أحوال عربيةأخبار العالم

سورية ” منورة” بحكومتها العتيدة

سورية ” منورة” بحكومتها العتيدة

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

في حادثة لا تبدو غريبة عن الواقع والمشهد السوري البائس، أصبحت أزمة انقطاع الكهرباء وتقنينها لساعات طويلة أكبر معضلة ومصدر قلق في الحياة اليومية للسوريين.

بعد أن عاش السوريون سنوات متعددة في ظلام متقطّع، بدأت الأبعاد الحقيقية لأزمة انقطاع الكهرباء تتوضح تدريجياً، فبعد أن كان السبب المعلن هو نقص الغاز والفيول بما يوجِب تقليل ساعات عمل محطّات الكهرباء، أقرت وزارة الكهرباء بلسان وزيرها، بأنّ ثمّة أسباباً أخرى وراء الأزمة، هو الارتفاع الشديد في حرارة الطقس ، في مناقضة صريحة للرواية السابقة الصادرة عن الوزير، أنّ أسباب نقص الغاز وراء قطع الكهرباء عدة مرات يومياً تخفيفاً للأحمال.

كانت تصريحات وزير الكهرباء كاشفة أبعاداً أوسع من أزمة الكهرباء، تتعلّق بطريقة عمل الوزارة ومنطقها في التعامل مع المواطنين والتعاطي مع المشكلات والأزمات، المتوقعة والطارئة، ومع تذمّر المواطنين من تبعات قطع الكهرباء على مختلف أساسيات الحياة، خصوصاً مياه الشرب والأجهزة الكهربائية التي أصبحت جوهرية لمواجهة الصيف الحار، بادرت الحكومة إلى تبرير الأمر بدلاً من تدبيره ومعالجته، أي تقديم ذريعة السوريين بدلاً من البحث عن حل فعلي للأزمة، فكان إعلان أنّ الحكومة فوجئت باستمرار ارتفاع الحرارة، كأنه لا توجد هيئات مختصّة بالأرصاد وتوقعات الطقس ، ويعني ذلك صراحة أنّ الحكومة إما تكذب أو ليست على علم بالتغيرات المناخية في بلدها.

وفي المقابل، لا يزال هناك ” الشارع الغاضب ” من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والمجتمعية وسوء الخدمات وانخفاض الدخول وتدهور القيمة الشرائية لليرة السورية وانهيار سعر الصرف، ما يعني أن سياسات الحكومة وقراراتها ليست بعيدة المدى، وليست حكومة للطوارئ والأزمات وهذا لن يُعفيها من كامل المسؤولية أمام المواطن.

فالقضية تحتاج حكومة قوية لا تهتز ولا تحيد عن طريق تحقيق تلك الرؤية الإستراتيجية ولديها الكفاءة والجرأة على اتخاذ القرارات مهما كانت صعبة بلا تردد أو تسويف وفقاً لبرنامج زمني معلن.

مشكلة الحكومات التي جاءت خلال الأزمة هي ضعف فاعليتها، ولذلك فالخطوة الأهم لضمان نجاح الحكومة الجديدة هي صياغة وتحديد الأهداف المرحلية والمستقبلية وترجمتها الى خطط وبرامج قابلة للتنفيذ، ومن المهم الآن أن تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران، وهذا يحتاج إلى الكثير من المجهود ومن المساعدة ومن الكفاءة في الإدارة ومن هذا المنطلق، نريد حكومة تهاجم المشكلات، وتنقض على الأزمات وتبحث عن الأكفأ، وتتخذ القرار الصحيح بسرعة ودون تردد، حكومة تخرج الإقتصاد من إرتباكه وتعالج ارتفاع الأسعار وتبث الروح في البلد الذي يحوي إمكانات بشرية واقتصادية هائلة غير مستثمرة.

نحن على يقين إن معضلات حكومة عرنوس كثيرة ومتشابكة، أكّدت أزمة الكهرباء جوانب كثيرة منها. أولها انعدام الشفافية، وفقدان الثقة ما يدفع المواطن لعدم الوثوق بأي إجراءات تأخذها الحكومة، بالإضافة الى اللجوء سريعاً ومن دون مبرّر قوي إلى ذرائع مختلَقة.

في هذا السياق إن غياب الشفافية نتيجة مباشرة للإخفاق والعجز عن مواجهة المشكلات، وهذا بحد ذاته بعد أساسي في اختلالات حكومة عرنوس ونواقصها، فلدى تلك الحكومة حالة شلل عقلي يمنعها دائماً عن إيجاد الحلول السريعة والفعالة، والتي تنعكس على المواطن مباشرة من خلال التضييق على مقدراتهم المعيشية وسلب راحتهم وإفراغ جيوبهم.

بالتالي من غير المفهوم ايضا ان الحكومة لم تستطع حتى اليوم إقرار قانون لتجريم الواسطة تحت ذرائع عدة حتى بات المواطن، خصوصا من الجيل الجديد، مقتنعا ان لا مجال له او لها في الحصول على وظيفة بكدّه وكفاءته وليس عن طريق الواسطة.

ومن هذا المنطلق يجب علينا المساهمة في بناء هذا الوطن الذي من أبسط حقوقه علينا المحافظة عليه والمشاركة في بناءه وعدم ترك الوطن للناهبين والفاسدين وغيرها من الفئات التي ظهرت علينا في الآونة الأخيرة وسلبت ونهبت أحلام أبناء هذا الوطن المغلوب على أمره، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة هو: هل هي سياسة تطفيش وتهجير لأبنائه ممن تحملت الدولة أعباء وتكلفة إعدادهم وتأهيلهم ليسهموا في بناء هذا الوطن، وبالمقابل كيف نستطيع أن نكسر هذه الدائرة المهلكة ونبطل سياسات التطفيش، مع العلم أن النتيجة هي أن بلادنا تخسر أفضل أبنائها مما يؤثر سلباً على مستقبل وطننا الكبير “سورية”.

وأختم بالقول… اليوم يمر المجتمع السوري بظروف حساسة اثقلت كاهل الشعب، دفع السوريون تكاليفها من دمائهم وتكاليف معيشتهم، وأصبح من الضروري على الحكومة السورية السعي الجاد لخلق التغيير المنشود لتحقيق كافة التطلعات والآمال الوطنية العريضة التي يتطلع إليها الشعب بكافة فئاته للوصول الى غد مشرق وواقع حياة مزدهرة أكثر ألقاً، والى ظروف أكثر أمناً وأقل عنفاً وفساداً.

وفي النهاية أقول لحكومتنا العتيدة هذه المقولة علها تذكر أن نفعت الذكرى

روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: ” لو لأن بغلة بالعراق تعثرت لظننت أن الله يسألني لم لم تمهد لها الطريق” فبالله عليكم إلى أين أنتم ذاهبون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى