أخبارتعاليقرأي

غزة…التحدي والنصر المرتقب

غزة…التحدي والنصر المرتقب

يكاد العارفون بالله يتضرعون هذه الأيام إلى ربهم مرددين “اللهم أرسل جنودك فإننا لسنا جنودك” لما يرون ما عليه الدول الإسلامية من ذل وخنوع وهوان وعجز عن الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني ضد الباطل الصهيوني، ويخشون أن يُسأل الشهيد يوم القيامة عمن قتله فيشير إليهم…كيف لا وحال المسلمين من جهة وحال الكفار من جهة أخرى لا تخطئها العين المجردة، لكن يواسيهم قول الله تعالى “أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حتى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”…الأسى بلغ مداه لكننا نرى ضفة اليهود في محنة غير معهودة حيث العيش في الملاجئ، المدن خالية من سكانها، المطارات مزدحمة بالهاربين من فلسطين المحتلة، الصواريخ تدك عاصمة الكيان الصهيوني وباقي تجمعاته السكانية، لهذا نجنح إلى التبشير بوعد الله، نتألم وننتصر، نتقلب بين شكر وصبر ونؤمن بوعد الله، لسنا أصحاب حسابات دنيوية ولا نظر سطحي، نحن نؤمن بالله ونثق في أبي عبيدة، ونرى بفخر أن رجال حماس هم الذين كتب الله لهم أن يكسروا شوكة اليهود وغرورهم، نحن أمام مشاهد شرف الشهادة، وننتظر الفتح المبين، فماذا لو كان للمجاهدين أنصار ومدد؟ والحمد لله قد انكشفت عورة المثبطين وألقمهم الواقع الحجر، فلو كانت الصواريخ عبثية لما جاءت أمريكا بحاملات الطائرات لمساندة الصهاينة، ولو كانت كتائب المجاهدين مجرد بضعة مسلحين لما وقف الصهاينة على أبواب غزة خائفين أن يخطوا نحوها خطوة، ولو كانت الخطابات لا تُجدي لما تسمروا أمام الشاشات يسمعون كلام أبي ويحلِّلونه ولما شعرنا نحن بشيء من العزة يدب فينا، ولو كانت المنشورات في مواقع التواصل غير مجدية لما حذفوها وقيّدوا الحسابات، إنها معركة وعي وصناعة رأي عام، والإعلام الغربي “المحترف” يكذب ويدلّس ولا يقبل أن ينتقد الصهاينة ولو برسم ساخر.

إن المعركة معركة أُمة كاملة لا معركة غزّة وحدها، وهي معركة عقيدة لا معركة جيوش، والقتال هو قتال وجود لا قتال حدود، فلا يجوز لمسلم أن يلزم موقف التفرج أو الحياد أو يكتفي بالدعاء، بل يأخذ موقعه فيها بحسب استطاعته، بالمال، والتظاهر، وكتابة المنشورات والمقالات، وبث صور البطولة في غزة وصور الموت والهلع والجبن في الجانب الصهيوني ، وبإسكات المرجفين وإسكات المتصهينين، وحشد القلوب لطاعة الله ونصرة القضية: “فعلم ما في قلوبهم أنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا”

ومن أهم إيجابيات معركة غزة منذ طوفان الأقصى تمييز الخبيث من الطيب بشكل صارخ لا لبس فيه، فقد تلاشت مزاعم التحضر الغربي وحقوق الإنسان وحرية التعبير والعدل والمساواة، وهذه فرضة ليستفيق ضحايا الفكر الغربي و”التنوير” والحداثة بعد ما رأوا أنها مجرد قناع لممارسة الوحشية والبربرية والظلم …لقد انطلت عليهم الخديعة ردحا من الزمن وهذا أوان عودة الروح وتجاوز الخديعة والرجوع إلى الأمة ومرجعيتها وما فيها من حقائق الرحمة والتسامح والمحبة.

وقد امتدت عملية التمييز كذلك إلى معظم الأنظمة الوظيفية التي تتحكم في الشعوب العربية وتكاد مهمتها تتلخص في البقاء في السلطة مهما كان الثمن وتوفير الأمن للكيان الصهيوني، كما شملت الأغلبية الساحقة ممن يسمون أنفسهم سلفيين – شيوخا وأتباعا – حيث لاذ بعضهم بالصمت في هذه الظروف العصيبة بينما انبرى آخرون للاصطفاف الموضوعي مع العدو بتثبيط عزائم المسلمين، والتخذيل واستصغار شأن المقاومة بل واتهامها بأشنع التهم والدعاء عليها بالهلاك لأنها “أضل من اليهود والنصارى” بحسب تعبيرهم الرائج، ونختم بالمحايدين الذين يبدو أنهم لا يفرقون بين الحق والباطل، ولا بين الظالم والمظلوم، والجلاد والضحية، وهم بهذا في صف العدو لا يُرجى منهم خير، وهم أقرب إلى الطائفة السابقة والتي كانت تسمى في زمن النبوة “المنافقين”

وبما أن حدود فلسطين المحتلة مغلقة لا يمكن المرور منها إلى غزة فإن جهاد المال هو المتعين ويكاد يرقى إلى درجة فرض العين…والنصر آت لا محالة، ولعل طوفان القدس هو الخطوة الجادة لتحرير فلسطين.

عبد العزيز كحيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى