إقتصادالجزائر من الداخل

زراعة القمح و الأرز بماء البحر المالح

عباس الطرابيلي

فى زمن الوفرة المائية، انتشرت زراعة مواد شديدة الطلب لماء الرى، منها مثلاً الأرز فى كل دالات الأنهار الكبرى والصغرى ـ بالذات فى جنوب شرق آسيا.. وكذلك قصب السكر، فى كل المناطق الاستوائية، فى دول أمريكا الوسطى.. وإندونيسيا. ومصر.. وكذلك الموز والبرسيم، وكان الرى بالغمر هو أساس هذه الزراعات، وحتى الطماطم والخيار والبطيخ، وكنا وما زلنا سعداء لأننا نصدر الكثير من هذه المنتجات، دون أن ندرى أننا نقوم بتصدير المياه.

ولكن بعد دخول العالم إلى عصر من العطش ونقص مياه الرى.. أخذ العالم يفكر فى إمكانية استخدام المياه المالحة فى الزراعة.. بل ووصل الأمر إلى حد أن اليابان نفذت مشروعًا طموحًا لزراعة الأرز بمياه المحيط المالحة، ومن كل البحار الداخلية فى الجزر اليابانية.. وكتبت عن هذه التجارب كثيرًا منذ النصف الثانى من السبعينيات.

<< وما دمنا دخلنا عصر العطش المائى.. ومن المؤكد أن أزمة مياه الرى سوف تزيد بعد مشروعات السدود الإثيوبية، والبداية سد النهضة إياه.. هنا لا بد من التفكير ليس فقط فى ترشيد استخدامنا لمياه الرى والبعد عن المزروعات شديدة الطلب للمياه.. ولكن فى البحث عن امكانية استخدام مياه الآبار شبه الملحية.. وما أكثرها الآن فى كل منطقة شمال الدلتا بسبب زحف مياه البحر المالحة إلى تحت أراضى شمال ووسط الدلتا.. حتى زاد خطرها ووصلت إلى المنطقة ما بين المنصورة وطنطا.. والسبب السحب الجائر لمياه الرى باستخدام المواتير والآبار العشوائية.. والسبب رى مساحات إضافية لزراعة الأرز.. بل إن القضية تمتد إلى إمكانية استخدام مياه البحر نفسها ليس فقط فى زراعة الأرز.. بل والقمح أيضًا.

<< الآن عندنا تجارب جادة لزراعة القمح المطور الذى يتحمل الملوحة العالية وكذلك الجفاف. وهى تجربة تجرى الآن على بعد 500 كيلو متر عن القاهرة، بالذات فى الأراضى الصحراوية بين سوهاج وأسيوط عند وادى الشيخ. وهى تجربة يجريها الآن الدكتور عبدالرحيم النجار استاذ الوراثة بكلية الزراعة بجامعة قناة السويس على مساحة قد تصل إلى 10 آلاف فدان، والمثير أن الفدان يمكن أن يعطى بين 15 و17 إردبًا من نوع «إسماعيلية 1» وهى تجارب بدأت منذ حوالى 30 عامًا.

<< وميزة هذه التجارب أنها تواجه تصاعد احتياجاتنا من القمح، ونحن نحتل الآن مقدمة الدول المستوردة للقمح فى العالم. ثم هى تقلل من مياه الرى بالمياه الحلوة.. وثالثًا أن هذا النوع يمكن زراعته فى المناطق الصحراوية وهى معظم الأراضى الجديدة التى نحلم بزراعتها وربما تدخل فى مشروع زراعة المليون ونصف المليون فدان.

ولماذا لا نركز جهودنا لإنجاح هذه التجارب.. لنقلل حجم ما نستورده ونتوقف عن مطاردة زارعى الأرز فى شمال الدلتا؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى