :” فرنسا انا ” ، ماضينا هو قبل ” النرجيلية ” والكريم قبل خدم السلطان والمنتفعين المصطافين على أبوابه . ماضينا قبل المرابطية وقبل المتثيقفين ، ماضينا هو روحنا التي تلطخت بدم اريق في صفين لكنها بقيت روحنا لأنها روح مستقبلنا “. كما قال زميله محمد حمودة بن ساعي، للويس شارل ماسينيون, التعايش المستحيل: ” لن أسامحك أبدا، إنك الأسوأ . وفي نفس الأجواء تقريبا رفع الحاج مصالي صوته عاليا : إن هذه الأرض ( الذاكرة ) ليست للبيع ولا للمقايضة . وكذلك العلامة ابن باديس : ” لو قالت لي فرنسا قل لا اله الا الله ما قلتها ” . .والشيخ بشير الابراهيمي ” : فرنسا تراكم عدوا لها و ترى نفسها عدوا لكم و لوسالتموها بعد الف سنة لوجدتم هدفها واحد هو محو هويتكم و دينكم. وأخيرا وليس آخرا الشيخ العربي تبسي ” : من عاش فليعش عدوا لفرنسا و من مات فليحمل معه عداوته لها..”

———- والسلام . تحيا الجزائر حرة مستقلة والمجد والخلود للشهداء ————

                                                                                      عزوق موسى الجزائري

————تهميش —–

(1) (من المستبعد جدا وجود أي مستشار للذاكرة مع رئيس فرنسا ولو كان بن يامين ؟ )

(2) José Gonzalez est le doyen des députés de l’Assemblée nationale. Elu dans la 10e circonscription des Bouches-du-Rhône, ce membre de l’extrême-droite, né en Algérie, revendique ses origines pieds-noirs. En tant que frontiste de la première heure, il dit avoir “adulé” Jean-Marie Le Pen.

(3) كنت في المقهى عندما قال عباس ( وهو حراق سابق ) واصفا العلاقة بين البلدين في تشبيه ” بليغ ” بأنها كالمطلقة التي تنفق عليها !!! يطول زمان أو يقصر وتعيدها !! ” ما دام ان النفقة ماشية ماشية تولي ترضعها بزبلها كي الناس !!! “.لينطق حمزة وقد أعجب بتحليله :” حب كبير وقديم بين البلدين ، ولا يستغني احدهما عن الآخر

(4) يساوي مالك بن نبي الزردة الدينية والسياسية وكلاهما من الزخرف

عزوق موسى محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى