أحوال عربيةأخبار العالم

سورية وإيران.. علاقة قد تعيد رسم مستقبل المنطقة

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

كنت قد أكدت في مقالي السابق، إن ما حدث ويحدث في سورية اليوم  “هزة عنيفة” وسيكون لها إرتدادات وتوابع قوية تتجاوز حدود سورية لتشمل منطقة الشرق الأوسط برمتها، بل إنها قد تصل إلى أبعد مما يتصور الكثيرون، لتطول منظومة الأمن الإقليمية وخارطة التحالفات والخيارات في مرحلة جديدة عنوانها العريض التحالف الاستراتيجي السوري الإيراني.

من دون أدنى شك، إن توقيت زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسورية مهم جداً في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة حالياً، ويمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين سورية وإيران متينة، وخارج المساومات والصفقات، ولا يمكن أن يعكر صفوها إزدياد حجم التحديات.

في هذا السياق شهدت العلاقات السورية- الإيرانية في الآونة الأخيرة تطورات هامة بدءً من حالة الانفتاح والتعاون التجاري والاقتصادي بين الجانبين والدخول في مشاريع مشتركة مروراً بتوقيع بعض الاتفاقيات الاقتصادية، وفي ظل هذا التطور الإيجابي في العلاقات بين الدولتين جاءت دعوة الرئيس الإيراني لزيارة دمشق لتضيف حلقة جديدة من حلقات التقارب بين سورية وإيران.

في نفس السياق أكد الرئيس الأسد مرارا وتكرارا على متانة التحالف الإيراني السوري الذي يعود عمره لأكثر من ثلاثة عقود ونصف، مضيفاً أن قوة إيران ستنعكس قوة لسورية وإنتصار سورية سينعكس إنتصاراً لإيران، نحن محور واحد هو محور المقاومة الذي فاجأ العالم بأسره بإدارته الرائعة وصموده المشرف في وجه العدوان على سورية.

ومع بداية الأزمة في سورية وصلت علاقات البلدين إلى حالة من العمق الاستراتيجي نتيجة الدعم السياسي والعسكري والمالي الإيراني للحكومة السورية في حربها ضد التنظيمات الإرهابية المسلحة، كما عكس موقف طهران من الأزمة السورية مدى تقارب الرؤى والسياسات مع دمشق حول قضايا المنطقة، إذ ترى طهران أن واشنطن تسعى إلى إحكام قبضتها على المنطقة، وذلك من خلال إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وخلق كيانات هشة يسهل توجيهها وقيادتها،  كما ترى أن التدخل الأمريكي في سورية قد يكون مقدمة لتفتيتها وتقسيمها، الأمر الذي يخرج سورية كما خرج العراق من المعادلة الإقليمية، بعد أن كانت فاعلا مؤثراً في المنطقة، لذلك رفضت ايران بشكل قاطع أي تدخل خارجي في الأزمة السورية، وأكدت حتمية الحل السلمي، وجلوس كل الأطراف المعنية على طاولة المفاوضات لحل هذه الأزمة.

وإنطلاقاً من ذلك إن ثبات واستقرار هذه المنطقة رهين بالعلاقات الايجابية بين كل من دمشق وطهران، وان العلاقات السورية الايرانية تمثل في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الإستقرار في خضم المرحلة المضطربة الراهنة، بالإضافة إلى أن الإنفتاح الدبلوماسي على دمشق سيأخذ شكلاً علنياً حيث تتهيأ السفارات العربية والغربية لإستئناف نشاطاتها في سورية، لذلك آن الأوان لنتعاون مع باقي قوى التوازن بالعالم لتجاوز أزمتنا والمضي بوطننا الكبير “سورية” نحو المستقبل الزاهر.

مجملاً…إن كل هذه المعطيات تشير إلى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، ما يعني نتائج جديدة ربما تكون إيجابية لبعض دول الإقليم في المنطقة وعلى الأخص سورية.

وفي الختام…لن أستطيع، بالطبع، في هذه المساحة الوجيزة، أن أعدد ما فعلته إيران لسورية، والعلاقات المتينة التي تربطها بسورية، لكنني فقط أردت أن أحييها  كمواطن سوري على ما فعلته وتفعله، عندما وقفت إلى جانب سورية في حربها على الإرهاب والإرهابيين والمشروع الإسرائيلي في المنطقة ليوصل رسالة للجميع بأن سورية وإيران “يد واحدة”، في مواجهة الإرهاب بكافة أشكاله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى