أحوال عربيةأخبار العالمفي الواجهة

زلزال تركيا سوريا طبيعي أم مؤامرة؟

علي شندب

رغم مرور أسبوع على الكارثة غير المسبوقة التي ضربت تركيا وسوريا، سأسمح لنفسي التحدث عن مجريات هذا الزلزال عليّ في بيتي في جبال الضنية، حيث كنت أغط في نوم عميق لأستيقظ مرعوباً على أصوات غريبة لم أسمعها من قبل قط، ولا تشبه أصوات الـ B52 والكروز والتوماهوك التي عايشتها عن قرب في لبنان والعراق وليبيا. كنت أسمع طقطقة حجار منزلي، وانزياح سريري وارتفاعه وارتطامه بالأرض. استيقظت مذعورا واستعديت لإخراج والديّمن المنزل الى حيث صقيع الجليد، وفجأة همدت الأصوات، وبدأت عواجل الأخبار تتحدث عن زلزال كبير ضرب تركيا وسوريا.

ورغم مرور أسبوع، لم يزل الزلزال يضرب عميقاً ليس في أهالي المناطق التي أصابها فقط، وإنما في المناطق المجاورة والبعيدة عنه، حيث تسمّرت الناس أمام شاشات التلفزة يتابعون أعمال الانقاذ والبحث بين الأنقاض، ويراقبون بكثير من الدموع المعجزات المتمثلة بنجاة بعض الأطفال والنساء والرجال رغم مرور الأيام الباردة بلياليها الصقيعية.

زلزال تركيا وسوريا، تحول الى كابوس حقيقي على المناطق التي أصابها، خصوصاً أولئك النازحين داخل بلادهم في سوريا لأسباب سياسية، وإذ بهم ينزحون مرة أخرى بفعل الزلزال الكارثي الذي دمر البيوت فوق رؤوس ساكنيها. ثمة مأساة إنسانية مكتملة الأوصاف تلك التي جرت وتجري فصولها جرّاء هذا الزلزال الكارثي. ثمة مأساة إنسانية منتصبة على التوظيف السياسي البشع للكارثة ومحاولات الحد من تداعياتها المتناسلة موتاً وبؤساً وتشريداً، ثمة مأساة ضاعفها الأداء السياسي خصوصاً للقوى المتنفذة في مربعات سوريا الأمنية. في هذه الكارثة الإنسانية الزلزالية، مسّحت الأرض بكرامة الإنسان الممسوحة أصلاً.

رغم هذا، تلقفنا بكثير من الإعجاب مبادرة اليونان لتعزية القيادة التركية والاتراك والمسارعة الى تقديم المساعدة الإغاثية والإسعافية لهم. وبكثير من الإعجاب تلقفنا أيضاً موقف أرمينيا وهي تفتح حدودها المقفلة مع تركيا منذ أكثر من ثلاثين عاماً لتسيير قوافل الإغاثة وطواقم الدفاع المدني. وبكثير من الفخر والإعجاب تلقفنا مبادرة الجزائر السبّاقة دوماً لتقديم يد العون لتركيا وسوريا، وايضاً مبادرة مصر لتسيير أسطول جوي وابلاغ رئيسها عبدالفتاح السيسي لنظيريه التركي والسوري عن وقوف مصر والشعب المصري معهم في محنتهم. ولا ينبغي أن أنسى أن بلدي الجريح والمنهار لبنان الذي سارع للقيام بما هو أكثر من أضعف الإيمان، فضلاً عن السعودية والعراق وتونس وقطر والامارات والكويت وغالبية البلاد العربية.

لكن الأمر الذي يحزّ في النفس هو نفاق المجتمع الدولي في تعاطيه مع سوريا والسوريين نظاماً ومعارضة. وقد وقفت عاجزاً أمام التساؤل عن إنسانية تدفق الآف أطنان الأسلحة والذخائر من جوار سوريا ليقتتل السوريون، ومحاولات الغرب الدائمة في الاستثمار على دماء السوريين في محنتهم الانسانية بأساليب لا انسانية لمواجهة كارثة إنسانية. ليس أدل على نفاق المجتمع الدولي سوى اعلان الولايات المتحدة تعليقها العمل بقانون قيصر لتسهيل الأعمال الانسانية في سوريا لبضعة أشهر.

لمن يصفق من العرب لقانون قيصر الملتف حول عنق الدولة السورية، عليه أن يتذكر أن بغداد ما سقطت عام 2003 الا بعد عقوبات دولية وحصار استمر لسنوات عديدة. وأن ليبيا ما سقطت عام 2011 الا بعد عقوبات دولية وحصار رفع عام 2003 بعد حل مشكلة لوكربي التي تبيّن أنها لم تزل حبلاً يلتفّ حول عنق ليبيا. فالعقوبات الغربية والاميركية خاصة ضد الدول العربية هي أحد أبرز أسلحة الدمار الشامل.

قبل أسبوعين على وقوع زلزال تركيا وسوريا، كانت الأنظار مركزة على احتمالية مرجحة لتوجيه ضربة عسكرية اسرائيلية أميركية ضد ايران، واعتبر قصف أصفهان وغيرها من مقرات وزارة الدفاع الايرانية بالمُسيّرات بمثابة بداية التسخين وتجهيز المسرح لتوجيه ضربة قاسمة ضد نظام طهران، في لحظة كانت المنطقة تشهد مناورات عسكرية اميركية اسرائيلية غير مسبوقة لناحية حشد الأسلحة والقوات، وقد كانت المناورات عبارة عن محاكاة لقصف المفاعلات النووية في ايران.

وبداية الشهر الحالي ضجّت الأخبار بعواجل تتحدث عن إقفال الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية لسفاراتها في تركيا بدون أي تبرير، وتزامنت العواجل مع مناورات اميركية في بحر ايجه بمشاركة نحو 60 ألف جندي لاجلاء الرعايا بحجة وجود زلزال بقوة 8 درجات حسبما تردّد.

لا نريد الركون لنظرية المؤامرة، لكن ثمة شيء من التناقض العلمي الصارخ بين اعلان الباحث الهولندي فرانك هوغربيتسعن زلزال تركيا وسوريا قبل ثلاثة أيام من وقوعه، وبين إعلان جيش هائل من علماء الفيزياء والجيولوجيا والزلازل عن عدم وجود مطلق إمكانية لتحديد موعد الزلزال قبل حدوثه، ما يطرح السؤال حول حقيقة الشيفرة السرية للعالم الهولندي الذي كذّب علماء الزلازل في لبنان أطروحاته ووصفوه بمنافس خبيرة التنبؤات ليلى عبداللطيف.

لا نريد الركون لنظرية المؤامرة، بل علينا التوقف ملياً عند الأسباب الجوهرية لانسحاب الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب من قمة المناخ، وايضا عند “مشروع هارب السري الأميركي” أو “برنامج الشفق القطبي” للتحكم في حالة الطقس والمناخ. وربما لم يعد سرّاً أن الولايات المتحدة هي من فجر نورد ستريم 1 و 2 لتدمير انابيب نقل الغاز الروسي الى اوروبا وخصوصا المانيا التي يتردد أن مستشارها أولاف شولتس اتهم ادارة بايدن بذلك.

لا نريد الركون لنظرية المؤامرة، لكن هل أن محاولة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان التوازن في علاقاته بين الولايات المتحدة وروسيا، وايضاً رفضه دخول السويد وفنلندا الى الناتو ومشاكسة فرنسا في شرقي المتوسط وتطبيع علاقاته مع مصر والسعودية والخليج دوافع تجعل نظرية المؤامرة ممكنة؟.

أسئلة برسم الأسابيع القادمة، عسى ألا تعمّر فوبيا الزلازل، بقدر ما عمّرت فوبيا كورونا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى